بيان الصدر.. “كسر عظم” أم منع لحرب “شيعية-شيعية”؟

جاء بيان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأخير، ليرمي الكرة بملعب الفصائل المسلحة ويحملها المسؤولة…

جاء بيان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأخير، ليرمي الكرة بملعب الفصائل المسلحة ويحملها المسؤولة أمام الشعب، وليؤكد أن العلاقة بينه وبين الفصائل وصلت الى “كسر العظم”، وفقا لمحلل سياسي، إلا أن مقربا من الإطار التنسيقي قرأ البيان على أنه يهدف لإفشال المخططات الساعية لتأجيج صراع “شيعي-شيعي”، فيما أفاد حلفاء الصدر السابقون بأنهم لم يحسموا أمرهم بعد بشأن التطورات السياسية، وذلك تعليقا على الجزء الذي خصهم من البيان.

ويقول المحلل السياسي علي البيدر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أراد ببيانه إضعاف نفوذ ودور الجماعات المسلحة في الشارع، ولفت الأنظار إليها وتحميلها مسؤولية كل ما حصل والضغط على بعض الأطراف السياسية، خاصة في ما يتعلق بقصف أربيل، علما أن تلك الأطراف تتهم الصدر دائما بأن لديه مشاريع ذات أبعاد خطيرة سواء مع الجانب السعودي أو غيرها”.

ويضيف البيدر، أن “هذا البيان لا يعد تحريضا بقدر إظهاره أن العلاقة بين الفصائل المسلحة والتيار الصدري وصلت إلى كسر العظم، وبذلك هو إشارة لتهيؤ واستعداد الشارع لأي رد فعل تتبناه الأطراف التي تعادي الصدر، أو حتى الاستعداد من قبل الشارع الصدري ضد أي رد فعل قد تقدم عليه تلك الأطراف”.

وكان الصدر أصدر يوم أمس الأربعاء، بيانا أكد فيه أن “إيران لم تمارس هذه المرة أي ضغوط على أي طرف شيعي، وما يشاع على أن سبب الانسحاب كان تهديدا إيرانيا هو كذب، ولا صحة له”، قائلا إن “هناك ما قد يسميه البعض (أذرع إيران) تمارس انتهاكات سياسية ضد القضاء العراقي، وتحاول تجييره لصالحها، وهناك ضغوطا تمارس أيضا على الكتل السياسية غير الشيعية وعلى النواب المستقلين قبل جلسة البرلمان المقرر عقدها الخميس”.

كما دعا الصدر في بيانه الكتل السياسية إلى “موقف شجاع من أجل الإصلاح وإنقاذ الوطن وعدم مسايرة الضغوطات الطائفية، فهي كفقاعة لسرعان ما تزول”.

ومن المفترض أن تعقد اليوم الخميس، جلسة استثنائية لمجلس النواب، لأجل مناقشة مسألة النواب البدلاء للكتلة الصدرية، الذين استقالوا سابقا بناء على توجيه من الصدر. 

ودخل الصدر في صراع كبير مع قوى الإطار التنسيقي التي تضم في صفوفها حركات سياسية تمثل الفصائل المسلحة، وذلك منذ إعلان نتائج الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر 2021، حيث أصر في حينها على تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، بمقابل إصرار الإطار التنسيقي على حكومة “توافقية”.

وقد شكل الصدر مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، تحالف إنقاذ وطن أو التحالف الثلاثي، وكان من المفترض أن يمضي نحو انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، لكن الإطار التنسيقي شكل بالمقابل ما سماه “الثلث الضامن” المكون من 120 نائبا، عطل فيه جلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي تحتاج إلى حضور ثلثي أعضاء البرلمان ليتحقق نصابها.

إلى ذلك، يعد المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي، كاظم الحاج، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بيان الصدر “أمرا مهما يفشل كثيرا من التوجهات التي تسعى لها بعض الأطراف لتأجيج الوضع الشيعي-الشيعي والشيعي-الإيراني كذلك”، لافتا إلى أن “ما سماها الصدر أذرع إيران ليست الفصائل ومن يمثلها سياسيا، فالمعروف للجميع أن الفصائل ترفض تدخل إيران إلا من الناحية المشروعة أو ذريعة إيجابية للتدخل”.

