قمة السعودية وتهديدات الإطار.. هل يختار الكاظمي الاستراتيجية الأمريكية؟

جاء الرفض العلني لقوى في الإطار التنسيقي لمشاركة العراق في القمة العربية- الأمريكية في السعية،…

جاء الرفض العلني لقوى في الإطار التنسيقي لمشاركة العراق بالقمة العربية– الأمريكية في السعودية، لتضع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بموقف دبلوماسي “حرج”، ففيما هددت تلك القوى بتفعيل ملف الصلاحيات الناقصة لحكومة تصريف الأعمال وإجهاض خططها، نظرا للملفات السياسية التي ستطرح في القمة ضد إيران، يرى خبراء بالسياسة والاقتصاد ضرورة مشاركة العراق في القمة، كونها سترسم مستقبل المنطقة وتناقش ملفات هامة تخص “المصلحة العليا” للبلاد.

ويقول النائب عن الإطار التنسيقي محمد الصيهود، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الإطار يؤيد انفتاح العراق على كل دول العالم وإقامة علاقات طيبة وجيدة مع الجميع على مختلف الأصعدة الاقتصادية والأمنية، لكن هذه العلاقات يجب أن لا تكون منحازة لطرف على حساب أي طرف دولي آخر، فالعراق يجب أن يبقى بعيدا عن سياسة المحاور“.

ويضيف الصيهود، أن “هناك أهدافا سياسية وراء مؤتمر السعودية غير الأهداف الاقتصادية المعلنة، فهناك مساع لسحب العراق نحو التطبيع، لكن ربما بعناوين مختلفة، ولذا فإن هناك مخاوف من ذهاب العراق نحو هذه المشاريع الخطيرة على الأمن القومي العراقي بالدرجة الأساس“.

يذكر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، سيبدأ جولة في الشرق الأوسط الشهر المقبل، للفترة بين 13-16 تموز يوليو، تشمل قمة تجمعه بقادة دول مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى الأردن ومصر والعراق في جدة، بعد زيارته إسرائيل.

ويشدد الصيهود على أن “ليس من مصلحة العراق الوقوف مع محور دولي ضد آخر، كما تريد ذلك الولايات المتحدة وحلفاؤها من دول الخليج، ولهذا نحن سوف نراقب ما سيتم الاتفاق عليه من قبل رئيس الوزراء خلال مشاركته بالقمة السعودية المرتقبة، وسيكون لنا موقف منها من خلال مجلس النواب“.

ويضيف أن “حكومة الكاظمي هي حكومة تصريف أعمال يومية، ولذا فلا يحق لها إبرام أية عقود وصفقات دولية، وإن أية اتفاقية يتم عقدها خلال الزيارة سيتم الطعن بها أمام المحكمة الاتحادية، لأنها حكومة ناقصة الصلاحيات، وفق تفسير وقرار المحكمة الاتحادية مؤخرا“.

ووفقا لتقرير نشرته “العالم الحديد” سابقا، فإن القمة المرتقبة لبايدن مع عدد من الزعماء العرب بينهم الكاظمي، تتضمن التخطيط لحلف أمني عربي قد تشارك فيه إسرائيل بطريقة غير مباشرة، ويقوم على إنشاء منظومة إنذار لصد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة الإيرانية.

ومنذ أيام توجهت قوى الإطار التنسيقي إلى شن حملة لمنع الكاظمي من المشاركة في القمة، وقد ناقشت هذه القوى الأمر مع الكاظمي خلال اجتماعها معه في 16 حزيران يونيو الحالي.

يشار إلى أن الإعلان الرسمي الأمريكي، أكد أن بايدن سيبحث مجموعة من القضايا الإقليمية في القمة، ومن بينها الهدنة في اليمن وتوسيع التعاون الاقتصادي والأمني، بما في ذلك مبادرات البنية التحتية الواعدة وحماية حقوق الإنسان إضافة إلى أمن الطاقة العالمي، وسيؤكد التزام الولايات المتحدة بأمن الشركاء والدفاع عنهم في وجه التهديدات القادمة من إيران أو غيرها.

الطاقة

من جهته، يرى الخبير النفطي حمزة الجواهري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مشاركة العراق في مؤتمر الطاقة المقرر إقامته في السعودية خلال الأسابيع المقبلة مهمة جدا من الناحية الاقتصادية، بعيدا عن القضايا السياسية التي يمكن طرحها خلال المؤتمر، لكن الجانب الاقتصادي والاستثماري في مجال الطاقة هو المهم للعراق في هذا المؤتمر، وهذا ما يجب العمل عليه، خصوصا وأن العراق يحتاج إلى فرص استثمارية كبيرة وكثيرة في مجال الطاقة

ويبين الجواهري، أن “جميع مؤتمرات وقمم الطاقة في العالم تصب في صالح العراق، لأنه قوة مهمة في مجال النفط في العالم، لذا فإن مشاركته في أي مؤتمر مهم جدا، خصوصا وأنه عضو مهم وأساسي في منظمة أوبك“.

