انسحاب شركات النفط الأمريكية من كردستان.. استجابة لبغداد أم تجنب للخسارة؟

قلل الحزب الديمقراطي الكردستاني من أهمية انسحاب شركتين نفطيتين من إقليم كردستان، وفيما نفى أن…

قلل الحزب الديمقراطي الكردستاني من أهمية انسحاب شركتين نفطيتين أمريكيتين من إقليم كردستان، وفيما نفى أن يكون انسحابها امتثالا لقرار المحكمة الاتحادية، أشار خبير اقتصادي من أربيل إلى أن الشركات استخدمت القرار كذريعة للبحث عن موقع عمل آخر بعد أن حققت أرباحا كبيرة داخل الإقليم

ويقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مغادرة شركتين نفطيتين لإقليم كردستان لا يؤثر على عمليات إنتاج وتصدير النفط، كما أنه لا يؤثر على عمل باقي الشركات“. 

ويضيف عبد الكريم، أن “هناك خطوات من قبل حكومة كردستان لمعالجة هذا الأمر وحماية الشركات وأفرادها العاملين في الإقليم”، مبينا أن “قرار الانسحاب لم يكن بتوجيه من الحكومة الاتحادية، كما لا علاقة له أساسا بقرار المحكمة الاتحادية، بل كان قرارا ذاتيا اتخذته الشركتان“.  

وكانت شركة شلمبرغر الأمريكية لخدمات حقول النفط، أعلنت أمس الإثنين، انسحابها من إقليم كردستان، ووفقا لوثيقة أرسلتها إلى وزارة النفط الاتحادية فإنها أكدت التزامها بقرار المحكمة الاتحادية المرقم 59 والمتضمن عدم التعامل مع إقليم كردستان في ما يخص الملف النفطي.

وجاء انسحاب هذه الشركة، بعد يوم واحد من انسحاب شركة بيكر هيوز الأميركية، العملاق العالمي في مجال خدمات حقول النفط، وبحسب الإعلان الرسمي فإن انسحابها جاء امتثالا لقرار المحكمة الاتحادية

وكانت المحكمة الاتحادية، أصدرت منتصف شباط فبراير الماضي، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، بل يجب أن يكون التصدير عن طريق بغداد، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية.

ومن ضمن قرارات المحكمة الاتحادية، هو استقطاع مبالغ تصدير النفط من نسبته بالموازنة في حال عدم التزام إقليم كردستان بتطبيق القرار.

وكانت الرئاسات الأربع في كردستان، المتمثلة برئاسة الإقليم والبرلمان والحكومة والقضاء، أعلنت في آذار مارس الماضي، في بيان مشترك، أن قرار المحكمة الاتحادية العليا غير مقبول، وأن إقليم كردستان سيواصل ممارسة حقوقه الدستورية ولن يتخلى بأي شكل عنها، كما سيسلك كل السبل القانونية والدستورية لحمايتها، وعدت القرار مخالفا لنص وروح ومبادئ النظام الاتحادي الحقيقية، وانتهاكا صريحا ومعلنا للحقوق والصلاحيات الدستورية لإقليم كردستان.

وكانت “العالم الجديد” قد سلطت الضوء على قرار المحكمة الاتحادية في تقرير سابق، وبحسب متخصصين، فإن سيطرة الحكومة الاتحادية على تصدير نفط الإقليم سيرفد العراق بمنفذ جديد ويعظم إيراداته بدلا من ذهاب الأموال لصالح حكومة إقليم كردستان العاجزة عن تأمين الرواتب، وبالمقابل فإن بغداد ستكون قادرة على توفير حصة الإقليم من الموازنة بما فيها رواتب موظفيه.

إلى ذلك، يرى الخبير النفطي محمد هورامي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الشركات النفطية تعمل من أجل مصالحها، وأين ما تجد أرباحا أكثر فستذهب نحوها، إذ أن هناك شركات انسحبت سابقا من العراق وإقليم كردستان قبل قرار المحكمة الاتحادية العليا، لأن الأمر مرتبط بالمصالح“.

ويردف هورامي، أن “هذه الشركات هي خدمية في حقول النفط الخام، وانسحابها لا يؤثر على الإنتاج النفطي”، مستدركا أن “الشركات التي انسحبت مؤخرا من إقليم كردستان استفادت من قرار المحكمة الاتحادية واستخدمته ذريعة للانسحاب، فبعد أن استثمرت وحققت أرباحا كبيرة من الإقليم، خرجت وستبحث عن مواقع أخرى تعمل فيها“.

ويلفت إلى أن “هناك سوابق حول هذا الأمر، فبعض الشركات انسحبت سابقا من البصرة واتجهت للعمل في كردستان، وبالنهاية فهي شركات ربحية تبحث عن الأرباح“.

يذكر أن رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، أكد في وقت سابق، أن قرار المحكمة الاتحادية “أثار انزعاجا كبيرا” في الإقليم، وأن القرار قائم على قانون يعود إلى عهد النظام السابق، أغفل مبادئ الفدرالية والحقوق الدستورية لإقليم كردستان، ولا ينسجم مع روح الدستور والنظام الاتحادي، ولا يمكن أن يكون قابلا للتنفيذ على أرض الواقع.

وما تزال العديد من الشركات النفطية تعمل في إقليم كردستان، من أبرزها شيفرون وأكسون موبيل، فضلا عن استمرار تصدير الإقليم للنفط عبر تركيا، إلى جانب عمل شركة دانة غاز في حقول الغاز بمحافظة السليمانية، والتي تعرضت مؤخرا إلى سلسلة استهدافات صاروخية.

يشار إلى أن رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، كان قد رفع دعوى في المحكمة الدولية ضد تركيا، تطالبها بدفع تعويض مالي قدره 26 مليار دولار، بسبب شرائها النفط من إقليم كردستان من دون إذن من الحكومة الاتحادية، ووصلت الدعوى لمراحلها الأخيرة، لكن بعد تولي عادل عبد المهدي رئاسة الحكومة وبتدخل من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، تم تأجيل الدعوى لمدة 5 سنوات بناء على طلب الحكومة العراقية.

وكانت “العالم الجديد” قد نقلت عن محللين وخبراء في شؤون الطاقة يوم أمس، ربطهم بين الهجمات المتكررة على حقول الغاز  المستثمرة في إقليم كردستان بأجندات خارجية تهدف لمنع العراق من بلوغه مرحلة الاعتماد على نفسه في توفير الغاز، محذرين في الوقت ذاته من تأثر الشركات الأجنبية بتلك الهجمات.

أقرأ أيضا