رفع الإنتاج النفطي وإهمال الغاز.. خبراء ينتقدون ومصدر مسؤول يعزوه لتدخل خارجي

انتقد خبراء في الطاقة توجه العراق لرفع إنتاجه اليومي من النفط لنحو الضعف، مقابل التأخر…

انتقد خبراء في الطاقة توجه العراق لرفع إنتاجه اليومي من النفط لنحو الضعف، مقابل التأخر بحسم ملف استثمار الغاز، وفيما أكد مصدر رفيع بوزارة النفط أن ملف الغاز “سياسي” يعود لتدخلات خارجية، وليس فنيا، أكدت لجنة الطاقة النيابية سعيها لتذليل كافة العقبات القانونية والإدارية لتنفيذ المشروع.

ويقول الخبير النفطي حمزة الجواهري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق تآخر كثيرا في حسم ملف استثمار الغاز، خصوصاً أن كميات كبيرة جداً تحترق من الحقول النفطية دون أي فائدة منها، وهذا يتسبب بخسارة العراق أموالا كبيرة جداً وبشكل يومي”.

وكان وزير النفط إحسان عبد الجبار، أعلن قبل أيام، أن الطاقات الإنتاجية الحالية للنفط الخام في العراق تبلغ أربعة ملايين و800 ألف برميل يوميا، ونعمل على زيادتها إلى ستة ملايين برميل قبل حلول العام 2027 وثمانية ملايين برميل يوميا بنهاية العام 2027 وذلك بالتعاون مع الشركات الأجنبية العاملة في البلاد.

ويضيف الجواهري، أن “قضية زيادة الإنتاج النفطي اليومي للعراق أمر مهم جداً ويساعده في زيادته وارداته المالية، لكن استثمار الغاز أهم من هذه الزيادة، خصوصاً أنه سوف يعود أيضا بفوائد مالية وغيرها للعراق، وسيجعل العراق بلدا مصدرا للغاز بشكل كبير على مستوى المنطقة والعالم”.

ويوضح أن “الغاز الطبيعي في العراق نوعان، الأول هو الغاز المصاحب للنفط، وهو ما يشكل الجزء الأكبر من الثروة الغازية، والثاني هو الغاز الطبيعي الحر، ويتمثل في حقل عكاز بمحافظة الأنبار، وحقل سيبة في محافظة البصرة، والمنصورية في محافظة ديالى”.

ويشدد على أن “وزارة النفط العراقية مطالبة بشكل عاجل بحسم ملف استثمار الغاز، خصوصاً وأن هناك عروضا كثيرة قدمت لها من قبل شركات عالمية رصينة بهذا المجال، ولا يوجد أي عارض يمنع حسم هذا الملف، خصوصاً بعد الاستقرار الأمني قرب مناطق الحقول سواء في الأنبار أو ديالى”.

وبشأن التوجه لرفع الإنتاج اليومي من النفط، يؤكد أن “رفع العراق لإنتاجه اليومي من تصدير النفط أمر مرهون بموافقة منظمة أوبك، وبخلاف ذلك، فإن العراق غير قادر على رفع الإنتاج، إذ انه يعمل وفق سياسة وتوجهات هذه المنظمة ولا يمكن العمل خارج سياستها إطلاقا”.

وكان عبد الجبار، قال أيضا إنه بحث مع وزارتي الطاقة والاقتصاد الفرنسيتين قدرات العراق المحتملة في إنتاج الغاز، بعد إنجاز واكتمال خطط تطوير حقول الغاز الحر في محافظتي الأنبار وديالى، إلى جانب استثمار الغاز المصاحب للعمليات النفطية، وإمكانية تعزيز ‏هذه الكميات المنتجة لأمن الطاقة الدولي.

يشار إلى أن بغداد وباريس أكدتا يوم الجمعة الماضي، نيتهما تعزيز التعاون في مجال الطاقة، في وقت يرغب الأوروبيون بالحد من الاعتماد على النفط والغاز الروسيين بسبب الحرب مع أوكرانيا، وشددت فرنسا على “تمسكها بعراق مستقر”، وفقا لوزيرة خارجيتها كاترين كولونا.

وتنتشر حقول الغاز المصاحب والطبيعي في معظم المحافظات النفطية العراقية، بواقع 70 بالمائة في حقول البصرة (مجنون، حلفاية والرميلة) 10 بالمائة في حقول كركوك 20 بالمائة في المناطق الشمالية والغربية في البلاد، وذلك بحسب إحصائية كاملة حصلت عليها “العالم الجديد” ضمن ملف الغاز، الذي نشرته العام الماضي.

