السياحة في العراق.. حلم قتله الانشغال بـ”السرقة”

مع بداية موسم الصيف، الذي يعد موسما للسياحة في أغلب دول العالم وخاصة المجاورة للعراق،…

مع بداية موسم الصيف، الذي يعد موسما للسياحة في أغلب دول العالم وخاصة المجاورة للعراق، يتجدد الحديث عن عدم سعي البلد إلى استقطاب سائحين، خاصة مع الانفتاح الكبير منذ 18 عاما على دول المنطقة والعالم، وهو ما عزاه نائب سابق إلى انشغال الحكومات بـ”تصدير النفط والسرقة”، مقرا بتقصير البرلمان في عدم الضغط من أجل تنمية هذا القطاع الموصوف بأنه من أهم قطاعات تنشيط الاقتصاد، وسط تأكيد شركات السياحة على إمكانية تنظيم رحلات وبرامج سياحية في حال جرت اتفاقيات سياحية مع الدول المجاورة وغيرها.  

ويقول عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية السابقة مختار الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “اللجنة السابقة، وفيما يخص مسألة فتح السياحة في العراق، ناقشت الأمر فقط ولم توجه بصراحة أي كتب رسمية أو طلبات لوزارتي الثقافة والسياحة والخارجية، بشأن اتخاذ خطوات جدية بهذا الصدد”.

ويضيف الموسوي، أن “الاهتمام لم يكن بالمستوى المطلوب من الحكومات السابقة بهذه القضايا، بل كان جل الاهتمام ينصب على الموازنات والنفط وتحويل الأموال وكم نصدر وكم نسرق”.    

وتشهد بلدان مجاورة للعراق حركة سياحية كبيرة، على الرغم من ارتفاع أسعار البضائع والسفر عالميا، لكن هذا لم يمنع تدفق ملايين السائحين، حيث كان لتركيا الحصة الأكبر من عدد السائحين، إلى جانب السفرات السياحية إلى سوريا، والتي لم تقتصر فيها السياحة على زيارة مرقد السيدة زينب.

يشار إلى أن سمة الدخول (الفيزا) للعراق، تعد صعبة جدا للزائرين، على الرغم من إلغاء شرط الحصول عليها بشكل مسبق لمواطني دول أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وتحويلها إلى “فيزا مطار” منذ العام الماضي، بهدف تسهيل دخول المستثمرين والسائحين، وهو ما تم تفعيله بشكل بسيط جدا، حيث شهد البلد دخول مجاميع سياحية من دول أوروبا، وتجولوا في العاصمة بغداد والأهوار والمدن الأخرى.

وكان من المفترض أن تتحول محافظة ذي قار، إلى وجهة سياحية، وخاصة السياحة الدينية الخاصة بالمسيحيين، بعد زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس للعراق العام الماضي، لكن هذا لم يتحقق أيضا وبقيت مدينة أور الأثرية مقتصرة على زيارة عدد محدود من السائحين لم يرتق إلى مستوى كبير.

ومن المفترض أن تستضيف مدينة البصرة، بطولة خليجي 25، وسط توقعات بتنشيط السياحة فيها، إذا جاءت جماهير المنتخبات الخليجية لها طيلة مدة البطولة. 

إلى ذلك، يبين الخبير الاقتصادي ضياء المحسن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القطاعات الاقتصادية الحقيقية ليست القطاعات الاستخراجية أو قطاعات المعادن فقط، وإنما هي مجمل القطاعات التي تشكل المقوم الأساسي للناتج المحلي، والناتج المحلي من إيرادات هذه القطاعات جميعها هو الذي يمثل القيمة الحقيقية للاقتصاد، وليس القطاع النفطي، لأن القطاع النفطي أمام هذه القطاعات لا يشكل حتى 1 بالمئة، لأن عدد العاملين فيه لا يوازي عدد العاملين في القطاعات الأخرى”.

ويوضح المحسن، أن “الأهم في قطاع السياحة إمكانية تشغيل عدد كبير من العاملين من دون تدخل الدولة لتأمين أجورهم، حيث سيتم تشغيل سائقي السيارات والمطاعم والأدلاء السياحيين والفنادق، إضافة إلى القطاعات الشعبية، حيث أن كل محافظة تتميز بنوع من الصناعات الشعبية تختلف عن المحافظة الأخرى، وكل منها فيها معالم مختلفة، سواء أثرية أو دينية”.

ويستدرك أنه “إذا تم تفعيل هذا الجانب بصورة صحيحة سوف يزداد عدد السائحين، ما يؤدي إلى تنشيط القطاع السياحي، الذي يمثل إيرادا للمواطن أولا ومن ثم إيرادا للدولة، لكن هذا بحاجة إلى تسهيلات حكومية أو بالأحرى قرار حكومي”.

يشار إلى أن العراقيين، وبعد العام 2003، توجهوا إلى السفر خارج البلاد بعد الانفتاح على دول الجوار ورفع القيود عن جواز السفر، وعودة الطيران ليغطي أغلب بلدان العالم، لكن الكثير منهم يلجأون إلى السياحة الداخلية، وتحديدا في إقليم كردستان.

ويعد إقليم كردستان، من أهم المناطق السياحية في العراق، بسبب احتواء مدن الإقليم على طبيعة خلابة، منها الشلالات والجبال والمساحات الخضر الواسعة.

من جانبه، يؤكد حسين العامري، صاحب شركة سياحة وسفر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مسألة السياحة بيننا وبين البلدان العربية متوقفة بسبب عدم وجود تسهيلات بمنح تأشيرة الدخول (الفيزا)، لكن إذا فتح هذا الباب فبكل تأكيد نحن كشركات سياحة قادرون على تنظيم رحلات وبرامج سياحية من كل الدول للعراق أو بالعكس”.

ويتابع العامري، أن “قضية الانفتاح العربي وازدهار السياحة يتوقف على طبيعة الدولة، فإذا أراد العراق أن يستقطب مثلا المواطنين الكويتيين فيجب على الكويت أن تفتح الحدود أمام المواطن العراقي، وهنا سيذهب المواطن للبحث عن العمل وليس السياحة وهذه أزمة، بالتالي المطلوب هو توفير دول سياحية وفيها مناطق أثرية حتى تكون هناك حركة سياحية وليس هروبا من العراق”. 

يذكر أن العراق خلال المناسبات الدينية، يشهد توافد ملايين الزائرين سواء من إيران أو دول الخليج، لأداء مراسم الزيارات الدينية في النجف وكربلاء، وغالبا ما يتخذ العراق في هذه المناسبات قرارات بإلغاء سمة الدخول وإسقاط المبلغ المالي المترتب عليها والبالغ 40 دولارا، وهي قيمة سمة الدخول للعراق.

إقرأ أيضا