ارتفاع سعر “الأمبير”.. أزمة خلقها غياب الرقابة الحكومية

مع دخول العراق ذروة فصل الصيف، عمد بعض أصحاب مولدات الكهرباء الأهلية إلى رفع سعر…

مع دخول العراق ذروة فصل الصيف، عمد بعض أصحاب مولدات الكهرباء الأهلية إلى رفع سعر الأمبير بحجج عديدة أبرزها ارتفاع سعر الوقود، وفيما نفى مسؤولون أي رفع لأسعار الوقود، أرجعوا ما يجري إلى تلاعب بعض أصحاب المولدات وغياب الرقابة عليهم من قبل الجهات الحكومية، وسط توجه نيابي لاستضافة الجهات المكلفة بمراقبة عمل المولدات للوقوف على أسباب الأزمة. 

ويقول مصدر مسؤول في وزارة النفط خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “شركة توزيع المنتجات النفطية تبيع لتر الكاز لأصحاب المولدات بسعر مدعوم وهو 250 دينارا فقط، والتوزيع يكون 25 لترا لكل (KV)، والآن صدر توجيه بزيادة هذه الكمية وقد تصل إلى 40 لترا لكل (KV)”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن “هناك مولدات أهلية هي من ترفض استلام أي حصة من الكاز من قبل شركة توزيع المنتجات النفطية، حتى لا تلتزم بالتوجيهات الرسمية بشأن سعر الأمبير وساعات التشغيل، ومعظم المولدات في بغداد هي أهلية وترفض التعامل مع الجهات الحكومية حتى ترفع سعر الأمبير إلى 25 أو 30 ألف دينار (نحو 20 دولارا) في فصل الصيف”.

ويشير إلى أن “وزارة النفط ومن خلال شركة توزيع المنتجات النفطية مستعدة لتوفير حصص الكاز لأصحاب المولدات الأهلية في بغداد والمحافظات وفق السعر المدعوم من قبل الحكومة، لكن أصحاب المولدات هم من يرفضون ذلك للبقاء خارج قيود الرقابة”.

ومنذ أيام بدأت أغلب المولدات برفع سعر الأمبير، وخاصة “الذهبي” الذي يتضمن التشغيل على مدار الساعة وليس لساعات محددة، إلى نحو 30 ألف دينار (20 دولارا)، بعد أن كان 20 ألف دينار (نحو 14 دولارا).

وكان مجلس الوزراء قرر أمس السبت، اعتماد سعر الوقود المجهز للمولدات بـ250 دينارا للتر الواحد، وقرر زيادة كميات الوقود المجهز لأصحاب المولدات الأهلية، بالإضافة إلى فتح منافذ لبيع الكاز لهم في المحافظات وبالسعر الرسمي.

يذكر أن محافظ بغداد محمد جابر العطا، كشف في حديث صحفي يوم أمس، عن وجود 13 ألف مولدة أهلية، 60 بالمئة منها في العاصمة بغداد، مبينا أن المحافظة وضعت تسعيرة لا تزيد عن 15 ألف دينار (10 دولارات) للخط الذهبي مع اعتبار زيادته من قبل أصحاب المولدات مخالفة قانونية ينبغي أن تواجه من قبل القضاء و الأجهزة الأمنية.

وتنتشر المولدات الأهلية في كل محافظات العراق، وتعد البديل الأول والأساسي للطاقة الكهربائية الرسمية (الوطنية) التي تشهد انقطاعات لساعات طويلة ومستمرة في فصل الصيف.

وجرت العادة أن يشترك السكان في المولدات القريبة من منازلهم، عبر سلك كهربائي يمتد بموازاة أعمدة الكهرباء الرسمية، ما أدى إلى تشابك الأسلاك في كافة أزقة وطرقات المدن، وكل مشترك يحدد مقدار الكهرباء التي يحتاجها وفق عدد الأمبيرات، فبعضهم يكتفي بـ3 أمبيرات والبعض الآخر يصل إلى 20 أمبير أو أكثر، بحسب القدرة المالية لكل أسرة.

من جانبه، يطالب معاون محافظ بغداد لشؤون الخدمات قيس الكلابي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بـ”زيادة نسبة الكاز المجهز لأصحاب المولدات الأهلية وغير الأهلية، حتى يقل سعر الأمبير، فهناك ارتفاع كبير بهذا السعر وفي بعض المناطق وصل إلى 25 و30 ألف دينار”.

