أربيل تكابر على الهجمات ومحللون: ثمن التحالف مع الصدر وتوقف الملف النووي الإيراني

يحاول سياسيو أربيل التقليل من وقع الهجمات المتكررة على المدينة بالصواريخ والطائرات المسيرة، ويتحدثون عن…

يحاول سياسيو أربيل التقليل من وقع الهجمات المتكررة على المدينة بالصواريخ والطائرات المسيرة، ويتحدثون عن القدرة على التصدي لها، فيما يذهب بعض المحللين إلى أن أربيل تدفع ثمن التحالف مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أو توقف مفاوضات الملف النووي الإيراني.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الخروقات التي تحصل أربيل بين حين وآخر، تقع حتى في الدول العظمى، إضافة إلى حصولها في العاصمة بغداد، خصوصا أن الهجمات تنطلق من مناطق قريبة جدا من إقليم كردستان”.

ويضيف عبد الكريم، أن “هذه الهجمات هي ضغوط سياسية تهدف إلى خلط الأوراق وإحداث الفوضى والإرباك في المشهد السياسي والأمني في كردستان”، لافتا إلى أن “الإقليم يمتلك الإمكانية العسكرية لصد وردع هكذا هجمات على أربيل، والعمل جار لمنع هكذا هجمات، والإقليم بكل تأكيد لن يقف مكتوف الأيدي تجاه هذه الاعتداءات”.

وكانت طائرة مسيرة مفخخة انفجرت، مساء الأربعاء 8 حزيران يونيو 2022، على الطريق بين مركز مدينة أربيل ومصيف صلاح الدين، ما تسبب بإصابة ثلاثة مدنيين بجروح طفيفة وإلحاق أضرار مادية بمطعم وعدد من المركبات، كما أعلن جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان.

والهجوم هو الأحدث ضمن سلسلة هجمات سابقة استهدفت المدينة بصواريخ وطائرات مسيرة، أحدها هجوم صاروخي تبناه الحرس الثوري الإيراني، في 13 آذار مارس 2022، بداعي وجود مركز إسرائيلي تم استهدافه.

وفي هذا الشأن، يقول المحلل السياسي والأمني الكردي شاهو القره داغي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الهجمات على أربيل مرتبطة بصورة مباشرة بالتدهورات السياسية المحلية أو الخارجية، وخاصة مع وجود إرادة إيرانية لتحويل أربيل إلى ساحة لإرسال الرسائل للأطراف الداخلية والإقليمية والدولية”.

ويشير قره داغي، إلى أن “أربيل معرضة للاستهداف من الجانب الإيراني بصورة مباشرة أو من قبل وكلاء إيران المحليين بصورة غير مباشرة، ومن الواضح أن الفصائل المسلحة بدأت باللجوء إلى تكنولوجيا الطائرات المسيرة بدلا من الصواريخ بسبب سهولة نقلها وإطلاقها”.

ويأسف لـ”دفع أربيل ثمن بعض المواقف السياسية، وخاصة الوقوف مع الصدر في مشروعه لتشكيل الحكومة، إضافة إلى التقاعس الأمريكي في توفير الحماية اللازمة لها ومدها بالأدوات العسكرية لتحصين نفسها من هذه الهجمات”.

ويشدد على “ضرورة استغلال حكومة كردستان هذه الهجمات في تقوية موقفها الدولي لكسب دعم أكبر من الناتو والولايات المتحدة، إضافة إلى زيادة التنسيق مع الحكومة الاتحادية، والذي قد يسهم في تقليل أو تخفيف هذه الهجمات”، لافتا إلى “وجود غياب للثقة بين الجانب الإيراني والسلطات الرسمية في أربيل، وهذا الأمر انعكس سلبيا على الوضع الأمني”.

يشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) نددت بالهجوم ووصفته بـ”الطائش”، فيما أجرى رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي اتصالا هاتفيا برئيس حكومة كردستان مسرور بارزاني بعد ساعات من الهجوم، قال فيه إن “الاعتداء يترجم إصرار البعض على تكريس منطق الفوضى وضرب مفاهيم الدولة”، وفقا للمكتب الإعلامي للكاظمي.

ويأتي الهجوم قبل أيام قليلة من مبادرة سياسية يعتزم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني إطلاقها في محاولة لإنهاء الاختناق السياسي في العراق المتسبب بعرقلة تشكيل الحكومة.

واتهم مجلس أمن كردستان، كتائب حزب الله بإطلاق الطائرة المسيرة من بلدة بردي في كركوك باتجاه أربيل.

إلى ذلك، يقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “توقيت الهجوم على أربيل مرتبط باستمرار الضغوط عليها، كونها لم تنه عقودها الخاصة بتصدير النفط والغاز مع تركيا أو حتى مع أوروبا”، مبينا أن “هذا القصف جاء أيضا بعد توقف المفاوضات في فيينا، فإيران تريد مساحة للضغط على الولايات المتحدة، ولهذا هي تجد في أربيل خير مساحة لذلك”.

ويضيف الشمري، أن “استهداف أربيل جاء كمحاولة من إيران للهروب إلى الخارج، خصوصا أن هناك تظاهرات داخلية تشهدها المدن الإيرانية، ولهذا هي بحاجة إلى لفت الأنظار إلى أحداث جديدة وإظهار القوة، خصوصا مع بث أنباء ومعلومات عن استهداف ضباط إسرائيليين”.

ويبين أن “استهداف أربيل الأخير ليس له صلة بقضية تمرير قانون الأمن الغذائي، فهذا الاستهداف رسائل تحذير حتى لا يمضي الحزب الديمقراطي الكردستاني بأجندة سياسية تختلف عن طبيعة ما تدفع به طهران في الداخل العراقي”.

ويشير إلى أن “هناك أمرا لافتا في اتهام كردستان بشكل رسمي لكتائب حزب الله بتنفيذ الهجوم”، منوها إلى أن “الاتصال الذي جرى بين الكاظمي وبارزاني يجب التوقف عنده كثيرا، فهذا الاتصال جاء بعد إعلان الإقليم تورط كتائب حزب الله، والكاظمي وعد بملاحقة المنفذين، وهذا الأمر قد يكون فيه تبادل معلومات وتنسيق عالي المستوى لردع أي محاولة قادمة لاستهداف أربيل”.

ويرجح الشمري، أن “الهجوم الأخير ليس على صلة باستعداد بارزاني لإطلاق مبادرة لإنهاء حالة الانسداد السياسي في العراق، بل غايته الضغط والتهديد”، متوقعا تواصل التصعيد في قادم الأيام “إذا استمر غياب التسويات السياسية الداخلية والخارجية”.

يذكر أن الهجوم جاء بعد نحو أسبوعين من تهديدات أطلقتها ما تسمى “تنسيقية المقاومة” ضد أربيل بزعم احتضانها مراكز لتدريب جماعات مسلحة على “إشاعة الخراب والفوضى”.

إقرأ أيضا