هل يتحول العراق فعلا إلى أكبر منتج للكهرباء؟ 

قلل نواب ومتخصصون من أهمية حديث وزير المالية علي علاوي، عن تحول العراق لأكبر منتج…

قلل نواب ومتخصصون من أهمية حديث وزير المالية علي علاوي، عن تحول العراق لأكبر منتج للكهرباء، واصفين هذا الطرح بأنه “غير منطقي”، في ظل الأزمات التي يعاني منها البلد في قطاع الطاقة واعتماده على الغاز الإيراني بشكل شبه كلي، وفيما أكدت لجنة نيابية عزمها على استضافة وزير الكهرباء، يؤكد مسؤول في الوزارة أن من المشاكل التي تواجه الكهرباء هي التوزيع وحاجة البلد إلى مبالغ طائلة لإنشاء محطات تحويل جديدة.

وتقول عضو لجنة الكهرباء والطاقة النيابية سهيلة السلطاني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “حكومة مصطفى الكاظمي مطالبة بتوفير الطاقة الكهربائية للمواطنين بشكل جيد، أما الحديث عن تحويل العراق إلى واحد من أكبر المنتجين للطاقة الكهربائية فهو حديث غير منطقي، فكيف يكون هذا الأمر وهناك فشل وخلل في توفير الكهرباء للمدن العراقية“.

وكان وزير المالية علي علاوي، صرح يوم السبت الماضي، بأن العراق يخطط ليكون من أكبر المنتجين للطاقة الكهربائية، وذلك خلال مؤتمر دولي عقد في العاصمة بغداد

وتضيف السلطاني، أن “مشكلة الطاقة في العراق هي في الإنتاج والتوزيع، إضافة إلى هدر المال وشبهات الفساد في كثير من مشاريع الطاقة خلال السنوات الماضية، ونحن عازمون على فتح جميع تلك الملفات، فهناك مبالغ طائلة جدا هدرت في مجال الطاقة والعراقيون بلا كهرباء على الرغم من مرور سنوات على تلك المصروفات“.

وتلفت إلى أن “بإمكان العراق أن يكون من أكبر المنتجين للكهرباء، ولكن من خلال التخطيط الصحيح للمشاريع وعدم هدر الأموال المخصصة لها أو حصول شبهات فساد وصفقات فيها، وإعطاء مشاريع مهمة لشركات غير كفوءة بهذا المجال، وبخلاف ذلك سيبقى واقع الكهرباء مترديا في العراق وسيبقى المواطن يعاني من الانقطاع الطويل للكهرباء“.

وتنوه عضو لجنة الكهرباء والطاقة النيابية، إلى أنه “مع بدء الفصل التشريعي للبرلمان العراقي، سنعمل على استضافة وزير الكهرباء والكادر المتقدم في الوزارة، لمعرفة سبب تردي واقع الكهرباء في كافة المدن خلال فصل الصيف الحالي، خصوصا أن هذا الأمر سيؤدي إلى غضب شعبي كبير، وربما تندلع تظاهرات كبرى بسبب إخفاق الحكومة بتوفير الكهرباء للمواطنين مع الصيف اللاهب“.

وكان رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، انتقد في مطلع العام الحالي عدم تنويع الحكومات السابقة في مصادر استيراد الغاز واعتمدت مصدرا واحدا، ما أدى إلى تدهور في إنتاج الطاقة الكهربائية في حال نقص واردات الغاز أو توقفها، وذلك عقب توقف 4 خطوط إمداد إيرانية، ما أدى إلى انخفاض تجهيز الكهرباء بشكل كبير في العراق.

وأنفق العراق خلال الأعوام 2006- 2017 أكثر من 34 ترليون دينار أي نحو 29 مليار دولار، لتحسين وضع الكهرباء، لكن ما تحقق من طاقة إنتاجية هو نصف الطاقة التصميمية التي صرفت عليها هذه المبالغ، وذلك بحسب هيئة النزاهة العراقية.

وتضمنت موازنة 2021، بنودا عديدة حول صيانة محطات الطاقة الكهربائية، منها قروض بضمانات مؤسسة الصادرات الدولية بقيمة 145 مليون دينار، و100 مليون دولار وقيمته 125 مليون دولار، فضلا عن تمويل صيانة محطة الدورة في بغداد بمبلغ 301 مليون دولار.

