“العالم الجديد” تستمر.. إحصاءات وشهادات بارزة حول مشوار 9 أعوام

تطفئ صحيفة “العالم الجديد” شمعتها التاسعة، قاطعة سنوات مليئة بالإنجاز والجوائز والصعوبات والتحديات الجمة، فقدت خلالها…

تطفئ صحيفة “العالم الجديد” شمعتها التاسعة، قاطعة سنوات مليئة بالإنجاز والجوائز والصعوبات والتحديات الجمة، فقدت خلالها إثنين من ألمع عناصر فريقها المؤمن بالعمل المستقل، لتثبت أن للصحافة المستقلة دورا وحيزا تشغله كركيزة أساسية للبناء الديمقراطي الذي تنشده كل قطعات المجتمع، على الرغم من تكالب الجهات السياسية على امتلاك ناصية الإعلام وتوجيه الرأي العام والحد من حرية المعلومة والتعبير، بشهادة متخصصين في الإعلام والسياسة.

وفي الذكرى السنوية لتأسيسها، استطلعت “العالم الجديد” آراء شخصيات بارزة ومستقلة، حيث يقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن “صحيفة العالم الجديد من دون مجاملة، أعتبرها مدرسة جديدة في الصحافة العراقية، اجترحت أسلوبا يوازن بين الصحافة الكلاسيكية والحديثة جدا، وطبيعة تعاطيها مع الأحداث السياسية والأمنية والعربية والدولية تمثل انتقالة نوعية في التعامل الصحفي مع التطورات الإقليمية والدولية”.  

ويضيف الشمري، أن “الصحيفة واجهت تحديا كبيرا عند تأسيسها، لكن تجاوزته لتثبت أنها تقدم صحافة مختلفة تنقل الحقيقة وغير خاضعة للأحزاب السياسية، ومن أهم ما يميزها أنها حرة وناقدة تتمتع بإمكانية طرح المواضيع المتنوعة، وحققت نجاحا ونسبة قراء ومساحة انتشار كبيرة جدا”، لافتا إلى أنها “على مستوى الصحافة الاستقصائية قد حصدت الكثير من الجوائز وهذا من مؤشرات للنجاح”. 

ويشير إلى أن “العالم الجديد تعاملت مع محررين ومراسلين كانوا دؤوبين في الوصول للمعلومة واعتمادهم على أسماء رصينة كمصدر للتحليل، كما أن النخبة اليوم تتعامل مع الصحيفة بمهنية، حتى أن أحد أسرار نجاحها أيضا هو وصولها لمعلومات صحيحة ودقيقة لا يعرفها حتى السياسيون”.    

ومن ضمن الإشادات الكبيرة بالصحيفة، ما أدلى به عميد كلية الإعلام السابق الباحث والأكاديمي المخضرم هاشم حسن: “نستطيع أن نقول أن صحيفة العالم الجديد هي واحدة من بين الصحف التي كسبت ثقة الجمهور، وحاولت وما زالت أن تكون مستقلة، كما تحاول أن تأتي بالمهنة الصحفية التي تتطلب جهدا غاب عن بعض الصحف، بالإضافة إلى التحقيقات الاستقصائية التي تنشرها والمقالات الحرة”.

ويؤكد حسن “سعت هذه الصحيفة بهذا الاتجاه وحاولت أن تتأقلم مع التحولات الإلكترونية لتثبت وجودها في الساحة”، مضيفا “أقول ذلك أمام موجة من الصحف الصفراء وصحف الإثارة التي أصبحت مركبا، بل سفينة للمرتزقة الذين يأتون بها بأموال وإعلانات ويمارسون عمليات ابتزازا من خلالها، لكن وجود صحف وتعزيزها مثل صحيفة العالم الجديد سيقطع الطرق أمام تلك الصحافة الصفراء”.

فيما يؤكد الصحفي الاستقصائي أسعد الزلزلي، الذي حصد أكثر من جائزة دولية بناء على تحقيقات نشرت له في “العالم الجديد”، أن “الصحيفة متعتنا بروح الصحافة الاستقصائية، وهي تمثل بالنسبة لي شيئا مختلفا، فهي الصحيفة الوحيدة المستقلة الموجودة على الساحة، وقد نشرت فيها تحقيقات استقصائية حققت جوائز عالمية، إذ وجدت فيها منفذا استقصائيا مهما وكلمة ومنبرا للحقيقة والمهنية والرأي المهني”. 

