الكهرباء تخلي مسؤوليتها وتضع العراقيين تحت “رحمة” الغاز الإيراني

أخلت وزارة الكهرباء مسؤوليتها من عدم تجهيز الطافة بشكل كامل، رغم إعلانها بـ”إدخال” خطوط نقل…

أخلت وزارة الكهرباء مسؤوليتها من عدم تجهيز الطافة بشكل كامل، رغم إعلانها بـ”إدخال” خطوط نقل متوقفة منذ 2013 للخدمة، ورهنت الأمر بالغاز الإيراني، والذي يشهد تلكؤا في وصوله بسبب عدم تسديد ديون طهران والبالغة 1.6 مليار دولار، وسط اتهامات للأخيرة بعدم التزامها بأي اتفاق مع بغداد.

ويقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك استعدادات من قبل الوزارة، وبدعم حكومي مباشر إلى جانب غرفة عمليات دائمة الانعقاد، بهدف الوقوف على حجم المشاكل في تجهيز الطاقة الكهربائية ولمتابعة أي طارئ يحدث”.

ويضيف موسى، أن “الوزارة أعدت خطة استراتيجية تمثلت بتأهيل وإكمال الصيانات الدورية والاضطرارية لجميع محطات الإنتاج والوحدات التوليدية، ما يعني زيادة الطاقات التوليدية بنحو 4– 5 الاف ميغاواط مقارنة بالعام الماضي، إضافة إلى إكمال ادخال خطوط نقل ستراتيجية رابطة ما بين المحافظات، وهذه الخطوط كانت ضرورية جدا لتحقيق الوثوقية والاستقرار للشبكة الكهربائية، وهنا نتحدث عن غرب بغداد حديثة، وغرب بغداد بيجي، وخطوط الخيرات قادسية، وجنوب بعقوبة ديالى، وجنوب بغداد واسط، والرميلة خور الزبير، والرميلة ناصرية، وجميع هذه الخطوط هي بسعة 400 kv أي من خطوط الضغط الفائض، وهي كانت معطلة منذ عام 2013، والآن أعيدت للعمل”.

ويستدرك “خطتنا كانت شاملة لقطاع التوزيع وتغيير سعة المحولات بسعات أكبر وفك الاختناقات واستحداث مغذيات ونصب محطات متنقلة وثابتة بمراكز الحمل لمعالجة سعات تجهيز الكهرباء، لكن ما ينقصنا هو التأكد من وجود غاز كاف لتشغيل محطات الإنتاج، وهنا يجب الإشارة إلى عدم اكتمال الخطة الوقودية الوطنية وتأهيل حقول الغاز العراقية وتأهيل المصافي، فاليوم ليس لدينا خطة وقودية كافية لتغطي حاجة الكهرباء وليس لدينا غاز وطني، لذا لجأنا وفق قرارت حكومية إلى استيراد الغاز من إيران، التي تورد الغاز للعراق بنسب مختلفة حسب الموسم شتاءً أو صيفا، وكانت لنا مفاوضات عدة مع الجانب الإيراني بغية انتظام توريده الغاز، وآخر زيارة كانت قبل اسبوعين لوزير الكهرباء، وفيه تم التطرق لموضوع سداد المستحقات والديون الواجبة الدفع عن عام 2020”.

ويؤكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أن “إيران تطالب العراق بمستحقات عن عام 2020 حيث وردت غاز للعراق ولم نسدد الأموال، وهذه المستحقات لم تدفع بسبب عدم إقرار الموازنة في ذلك العام، وهي تبلغ مليار و690 مليون دولار، وإيران اشترطت سداد المبلغ حتى تضخ الغاز، ووزير الكهرباء أبلغ الجانب الإيراني واتفقا على تسديد الديون في 31 من الشهر الماضي، لكن لم يتم الدفع، حيث كنا اعتمدنا على إقرار قانون الأمن الغذائي الذي كان سيطلق تلك التخصيصات لسداد الديون”.

ويوضح “بما أن القانون لم يمرر لغاية الآن، فنخشى أن نقع بأزمة إذ لا يوجد بديل عن الغاز الإيراني”، مبينا “لقد أوضحت الوزارة أن تراجع ساعات التشغيل خلال اليومين الماضيين بسبب تخفيض الغاز بنسبة خمسة ملايين متر مكعب يوميا، حيث كان المدفوع من الغاز 35 مليون متر مكعب يوميا، واليوم أصبح 30 مليون متر مكعب، وهذا التخفيض هدد أحمال المنظومة وقلل الإنتاج نوعا ما، وأثر سلبا على ساعات تجهيز الكهرباء”.

