ماذا يخبئ التيار للمحكمة الاتحادية؟.. الإطار: إنها حصننا الأخير

باتت المحكمة الاتحادية، مثار انقسام بين الكتل السياسية وسببا لأزمة جديدة، بعد أن كشف التيار…

باتت المحكمة الاتحادية، مثار انقسام بين الكتل السياسية وسببا لأزمة جديدة، بعد أن كشف التيار الصدري عن رغبته بتغيير قانونها لإبعادها عن “سيطرة السياسيين” ومنع تدخلها بالسجال السياسي، وهو ما رفضه ائتلاف دولة القانون، مؤكدا أن المحكمة الاتحادية تمثل “الحصن الأخير” في العملية السياسية، وبدلا عن ذلك، طالب باحثون بإجراء تعديل دستوري لحل الأزمة.

ويقول قيادي في التيار الصدري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المحكمة الاتحادية كانت غير دستورية، وجرى التفاف عليها في الدورة النيابية الماضية، تم من خلاله إجراء بعض التعديلات على قانونها وتمريره، وإلا فإن قانونها مرر تحت سلطة الاحتلال سابقا، لذا فإننا نريد في المرحلة المقبلة إقرار قانون للمحكمة الاتحادية برؤية عراقية وليس برؤية أمريكية”.

ويضيف القيادي الذي امتنع عن ذكر اسمه، نظرا لقرار داخل التيار يمنع التصريحات الرسمية خلال المرحلة الحالية، أن “قضية المحكمة الاتحادية لا دخل لها بطبيعة القرارات التي تصدر عنها، سواء كانت منصفة أم لا، لكن المسألة تتعلق بفقهاء القانون الذين أكدوا أن المحكمة الاتحادية دخلت في السجال السياسي، وهذا الأمر الذي تحدث به الفقهاء، وهو موضوع قانوني بحت”.

ويؤكد أن “تغيير قضاة المحكمة الاتحادية يكون عن طريق البرلمان بموافقة أغلبية الثلثين، وهذا صعب التحقق، ولكن يمكن أن يكون قانون جديد للمحكمة الاتحادية، وهذا القانون إذا أقر فسيتم تبديل هؤلاء القضاة”، مبينا أن “المحاولات جارية لإيجاد قانون جديد يختلف عن الحالي، وتكون أبرز ميزة فيه أنه يبعد الأيدي السياسية عن القضاء، وأن هذا التدخل موجود، وقد تم لمسه من القانونيين عبر تبريرات المحكمة الاتحادية لقراراتها والتي تضمنت هفوات كشفت عن وجود تدخل سياسي”.

وكانت النائب عن الكتلة الصدرية مها الدوري، قالت خلال مؤتمر صحفي عقدته قبل أيام في مجلس النواب أن المحكمة الاتحادية استجابت للشكوى المقدمة من النائب باسم خشان وتجاهلت 300 نائب وضربت بهم عرض الحائط، ولم تستمع إلى الجهة التي تريد إقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، لذا يجب على ممثلي الشعب العراقي الذي منحهم الثقة بأن يثبتوا بأنهم أعلى سلطة في البلد وفقا للدستور، والبرلمان هو من أوجد المحكمة الاتحادية ولن نسمح لها بتجاهل صوت الشعب.

وتأتي هذه الأزمة بعد أن رفضت المحكمة الاتحادية منتصف الشهر الحالي، تمرير قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي المقدم من الحكومة الحالية الى مجلس النواب، وذلك في ظل تفسيرها لمصطلح “حكومة تصريف الاعمال” الذي قدم عبر سؤال من رئيس الجمهورية، بناء على طلب من عدد من النواب.

وأثار تفسير المحكمة الاتحادية لغطا كبيرا في حينها واستمر لغاية الآن، وقد شنت الأطراف المنضوية ضمن التحالف الثلاثي هجوما حادا على المحكمة الاتحادية ومنهم القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، الذي هاجم المحكمة بقوة، وعلى إُثره صدرت مذكرة استدعاء بحقه، لإهانته القضاء، الى جانب رئيس اللجنة المالية حسن الكعبي، الذي هاجم القرار أيضا وأكد أنه منع تقديم الخدمات للعراقيين من مفردات البطاقة التموينية والكهرباء وغيرها.

ومنذ إجراء الانتخابات، برزت المحكمة الاتحادية كجهة عليا لإدارة الأزمات في البلاد، وذلك بعد بلوغ الخلافات السياسية ذروتها نتيجة لما أفرزته نتائج الانتخابات من فرق شاسع بين مقاعد الكتل السياسية.

وكانت “العالم الجديد” قد سلطت الضوء على دور المحكمة الاتحادية الحالي، عبر تقرير موسع تحت عنوان المحكمة الاتحادية.. دور متعاظم فهل يضبط إيقاع النظام السياسي أم..؟

يشار إلى أن قانون المحكمة الاتحادية طرح في الدورة النيابية السابقة، وأُثير حوله الكثير من الجدل لما تضمنه من فقرات تخص الديانات والمذاهب وفقهاء الشريعة، ما دفع البرلمان في حينها الى إهماله وتعديل قانون القائم وتمريره لغرض إجراء الانتخابات المبكرة.

