الإطار والتيار.. بين فشل التأليف وعجز التكليف

جاء إعلان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عن تحوله للمعارضة “المؤقتة” وهجومه على الإطار التنسيقي،…

جاء إعلان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عن تحوله للمعارضة “المؤقتة” وهجومه على الإطار التنسيقي، ليعزز حالة الانسداد السياسي المقيم، وفشل مشروع “الأغلبية الوطنية”، وعجز الإطار عن تشكيل أية حكومة من دون وزارات صدرية، وفقا لمحللين سياسيين، احتملوا أيضا حدوث انشقاقات بين حلفاء الصدر تحت ضغط الشارع والوضع الاقتصادي.

ويقول المحلل السياسي خالد المعيني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الانسداد السياسي لم ترافقه أية بوادر للحل، والسبب هو أن طبيعة النظام التوافقية التي لا تتحمل ظهور أغلبية، فالتيار الصدري ومن معه يرغبون بحكومة أغلبية، وهذا أحدث تناقضا مع واقع العملية السياسية التي لا تسير إلا بالتوافق”.

وكان زعيم التيار الصدري ألقى أمس الإثنين، كلمة ذكر فيها “لم أستغرب قيد أنملة من الثلث المعطل وتعطيله لتشكيل حكومة الأغلبية.. المنتمون للثلث المعطل لا وجود لهم بلا سلطة لكن هل وصلت الوقاحة إلى درجة تعطيل القوانين التي تنفع الشعب (في إشارة إلى موقف الإطار التنسيقي من مشروع قانون الأمن الغذائي)”، متابعا “هل تظنون أن أفعالكم هذه ستجبرنا على التحالف معكم؟ كلا وألف كلا، فلن نعيد العراق لمربع المحاصصة والفساد والتوافق المقيت، وقد جثم التوافق على صدر العراق وشعبه سنوات طوال، قد حصد الأخضر واليابس، كما يعبّرون، وقد أضر وبكل وضوح لكل ذي نظر. فيا ترى إلى متى يبقى البعير على التل؟”.

ويضيف المعيني، أن “النقطة المهمة هي عدم وجود رغبة لأي طرف بمغادرة موقعه إلى المعارضة، وكل ما يقال من هذا الكلام هو شكلي فقط، لأن المغادرة للمعارضة تعني التخلي عن مكتسبات 19 عاما”، مؤكدا أنه “لا أحد لديه استعداد في الهيئات الاقتصادية للأحزاب بمغادرة موقعه تحت ذريعة المعارضة لا التيار الصدري ولا الإطار التنسيقي ولا المتحالفون معه، وهنا هو المأزق الحقيقي”. 

ويستدرك أن “المهلة الجديدة التي أعطاها الصدر، ستشهد بعض الهجرة وتغيير المواقع للجهات المتحالفة معه، فهناك أطراف من المتوقع أن تغادر التحالف الثلاثي وتتجه نحو الإطار التنسيقي، وهذا سيغير خارطة التحالفات تحت ضغط الشارع والانسداد السياسي وضغط الوضع الاقتصادي، وستكون هذه الهجرة لغرض تشكيل الحكومة، وهنا لن نستغرب توجه الكتلة الصدرية بأمر من الصدر إلى المعارضة وترك تشكيل الحكومة للإطار التنسيقي، لكن هذا قد يكون شكليا مع احتفاظ الصدر بوزارات قوية لاستمرار الاستفادة الاقتصادية، وهذا السيناريو الأقرب للتحقق”.

ويقلل من “مبادرة المستقلين وترحيب الإطار بها، فهي محاولة في الفراغ، لأن السلطة والمال والسلاح بيد الإطار التنسيقي والتيار الصدري، ولن تمر الحكومة دون اتفاقهما”، مؤكدا أن “ما يجري هو محاولة لي أذرع لكلا الطرفين، رغم أن الجميع يظهر خطوات دستورية وقانونية”.

