“تظاهرات وشيكة”.. الانسداد السياسي من البرلمان إلى الشارع؟

أجمع محللون سياسيون وناشطون على أن الفترة القريبة المقبلة ستشهد خروج تظاهرات كبيرة جدا قد…

أجمع محللون سياسيون وناشطون على أن الفترة القريبة المقبلة ستشهد خروج تظاهرات كبيرة جدا قد تفوق السابقة، نتيجة للأزمات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد، لكنهم توقعوا في نفس الوقت، تسييرها من قبل أحد الأطراف السياسية الفاعلة إما التيار الصدري أو الإطار التنسيقي.

ويقول المحلل السياسي محمد نعناع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك الكثير من المؤشرات على أن الوضع الاقتصادي رغم الوفرة المالية، لكن لا يوجد شيء ملموس على أرض الواقع، فلا توجد تعيينات ولا موازنة بسبب الأزمة السياسية، ولا يوجد نمو في القطاع الخاص، لذا فإن هذا كله يؤشر لتحرك احتجاجي كبير يشمل الشرائح المتضررة من الأزمة الاقتصادية، من قبيل الخريجين وعموم العاطلين“.

ويتوقع نعناع “بدء الحركة الاحتجاجية خلال الشهرين المقبلين، في حال لم تحصل متغيرات على الصعيد السياسي، وبقي الوضع هكذا دون حكومة جديدة، وهذه الحركة الاحتجاجية ستكون بمثابة انفجار، إذا دعمت من قبل التيار الصدري، الذي بدأ يعاني من رفض الكتل المناوئة له، لما يقدمه من قوانين، وهذا متوقع، وفي حال حدوثه سنكون أمام سيناريو أقوى مما جرى في 2019“.

ويشهد البلد أزمة سياسية منذ إجراء الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر المقبل، ما حال دون تشكيل حكومة جديدة، إذ يتمسك التحالف الثلاثي (إنقاذ الوطن) الذي يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة بموقفه حول تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، فيما يصر الإطار التنسيقي إلى جانب الاتحاد الوطني الكردستاني على تمرير حكومة “توافقية”، وذلك إلى جانب الخلافات والصراعات بين كتل كل طرف من هذه الأطراف، ورفض التحالف فيما بينهما للخروج برؤية موحدة تسمح بتمرير رئاستي الجمهورية والوزراء.

ومؤخرا تعمقت الأزمة بعد أن أًصدرت المحكمة الاتحادية قرارا يقضي بمنع تمرير قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، لأنه مقدم من حكومة تصريف الاعمال وهو ليس من ضمن صلاحياتها، ما أدى إلى انقسام سياسي حوله يضاف للانقسام الحاصل حول تشكيل الحكومة.

وما يزال يعاني البلد لغاية الان، من أزمات اقتصادية كبيرة، مقابل وجود إيرادات مالية ضخمة تحققت جراء ارتفاع اسعار النفط عالميا، لكن لم يظهر أثرها نتيجة لعدم وجود صلاحية للتصرف بهذه الاموال من الحكومة الحالية، إلى جانب تردي الخدمات المستمر وعدم التوصل لحل حاسم لأزمة الكهرباء.

جدير بالذكر، أن تشرين الأول اكتوبر 2019، شهد أكبر حراك احتجاجي، عبر تظاهرات اطلق عليها “ثورة تشرين”، لكن سرعان ما واجهتها الاجهزة الامنية بالعنف، ما ادى إلى مقتل نحو 600 متظاهر وإصابة نحو 26 ألفا آخرين، كما اسفرت رئيس الحكومة في حينها عادل عبد المهدي لاستقالته، حتى تم التصويت على حكومة مصطفى الكاظمي في ايار مايو 2020.

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ورقة المنظومة السياسية بشكل عام محروقة أمام الشارع العراقي، إضافة إلى فقدان الثقة الواضحة، سواء بالكتل التي ترغب بتشكيل الحكومة أو الكتل التي تعترض هذه الخطوة“.