وفي موقف رافض لهذه الخطوة، يشير عضو ائتلاف دولة القانون المنضوي في الإطار التنسيقي، محمد الصيهود، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المحكمة الاتحادية هي الحصن الأخير في العملية السياسية الذي يجب أن نحافظ على استقلاليته ونبعده عن الضغوط”.

ويلفت الصيهود، إلى أن “من غير الصحيح الحكم على المحكمة الاتحادية وفقا لمصالحنا، فعندما تتخذ قرارات لصالحنا تكون جيدة وعندما تكون ضد توجهاتنا تكون مسيسة ويجب استبدالها”، مبينا أن “تغيير قانون المحكمة يحتاج الى ثلثي أعضاء البرلمان، أي ما يعادل 222 نائبا، والتحالف الثلاثي لو كان يمتلك هذا العدد لكان قادرا على تمرير رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة وليس تغيير قانون المحكمة الاتحادية”.

ويشير إلى أنه “ليس كل كتلة أو تحالف يستطيع تغيير قانون المحكمة وقضاتها، فهذا الحديث هو بالون إعلامي لغرض الضغط على المحكمة الاتحادية لكي تتوجه الى حيث ما يرغبون”.

يشار إلى أن قرارات المحكمة الاتحادية، شهدت هجوما حادا وردودا من قبل الكتل السياسية المتضررة منها، وكان أولها هو تلميحات كتل الإطار التنسيقي الى أن “ضغوطا” مورست على المحكمة لرد الطعن المقدم بانتخاب هيئة رئاسة البرلمان، ومن ثم هاجم الحزب الديمقراطي الكردستاني قرارها بشأن استبعاد مرشحه لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري ووصفها بـ”المسيسة”، الى جانب هجومه ضدها مجددا بعد قرارها ببطلان قانون النفط والغاز في الاقليم ومنعه من تصدير النفط بمعزل عن بغداد.

من جانبه، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “رأس الأزمة أو المشكلة، هو الدستور، الذي ترك بعض المواد بنهايات سائبة ولم يحسم الجدل بها، وبالتالي احتاجت إلى تفسير قضائي، فلو كانت المادة واضحة وصريحة ومطلقة وتفسر نفسها بنفسها لن نحتاج إلى تدخل المحكمة الاتحادية كثيرا في القرارت المفصلية كما يحصل الآن”.

ويتابع البيدر، أن “تعديل الدستور بما يحجم دور القضاء كسلطة أساسية وفاعلة تشارك في إدراة البلاد أو حتى المحكمة الاتحادية كمؤسسة قضائية مستقلة، يمكن أن تحافظ على حالة من الاستقرار أو تعالج بعض الأزمات أو المشاكل الدستورية، يعد انتهاكا صارخا وواضحا لحرمة القضاء، وفي نفس الوقت ترك المحكمة الاتحادية بصلاحيات مطلقة تعرقل عمل المؤسسات التشريعية والرقابية وحتى التنفيذية منها، أيضا يجعل من اتخاذ أي خطوة أمرا شبه مستحيل”.

ويشدد على “ضرورة وجود حالة من التكافؤ والتوازن بين السلطات القضائية والتنفيذية وحتى التشريعية منها، عبر دستور يكتب بمزاج وطني، فدستور 2005 كتب في فترة غير مستقرة وفي مرحلة طوارئ وتحت فوضى البنادق الأمريكية، كما شاهدنا أن هناك بعض عمليات الاغتيال حدثت لبعض أعضاء لجنة كتابته بعد اعتراضهم على تفاصيل معينة، وبالتالي فالدستور هو الأزمة”.

ويكمل حديثه، قائلا، إن “تقليص صلاحيات المحكمة الاتحادية دون تعديل الدستور أمر خاطئ، وإبقاء الصلاحيات على ما هي عليه دون تعديل الدستور أيضا أمر خاطئ، ففي حال حدوث اي ازمة من سيعالج هذه الازمة ومن سيقف ويتصدى لها في ظل غياب التوافق والتفاهم؟”.

يذكر أن العديد من الدعوات صدرت مؤخرا لتعديل الدستور، ومنها من قبل رئيس مجلس القضاء الاعلى فائق زيدان، الذي طالب بتعديل المادة 64 من الدستور الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، وذلك بعد تعثر عقد جلسة انتخابه وفشلها لثلاثة مرات متتالية، بسبب عدم تحقيق النصاب القانوني.

كما أن خبراء في القانون، أكدوا في تقرير سابق لـ”العالم الجديد” على ضرورة تعديل الدستور، لما يتضمنه من مواد عمقت الأزمة السياسية في البلد، خاصة وأنه منذ إقراره كان من المفترض أن يخضع للتعديل بعد أشهر قليلة، لكن تم تأجيل الأمر الى يومنا هذا.

إقرأ أيضا