وجاءت كلمة الصدر بعد قرار المحكمة الاتحادية بمنع تمرير قانون الأمن الغذائي الطارئ، الذي تبلغ قيمته 25 ترليون دينار، وذلك بعد تفسيرها لمهام حكومة تصريف الأعمال، والتي لا تتضمن تقديم مشاريع قوانين أو إصدار قرارات.

وكان الصدر، قد غرد أمس الأول الأحد، أي قبل صدور قرار المحكمة الاتحادية، بشأن الأزمة السياسية قائلا “لازدياد التكالب عليّ من الداخل والخارج، وعلى فكرة حكومة أغلبية وطنية، لم ننجح في مساعنا ولله الحمد.. بقي لنا خيار لا بد أن نجربه وهو التحول إلى المعارضة الوطنية لمدة لا تقل عن 30 يوماً، وأن نجحت الأطراف والكتل البرلمانية، بما فيها من تشرفنا في التحالف معهم، بتشكيل حكومة لرفع معاناة الشعب، فبها ونعمت، وعكس ذلك سيكون لنا قرار آخر نعلنه في حينها”. 

وهذه التطورات تزامنت مع إعلان نواب مستقلين عن مبادرة بشأن تشكيل الحكومة، أكدوا فيها على ضرورة تحقيق جميع الاستحقاقات الدستورية بكافة مراحلها، ودعوا الأطراف السياسية المعنية، للانضمام اليهم وللحركات الناشئة لتشكيل الكتلة النيابية الأكثر عدداً دون اشتراطات مسبقة، مشددين على “ترشيح شخصيات مستقلة لرئاسة الحكومة من قبل النواب المستقلين والحركات الناشئة، دون إملاءات وضغوط من الكتل السياسية الأخرى”، وهو ما لاقى ترحيبا من قبل الإطار التنسيقي، عبر بيان رسمي أصدره بشأنها.

وكان المسؤول العام لسرايا السلام (الذراع المسلح التابع لزعيم التيار الصدري)، أبو مصطفى الحميداوي، نشر تغريدة عقب هجوم الصدر على الإطار التنسيقي، قال فيها “جاهزون فانتظرونا”.

وبعد هذه الأحداث، أصدر الإطار التنسيقي بيانا مطولا في ساعة متأخرة من ليلة أمس، قال فيه إن “الخطابات المتشنجة لا يمكن أن تحل المشاكل التي تعصف بالبلد ولا تقدم خدمة للمواطنين، وهناك خطابات مضللة تصدر من قوى تدعي بأنها الفائزة وتمثل الأغلبية لكن يبدو أنها فشلت في مشروعها الاستحواذي وتحاول تضليل الرأي العام”، معلنا عن “مستعدون لقبول مرشح النواب المستقلين لترؤس تشكيل الحكومة وفق المواصفات المتفق عليها”. 

في الأثناء، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “بات من الواضح فشل مشروع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بتشكيل حكومة أغلبية بعد الطعون التي قدمت من قبل خصومه، وقد قال بصراحة بأنه سيذهب للمعارضة في حال مرور شهر دون قدرة الإطار التنسيقي على تشكيل حكومة”.

ويلفت الدعمي، إلى أنه “ربما سنشهد تظاهرات بعد مهلة التيار من قبل أنصاره وأنصار المتحالفين معه”، موضحا أن “التيار سواء أعطى مهلة أم لم يعط، فإن الحكومة معطلة بكل الحالات والتيار أعطى فرصة للآخرين حتى المتحالفين معه في تشكيل حكومة جديدة”.

ويستبعد أن “يتمكن الإطار التنسيقي من تشكيل الحكومة المقبلة، كونه يختلف مع الكثير من شركاء الوطن، بعد قطعه كل سبل التفاهم معهم”.

يشار إلى أن سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني فاضل ميراني، أكد في تصريح صحفي أن تحالف حزبه مع الصدر لم يكن ضمن أهدافه شق البيت الشيعي مُطلقاً، وأن حزبه سيبقى تحت مظلة التحالف الثلاثي الذي وصفه بـ”المتين”، مؤكدا أن التحالف مع الاتحاد الوطني الكردستاني قد يكون أقرب مما سبق لحسم منصب رئيس الجمهورية.

إقرأ أيضا