المحكمة الاتحادية.. سلاح أم مفتاح للانسدادات السياسية؟

بعد تلويح قوى الإطار التنسيقي باللجوء مرة أخرى، إلى المحكمة الاتحادية العليا لنقض قانون الأمن…

بعد تلويح قوى الإطار التنسيقي باللجوء مرة أخرى، إلى المحكمة الاتحادية العليا لنقض قانون الأمن الغذائي الذي يصر التحالف الثلاثي على تمريره في مجلس النواب، برزت للواجهة مسألة توظيف دور المحكمة الاتحادية في الصراع السياسي، الأمر الذي رفضه الإطار التنسيقي، وأكد أن دورها يقتصر على حل الخلافات.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي في العراق إحسان الشمري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “القوى السياسية هي من سحبت القضاء إلى ساحة الجدل والصراع السياسي رغم محاولة القضاء الابتعاد عن هكذا قضايا، كما أن القرارات القضائية التي صدرت خلال الفترة الماضية وبسبب تقاطعها مع توجهات بعض الكتل والأحزاب، هو الذي دفع تلك الأطراف إلى مهاجمة القضاء واتهامه”.

وكان الإطار التنسيقي قد ألمح إلى اللجوء للمحكمة الاتحادية للطعن بقانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، في حال مررته قوى التحالف الثلاثي في البرلمان، وذلك وفقا لنائب عن الإطار تحدث لـ”العالم الجديد” أمس الإثنين.

ويضيف الشمري، أن “السلطة القضائية في العراق خلال الفترة الأخيرة، خصوصا بما يتعلق بقرارات المحكمة الاتحادية العليا، فهي تريد أن تؤسس لمنهج وأداء مختلف كثيرا عن بنية المحكمة الاتحادية السابقة، وهذا جعلها تصطدم مع قوى سياسية كبرى”، مبينا أن “القضاء لم ولن يتأثر بالاتهامات والتشكيك ضده، ولم ينجر بالخلاف السياسي ولن يكون مع طرف سياسي ضد طرف سياسي آخر”.

ويؤكد أن “تلويح بعض الأطراف السياسية بسلاح القضاء لحسم بعض القضايا والخلافات، هو يهدف إلى جعل القضاء جزءا من الأزمة والخلافات، وهذا الأمر غير صحيح، فقرارات القضاء دائما ما تكون بعيدة عن أي تأثير سياسي، لكن كما قلنا، تعارض هذه القرارات مع مصالح بعض الكتل والأحزاب أدى لشن هجوم على القضاء واعتباره مسيسا”.

يشار إلى أن مجلس النواب، كان قد أجل جلسته الخاصة بالتصويت على القانون يوم الأحد الماضي، إلى اليوم الثلاثاء، على أن تعقد مساء بعد عدم التوصل إلى اتفاق حول تمرير القانون مع قوى الإطار التنسيقي.

ومنذ إجراء الانتخابات، برزت المحكمة الاتحادية كجهة عليا لإدارة الأزمات في البلاد، وذلك بعد بلوغ الخلافات السياسية ذروتها نتيجة لما أفرزته نتائج الانتخابات من فرق شاسع بين مقاعد الكتل السياسية.

وكانت “العالم الجديد” قد سلطت الضوء على دور المحكمة الاتحادية الحالي، عبر تقرير موسع تحت عنوان: المحكمة الاتحادية.. دور متعاظم فهل يضبط إيقاع النظام السياسي أم..؟

وكانت المحكمة الاتحادية قد أصدرت قرارها بإيقاف تمرير قانون الأمن الغذائي بعد وصوله من الحكومة، لأنه ليس من صلاحيات الأخيرة، كونها حكومة تصريف أعمال.

وأثار تفسير المحكمة الاتحادية لغطا كبيرا في حينها واستمر لغاية الآن، وقد شنت الأطراف المنضوية ضمن التحالف الثلاثي هجوما حادا على المحكمة الاتحادية ومنهم القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، الذي هاجم المحكمة بقوة، وعلى إثره صدرت مذكرة استدعاء بحقه، لإهانته القضاء، إلى جانب رئيس اللجنة المالية حسن الكعبي، الذي هاجم القرار أيضا وأكد أنه منع تقديم الخدمات للعراقيين من مفردات البطاقة التموينية والكهرباء وغيرها.

من جهته، يعلق المحلل السياسي المقرب من قوى الإطار التنسيقي كاظم الحاج خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الجهات القضائية ليست سلاحا بيد الأطراف السياسية، بل هذه المؤسسات صمام أمان لايقاف القضايا التي يراد تمريرها وفق صفقات سياسية بعيدة عن الأطر الدستورية والقانونية”.

ويؤكد الحاج، أن “لجوء بعض الأطراف السياسية والنواب إلى السلطات القضائية، هو خطوة جيدة في حسم أي خلافات دستورية، وهذا يعزز العملية الديمقراطية في العراق، وهذه الطرق أفضل من اللجوء إلى التهديدات والضغوطات لحسم الخلافات سواء كانت سياسية أو قانونية”.

ويردف أن “قوى الإطار التنسيقي رفضت لها الكثير من القضايا المهمة من قبل المحكمة الاتحادية، وهذا ما يؤكد أن السلطات القضائية ليست سلاحا بيد جهة معينة، كما يريد البعض أن يبين ذلك ويوهم الرأي العام، خصوصاً وأن قرارات كثيرة صدرت عكس ما تريده قوى الإطار، وهذه القوى أعلنت ترحيبها بأي قرار قضائي يصدر عكس بعض الأطراف الأخرى التي دائما ما تشكك بالقضاء”.

ومن أبرز القرارات التي أصدرتها المحكمة الاتحادية، هي رد طعن الإطار التنسيقي بالعملية الانتخابية، ومن ثم توالت القضايا والطعون والاستفسارات، ومنها الطعن بجلسة انتخاب هيئة رئاسة البرلمان التي ردت أيضا، فيما قبلت الطعن بتقديم الكتلة الأكبر، ونقضت قرارا صدر عن المحكمة الاتحادية عام 2010، وقررت تقديم الكتلة الأكبر لرئيس الجمهورية، بعد أن نص قرارها على تقديم الكتلة الأكبر في الجلسة الأولى للبرلمان.

كما قبلت المحكمة الاتحادية الطعن بترشيح هوشيار زيباري لرئاسة الجمهورية، عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ومنعته من الترشح، وبالإضافة إلى هذا القرار، فإنها أقرت بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان ومنعته من تصدير النفط لصالحه دون علم الحكومة الاتحادية، وذلك بناء على طعن مقدم من وزارة النفط الاتحادية.

إقرأ أيضا