ماذا بعد مشاركة الكاظمي بـ”قمة بايدن” المرتقبة للحد من نفوذ إيران وأذرعها العسكرية

القمة المرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن مع عدد من الزعماء العرب بينهم رئيس الحكومة مصطفى…

القمة المرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن مع عدد من الزعماء العرب بينهم رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي المقررة في تموز يوليو المقبل بالمملكة العربية السعودية، بدأت تثير الجدل داخل الأوساط السياسية العراقية، بسبب التخطيط لحلف أمني عربي قد تشارك فيه إسرائيل بطريقة غير مباشرة، ويقوم على إنشاء منظومة إنذار لصد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الإيرانية، في ظل صمت وترقب من قبل القوى السياسية والفصائل العراقية الموالية لإيران، والتي تنتظر موقف الكاظمي في القمة لتحديد طبيعة تعاطيها معه.

ويقول المحلل السياسي فلاح المشعل خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية في الشهر المقبل، تأتي استجابة لدعوة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وخلال الزيارة ستعقد قمة تضم دول الخليج والعراق ومصر والأردن”.

يذكر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيبدأ جولة في الشرق الأوسط الشهر المقبل، للفترة بين 13 – 16 تموز يوليو، تشمل قمة تجمعه بقادة دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى الأردن ومصر والعراق في جدة، بعد زيارته إسرائيل.

ويضيف المشعل، أن “أجندة هذه القمة الموسعة، تستهدف العديد من الشؤون الضاغطة في الشرق الأوسط مثل الطاقة والنفط والملف النووي الإيراني، بالإضافة إلى الضغط الذي تمارسه إيران مع العديد من الدول العربية”، مؤكدا أن “هذه الاجتماعات قد تنتهي لتأسيس حلف عسكري- أمني للتصدي لإيران في حالة نشوب حرب بينها وبين أي من دول الشرق الأوسط”.

ويبين أن “موضوع الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران سيحظى بالتداول ضمن مفردات الملف الأمني للشرق الأوسط خلال القمة”، مضيفا أن “ثمة موضوعا بتعلق بالطاقة ربما يتقدم على غيره، وهو معدلات إنتاج النفط لدول الخليج والسعودية تحديدا، وما يتعلق بالكميات والأسعار المرتفعة بهدف تخفيف التضخم التراكمي جراء ارتفاع أسعار النفط عالميا، وكذلك فك الاتفاق بين أوبك وروسيا الذي يسمى أوبك+، وربما تشهد القمة شؤونا أخرى لم يعلن عنها في الوقت الحاضر”.

يشار إلى أن مسؤولا كبيرا في إدارة بايدن، أعلن أن الرئيس الأمريكي من المرجح أن يقوم بجولة في نظام دفاع صاروخي تموله الولايات المتحدة في إسرائيل من أجل تسليط الضوء على جهود البيت الأبيض لتأمين تمويل إضافي بقيمة مليار دولار لتجديد بطاريات القبة الحديدية، وبعد ذلك سيطير مباشرة من إسرائيل إلى جدة.

وكشف المسؤول أيضا في تصريح صحفي قبل أيام، أن الزيارة جزء من عودة الولايات المتحدة للانخراط على المستوى الدولي، وهو عكس ما كان عليه الحال قبل عام ونصف عندما كانت الولايات المتحدة تعاني من العزلة.

ووفقا للإعلان الرسمي الأمريكي، فإن بايدن سيبحث مجموعة من القضايا الإقليمية، ومن بينها الهدنة في اليمن وتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني، بما في ذلك مبادرات البنية التحتية الواعدة وحماية حقوق الإنسان إضافة إلى أمن الطاقة العالمي، وسيؤكد التزام الولايات المتحدة بأمن الشركاء والدفاع عنهم في وجه التهديدات القادمة من إيران أو غيرها.

وفي العراق، يوجد أكثر من 65 فصيلا مسلحا، أغلبها موالية لإيران، وتشن هجمات صاروخية وبالطائرات المسيرة، بشكل مستمر ضد المصالح الأمريكية في العراق، كما دخلت بصراعات عديدة مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، عندما وجه أكثر من مرة بإلقاء القبض على مسؤولين في هذه الفصائل، بتهمة إطلاق الصواريخ.