ويتابع أن “اقتراب فصل الصيف مع وجود ظاهرة الغبار وانتشار فيروس الحمى النزفية وارتفاع نسبة البطالة ومعدلات الفقر، إلى جانب الإخفاق السياسي، فكل هذه العوامل سوف تدفع إلى اعادة الاحتجاجات، خاصة مع وجود أحزاب تشرينية امتنعت عن المشاركة في الانتخابات أو الاعتراف بالمنظومة السياسية، وهذه قد تساهم في إعادة تنظيم الاحتجاجات، وهذه المرة لن تتوقف حتى تحقق مرادها أو البرنامج المرسوم لها، وهو إزاحة المنظومة السياسية أو الجزء المخرب داخل هذه المنظومة“.

ويلفت إلى أن “الجهات السياسية بدأت تدرك أن صبر العراقيين نفد، وبالتالي قد تتجه إلى حلول ترقيعية تساهم في إخماد غضب الأهالي، النار المشتعلة داخل صدور العراقيين، وفي نفس الوقت تحافظ من خلالها على وجودها داخل منظومة السلطة، فهي أشبه بالمناورة وتشبه عملية إيصال مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء من أجل تخدير ثورة تشرين، وربما سوف تعاد هذه الثورة تحت عناوين جديد مثل حزيران أو تموز أو حتى آب الحارق، لذا فهناك قضية تتعلق بمزاج العراقيين والذي سيصبح مضطربا مع حلول فصل الصيف وغياب شبه تام للخدمات التي تقدمها الحكومة ومؤسسات الدولة، التي جاءت بها المنظومة السياسية“.

ووفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد”، فإن خبراء في الطاقة أكدوا أن ايران ستعمد على قطع خط الغاز الواصل للعراق لتشغيل محطات توليد الكهرباء في ذروة الصيف، بسبب ارتفاع حاجتها الداخلية له، ما سيؤدي إلى أزمة في تجهيز الكهرباء بالعراق.

كما كشفت “العالم الجديد” الشهر الماضي، عن وجود حراك كبير يجري بين قادة التظاهرات لتوحيد الصفوف من أجل الخروج بتظاهرات جديدة، نظرا لعدم تحقق أي من المطالب الخاصة بالمتظاهرين، إلى جانب عدم إيفاء رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بما قطعه من وعود، وخاصة ملف الكشف عن قتلة المتظاهرين.

من جانبه، يبين الناشط منتظر بخيت خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الكتل السياسية تستخدم الحاجات الاساسية للمواطن كورقة ضغط في تحالفاتها وصراعها السياسي للحصول على مكاسب خاصة“.

ويستطرد بخيت، أن “هناك توقعا بخروج تظاهرات، لكنها ستكون ذات طابع سياسي عكس ثورة تشرين التي خرج فيها الشعب كافة، لكن التظاهرات المقبلة، ربما ستستخدم من قبل التيار الصدري أو الإطار التنسيقي، ولن تخرج عن أحد هذين الطرفين، لكن السؤال هنا هل تستطيع هذه الجهات في حال أخرجت الشعب للتظاهر أن تسيطر عليه، لأنه لا يمكن التكهن باستمرارية التظاهرات، إنهم سيشعلون النار، ولكنهم لن يستطيعوا إخمادها“.

يذكر أن القوى السياسية دائما ما تعمد إلى إخراج تظاهرات لأجل مطالبها الخاصة، وكان أبرزها التظاهرات والاعتصامات التي جرت أمام المنطقة الخضراء بعد إعلان نتائج الانتخابات المبكرة أواخر العام الماضي، من قبل أنصار الإطار التنسيقي، للمطالبة بإعادة العد والفرز، بعد أن حصلت قوى الإطار على عدد مقاعد نيابية قليل.

إقرأ أيضا