خبير يدلي بإفادة صادمة عن مبادرات التشجير: تضر ولا تنفع

انطلقت في الآونة الأخيرة مبادرات تشجير في أكثر من محافظة عراقية كمحاولة لصد العواصف الترابية…

انطلقت في الآونة الأخيرة مبادرات تشجير في أكثر من محافظة عراقية كمحاولة لصد العواصف الترابية التي اكتظت بها أجواء البلاد في أيار مايو الماضي، لكن خبيرا بيئيا أدلى برأي مخالف لتصريحات رسمية وغير رسمية كثيرة رأت في تراجع الغطاء النباتي سببا رئيسا للتصحر المؤدي إلى تصاعد الغبار في الجو.

ويقول الخبير البيئي عادل المختار خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العواصف الأفريقية الحمر التي كانت مصدر إزعاج للجميع ستنتهي عما قريب، وتبقى الأتربة العراقية الاعتيادية التي تتصاعد في أيلول سبتمبر وتنتهي في تشرين الأول أكتوبر، ولذا فإن الأمر لا يستدعي هذا الهرع نحو التشجير”.

ويضيف المختار، أن “سنوات طويلة مرت وكانت المياه متوفرة ولم يفكر أحد بالتشجير، بينما الآن تنتشر حمى التشجير في وقت تشح فيه المياه لمجرد هبوب عدد من العواصف الترابية التي ستنتهي قريبا”، لافتا إلى أن “المواسم المقبلة ستكون مواسم جفاف أيضا ويكون من الصعب توفر مياه الشرب، ولكن لا أحد ينتبه إلى خطورة هدر المياه على التشجير”.

ويوضح أن “التشجير يحتاج إلى منظومات ري بالتنقيط تسقي الأشجار باستمرار، وليس شتل الشجرة وتركها، وهذه المنظومات تحتاج بدورها إلى طاقة كهربائية لتعمل، وكل هذه الأمور بحاجة إلى أموال”، مشددا على “ضرورة أن يكون التشجير ضمن خطة حكومية منظمة، وليست عملية تطوعية عشوائية، لأنه بحاجة إلى فرق عمل وأموال وتخطيط”.

ويبين الخبير البيئي، أن “العواصف الترابية القادمة من خارج الحدود تأتي على ارتفاع يصل إلى ستة آلاف قدم، فكيف تصدها أشجار لا يتجاوز ارتفاعها بضعة أمتار”، مشددا على أن “الحفاظ على الخزين المائي الموجود لأغراض الشرب وزراعة المحاصيل أهم من زراعة أشجار بشكل عشوائي لتصد عواصف ترابية لا يمكن صدها”.

وكانت أمانة بغداد أعلنت، في 4 حزيران يونيو 2022، إطلاق حملة لزراعة عشرة آلاف شجرة في العاصمة كمرحلة أولى من خطة أوسع للتشجير.

كما أطلقت مبادرة في نينوى تحت مسمى “الموصل الخضراء” لزراعة مليون شجرة، بتمويل من مركز الأزمات والدعم الفرنسي وبمشاركة أكثر من 1500 متطوع.

وفي العام 2017 أطلق متطوعون في البصرة مبادرة لغرس مليون شجرة تحت عنوان “بصرتنا تستاهل شجرة”، فيما تجددت الدعوات في المحافظة قبل أيام إلى إطلاق مبادرة مماثلة ثانية بعد انقطاع أخبار الأولى.

في الأثناء، يقول حسن النجار، معاون محافظ البصرة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحكومة المحلية في البصرة عملت منذ عام 2019 على إزالة التجاوزات عن المساحات الخضر وإعادتها إلى سابق عهدها، فضلا عن الاهتمام بتشجير الشوارع والساحات العامة”.

وبشأن مبادرة 2017، يقول النجار، إن “المشكلة في العراق هي أن كل إدارة جديدة تعمل على إلغاء مشاريع الإدارة السابقة أو عدم استكمالها، ومبادرة 2017 للتشجير أطلقها وزير النفط السابق في البصرة، لكن الوزير اللاحق أوقفها”.

وكانت بلديات نينوى أعلنت، قبل نحو شهر، المباشرة بزراعة أكثر من 60 ألف شتلة وشجرة مقاومة للظروف المناخية الصعبة، في العديد من أقضية ونواحي المحافظة.

إلى ذلك، يقول الناشط في نينوى ماجد أحمد خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ما يجري من عمليات زرع هي تبرعات تركية، حيث تبرعت أنقرة بخمسة آلاف شجرة لنينوى، يتم جلبها على شكل وجبات بين مدة وأخرى”.

ويضيف أحمد، أن “إحدى منظمات المجتمع المدني بادرت قبل مدة إلى زراعة نحو 300 شجرة في نينوى، لكنها توقفت لاحقا”.

يذكر أن مبادرات التشجير وإنشاء الحزام الأخضر، بدأت في سبعينيات القرن الماضي، كجزء من حملة قامت بها الدول العربية وبمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في مرحلتها الأولى، لصد الرمال الصحراوية التي تجتاح المدن والأراضي الزراعية، فضلا عن الحد من الرياح الصحراوية نحو المدن، لكن المشروع توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، ومن ثم حرب الخليج، والخلاف العراقي الخليجي.

وأعلنت وزارة الزراعة في عام 2020، عن حاجة العراق إلى أكثر من 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر، بالإضافة الى إطلاقها مشروعا يرتكز على توزيع الشجيرات إلى البلديات في بغداد والمحافظات ومنظمات المجتمع المدني مجانا لزراعتها داخل المدن وحولها لتدعيم الحزام الأخضر لمنع زحف الصحراء نحو المدن.

يشار إلى أن وزارة الصحة كانت قد كشفت في وقت سابق، أن مشروع الحزام الأخضر الذي تبنته لجنة وزارية قبل سنوات توقف نتيجة الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق بعد ما تم تنفيذ مشاريع عدة من بينها زراعة آلاف الأشجار في محيط كربلاء، وأكدت أن إهمال العراق للأحزمة الخضر حول المدن، أدى إلى تعرضه لتغييرات مناخية كبيرة، وقد بات بحاجة إلى عدد كبير من هذه المشاريع لتقليل العواصف الرملية.

إقرأ أيضا