أوقاف الديانات بلا موازنة استثمارية منذ 2014 والإهمال الحكومي سيد الموقف

شكا مسؤولون في أوقاف الديانات الصابئية والمسيحية والإيزيدية من قلة الدعم والتخصيص الحكومي، مشيرين إلى…

شكا مسؤولون في أوقاف الديانات الصابئية والمسيحية والإيزيدية من قلة الدعم والتخصيص الحكومي، مشيرين إلى أن الموازنة التي تصرف للوقف هي تشغيلية فقط لدفع الرواتب دون صرف الموازنة الاستثمارية الخاصة بالمشاريع وتأهيل المعابد والمزارات، مقارنة بالوقفين السني والشيعي والمشاريع التي يمتلكانها.

ويقول وكيل ديوان أوقاف الديانات المسيحية والإيزيدية والصابئة المندائية رعد جبار الخميسي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ديوان الأوقاف يجمع الديانات الثلاث الصابئة المندائية والمسيحية والإيزيدية، فلا يوجد وقف لكل ديانة، لذلك فإن الموازنة تأتي للوقف بشكل عام وغير مخصصة لكل ديانة”.

وكان الخميسي، قد أجرى زيارة الى الوقف الشيعي يوم أمس الثلاثاء، وبحث فيها طبيعة التعاون المشترك بين الوقفين، وسبل رفع مستوى العمل المشترك. 

ويضيف جبار، أن “العام 2020 مضى دون إقرار الموازنة العامة، فيما لم تكن موازنة العام 2021 بالمستوى المطلوب ومساحة كل أبناء الديانات”، موضحا أن “موازنة الوقف لا تقسم على كل الأديان بالتساوي، وإنما تقسم على مساحة المشاريع المعروضة أمام الديوان”.

ويشير إلى أن “آخر موازنة وصلت للوقف في العام الماضي، كانت 3.6 مليارات دينار (نحو 2.5 مليوني دولار)، ولم تكن كافية لتنفيذ الأعمال والمشاريع، كما أن هناك سببا آخر لتوقف المشاريع، وهو أن أغلبها تقع في محافظة نينوى، ومشاريع المحافظة متوقفة منذ العام 2014، وفيها مشاكل عالقة لغاية الآن مثل تعويض المقاولين وغيرها”.

وبشأن الاهتمام الحكومي بالمكونات، يوضح جبار، أن “الاهتمام الحكومي في بعض الأمور جيد مثل الاهتمام الإعلامي وترسيخ مبدأ التسامح، أما من ناحية المشاركة وتمثيل المكونات سياسيا أو في المناصب التنفيذية فهو متوسط”.    

وتعاني أغلب المعابد والكنائس من الإهمال، بالإضافة الى صعوبة افتتاح أو بناء معابد جديدة، وهو أمر متوقف منذ سنوات طويلة، فيما تحولت بعض الكنائس في بغداد الى مخازن للتجار بعد إهمالها وتركها منذ سنوات.

وتعد الصابئة المندائية من الديانات التوحيدية القديمة، ونبيهم يحيى بن زكريا، ولغتهم هي الآرامية، التي تعود إلى القرن العاشر قبل الميلاد، وهي ذات اللغة المستخدمة في كتابهم المقدس “الكنزا ربا”.

فيما تعتبر الديانة الإيزدية، من الديانات القديمة في العراق، ويتمركز أتباعها في قضاء سنجار غربي محافظة نينوى، في حين تعرض المكون الإيزيدي في آب أغسطس 2014 الى إبادة جماعية من قبل تنظيم داعش تمثلت بقتل الآباء والأبناء والنساء من كبار السن والشباب في عمليات إعدام جماعية، فضلا عن سبي (خطف) النساء والفتيات والأطفال.

ويعد جنوب العراق، موطنا لأبناء الطائفة منذ آلاف السنين، إذ تمركزوا قرب الأنهار والأهوار، لارتباط طقوسهم الدينية بالماء، لكنه اليوم يندر تواجدهم هناك بعد هجرة أغلبهم لموطنهم الأصلي، والاستقرار في بلدان اللجوء أو مناطق أكثر أمنا في إقليم كردستان.

من جهته، يبين مسؤول الإعلام في الوقف المسيحي فائق عزيز خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مهمة أوقاف المسيحيين والإيزيدين والصابئة المندائيين، هي تقديم الخدمات للمعابد والمزارات وتعميرها وطبع المؤلفات الدينية وباقي الأمور ذات الصلة”.

ويردف عزيز، أن “التخصيصات الحكومية لا تفي بالغرض، ولا تسد النقوصات التي نعاني منها، ولا تغطي احتياجات الوقف، فمنذ العام 2014 ولغاية الآن تتمثل ميزانية الوقف بصرف الرواتب للموظفين فقط”، مضيفا أن “هناك موازنتين للوقف، واحدة استثمارية وأخرى تشغيلية، لكن لا يتم إعطاء أي من المستحقات الاستثمارية للوقف، واقتصرت الأموال على الموازنة التشغيلية، لكن من المؤمل أن تكون هناك زيادة في موازنة هذا العام، نتيجة للفائض المالي المتوفر للعراق”.

ويلفت “لا توجد استثمارات خاصة بالوقف تؤمن الدعم الذاتي، ولا توجد أي مؤسسات خيرية تدعمه، وأن المورد الرئيسي هو الدولة والموازنة العامة، فيما يمتلك الوقف السني أو الشيعي الكثير من المشارع الاستثمارية”، مشيرا إلى أن “هناك تعاونا كبيرا بيننا وبين أوقاف الدينات الأخرى مثل الشيعية والسنية التي تتمثل بلجان مشتركة”.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، بدأت هجرة أبناء المكون المسيحي نحو الدول الأوروبية، لأسباب اقتصادية وأمنية واجتماعية، وارتفعت نسبة الهجرة بعد العام 2003، وما شهدته البلاد من تردٍ كبير في الأوضاع الأمنية، ورافق الهجرة مشاكل أخرى أبرزها السيطرة على عقاراتهم، كالمنازل والبنايات من قبل بعض الجهات المسلحة والأشخاص المرتبطين بها، وجرت الكثير من عمليات التزوير للاستيلاء على هذه الممتلكات.

وكان بابا الفاتيكان فرنسيس، قد زار العراق في 5 آذار مارس 2021، وعدت زيارة تاريخية والأولى من نوعها لأي من بابوات الفاتيكان في التاريخ، وأجرى خلال زيارته جولة شملت كنائس العاصمة بغداد ونينوى وأربيل ومدينة أور الأثرية في ذي قار، حيث منزل النبي ابراهيم الخليل، والتقى ايضا المرجع الديني علي السيستاني في النجف.

يشار الى أن أعداد المسيحيين في العراق تبلغ حاليا نحو 400 ألف شخص فقط، بعد أن كان العدد يربو على مليون ونصف المليون، بحسب رئيس الكنيسة الكلدانية الكاردينال لويس ساكو، وفق تصريح خاص بـ”العالم الجديد”، في تقرير سابق نشر خلال تموز يوليو الماضي.

إقرأ أيضا