ويتابع “شمعة العالم الجديد التي تضيء مجددا وتستمر بالإضاءة، هي شمعة مميزة ولافتة وسط العتمة التي نعيشها اليوم، ووسط وسائل الإعلام المتحزبة التي تتجه لميولات عنصرية وطائفية، نجد العالم الجديد حافظت على مهنيتها وخطها المميز المستقل، الذي يريد أن يؤسس لصحافة بعيدة عن كل مغريات التحزب والطائفية”.

ويقدم الزلزلي أمنياته لكادر الصحيفة بالتألق، مؤكدا أن “أجمل ما في العالم الجديد أنها تسير بروح شبابية وتألق وإبداع مستمر، وتجدد في حصد الجوائز، إذ حصد قبل أيام أحد الزملاء جائزة سمير قصير عن تحقيق نشر فيها، وأنا فزت معها بجوائز عدة، وبالتالي فهي الصحيفة الإلكترونية الوحيدة التي تحصد الجوائز وتقدم الكلمة الحقيقية والمهنية بشفافية للقارئ النهم، وباتت تمثل نخبة النخبة، ونحن نعتمد عليها في مصادرنا على الرغم من ضعف تمويلها وعدم الاعتماد على تمويل جهات معينة”، مضيفا “دمتم عائلة مهمة تجمع الصحفيين العراقيين”. 

وخلال مسيرة “العالم الجديد” التي انطلقت في مثل هذا اليوم 30 حزيران يونيو من العام 2013، تمكنت الصحيفة من تقديم آلاف التحقيقات والتقارير والأخبار والقصص والفيديوهات والصور الحصرية، بجهود كادرها المؤمن باستقلال العمل الصحفي، بهدف نقل الحقيقة وسط انتشار المال السياسي وشيوع وسائل الإعلام الحزبية، واتساع ظاهرة الجيوش الإلكترونية المضللة، لتنجح في ترسيخ اسمها محليا وعربيا ودوليا من خلال تحولها إلى مصدر لوكالات وصحف دولية، فضلا عن تمثيلها العراق في محافل عربية ودولية مهمة.

دماء وتضحيات

في ذروة نجاحها، ومع قطف كادرها لثمار جهودها المضنية في تغطية أحداث انتفاضة تشرين (تشرين الأول أكتوبر 2019)، فقدت “العالم الجديد” إثنين من أبرز أعضاء فريقها، وهما مستشارها السياسي والأمني وأبرز كاتب فيها، الباحث المختص في شؤون الإرهاب هشام الهاشمي، بالإضافة إلى أحد أنشط مراسليها في المنطقة الجنوبية عبدالقدوس قاسم، في حادثتي اغتيال منفصلتين في بغداد وميسان من العام 2020.

التحقيقات

شاركت الصحيفة بملفات دولية مهمة، أبرزها ملف “أوراق بنما” في العام 2016 وملف “كريديه سويس” العام الحالي، إذ كانت وسيلة الإعلام العراقية الوحيدة التي نشرت الملفين، حيث سلطا الضوء على فساد مسؤولين في العراق والعالم بمجال النفط والطاقة والحسابات البنكية العائدة لهم في خارج البلد.   

ومن أبرز التحقيقات أيضا، هو التحقيق الخاص بقتل الناشطين والمتظاهرين وتسويف التحقيق الحكومي، فضلا عن تحقيق حول ملف العقارات في مدينة الموصل بمحافظة نينوى، وكيف باتت لقمة سائغة بيد جهات معينة، تمكنت من تحويل ملكيتها والتلاعب بها، وهو ما أدى إلى ضبط مسؤول محلي في الموصل بعد نشر التحقيق وصدور حكم بحقه.

ومن أهم التحقيقات التي نشرت مؤخرا في الصحيفة، هو تحقيق خاص بتعطيل أحكام الإعدام من قبل رئاسة الجمهورية، والذي تزامن نشره مع صدور العفو الرئاسي عن نجل محافظ النجف لؤي الياسري، المتهم بتجارة المخدرات. 

كما نشرت الصحيفة سلسلة من التحقيقات عن اللاجئين العراقيين، الذين حاولوا الوصول لأوروبا عن طريق بيلاروسيا، ورصدت ما تعرضوا له من مأس عند الحدود هناك، فضلا عن حصد تحقيقات لجوائز عدة بينها سمير قصير في بيروت 2022، وجائزة الإعلام في دبي 2017، وغيرها.

التقارير

وحققت “العالم الجديد” العديد سبقا صحفيا في كثير من الموارد، من بينها أنها كانت أول صحيفة عراقية وعربية، كشفت طريق التهريب من العراق إلى بيلاروسيا، بغية الهجرة إلى أوروبا، وقد ترجمت في حينها تصريحات لمسؤولين بيلاروس، وتقصت حركة الطيران آنذاك في مطار بغداد، قبل أن يتحول الأمر إلى أزمة دولية.