يشار إلى أن وزير الكهرباء عادل كريم، أعلن في 3 حزيران يونيو الحالي عدم ودود خزين مالي، والعراق معرض لأزمة كهرباء حقيقية هذا الصيف.

وكانت شركة الغاز الإيرانية، أعلنت منتصف الشهر الماضي، أن العراق وتركيا قدمتا طلباً من أجل تمديد وزيادة واردات الغاز من إيران، وأن المباحثات جارية لتمديد عقد تصدير الغاز إلى البلدين.

ويعتمد العراق على الغاز الإيراني في تشغيل محطات الطاقة الكهربائية، حيث يحصل على استثناءات دورية من واشنطن لاستيراد الغاز الإيراني، نظرا للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.

ويعاني العراق من أزمة في إنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية، إذ بلغ الإنتاج الحالي 15 الفا و800 ميغاواط، في حين يبلغ المستهدف 22 ألف ميغاواط، في حال توفر إطلاقات الغاز الإيراني، الذي توقف مؤخرا لعدم تسديد العراق ما بذمته من أموال في هذا الملف، وذلك بحسب تصريحات رسمية سابقة.

وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، انتقد في مطلع العام الحالي عدم تنويع الحكومات السابقة في مصادر استيراد الغاز واعتمدت مصدرا واحدا، ما أدى إلى تدهور في إنتاج الطاقة الكهربائية في حال نقص واردات الغاز أو توقفها، وذلك عقب توقف 4 خطوط إمداد إيرانية، ما أدى إلى انخفاض تجهيز الكهرباء بشكل كبير في العراق.

يشار إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، قدرت أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن افتقار حقول النفط العراقية لمعدات جمع الغاز، يؤدي سنويا إلى حرق 18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب للنفط، وبحسب تقديرات دولية، فان هذا الحرق يكلف العراق 2.5 مليار دولار سنويا، أو ما يعادل 1.55 مليار متر مكعب من الغاز يوميا، وهو ما يعادل 10 أضعاف ما يستورده العراق من إيران.

من جهته، يرى خبير الطاقة حمزة الجواهري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق سوف يبقى على نفس المأساة ونفس المشاكل، والحل مرهون بتجهيز الغاز من إيران، وفي حال تحسن الضخ الإيراني للغاز سوف يكون هناك تحسن بتجهيز الكهرباء في العراق”.

ويردف “لا نعول على الربط الخليجي أو على الربط التركي، لأنهما لن ينتهيا إلا بعد انتهاء الصيف، وبالتالي لن تكون هناك حاجة كبيرة لهذه الخطوط هذا العام”، مبينا أن “إيران لم تلتزم بأي اتفاق مع العراق حتى أنها قطعت الماء القادم منها، عكس تركيا التي لم تقطع الماء بشكل تام، إضافة إلى أن إيران عملت أيضا على هدم الصناعة والمعامل العراقية حتى تبقى بضاعتها مسيطرة على السوق في العراق، وهذا الموضوع معروف ولا حاجة للتوسع بالحديث عنه، وبالتالي فهي لن تلتزم بأي اتفاق مع العراق”.

جدير بالذكر، أن خبراء في الطاقة جذروا خلال حديثهم لـ”العالم الجديد” في وقت سابق من تكرار إيران لمحاولاتها السابقة بقطع إمدادات الغاز المطلوبة لتغذية محطات العراق الكهربائية، بذريعة احتياجها له في ذروة القيظ وعدم حصولها على مستحقاتها المالية، منتقدين الاستمرار بحرق الغاز العراقي بكميات تفوق المستورد، بسبب التعطيل غير المبرر لعقود الاستثمار.

وبحسب إدارة الطاقة الأمريكية فإن “70 بالمائة من الغاز العراقي هو غاز مصاحب، و30 بالمائة غاز طبيعي، وأن العراق يتلف 62 بالمائة من إنتاجه من الغاز، أي ما يعادل 196 ألف برميل من النفط، ولو كان سعر البرميل 70 دولارا في المعدل الطبيعي، فإن المبلغ المهدور هو 45 مليار دولار، وهو ما يكفي لانشاء صناعة غاز جديدة بالكامل.

إقرأ أيضا