منظومة ردع

إلى ذلك، يبين المحلل السياسي الأردني حازم عياد خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زيارة الرئيس الأمريكي جود بايدن للسعودية، وبحسب المتحدث باسم البيت الابيض فإنها تأتي لمناقشة العلاقة الاستراتيجة بين الولايات المتحدة والدول الخليجية، وهنالك حديث عن توسيع التعاون الاقتصادي والأمني والإقليمي”.

ويؤكد عياد “بحسب المعطيات فإن الزيارة ستتناقش الوضع في اليمن وأيضا سبل ردع إيران في المنطقة، إلى جانب طرح ملف الأمن الإقليمي والملف النووي الإيراني”، مضيفا أن “من أهم أهداف القمة هو وضع حد للطائرات المسيرة الإيرانية وتطوير منظومة ردع وإنذار مبكر بالتعاون بين الدول الخليجية الست، ويقال إن إسرائيل ستكون شريكة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ولكن لم تعلن آلية تعامل إسرائيل في القمة مع الدول التي لم تطبع ومن بينها العراق والكويت مثلا”.

وينفي المحلل السياسي الأردني أي صلة بين القمة المفترضة، والقمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن، مؤكدا أن “القمة الثلاثية مختلفة عن هذه القمة، فالعلاقة بين العراق والأردن ومصر تعود لفترة طويلة منذ حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي وامتدت لغاية الآن لتشمل 3 حكومات متعاقبة في العراق”.

وحول ارتباط قمة جدة بالتطبيع مع إسرائيل، يشير إلى أنه “ليس بالضرورة أن ترتبط هذه القمة بقضية التطبيع مع إسرائيل، وإنما قد يكون فيها قدر من تنسيق المواقف”.

والشهر الماضي، شهد إقرار مجلس النواب العراقي لقانون يجرم التطبيع، بعد الحديث سابقا عن وجود نوايا لسحب العراق للتطبيع مع إسرائيل، وتضمن القانون فقرات عديدة، منها منع التواصل بين أي مواطن عراقي وإسرائيلي حتى لو كان خارج العراق.

ويرتبط العراق مع الأردن ومصر، باتفاقيات عديدة، هي نتاج القمة الثلاثية التي تجددت مؤخرا عبر زيارة وزيري خارجية مصر والأردن للعراق، لغرض بحث تنفيذ مخرجات القمة.

ومنذ عام 2020، ارتفعت وتيرة الهجمات التي تنفذها الفصائل المسلحة ضد المصالح الأمريكية في البلاد، فضلا عن تهديدا باستهداف دول الخليج لأكثر من مرة.

العودة للصواب

من جهته، يرى المحلل السياسي السعودي احمد آل ابراهيم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أهداف القمة الخليجية بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن، تأتي لعقد شراكات مع دول الخليج وتفعيل العلاقات الخليجية السعودية الأمريكة في المنطقة، وهي أيضا إعادة تأكيد على أن الولايات المتحدة تنظر للمنطقة العربية بنظرة الحليف الستراتيجي، خصوصا بعد فتور العلاقات في الفترة السابقة”.

ويشير إلى أن “أمريكا ترتكب الخطأ مرة ومرتين، ولكن تعود للصواب، والآن قد عادت للصواب بالتوجه للمنطقة مجددا”، مبينا أن “القمة ستضع الحد الكامل للتدخل السافر الإيراني وإعطاء إيران وأذرعها في أي منطقة حجمها الحقيقي، والعمل على ستراتيجية مشتركة بين الخليج والدول العربية وإسرائيل لوضع حد للتدخل الإيراني وإيقاف دعمها للميليشات في بعض الدول”.

ويردف أن “ملفات الطاقة والأمن والشركات الاقتصادية ومكافحة التضخم الذي ينذر بكساد عالمي في الأشهر المقبلة ووضع خطة اقتصادية لمكافحة التضخم التي ستحدث، هي كلها قضايا ستطرح في القمة”، لافتا إلى أن “العراق يعتبر من الركائز، وله دور في المنطقة، سواء في المباحثات السعودية الإيرانية أو في عملية الاستقرار بالمنطقة بشكل عام، رغم أنه يعاني من تحديات كبيرة، ودول الخليج تحاول أن تساعده وتساهم باستقراره، وتضع حدا للصواريخ والطائرات المسيرة فيه”.

