الناتو والعراق.. تدريب أم توسع؟

يتجدد الحديث عن دور حلف شمال الأطلسي “الناتو” في العراق، بعد توقيع رئاسة أركان الجيش…

يتجدد الحديث عن دور حلف شمال الأطلسي “الناتو” في العراق، بعد توقيع رئاسة أركان الجيش العراقي مذكرة مع الحلف في مجال التدريب، حيث أكد خبراء بالشأن الأمني أن المذكرة لن تؤدي إلى رفع عدد قوات الناتو في العراق أو المجيء بقوات قتالية، فيما شددوا على ضرورة أن يتم الاتجاه لتزويد القوات الأمنية بالتقنيات الحديثة وتطوير القدرة الصناعية، بعد أن أشاروا إلى أن القوات العراقية اكتسبت خبرة كبيرة في القتال خلال المعارك مع داعش

ويقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “رئيس أركان الجيش يمتلك خبرة واسعة جدا في قضية الحوارات التي تتعلق بالشق الأمني والتشريعي والتجهيزي، أما من جهة أخرى فإن حلف الناتو لن يكون له تواجد عسكري في العراق، بمعنى أنه لن تكون هناك وحدات قتالية أو وحدات قتال سرية على الأرض“.

وكان رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول الركن عبد الأمير رشيد يار الله، وقع أمس الاثنين، مع الفريق جيوفاني م. إيانوتشي، من بعثة الناتو في العراق مذكرة رعاية لإدراج العراق في نظام تدوين الناتو، الذي يسمح برفع قدرات قواته في مجال التدريب.

ويضيف أبورغيف أن “دور قوات الناتو سيكون عمليات تطوير وتسليح وتجهيز ورفع مستوى القتال للقوات العراقية، من خلال التقنيات والمعلومات والحداثة التي قد يجهز بها حلف الناتو الجانب العراقي”، مبينا أن “الجيش العراقي بات مكتفيا من عملية تصدير البعض من مراتبه ومنتسبيه وجنوده إلى خارج العراق لغرض التدريب، فهو الآن مرتبط بالصدارة ولاسيما بحرب المدن أو حرب المباني المشيدة أو حرب القدرات القتالية، ونتيجة القتال المتواصل للصنوف العراقية الأمنية مع داعش والقاعدة من قبلها، اكتسب هذه القوات الخبرة وباتت لا تحتاج إلى أي دورات خارجية“.

ويؤكد أن “القوات العراقية قد تحتاج إلى رفع مستوى القتال من خلال عمليات استيراد التقنيات وتوفير القدرة الصناعية والتقنية للأجهزة القتالية والمعدات“.    

يشار إلى أن حلف شمال الأطلسي، أعلن في شباط فبراير من العام الماضي، عن زيادة تعداد أفراد بعثته في العراق بثمانية أضعاف، إذ قال أمينه العام ينس ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي عقده في ختام اجتماع وزراء دفاع الناتو في بروكسل آنذاك إن “القرار يقضي بزيادة عدد أفراد بعثة حلف شمال الأطلسي في العراق من 500 حتى 4 آلاف شخص“.

وبعد أيام من ذلك الإعلان، نشر مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي تغريدة في حسابه الشخصي بموقع تويتر، قال فيها إن حلف الناتو يعمل مع العراق وبموافقة الحكومة العراقية والتنسيق معها، ومهمته استشارية تدريبية وليست قتالية.. نتعاون مع دول العالم، ونستفيد من خبراتها في المشورة والتدريب، لتعزيز الأمن والاستقرار ولا اتفاق بخصوص أعداد المدربين“.

وكان وزير الخارجية الدنماركي جيبي كوفود زار العاصمة بغداد، منتصف العام الماضي وأجرى لقاءات مع الرئاسات الثلاث، وأكد في لقائه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي على أن بلاده تشعر بالفخر لتسلم قيادة بعثة الناتو في العراق، وتتطلع إلى لعب دور لاستثمار ذلك لتعزيز آليات دعم القوات الأمنية العراقية في مجالات التدريب والمشورة وبناء القدرات المؤسساتية.

وأثار النفي الحكومي العراقي لقرار الناتو في حينها، الكثير من التساؤلات، حول إمكانية أن يقدم حلف شمال الأطلسي على إعلان كهذا في ظل عدم موافقة بغداد، وهو ما أشار إليه المحلل السياسي أحمد الشريفي في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، بالقول إن حلف الناتو هو أقوى تحالف عالمي حيث يجمع 30 دولة ومن غير المعقول أن يفرض نفسه بهذه الكيفية.

إلى ذلك، يبين الخبير الأمني عماد علو خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاتفاقية بين رئيس أركان الجيش مع حلف الناتو، تبحث تدريب وتنظيم ما يتعلق بالجانب اللوجستي للقوات العراقية، أي الشؤون الإدارية والمهام التدريبية التي تتعلق بهذا الجانب“.

ويؤكد أن “هذه الاتفاقية لا تعني دخول قوات إضافية من الناتو، فاليوم حلف الناتو والولايات المتحدة الأميركية منشغلون بجبهة الحرب الأوكرانية الروسية”، مضيفا “لا أعتقد أن هناك جهات تحدثت عن القوات أو تبديلها بالنسبة للناتو، فهذه مسألة تم تجاوزها والقوات العراقية البرية على الأرض كافية لمواجهة التحديات الأمنية“.

ويستدرك أن “القوات العراقية ليست قليلة من ناحية العدد، بالتالي تحتاج مستشارين ومدربين بمختلف المستويات، حيث يوجد لدينا منظومة تدريب للضباط ومنظومة تدريب للجنود والمراتب، كما توجد اختصاصات القوة الجوية والبحرية والدفاع الجوي والقوات الخاصة والمدفعية والدرع، وجميع هذه الاختصاصات تتطلب مدربين وتتطلب بنية تحتية لغرض التدريب“.

يشار إلى أن الصحفي المعتمد لدى الناتو حسين الوائلي كشف لـ”العالم الجديد” سابقا، عن المبررات التي دفعت الحلف إلى التوجه نحو العراق، ولخصها بـ3 مرتكزات، الأولى داخلية، باعتبار أن أي خلل في الوضع العراقي الداخلي سيؤثر على الوضع الأمني الأوروبي، والثانية وجود توغل إقليمي في الداخل العراقي، يقوض المصالح الغربية والأوروبية، والثالثة دولية وتتعلق بالوجود الروسي في سوريا، فالناتو ند حقيقي لروسيا، وأينما تواجد الروس تواجد الناتو.

إقرأ أيضا