نينوى تدق ناقوس الخطر.. الحفر الجائر للآبار يتسبب بنضوب المياه الجوفية

تسببت ظاهرة حفر الآبار المائية لأغراض الزراعة وغيرها، إلى نضوب المياه الجوفية في بعض المناطق،…

تسببت ظاهرة حفر الآبار المائية لأغراض الزراعة وغيرها، إلى نضوب المياه الجوفية في بعض المناطق، وهو ما واجه تحذيرات شديدة من قبل مختصين وخبراء، شددوا على ضرورة حماية هذا النوع من المياه التي وصفوها بـ”الستراتيجية”.

ومنذ أشهر عدة، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى النصف في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات لمساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى، حيث أعلن مسؤولون محليون عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.

وتقول مسؤول محلي بقضاء الحمدانية (قرقوش) في جنوب شرق الموصل، في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مزارعين في القضاء ونتيجة لشح المياه والأمطار، وتأثيره على الأراضي الزراعية الديمية (التي تعتمر على المطر)، توجهوا إلى حفر الآبار بشكل مخالف للضوابط”.

ويضيف المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته، أن “هذا الأمر تسبب باستنزاف المياه الجوفية هناك”، لافتا إلى أن “المسافة بين بئر وآخر بلغت 150 مترا، فيما يجب أن تبلغ ما لا يقل عن 500 متر”.

وتعليقا على الأمر، يقول مسؤول قسم تشغيل محطة نينوى المائية، ليث برهان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “حفر الآبار من مهام الهيئة العامة للمياه الجوفية (شركة حفر الآبار)، وهي من تحدد المسافة والموقع، لأن لديها خططا ودراسات تتضمن المواقع والأحواض التي تضم المياه”.

ويوضح برهان، أن “هناك خططا لحفر آبار جديدة، علما أن هذه الآبار هي للشرب وليست للزراعة”، لافتا إلى أن “منسوب المياه الجوفية في نينوى بدأ يقل، وفي قسم من المناطق الغربية بدأنا بتعميق الآبار وظهرت نسبة أملاح مرتفعة، وهذا الأمر مرتبط بوضع المياه في عموم العراق، حيث يعاني من شح بالمياه”.

ويبين “عند حفر الآبار، فإن هناك فحوصات تجرى على المياه للتأكد من كونها صالحة للشرب، وبخلافه يتوقف الحفر أو يتم نصب جهاز تحلية للحصول على ماء صالح للشرب”.

يذكر أن “العالم الجديد”، كشفت في تقرير سابق لها أن الفلاحين في نينوى، وبعد القرار الحكومي العام الماضي، بتقليص المساحات المزروعة في عموم البلاد إلى 50 بالمئة، لجهة شح المياه، لم يتمكنوا من زراعة ما نسبته 5 بالمائة فقط.

يشار إلى أن وزارة الموارد المائية، كانت قد أعلنت في منتصف كانون الأول ديسمبر الماضي، عن توجهها لاستخدام الخزين المائي في السدود بسبب شح الإيرادات المائية، بعد انخفاض حاد بمناسيب المياه في العراق خلال الفترة الماضية بشكل كبير، ووفقا لبعض الصور، فإنها أظهرت انخفاضا حادا في مناسيب بحيرة سد دوكان بمحافظة السليمانية.

الى ذلك، يبين الخبير المائي عادل المختار خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك أزمة كبيرة تتمثل بالاستخدام الجائر للمياه الجوفية، وهذا الشيء غير صحيح، فالعراق أمام أزمة جفاف وشح مياه، وخزين المياه السطحية وصل الى مراحلة متدنية، فبحسب تصريح مستشار وزير الموارد المائية أن الخزين أصبح أقل بـ50 بالمائة عن العام الماضي، وهذا مؤشر خطير”.

ويوضح المختار، أن “اللجوء إلى المياه الجوفية يتم اللجوء إليها في حال نضوب المياه السطحية فقط، سواء للشرب أو الزراعة”، محذرا من “الحفر الجائر الذي يستنزف ما تبقى من ال مياه السطحية، فبحيرة ساوة اختفت بالكامل بعد حفر 1300 بئر في محيطها، وعندما تم منعهم من الحفر عادت بشكل تدريجي”.

يذكر أن بحيرة ساوة في محافظة المثنى، كانت آخر ضحايا الجفاف وأبرزها، حيث جفت بالكامل، الأمر الذي آثار فزع الرأي العام في العراق، وعزاه مدير بيئة المحافظة مثنى سوادي، إلى ثلاثة عوامل رئيسة وراء جفاف البحيرة، هي التغير المناخي العالمي، وتغير الصفائح الزلزالية التي غيّرت المجرى الطبيعي لها تحت الأرض، فضلا عن قيام العشرات من الفلاحين وأصحاب المصانع والمعامل بإنشاء الآبار الارتوازية التي أسرفت في استخدام المياه الجوفية، ما أسهم في انخفاض الكميات الواصلة إليها بشكل كبير جدا.

ويطالب المختار، وزارة الموارد المائية بـ”منع الجميع من الاستخدام غير الصحيح للمياه الجوفية، وتضع ضوابط للاستخدام، خوفا من شح المياه مستقبلا”، مشددا على “ضرورة إيقاف القطاعات الزراعية عن استخدام المياه الجوفية للزراعة لعدم القدرة على تعويض الكميات المائية المستخدمة في ظل الأزمة الراهنة، فالمياه الجوفية ليست للزراعة، وإنما هي خزين استراتيجي يتم اللجوء إليه كمياه للشرب”.

يذكر أن إيران قطعت المياه المتدفقة إلى سد دربندخان بالكامل، مطلع أيار مايو الماضي، ما أدى لأزمة كبيرة في حوض نهر ديالى الذي انخفضت مناسيبه بنسبة 75 بالمائة، وذلك بحسب تصريحات مسؤولين في المحافظة.

كما أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، من خلال سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل، عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.

إقرأ أيضا