ويتابع الحاج أن “بيان الصدر كان واضحا بخصوص اعتزال الكتلة الصدرية بشكل لا رجعة فيه، وأعطى الضوء الأخضر للكتل السياسية للمضي نحو إكمال تشكيل الحكومة والذهاب باتجاه الاستحقاقات الدستورية”.

وينوه الحاج إلى أن “هذا البيان لا ينطوي على هجوم مبطن على الإطار التنسيقي، وإنما فيه تبرئة لإيران من التدخل في الساحة العراقية”، مشيرا إلى “وجود تدخلات سواء من تركيا أو الإمارات تتطلب مراجعة ضرورية”.

ويتكون الإطار التنسيقي من أغلب الكتل الشيعية باستثناء التيار الصدري، وقد حصل ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي على أعلى عدد من المقاعد فيه بواقع 34 مقعدا، تلاه تحالف الفتح الذي يضم أغلب القوى السياسية التي لها ارتباط بالحشد الشعبي بـ16 مقعدا، إلى جانب قوى أخرى حصلت على عدد أقل من المقاعد.   

الحلفاء

من جانبها، تؤكد النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني أشواق الجاف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحزب لم يصدر حتى الآن قرارا بالمشاركة أو عدم المشاركة في جلسة اليوم، ولكن حسب توقعاتنا لن يكون هناك أداء يمين دستورية وإنما مناقشة القصف التركي فقط”.

وتضيف الجاف أنه “من الناحية القانونية يمكن تأدية القسم حتى إذا كانت جلسة طارئة لأن أداء القسم، وبحسب التفسير القانوني، ليس موضوع مناقشة ويمكن أن يتم في أي جلسة”، مبينة أن “أسبابا سياسية ستمنع تأدية القسم”.

وتوضح الجاف أن “مشاركة الحزب الديمقراطي متوقفة على تطبيق الدستور من قبل الجهة الساعية إلى تشكيل الحكومة، وتحقيق الشراكة والتوازن والتوافق، وليس أن ندخل كمكملين للعدد، فهذا لا يجوز”.

وكان وفد الحزب الديمقراطي الكردستاني، التقى أمس الأول، قادة الإطار التنسيقي في بغداد، وناقش معهم انسحاب الصدر من العملية السياسية وتقديم نواب كتلته استقالتهم.

جدير بالذكر، أن قياديا في الحزب الديمقراطي الكردستاني كشف لـ”العالم الجديد” يوم أمس، عن عدم مشاركة نواب الديمقراطي والسيادة في جلسة اليوم، من أجل تأجيل أداء النواب البدلاء للكتلة الصدرية اليمين الدستورية إلى حين بدء الفصل التشريعي الجديد، كموقف سياسي ودعم معنوي للشراكة مع الصدر من قبل أطراف تحالف إنقاذ وطن، الذين ما زالوا مصرين على التحالف مع الصدريين في المرحلة المقبلة. 

إلى ذلك، يبين النائب المستقل محمد الزيادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “جلسة اليوم ستكون من شقين، الأول هو مناقشة الاعتداء التركي على شمال العراق وطلب حضور رئيس الوزراء لشرح موقف الحكومة من التصرف الغاشم لتركيا، والشق الثاني هو اليمين الدستورية للبدلاء”.

ويشير الزيادي إلى أنه “سيكون هناك حضور، والنصاب سيكتمل ويتم تمرير حتى البدلاء”، لافتا إلى “عدم وجود موقف سلبي بعدم الحضور حتى اللحظة، ونحن كمستقلين أيضا سنحضر الجلسة”.

وبحسب المعطيات غير الرسمية، فإن الحصة الأكبر من النواب البدلاء ستذهب لقوى الإطار التنسيقي بالإضافة إلى المستقلين، في ظل انتظار إصدار مفوضية الانتخابات بيانا حول النواب البدلاء، والتي كانت قد أكدت في يوم استقالاتهم أنها تنتظر كتابا رسميا من البرلمان، لتزويده بأسمائهم.

إقرأ أيضا