وبشأن مشاركة إسرائيل في القمة، يؤكد المحلل السعودي، أنه “لا يوجد نص صريح يفيد بمشاركة إسرائيل في القمة، لكن يمكن أن تتشارك بقمة ثنائية مع مصر، ومن الصعب الجزم الآن أن إسرائيل ستشارك، لكن بلا شك أنها تواجه ذات التحديات التي تواجه دول المنطقة”، مضيفا أن “مسألة توجه بايدن مباشرة من إسرائيل إلى السعودية، ستكون المرة الثانية، إذ سبق وأن فعلها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب”.

يشار إلى أن العراق، استضاف جولات سرية للحوار السعودي الإيراني على أرضه، منذ انطلاق أولى الجولات في 9 نيسان أبريل 2021، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران، ضمن إطار مفاوضات إيرانية مع الامارات، وذلك بحسب ما نقل مصدر عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد يوم 26 نيسان أبريل الماضي.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قال في نيسان أبريل الماضي لمجلة “ذا أتلانتيك The Atlantic“، الأمريكية، إن الإيرانيين جيراننا، وسيبقون جيراننا للأبد، ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور، وأن نبحث عن سبل لنتمكن من التعايش، فيما أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، خلال تلك الفترة أن السعودية دولة مهمة في المنطقة، وخلافاتنا يجب ألا تمنع العلاقات بين البلدين، معتبرا أن من ينتفع بهذه العلاقات هم شعوب المنطقة والبلدان.

الرد

من جانبه، يؤكد كاظم الحاج، المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي والذي يضم قوى سياسية موالية لإيران، أن “المعلن من البيت الأبيض عن زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط تحديدا، هي زيارة السعودية وإسرائيل، وعقد قمة تجمع زعماء المنطقة بما فيها العراق”.

ويشير الحاج، إلى أن “القمة ستناقش متغيرات الوضع العالمي والأزمة داخل الولايات المتحدة خصوصا الاقتصادية، وتحديدا الوقود، ومحاولة الضغط على هذه الدول لزيادة الإنتاج وتخفيض الأسعار، للمساهمة في الحرب الأوروبية الأمريكية في أوكرانيا ضد روسيا، وهذا المحور الرئيس للقمة”.

وحول محور القمة الآخر المرتبط بإيجاد حلف عربي لمواجهة النفوذ الإيراني والفصائل المسلحة بالعراق، يوضح أن “القمة بالتأكيد ستشهد مناقشة وضع العراق، لكن علاقة العراق مع إيران لا ترسم وفق إرادات المنطقة، وإنما ترسم وفق مصالح العراق ومواقف إيران معه ووقوفها إلى جانبه بالحرب ضد داعش”، مشددا على “ضرورة أن يعلم الجميع بأن هذه القمة ليست في مصلحة العراق، كما سيتم الحديث فيها عن التطبيع”.

وبشأن استعداد قوى الإطار التنسيقي لمهاجمة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بسبب إعلان المشاركة في القمة، يؤكد أنها “تعتمد على ما سيقوم بطرحه فيها، فإذا طرحت أمور تتقاطع مع صلاحية حكومته، فبالتأكيد سيتخذ البرلمان الخطوات المناسبة لحفظ مصالح العراق، وإذا كانت الخطوات إيجابية، وهذا مستبعد، فلن يكون هناك أي اعتراض”.

ويستطرد “العراق اليوم في صدد تشكيل حكومة جديدة، والحكومة الحالية باعتبارها تصريف أعمال، لا يحق لها إلزام البلد باتفاقيات، فهذا مخالف لصلاحياتها القانونية والدستورية”.

ويشهد العراق وضعا سياسيا مربكا، حيث لم تتفق القوى السياسية لغاية الآن على شكل الحكومة الجديدة، ما خلق صراعا أدى إلى انسحاب الكتلة الصدرية المرتبطة بالتيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر، فيما تستمر الحكومة الحالية، وهي حكومة تصريف أعمال بتمشية الأمور اليومية للدولة، ووفقا للمحكمة الإتحادية فإن هذه الحكومة لا يحق لها إبرام أي إتفاقيات دولية تمس مصلحة البلد وترهن مصيره، إضافة إلى شروط أخرى حدت من صلاحياتها بشكل كبير.

إقرأ أيضا