ويوضح الكلابي، أن “هناك مولدات أهلية ليس لديها أية حصص من الكاز من قبل الجهات الحكومية الرسمية، ولذا فهي تتلاعب بأسعار الأمبير كما تريد، فلا توجد عليها رقابة من قبل الجهات الحكومية، وهذا الأمر يحتاج إلى متابعة من قبل الجهات ذات العلاقة”.

ويضيف “خاطبنا الجهات الأمنية لمتابعة شكاوى الأهالي في المناطق بخصوص عمل بعض المولدات، فهناك تلاعب في سعر الأمبير وساعات التشغيل على الرغم من أن المولدات لها حصص من الكاز تتسلمه بأسعار مخفضة”.

ويشير إلى أن “أزمة المولدات من ارتفاع سعر الأمبير وقلة التشغيل ليست في بغداد فقط، وإنما في مختلف المحافظات العراقية، بل وصل الأمر في بعض المحافظات إلى الاعتصام والإضراب عن تشغيل المولدات”.

ويأتي اعتماد الأهالي على هذه المولدات في ظل عدم حل أزمة الكهرباء في العراق، التي تعددت أسبابها، بداية من الإنتاج المرتبط بالغاز الإيراني، إضافة إلى التوزيع الذي يعاني من مشاكل هو الآخر، مرتبطة بتقادم الخطوط الناقلة وعدم قدرتها على نقل كميات كبيرة من الطاقة، فضلا عن تقادم المحولات، وغالبا ما تتعرض إلى العطب من دون حلول جذرية، على الرغم من رصد مليارات الدولارات منذ 2003 ولغاية الآن لحل هذه الأزمة.

يشار إلى أن “العالم الجديد” سبق وأن تناولت مسألة المولدات بتقرير منفصل، وفيه اتهم مواطنون بوقوف “جهات متنفذة” خلفها، وهي التي تتحكم برفع أسعار الأمبير، وهذه الجهات هي ذاتها التي تمنع محاسبة أصحاب المولدات أو تشديد الرقابة عليهم.

ويشهد البلد منذ الشهر الماضي، أرتفاعا كبيرا بدرجات الحرارة، حتى بلغت نحو 50 درجة مئوية، وسط تذبذب بتجهيز الطاقة الكهربائية الرسمية (الوطنية)، ما يدفع الأهالي إلى رفع عدد الأمبيرات في المولدات لتشغيل أجهزة التبريد، فضلا عن تحويل الاشتراك إلى الذهبي.

في الأثناء، تؤكد عضو لجنة الكهرباء والطاقة البرلمانية سهيلة السلطاني “غياب الرقابة الحكومية الفعلية على عمل المولدات سواء كانت الحكومية أم الأهلية، وهو ما جعل أصحابها يتلاعبون بأسعار الأمبير كما يشاؤون ويتلاعبون بأوقات التشغيل للمولدات”.

وتردف السلطاني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بالقول إن “معظم أصحاب المولدات الحكومية والأهلية لا يلتزمون بالتوجيهات الحكومية الرسمية بشأن سعر الأمبير وأوقات تشغيل المولدات، وهم يستغلون معاناة المواطنين والحاجة إلى تلك المولدات، بسبب الانقطاع الطويل في الطاقة الكهربائية الوطنية”.

وتلفت إلى أن “لجنة الكهرباء والطاقة البرلمانية سوف تعمل على استضافة الجهات الحكومية المعنية بشأن عمل المولدات في وزارة النفط بشأن حصص الكاز، وكذلك الجهات الأمنية المكلفة بمراقبة عمل المولدات، وتشديد الرقابة عليها، حتى لا يتم استغلال المواطن في كل صيف”.

وأنفق العراق خلال الأعوام 2006- 2017 أكثر من 34 ترليون دينار، أي نحو 29 مليار دولار، لتحسين وضع الكهرباء، لكن ما تحقق من طاقة إنتاجية هو نصف الطاقة التصميمية التي أنفقت عليها هذه المبالغ، بحسب هيئة النزاهة.

وقد أثار ملف الكهرباء الجدل خلال إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2021، حيث تضمنت تخصيصات “كبيرة” لصيانة المحطات، وبحسب أحد النواب، فقد تم رصد “هدر كبير” بأموال الصيانة منذ عام 2005 ولغاية العام الماضي.

وتضمنت موازنة 2021، بنودا عديدة حول صيانة محطات الطاقة الكهربائية، منها قروض بضمانات مؤسسة الصادرات الدولية بقيمة 145 مليون دينار، و100 مليون دولار وقيمته 125 مليون دولار، فضلا عن تمويل صيانة محطة الدورة في بغداد بمبلغ 301 مليون دولار.

إقرأ أيضا