شهادات.. “العالم الجديد” تكشف فساد سايلوات الحنطة وإجبار السائقين على الرشاوى

في ظل أزمة عالمية ومحلية بتوفير محصول الحنطة، حصلت “العالم الجديد” على شهادات موثقة بمقاطع…

في ظل أزمة عالمية ومحلية بتوفير محصول الحنطة، حصلت “العالم الجديد” على شهادات موثقة بمقاطع فيديو لتعرض سائقي شاحنات النقل في مخازن الحنطة “السايلوات” ببغداد والأنبار، لابتزاز مالي ودفع رشاوى تقدر بنحو 45 دولارا لكل حمولة، الأمر الذي ينعكس سلبا على أسعار مادة الطحين المرتفعة أصلا، ما جعل اتحاد الجمعيات الفلاحية يحمل وزارة التجارة المسؤولية، ويتهم جهات لم يسمّها بمحاولة تهريب الحنطة، فيما أبدت لجنة الزراعة النيابية استغرابها، وأكدت متابعة الأمر.

ويقول (م.ح) سائق شاحنة لنقل الحنطة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الفساد والرشاوى منتشرة بشكل كبير في السايلوات، وأنا شخصيا عملت مع أكثر من سايلو ورأيت الفساد موجودا فيها بشكل عام، وخاصة سايلو الخيرات التابع للكرمة (بمحافظة الأنبار غرب العراق) وسايلو خان ضاري في أبو غريب قرب مقبرة الكرخ (غرب بغداد)”.

ويضيف، أن “الأمر يبدأ بدخولنا من الباب الرئيسي للسايلو، حيث يأخذ الموظف في البوابة مبلغ 5 آلاف دينار (نحو 3.5 دولارات) ومن ثم المسؤول عن الوزن يأخذ ذات المبلغ، وفحص العينة يأخذ 15 ألف دينار (نحو 10 دولارات) وعند التفريغ يأخذ 35 ألف دينار (نحو 23 دولارا)”، موضحا أن “الأمر يتكرر بشكل يومي والجميع صامت خوفا من رفض استلام المحصول في الشاحنة او منع السائق من دخلو السايلو”.

ويؤكد “عندما طالبت الموظف بوصل رسمي مقابل المبالغ التي تؤخذ، رفض وقالت هذه أوأمر جهات عليا”، ملمحا الى أن “هذه الرشاوى تأخذ جهة متنفذة، خاصة وأن عدد الشاحنات التي تدخل لكل سايلو يوميا هي بحدود 80 شاحنة”.    

يشار إلى أن الشركة العامة لتجارة الحبوب، دائما ما تعلن عن تسويق الحنطة من الفلاحين للسايلوات بشكل يسير ودون مشاكل، رغم تأخر صرف مستحقات الفلاحين لفترات طويلة وتمنح بعد عامين او عامين، ما خلق أزمة كبيرة.

وكان النائب السابق مشعان الجبوري، كشف قبل عامين عن صفقة فساد كبيرة في سايلوات الحبوب، قائلا في تغريدة له آنذاك، أن “بعض سايلوات الحبوب بدأت باستلام قمح مهرب من دول مجاورة على انه انتاج محلي وسعر القمح المستورد لا يتجاوز 250 دولارا والدولة تستلم الطن منه بـ415 دولارا، وإذا نجحوا في توريد مليون طن زيادة سيربح المهربون والفاسدون والاجهزة التي تنظم الاستلام 165 مليون دولار من الخزينة الخاوية التي بددها عادل عبد المهدي (رئيس الحكومة السابق)”.

ولم تتوقف شبهات الفساد حول الحنطة في العراق عند هذا الحد، بل كان وزير التجارة الأسبق وكالة محمد شياع السوداني، قد كشف في العام 2020 عن ضبط أكبر حالة فساد في نقل الحنطة المخزونة في محافظة صلاح الدين خلال عام 2015، بذروة عمليات التحرير من داعش، إذ حصل قرار في حينها بنقل الحنطة الى سايلوات التاجي وخان ضاري والدورة والرصافة وخان بني سعد وفروع البصرة والناصرية والسماوة،  لكن بعض التجار والمفسدين وجهات أخرى استغلت هذه العملية أبشع استغلال حيث كانت الدولة مشغولة بحملة التصدي لإرهاب داعش وجرى استيلاء على الكميات المنقولة من الحنطة وتسويقها بأسماء فلاحين من الانبار والمناطق المجاورة.

وتعليقا على هذا الأمر، يوضح رئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية مهدي عزيز خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الرشاوى الموجودة في السايلوات وتتحملها بالدرجة الاساس وزارة التجارة التي يفترض أن تضع رقابة على السايلوات وتراقب الأداء فيها، ولكن ضعف الرقابة شجع المسؤولين فيها على أخذ الرشاوى وفرض الأتاوات”.

ويؤكد أن “هذه الرشاوى تشكل عقبة على المسوق نفسه، الذي قد يصبح إرسال محصوله للسايلو مكلف جدا، ما يؤدي الى عزوفه عن تسويقه المحصول ويتجه لبيعه إلى التجار وبالنتيجة الدولة تخسر”.

ويكشف عزيز، عن “موضوع خطير آخر، وهو محاولات لتهريب محصول الحنطة، دون أن تتخذ وزارة التجارة أية إجراءات على الرغم من المناشدات والاستغاثات التي رفعت إليها”.

يشار إلى أن حقيبة وزارة التجارة في الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، ذهبت لصالح المشروع العربي الذي يتزعمه السياسي ورجل الأعمال خميس الخنجر، الذي تحالف لاحقا مع حزب رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وشكلا تحالف السيادة، الذي دخل بتحالف مع التيار الصدري.

يشار إلى أنه في الشهر الحالي، أعلن مدير عام الشركة العامة لتجارة الحبوب في وزارة التجارة محمد حنون تجاوز كميات الحنطة المسوقة عتبة الـ800 ألف طن منذ بدء الموسم التسويقي.

وبالتوجه للجنة الزراعة النيابية، فقد بينت عضو اللجنة ابتسام الهلالي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أية معلومات لا توجد لدينا بشأن هذا الأمر، لأن الجهات الرسمية تؤكد لنا أن الأمور تسير بشفافية ونزاهة فيما يخص استلام الحنطة في السايلوات، وحتى التقارير والمعلومات التي تصلنا تؤكد ذات الأمر”.

وتلفت الهلالي، قائلة “نحن في اللجنة وبعد أن تلقينا الفيديوهات والأدلة من قبل صحيفتكم، وسنتخذ موقفا ونتابع الموضوع في أقرب اجتماع للجنة”، مضيفة “لن نسمح بهذا الموضوع إطلاقا، لأن الفلاح يزرع ويحصد وليس من المقبول أن تؤخذ منه رشوة”.

يذكر أن وزير التجارة علاء الجبوري، أعلن في آيار مايو الحالي، أن مجلس الوزراء قرر اعتماد قرار المجلس الوزاري للاقتصاد بزيادة أسعار الحنطة المسوقة من الفلاحين والمزارعين الى 850 الف دينار للطن الواحد، بعد أن كان قراره السابق بشراء الطن بمبلغ 750 ألف دينار، مؤكدا توقعه وصول الكميات المسوقة من الحنطة الى مليونين و500 ألف طن، وأن هناك جهودا كبيرة تبذل من قبل الوزارة لانجاح الموسم التسويقي ويوجد تعاون من قبل الفلاحين والمزارعين لتسويق المحصول والجهات الفنية والادارية في مراكز التسجيل تقدم كل التسهيلات لإنجاح الموسم التسويقي.

إقرأ أيضا