الأسرة النيابية تنتصر لمناهضي المادة 398.. فهل تنهي الدعوة لـ”اغتصاب من تحب”؟

لا زال الحديث عن ضرورة إلغاء أو تعديل المادة 398 من قانون العقوبات العراقي لسنة…

لا زال الحديث عن ضرورة إلغاء أو تعديل المادة 398 من قانون العقوبات العراقي لسنة 1969، والتي تلغي الحكم الصادر بحق مرتكب جريمة الاغتصاب إذا تزوج ضحيته، يشغل الرأي العام المحلي والعربي، بسبب أثرها النفسي والعقابي بحق الفتاة الضحية، حيث وعدت لجنة المرأة والأسرة النيابية، بطرح التعديل في الفصل التشريعي المقبل، خصوصا مع حديث فقهي عن تعارض الفقرة مثار الجدل مع الشريعة الإسلامية.

وتقول عضو لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية ابتسام الهلالي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مناقشات تجري داخل اللجنة ومن قبل اللجان البرلمانية الأخرى بهدف مناقشة المادة 398 من قانون العقوبات بهدف تعديلها، خصوصاً وأن هناك تحفظا عليها من قبل قطاعات وشرائح شعبية”.

يشار إلى أن العديد من الناشطات النسويات أطلقن مؤخرا وسم “هاشتاغ” إلغاء المادة 398 عبر موقع تويتر، بهدف تنظيم حملة لإلغاء هذه المادة، التي تعفي المغتصب من جريمة الاغتصاب في حال زواجه من الفتاة التي اغتصبها. 

وتضيف الهلالي، أن “تعديل هذه المادة ليس بالأمر السهل، فهي تحتاج الى صياغة قانونية جديدة، وهذا الأمر لابد أن تشترك فيه لجان برلمانية أخرى، إضافة الى مشاركة بعض الأطراف الحكومية بهذا التعديل”، مبينة أن “التحرك الفعلي نحو هذه المادة، سيكون ما بعد بداية الفصل التشريعي الجديد، فالفصل الحالي بات قريبا من الانتهاء والاهتمام الحالي منصب على تشريع قانون الأمن الغذائي”.

وتؤكد أن “المرحلة المقبلة سوف تشهد طرح الكثير من القوانين والتعديلات على بعض القوانين، ومنها المادة 398 من قانون العقوبات العراقي”.   

وبين فترة وأخرى يثار الجدل حول بعض مواد قانون العقوبات العراقي لسنة 1969، وخاصة المتعلقة بحرية الرأي والتعبير أو مقدار العقوبات الواردة فيه دون تعديلها وفق الوضع الراهن.

 

وكان رئيس الجمهورية برهم صالح، قدم في آب أغسطس الماضي، مشروع قانون العقوبات الجديد إلى مجلس النواب، وبحسب بيان رئاسة الجمهورية، بعد وصوله من مجلس القضاء الأعلى في سياق التعاون بين السلطات، بمجال تشريع القوانين التي تقتضيها تطورات العصر، ليحل محل قانون العقوبات لسنة 1969، فيما وصف صالح القانون الجديد بأنه “التعديل الأشمل منذ 50 عاما على قانون العقوبات العراقي”.    

ومن المؤاخذات على القانون، هو الأحكام المخففة لـ”جرائم الشرف” التي تصل عقوبتها بالحبس لأشهر عدة، ووفقا للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، فانها أكدت سابقا أن الأحكام التشريعية في القانون الجنائي العراقي، تنص على عقوبات مخففة لما يسمى بـ”جرائم الشرف”، معتبرة أن تلك الأحكام ما تزال تمييزية ضد المرأة العراقية في الوقت الحالي، ويجب على العراق مراجعة تشريعاته المحلية لإلغاء أو تعديل الأحكام التي تسمح بالعنف ضد المرأة.

من جانبها، توضح الناشطة النسوية سارة جاسم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العمل جار منذ سنين لإلغاء المادة 398 من قانون العقوبات العراقي، فهذه المادة تعاقب المرأة مرتين ويتم مكافأة الجاني مرتين، بمعنى أن الجانب عند اغتصاب أي فتاة، سوف تجبر على اكمال حياتها معه، خصوصاً وأن الفتاة ستكون مجبرة من قبل أهلها”.