كما كشفت “العالم الجديد” عبر حصولها على الوثائق، عن العديد من ملفات الفساد، ومنها مشروع تحلية ماء البصرة الذي تناولته عبر سلسلة من التقارير المدعمة بالأدلة، وما تلاه من تداعيات إدارية، إلى جانب كشفها لملفات فساد خطيرة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إبان حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، بعد أن دخلت بشراكات لا جدوى اقتصادية فيها، بل ساهمت بهدر المال العام.

كما ساهمت الصحيفة بخلق قضايا رأي عام، أسفرت عن اتخاذ إجراءات سريعة من الجهات المعنية، ومن أبرزها كشفها الفساد في المراكز الثقافية خارج العراق، والتي دفعت وزارة الثقافة في عهد الوزير فرياد راوندوزي خلال حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، إلى اتخاذ قرار بإغلاقها.

فيما كشفت الصحيفة عن الفساد المستشري في سايلوات العراق، عبر تقرير دعم بالأدلة، ما دفع وزارة التجارة إلى اتخاذ إجراء سريع بعد مرور يوم واحد فقط من نشر التقرير، حيث أنهت خدمات المتهمين بالفساد وأحالتهم للتحقيق. 

وتناولت الصحيفة أيضا ملف البيئة والمناخ بشكل موسع، وتمكنت من تسليط الضوء على كافة جوانبه، سواء من التصحر إلى الحيوانات المهددة بالانقراض والثروة السمكية والأعلاف.   

إحصائيات

وفي خطوة تفردت بها “العالم الجديد”، أنتجت العديد من التقارير الإحصائية والرقابية، ومنها “الكاظمي ميتر” الذي أثار قضية رأي عام حول الأداء الحكومي، الذي تبين فيه فشل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بتنفيذ نحو 80 بالمائة من وعوده.

كما أنتجت الصحيفة سلسلة تقارير إحصائية تناولت فيها معدل ومستوى الهجمات التي نفذتها فصائل مسلحة ضد القوات الأجنبية في العراق، راصدة هذه الهجمات بالتواريخ والعدد ومسميات الجهات التي تبنتها.  

وضمن هذا القسم، أنتجت “العالم الجديد” ملفا عن تجارة وتعاطي المخدرات في العراق، وحصلت على نسب تعاط خاصة بها، في كل محافظة، وبشكل مفصل، حيث اشتملت النسب على تعاطي الذكور والإناث للمخدرات. 

ميديا

وكانت “العالم الجديد” من الصحف العراقية السباقة لإنتاج صور خاصة لكل تقرير أو تحقيق تنشره، تاركة بصمة واضحة في هذا المجال، حتى تحولت الصور التي تنتجها بشكل يومي، إلى الأكثر انتشارا وتداولا من قبل وسائل الإعلام الأخرى. 

كما أصبحت من أوائل الصحف والمواقع الإلكترونية العراقية التي استخدمت الإنفوغراف التفاعلي، حيث أنتجت العديد من التقارير التي تتضمن إنفوغرافا تفاعليا، سواء كان عبارة عن بيانات وإحصائيات أو توضيحات، وقدمت للقارئ تجربة فريدة عبر تفاعله مع التقرير أو التحقيق بشكل حي. 

الاستمرار

أصبحت الصحيفة اليوم، مصدرا لوسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، فتمت ترجمة عدد من أخبارها وتقاريرها إلى الإنكليزية والفرنسية والألمانية والفارسية، وقد نشرت بعض تقاريرها في دوريات عربية وأجنبية.

ومنذ انطلاقتها، ساهم أبرز الكتاب العراقيين الكبار في رفدها بمقالات خاصة، ما حول الصحيفة إلى وجهة مهمة للكثير من الكتاب العراقيين والعرب البارزين، وحافظت الصحيفة على هذا السياق لغاية الآن.

واستكمالا لمشوارها، أطلقت الصحيفة قبل أشهر، حلة جديدة لموقعها الإلكتروني، لتواكب التطورات التقنية والفنية، ولتمنح القارئ سهولة في التصفح.

بعد مشوار 9 سنوات، تعد “العالم الجديد” قراءها بالاستمرار على النهج ذاته، والحفاظ على الاستقلال والاستمرار، وتقديم المزيد، لتكريس مبدأ “الصحافة المستقلة”، بوصفها أساسا لأي دولة ديمقراطية ومجتمع مدني يؤمن بالحريات الصحفية والعامة.

إقرأ أيضا