ويؤكد أن “العراق لا يستطيع الخروج عن التعليمات والقرارات الصادرة عن منظمة أوبك، تحت أي عنوان، دوليا كان أم إقليميا، فالعراق ملتزم بشكل كامل بكل ما يصدر عن المنظمة ولا يخالف ذلك إطلاقا، وهذا الأمر من مصلحته“.

يذكر أن العراق يتجه لتطوير قطاع الطاقة، واتخذ خطوات إيجابية، منها إعلان شركة غاز البصرة الأسبوع الماضي عن تصدير شحنتها الأولى من الغاز شبه المبرد عبر مرفأ أم قصر، ووصفت الأمر بأنه “لحظة تاريخية وإنجاز عظيم لها وللعراق”، مؤكدة أن هذه الخطوة تمنح فرصة مضاعفة صادرات العراق عالميا إلى ثلاث مرات عبر الناقلات، كما أنها ستضاعف الكمية المصدرة في الشحنة الواحدة.

وتأتي هذه الخطوة، في ظل البحث الدؤوب لدول أوروبا عن مصادر بديلة للغاز الروسي، في وقت بدأت فيه موسكو بالفعل ما يسمى “حرب الغاز” ضد القارة العجوز، وأعلنت تقليص إمدادات الغاز لألمانيا بنسبة 40 بالمئة، لتضخ 100 مليون متر مكعب يوميا بدلا من 160 مليون متر مكعب عبر خط أنابيب نورد ستريم.

يشار إلى أن مذكرة تفاهم تم توقيعها الأسبوع الماضي، بشأن التعاون في مجال “تجارة ونقل وتصدير الغاز بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي”، تحت مظلة منتدى غاز شرق المتوسط.

خطوة استراتيجية

إلى ذلك، يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قمة الرياض تمثل استدارة من قبل الولايات المتحدة باتجاه الشرق الأوسط وترميم علاقتها مع حلفائها في المنطقة، وتحديدا المملكة العربية السعودية، لاسيما وأن العلاقة بين واشنطن والرياض قد شهدت فتورا في بداية عهد جو بادين، لكن يبدو أن هناك اضطرارا أمريكيا لقضية عودة العلاقات“.

ويوضح الشمري، أن “القمة السعودية هي نقطة شروع الاستراتيجية الأمريكية تجاه المنطقة بشكل كامل، فهي إعادة تموضع أمريكي في عموم المنطقة، كما أن الدول التي سوف تشترك في هذه القمة هي دول مهمة ومؤثرة في العالم والمنطقة، ولذا فمن مصلحة العراق أن يكون حاضرا، خصوصا وأنه خلال الفترة الأخيرة أصبح فاعلا على مستوى الدبلوماسية والتوازن في العالم والمنطقة”.

ويعتبر أن “الأصوات الرافضة لمشاركة العراق بالقمة السعودية ليست جدية، فهذه الأصوات تريد أن تضع العراق ضمن المحور الإيراني، وأيضا هي لديها تراكم من الخلافات مع المملكة العربية السعودية، لكن على الدولة العراقية أن تكون فاعلة ولا تلتفت لهذه الأصوات، فلا يمكن جعل الدبلوماسية العراقية رهينة بالآراء السياسية“.

ويتابع الشمري أن “مصلحة العراق تكمن في أن يمد علاقات مع كل الدول، كما أن من مصلحة العراق دعم التوجهات والتحركات الأخيرة للمملكة العربية السعودية، خصوصا وأنها أصبحت الآن دولة ارتكاز سياسي واقتصادي ومالي في المنطقة، ولذا ليس من مصلحة العراق الابتعاد عن هذه التحركات والتوجهات”، لافتا إلى أن “القمة المرتقبة سوف ترسم الاستراتيجية المستقبلية لعموم المنطقة“.

يشار إلى أن العراق، استضاف جولات سرية للحوار السعودي الإيراني على أرضه، منذ انطلاق أولاها في 9 نيسان أبريل 2021، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الاعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران، ضمن إطار مفاوضات إيرانية مع الإمارات، وذلك بحسب ما نقل مصدر عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد يوم 26 نيسان أبريل الماضي.

ويشهد العراق وضعا سياسيا مربكا، حيث لم تتفق القوى السياسية لغاية الآن على شكل الحكومة الجديدة، ما خلق صراعا أدى إلى انسحاب الكتلة الصدرية المرتبطة بالتيار الصدري الذي يتزعمه مقتدى الصدر، فيما تستمر الحكومة الحالية، وهي حكومة تصريف أعمال، بتمشية الأمور اليومية للدولة.

ووفقا للمحكمة الاتحادية، فإن هذه الحكومة لا يحق لها إبرام أي اتفاقيات دولية تمس مصلحة البلد وترهن مصيره، إضافة إلى شروط أخرى حدت من صلاحياتها بشكل كبير.

أقرأ أيضا