وبحسب إدارة الطاقة الأمريكية، فإن 70 بالمائة من الغاز العراقي هو غاز مصاحب، و30 بالمائة غاز طبيعي، وأن العراق يتلف 62 بالمائة من إنتاجه من الغاز، أي ما يعادل 196 ألف برميل من النفط، ولو كان سعر البرميل 70 دولارا في المعدل الطبيعي، فإن المبلغ المهدور هو 45 مليار دولار، وهو ما يكفي لانشاء صناعة غاز جديدة بالكامل.

وحول هذا الأمر، يعلق مسؤول في وزارة النفط، رفض الكشف عن اسمه، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بالقول إن “ملف استثمار الغاز، هو ملف سياسي أكثر منه اقتصادي، وهناك ضغوط وتدخلات سياسية كثيرة وكبيرة حول هذا الملف، منعت حسمه خلال الفترة الماضية”.

ويضيف المتحدث، أن “هذا الملف يخضع لتدخل خارجي إقليمي لمنع العراق من استثمار الغاز، حتى يبقى اعتماده على الغاز المستورد، وخصوصاً الغاز الإيراني، الذي يشغل الآن أكثر من 60 بالمئة من الطاقة الكهربائية في العراق”.

ويردف أن “نجاح وزارة النفط في حسم ملف استثمار الغاز وإحالته إلى الشركات العالمية، يتطلب إبعاد هذا الملف عن أي تدخلات وضغوطات سياسية، فأي تحرك نحو حسم هذا الملف، يتم إيقافه بسبب هذه الضغوطات والتدخلات، التي هي تجري منذ سنين وقائمة حتى اللحظة”.

ويعتمد العراق على الغاز الإيراني في تشغيل محطات الطاقة الكهربائية، حيث يحصل على استثناءات دورية من واشنطن لاستيراد الغاز الإيراني، نظرا للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

 ويعاني العراق من أزمة في إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية، إذ بلغ الإنتاج الحالي 15 الفا و800 ميغاواط، في حين يبلغ المستهدف 22 ألف ميغاواط، في حال توفر إطلاقات الغاز الإيراني، الذي توقف مؤخرا لعدم تسديد العراق ما بذمته من أموال في هذا الملف، وذلك بحسب تصريحات رسمية سابقة.

إلى ذلك، يبين عضو لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية علي شداد الجوراني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اللجنة سوف تعمل خلال الأيام المقبلة على استضافة الجهات المسؤولة في وزارة النفط لمعرفة أسباب تأخير حسم ملف استثمار الغاز طيلة السنوات الماضية، رغم أهمية هذا الملف من الناحية الاقتصادية للعراق والعراقيين”.

ويوضح الجوراني، أن “البرلمان سيعمل على تقديم كافة التسهيلات المطلوبة منه للحكومة ولوزارة النفط خلال المرحلة المقبلة، من أجل الإسراع في قضية حسم ملف استثمار الغاز، فهذا الملف له انعكاسات ليست مالية فقط، بل له انعكاسات على مستوى الخدمات، من خلال تقديم الطاقة الكهربائية للمواطنين، فغالبية محطات الكهرباء في العراق تعمل على الغاز والعراق لا يملك الغاز”.

ويستطرد “هذا الملف مهم ويجب أن يكون بعيدا عن أية ضغوطات وتدخلات سياسية أو حتى خارجية، فهذا الملف متعلق باقتصاد العراق وتقويته وتوفير له أموال كبيرة تسهم في دعم الموازنات على مستوى الخدمات والمشاريع المهمة والكبيرة وتطوير البنى التحتية، ولهذا سيكون لنا تحرك جاد في دعم حسم هذا الملف خلال المرحلة المقبلة”.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن افتقار حقول النفط العراقية لمعدات جمع الغاز، يؤدي سنويا إلى حرق 18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب للنفط، وبحسب تقديرات دولية، فان هذا الحرق يكلف العراق 2.5 مليار دولار سنويا، أو ما يعادل 1.55 مليار متر مكعب من الغاز يوميا، وهو ما يعادل 10 أضعاف ما يستورده العراق من إيران.

إقرأ أيضا