أربك الصيد في الأنهار.. قاتل أسماك العراق حر طليق

لم يعد مشهد تنوع الأسماك مألوفا في الأسواق العراقية، فأسماك الأحواض المعروفة بـ”الكارب” باتت الصنف…

لم يعد مشهد تنوع الأسماك مألوفا في الأسواق العراقية، فأسماك الأحواض المعروفة بـ”الكارب” باتت الصنف الوحيد المتاح تقريبا أمام المستهلكين، فضلا عن الأسماك المجمدة، أما “البني” و”الكطان” و”الشبوط” وغيرها فصارت عملة نادرة، والسبب كما يفيد متخصصون يعود إلى وجود فيروس قاتل للأسماك لم تكافحه الجهات الحكومية أدى إلى الإحجام عن الصيد بدرجة كبيرة.

ويقول رئيس الجمعية العراقية لمنتجي الأسماك إياد الطالبي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “السمك السائد في العراق حاليا هو الكارب، ويسمى في المدن الجنوبية بـالسمتي، والأسماك العراقية من الكطان والبني والشبوط انقرضت بنسبة 85 بالمائة بسبب جفاف الأهوار والبحيرات وأهمها بحيرة الثرثار، إضافة إلى الصيد الجائر الذي فتك بشكل كبير بالثروة السمكية العراقية”.

ويضيف الطالبي، أن “انحسار صيد الأسماك والاعتماد على الأحواض جاء نتيجة تفشي فيروس الهربس في الأنهار وعدم توفير أي لقاح يكافحه حتى اللحظة من قبل الجهات الحكومية المتخصصة وعلى رأسها وزارة الزراعة”، لافتا إلى أن “الجمعية مهتمة جدا بهذا الموضوع، وتسعى إلى التعاقد مع شركات أجنبية من أجل توفير لقاح خاص للأسماك ضد فيروس الهربس”.

ويوضح أن “تربية أسماك الأحواض ليست آمنة تماما في العراق، فقد لحقت كوارث بمربي الأسماك في الأعوام 2018 و2019 و2022 عندما حدث نفوق كبير في الأسماك ولم يتم دفع أي تعويض حكومي للمتضررين، ما أدى إلى انخفاض الإنتاج بنسبة تصل إلى 90 بالمائة، وبالتالي ارتفاع سعر طن السمك من 400 ألف دينار إلى مليون و400 ألف دينار”، متوقعا أن يصل سعر الكيلوغرام الواحد من السمك إلى 15 ألف دينار في الأيام المقبلة”.

وكان المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف، أعلن العام الماضي أن فيروس الهربس لم يصل إلى مرحلة الانتشار، وأن الوضع تحت السيطرة، مؤكدا أنه بحسب البحوث والتقارير الطبية لا توجد أية تداعيات أو تأثير لهذا الفيروس على صحة الإنسان في حال تناول الأسماك المصابة.

وكان مربو الأسماك بناحية السيبة جنوبي البصرة، سجلوا في شهر آب أغسطس 2021، نفوق كميات كبيرة من الأسماك في أكثر من 25 بحيرة بسبب ارتفاع اللسان الملحي، فيما أشاروا بحسب تصريحات صحفية إلى خسارتهم أكثر من 50 مليون دينار، موزعة بين شراء الأعلاف والإصبعيات.

وكشف متخصصون في حينها أن قراءة نسبة الملوحة بالأنهر المغذية للأحواض تجاوزت (18 ألف T.D.S)، وهي نسبة مميتة ومن المستحيل أن تتم الزراعة فيها، بحسب كلامهم.

ويعزو أحمد التميمي، أحد صيادي الأسماك في البصرة، من جانبه، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، سبب التراجع الكبير في عمليات صيد الأسماك والاعتماد بشكل شبه كلي على الأحواض، إلى “عدم وجود حلول لفيروس الهربس، الذي أصاب الثروة السمكية خلال السنوات الماضية”، مبينا أن “إنتاج العراق وصل إلى مليون طن من الأسماك قبل تفشي هذا الفيروس، لكنه تراجع بنسبة 80 بالمائة بسبب الفيروس”.

ويبين التميمي أن “فيروس الهربس أصاب كميات كبيرة من الأسماك في الأنهار، ولذلك توجه الكل نحو تربية أسماك الأحواض لتجنب نفوق الأسماك، على الرغم من أن الحكومة لم تعوض أي متضرر من نفوق الأسماك منذ 4 سنوات”.

ويشير إلى أن “مجلس النواب العراقي خصص مبالغ تعويض لمربي الأسماك الذي تعرضوا إلى خسائر كبيرة بسبب نفوق أسماكهم، ولكن لم يتم حتى الآن صرف أي مبلغ على الرغم من كل الدعوات والمناشدات، وهذا دفعنا إلى التوجه نحو الأحواض”.

وشهدت أسعار الأسماك (الكارب) في السوق العراقية ارتفاعا ملحوظا خلال الفترة الماضية، لأكثر من الضعف بسعر الكيلوغرام الواحد، ما أثر مباشرة على أسعارها في المطاعم التي ارتفعت إلى الضعف أيضا.

يذكر أنه منذ عام 2008، ازدهرت مهنة تربية الأسماك بعد شيوع سمك (الكارب)، عن طريق منظمة الإنماء الأميركية، في حين كان أغلبية العراقيين يعتمدون على أسماك “الشبوط” و”الكطان” و”البني”، فضلا عن عشرات الأنواع الأخرى النهرية والبحرية.  

في الأثناء، يلفت خبير التغذية عبد اللطيف الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “الأسماك النهرية والبحرية تتغذى أغذية طبيعية من ما هو موجود في الأنهار والبحار، بينما تتم تغذية أسماك الأحواض غذاء اصطناعيا من بروتينات وغير ذلك، وهو ما يجعل القيمة الغذائية مختلفة بشكل كلي بين النوعين”.

ويؤكد الموسوي أن “الأسماك المجمدة لا تحتوي على أي قيمة غذائية، كسائر الأغذية المجمدة، فالقيمة الغذائية الصحية الكاملة موجودة في الطعام الطازج”، موضحا أن “الأسماك التي يتم اصطيادها من الأنهار والبحار تكون طازجة وذات قيمة غذائية أعلى بكثير من تلك المجمدة أو المرباة في الأحواض”.

يشار إلى أن مدير قسم الأسماك بمديرية زراعة البصرة شاكر عبد الرزاق، كشف في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، عن نفوق بعض الأسماك النهرية الموجودة حديثا في الأنهر الفرعية في ناحية البحار والتي جاءت من الإطلاقات المائية السابقة المتواترة باتجاه أنهر الناحية، داعيا إلى إيجاد حلول ناجعة للحفاظ على الثروة السمكية النهرية والأراضي الزراعية.

إقرأ أيضا