وتتابع أن “عقوبة الاغتصاب يجب أن تصل عقوبتها الى المؤبد أو الإعدام، كون هذه الجريمة بشعة وتدمر حياة فتاة وحياة أسرة بكاملها، فالمادة الحالية بصراحة تشجع على ارتكاب هكذا جرائم بشعة”، موضحة “سوف نعمل خلال الفترة المقبلة على تعديل هذه الفقرة من قانون العقوبات، وسيكون لنا حراك بهذا الشأن من خلال بعض اللجان البرلمانية من خلال منظمات المجتمع المدني الحقوقية، خصوصاً أن هناك تأييدا برلمانيا لتعديل هذه المادة من قبل بعض النواب”.

يذكر أن مجلس القضاء الأعلى رد سابقا على سؤال وجهته الأمانة العامة لمجلس الوزراء بشأن إلغاء هذه المادة، وتضمن رده أن “المشرع العراقي لم يعف الجاني من العقاب، وإنما اعتبر فعله عذرا مخففًا له في حالة زواجه من المجني عليها، كما أن حالة زواج الجاني من المجني عليها تمثل معالجة لهذا الموضوع، خصوصا وأن العادات والتقاليد وواقع المجتمع العراقي ينظر إلى المرأة (الضحية) نظرة ريبة حتى وأن كانت ضحية، وأن زواج المجني عليها من الجاني لا يتم إلا بموافقتها ولا تجبر على إجراء عقد الزواج، وفي حالة رفضها فإن الإجراءات القانونية تستمر بحق الجاني إلى صدور القرار النهائي من المحكمة المختصة”.

الى ذلك، يبين الخبير القانوني سالم حواس خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المادة 398 من قانون العقوبات العراقي تنص على: إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا القانون، ويقصد هنا أصل نص المادة 393 والتي تنص على كل من واقع أنثى بغير رضاها أو لاط بذكر أو أنثى بغير رضاه أو رضاها يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت، وإذا تم العقد بينهما من قبل المحكمة المختصة يوقف تحريك الدعوى والتحقيق، وإذا صدر حكم يوقف تنفيذ العقوبة”.

ويؤكد “في الآونة الأخيرة للأسف الشديد وعبر منصات التواصل الاجتماعي وكذلك عبر ملصقات كماليات السيارات والتك توك، أصبح ترويج لهذه العبارة الساذجة من قبل بعض ضعاف النفوس وهي (اغتصب من تُحب وسيزوجها القانون لك)، وأن الملصقات أشارت للمادة 395 والحقيقة أن أصل النص هو المادة 398”.

ويشير إلى أن “الدعوى تستأنف، والحكم يعود مجدداً إذا انتهى عقد الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع، أو بطلاق حكمت به المحكمة، لأسباب متعلقة بخطأ الزوج أو سوء تصرفه، وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على وقف الإجراءات”، موضحا أن “نص هذه المادة يصطدم أيضا بالشريعة الإسلامية، عند كثير من الفقهاء الذين يرون أن هذا الحكم لايمت للشريعة بشيء”.

ونصت المادة 393 من قانون العقوبات العراقي، المعدلة في عام 1987، على التالي “يعاقب بالحبس المؤبد أو المؤقت كل من واقع أنثى بغير رضاها أو لاط بذكر أو أنثى بغير رضاه أو رضاها، ويعتبر ظرفا مشددا إذا وقع الفعل في إحدى الحالات التالية: إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ الثامنة عشرة سنة كاملة، إذا كان الجاني من اقارب المجنى عليه الى الدرجة الثالثة أو كان من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن له سلطة عليه أو كان خادما عنده أو عند أحد ممن تقدم ذكرهم، إذا كان الفاعل من الموظفين أو المكلفين بخدمة عامة أو من رجال الدين أو الاطباء واستغل مركزه أو مهنته أو الثقة به”.

فيما نصت المادة 398 على “اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المجنى عليها اوقف تحريك الدعوى والتحقيق فيها والإجراءات الأخرى وإذا كان قد صدر حكم في الدعوى اوقف تنفيذ الحكم، وتستأنف إجراءات الدعوى أو التنفيذ – حسب الاحوال – إذا انتهى الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع أو بطلاق حكمت به المحكمة لاسباب تتعلق بخطأ الزوج أو سوء تصرفه وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على وقف الإجراءات. ويكون للادعاء العام وللمتهم وللمجنى عليها ولكل ذي مصلحة طلب وقف تحريك الدعوى والتحقيق والإجراءات وتنفيذ الحكم أو طلب استئناف سيرها أو تنفيذ الحكم – حسب الاحوال”.

إقرأ أيضا