إلى ذلك، يبين مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء رفض الكشف عن هويته، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق ينتج حاليا نحو 22 ألف ميغاواط، لكن هناك مشاكل كبيرة تواجه الوزارة في قضية التوزيع، وهذه المشاكل ليس لها حلول فهي تحتاج إلى تخصيصات مالية كبيرة من أجل إنشاء محطات جديدة للتوزيع في عموم المدن، إضافة إلى صيانة وتأهيل المحولات، التي تشهد أعطالا بشكل شبه يومي بكافة المدن والمناطق“.

ويتابع المسؤول، أن “الحديث عن تحول العراق لواحد من أكبر المنتجين للطاقة الكهربائية أمر صعب جدا وغير ممكن في الوقت الحالي، خصوصا وأنه يعتمد على الغاز الإيراني لتشغيل محطاته الإنتاجية، فأول خطوة بهذا الاتجاه هي اعتماد العراق على نفسه في إنتاج غاز تشغيل المحطات، خصوصا أن هذا المشروع شبه ميت في أروقة وزارتي الكهرباء والنفط“.

ويضيف، أن “لدى العراق من الأموال والإمكانيات والكوادر ما يكفي لأن يكون من أكبر المنتجين للطاقة الكهربائية في المنطقة، لكن هذا الأمر يحتاج إلى إرادة حقيقية وإبعاد هذا الملف عن أي تدخلات سياسية، فهذه التدخلات هي التي منعت أي تقدم في ملف الكهرباء طيلة السنوات الماضية، على الرغم من وجود الأموال الكافية والقدرات الكبيرة للكوادر الهندسية المتخصصة في مجال الإنتاج أو التوزيع“.

وتعاني أغلب المحطات الكهربائية في العراق من التقادم، ولجأ العراق إلى استيراد الطاقة الكهربائية من إيران، ويحصل بصورة دورية على استثناء من العقوبات الأميركية المفروضة عليها لاستمرار الاستيراد، ودفع في العام 2020، مبلغ 400 مليون دولار لإيران، وهو ما يمثل نصف مستحقاتها عن تصديرها الكهرباء له.

وكانت شركة الغاز الإيرانية، أعلنت منتصف الشهر الماضي، أن العراق وتركيا قدمتا طلبا من أجل تمديد وزيادة واردات الغاز من إيران، وأن المباحثات جارية لتمديد عقد تصدير الغاز إلى البلدين.

وأكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، أن الوزارة مضت بالعمل في خطط استراتيجية وطارئة على تدعيم جميع قطاعات الكهرباء من إنتاج ونقل وتوزيع، وما يشاع حول المحطات التحويلية بأنها قديمة فإن ذلك غير صحيح، حيث أن لدينا محطات جاهزة للعمل بشكل كامل ونعمل على تأهيل وتطوير القديمة بشكل يواكب التقدم

ويذهب الخبير في شؤون الطاقة حمزة الجواهري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “من غير الممكن أن يتحول العراق إلى واحد من أكبر المنتجين للكهرباء في المنطقة أو العالم مع وجود الدولة العميقة، التي تعمل وفق أجندات سياسية وخارجية لبقاء وضع الطاقة في العراق على ما هو عليه من دون أي تقدم“.

ويشير الجواهري، إلى أن “ملف الطاقة في العراق ترافقه شبهات فساد كبيرة وخطيرة، ما يعد سببا رئيسا لعدم حصول أي تقدم أو تطور في هذا الملف على الرغم من صرف مبالغ مالية ضخمة عليه طيلة السنين الماضية”، لافتا إلى “عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لإحداث أي تطور بهذا الملف المهم والحساس“.

ويتابع أن “هناك أطرافا تعمل على استمرار حاجة العراق للغاز الخارجي، من دون العمل على إنشاء مصاف ومحطات خاصة للغاز، على الرغم من أن هذا الأمر ليس مستحيلا، خصوصا مع وجود فرص استثمارية كثيرة وكبيرة عرضت على العراق بهذا الخصوص، لكن عمل الدولة العميقة هو الذي يفشل هكذا مشاريع يمكن أن تحول العراق بشكل فعلي إلى واحد من أكبر المنتجين للكهرباء في المنطقة أو العالم“.

يشار إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، قدرت أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن افتقار حقول النفط العراقية لمعدات جمع الغاز، يؤدي سنويا إلى حرق 18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب للنفط، وبحسب تقديرات دولية، فإن هذا الحرق يكلف العراق 2.5 مليار دولار سنويا، أو ما يعادل 1.55 مليار متر مكعب من الغاز يوميا، وهو ما يعادل 10 أضعاف ما يستورده العراق من إيران.

إقرأ أيضا