تجريم التطبيع.. قانون مكمل أم رد فعل سياسي؟

رأى نواب مناهضون لـ”التطبيع” مع إسرائيل، أن ما تم تقديمه من مشروع قانون، جاء مكملا…

رأى نواب مناهضون لـ”التطبيع” مع إسرائيل، أن ما تم تقديمه من مشروع قانون، جاء مكملا للقوانين العراقية السابقة، وسط تأكيد مختصين، بأنه جاء أكثر تفصيلا وشمولا، لكنهم عزوه إلى “رد فعل” من قبل القوى السياسية المتهمة بالتطبيع، في ظل عدم حسم الجدل بشأن الممنوع مع اليهود العراقيين المتواجدين بدول المنافي.

ويقول الخبير القانوني ماجد مجباس خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الدستور العراقي أورد مفاهيم عامة يمكن بمقتضاها الوصول الى منع التعامل المباشر مع دولة غير معترف بها من قبل الدولة العراقية”.

وكان مجلس النواب قد قرأ يوم أمس الأربعاء، القراءة الأولى لمشروع قانون تجريم التطبيع، الذي يتضمن تجريم كافة طرق التواصل مع إسرائيل، وحدد لها عقوبة مشددة وهي الإعدام.

ويضيف مجباس، أنه “لا توجد إشارة صريحة في الدستور العراقي تؤكد على أن إسرائيل دولة معادية، ولكن لو ذهبنا إلى قانون العقوبات العراقي في المادة 201 منه، فنجد أنه منع التعامل مع الصهيونية والترويج لها، ووضع لها عقوبة مشددة تصل للإعدام، أما بالنسبة لمشروع القانون الجديد الذي يناقش في مجلس النواب (أمس)، فإنه أكثر تفصيلا في مسألة التعامل والتعاطي والتواصل والتخابر، كما أنه فصل التجريم والعقاب”.

ويردف “من المسائل المحبذة أن تكون السلطة التشريعية راصدة لكل ما في الساحة من تحديات ومواجهتها بتشريعات، ومع موجة التطبيع في الدول المحيطة بالعراق وشبهة التطبيع وكثرتها في الإعلام السلبي الذي يستهدف بعض الشخصيات والرموز، إضافة إلى أن مسألة التطبيع في هذا التوقيت أصبحت مروجا لها في العراق من الناحية السلبية والإيجابية، جاء هذا القانون ولو شرع فإنه سيقطع دابر الكثير من الأقاويل بطريقة تشريعية”.

ويؤكد الخبير القانوني، أن “القانون ما يزال في مرحلة المناقشة والمواد تحتاج إلى إعادة نظر من حيث الصياغية الشكيلة أو الجوانب الموضوعية، ولكن فكرة التشريع محبذة لأن التشريعات الأخرى لم تفسر بموضوع التطبيع”، مبينا أن “مشروع القانون كان أكثر تفصيلا وعمقا، وقانون العقوبات لم يستوعب التفاصيل بصورة أوسع”.

وفيما يخص مسألة المواطنين اليهود، وكيفية التعاطي معهم بمعزل عن إسرائيل، يوضح مجباس، أن “التشريعات العراقية تتعامل مع اليهود، كباقي الطوائف والملل من ناحية حقوقهم والتزاماتهم، وتنظر لليهودية كديانة محترمة، ولم تتعامل مع مصطلح وتجريم منع التعامل مع اليهود بوصفها كديانة”.

ويأتي طرح هذا القانون بعد أن دعا له زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عبر تغريدة له، وشدد على أن التيار الصدري وحلفاءه سيقدمون المشروع، وهو ما جوبه برد حاد من قبل الكتل الأخرى وخاصة الإطار التنسيقي الذي عد القانون “وطنيا” ويجب ان يشمل كافة الكتل ولا يقتصر على جهة سياسية واحدة. 

ومنذ العام الماضي، برزت مسألة التطبيع للعلن، وقد أقدمت العديد من الدول العربية على التطبيع مع اسرائيل من ابرزها الامارات والمغرب، فضلا عن توجيه اتهامات بالمسعي للتطبيع لبعض القوى السياسية داخل العراق.  

الى ذلك، يبين المحلل السياسي أياد العنبر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أصل الموضوع يعود للتجاذبات السياسية في الفترة الأخيرة، حيث بدأت حالات اتهام لبعض القوى السياسية بأنها تخضع لتأثيرات التعامل مع الكيان الإسرائيلي، وهنالك شبهة مقدمة بالتطبيع”.

ويستطرد العنبر، أن “القانون يأتي كردّ فعل، رغم أن الكثير من القوانين تتعلق بهذا الموضوع وحتى دستوريا، وعلى هذا الأساس فإن المشكلة لا تتعلق بالقانون بقدر كونها رد فعل للتأكيد على المواقف السياسة، ومن هذا المنطلق يبدو أن الغاية السياسية لتأكيد رسالة هدفها إسقاط دعاوى الخصوم السياسين”.

يشار إلى أن مؤتمرا عقد في أربيل خلال أيلول سبتمبر الماضي، ضم 300 شخصية عراقية “سنية وشيعية”، دعوا لأن يصبح العراق أحدث دولة ذات أغلبية مسلمة تنضم إلى قطار الدول المطبعة مع إسرائيل.

وأثار هذا المؤتمر جدلا كبيرا في العراق آنذاك، سرعان ما واجهته الجهات الرسمية في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ببيانات عاجلة، حيث أعلنت الحكومة الاتحادية عن رفضها “القاطع” للاجتماعات “غير القانونية”، من خلال رفع شعار التطبيع مع إسرائيل.

من جانبه، يقول النائب عن الإطار التنسيقي علي تركي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تشريع قانون يخص تجريم التطبيع، لا يتعارض مع نص قانون العقوبات 1969 (الذي يعاقب المتعاملين مع الصهيونية)، ومقترح القانون اليوم سيكون مكملا للقوانين السابقة”.

ويتابع تركي “في ضوء الحملة المسعورة التي تقوم بها الدول العربية في التسابق والتنافس لاستجداء عطف إسرائيل، يجب أن يبدأ البرلمان العراقي في تشريع قانون تجريم التطبيع لتحديد الهوية العراقية، ويكون حدا فاصلا لكل الشائعات التي تروج بأن هناك مقرات إسرائيلة في البلاد، سواء كان الكلام صحيحا أو لا، وبالتالي فنحن نعلن هويتنا العراقية الحقيقية التي تعتبر الكيان الصيهوني غاصبا”.

ويكمل حديثه بالقول، إن “التجريم يشمل كل أنواع العلاقة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية أو حتى من باب المساعدة”، مؤكدا أن “كل من يمتلك جنسية الكيان الغاصب سيكون مشمولا بهذا القانون، لوجود عدد من اليهود الذين كانوا يسكنون في العراق، وذهبوا باختيارهم لأن يكونوا ضمن الكيان الغاصب وخدموا في الوحدات العسكرية”.

يذكر أن إقليم كردستان من الجهات المتهمة بالتطبيع، وأنها تضم مقار للموساد الإسرائيلي، وعلى إثر هذه الاتهامات التي ينفيها الإقليم، يتعرض بين فترة وأخرى الى ضربات صاروخية إيرانية، كان آخرها يوم أمس الأربعاء.

إقرأ أيضا