“جاهزون”.. خطوة لتعطيل الدستور أم استعراض إعلامي؟

عجت مواقع التواصل الاجتماعي فجأة بمنشورات أطلقها أنصار التيار الصدري ومسؤولون فيه تتضمن التأكيد على…

عجت مواقع التواصل الاجتماعي فجأة بمنشورات أطلقها أنصار التيار الصدري ومسؤولون فيه تتضمن التأكيد على “الجهوزية” من دون تبيان التفاصيل، وفيما كشف قيادي في التيار عن نيته التوجه نحو إطلاق تظاهرات لإحداث تغيير جذري قد يصل لتعطيل العمل بالدستور، قلل محللون سياسيون من قيمة هذا الأمر، ووصفوه بأنه “إعلامي” فقط، وهدفه إبقاء أنصار التيار الصدري على أهبة الاستعداد والتأكيد على استمرار دور التيار.

ويقول قيادي في التيار الصدري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “القضية ليست ورقة ضغط وإنما استهلال لما سيحدث في القريب العاجل، بمعنى أن التيار الصدري لن يسمح بتشكيل حكومة توافق، خاصة وأن الجميع يعلم أن الوضع العالمي الاقتصادي تغير تماما، والاقتصاد العراقي لا يحتمل أي فساد في المرحلة المقبلة، إضافة إلى أن الإطار يريد تشكيل حكومة توافقية جامعة يختبئ خلفها، بحيث أنه إذا كانت هناك ملفات فساد كبيرة فيقول الكل مشترك، وعليه فأن هذه ليست ضغوطا وإنما استهلال حقيقي للمرحلة المقبلة، ولن تكون هناك تظاهرات مطلبية وإنما فرض قوانين جديدة للعملية السياسية قد تصل إلى إيقاف العمل بالدستور”.

ويضيف القيادي طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن “التظاهرات تختلف عن الذهاب إلى التغيير الجذري، لأننا عجزنا عن التغيير عبر السياسة، ولم تبق سوى ورقة الشارع، كما أننا نعلم بأن أغلب العراقيين يريدون تغييرا جذريا لقوانين هذا النظام”.

ومنذ ظهر أمس السبت، أطلق العديد من مسؤولي التيار الصدري منشورات حول “الجهوزية”، بدأت بمدير مكتب زعيم التيار الصدري إبراهيم الجابري، حيث قال في منشور له “كونوا على أتم الجهوزية”، ومن ثم نشر مسؤول سرايا السلام التابعة للتيار الصدري أبو دعاء العيساوي منشورا كتب فيه فقط “يا الله”.

وبعد ذلك توالت المنشورات، ومن بينها ما قاله نائب رئيس البرلمان المستقيل حاكم الزاملي “سيدي يا مقتدى الصدر.. لن نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ).. نعاهدك اليوم كما عاهدناك أمس سنكون لك مساندين ولتوجيهاتكم طائعين، ولثوابتكم التي فيها كل الخير لصلاح البلد متمسكين”.

وسرعان ما تحول وسم “جاهزون” إلى أعلى ترند في العراق، وتضمن تغريدات مختلفة، من بينها التأييد والتأكيد على الجهوزية، فضلا عن نشر مقاطع فيديو تتضمن استعداد أنصار التيار الصدري عبر استعراض أسلحتهم، وقد شارك في هذا الوسم فنانيون وسياسيون ومواطنون.

إلى ذلك، يفيد المحلل السياسي محمد نعناع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “هذه التحركات تمثل ورقة ضغط، ولحد الآن لا توجد تحركات قيادية من قبل الصدر ولا من معاونيه مثل التجهيز للتظاهرات أو العصيان أو الاعتصام وغير ذلك”، لافتا إلى أن “هذه تحركات خطابية إعلامية للتاثير على المسار السياسي الذي يسير فيه الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة، لأن الإطار في آخر اجتماعاته أحرز تقدما في المحادثات وغازل الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل كبير، كما أنه مستمر بالاتصال عن طريق تحالف العزم السني للانفتاح على نواب آخرين في تحالف السيادة، فشعر الصدر وتياره بأن مسار تشكيل الحكومة يمكن أن يؤثر عليهم”.

ويتابع نعناع “ليس في صالح الصدر الآن الخروج بتظاهرات أو عصيان أو شل الشارع أو غير ذلك، والهدف الأول مما يفعله الصدريون التأثير على طبيعة تشكيل الحكومة في المرحلة المقبلة وعدم ذهاب رئاسة الوزراء إلى شخص إطاري قح مثل نوري المالكي أو هادي العامري، وإنما اختيار رئيس وزراء تسوية على غرار مصطفى الكاظمي”، موضحا أن “الهدف الثاني هو أن الصدر يسعى دائما إلى تهييج مشاعر أنصاره لجعلهم جاهزين دائما لأية أوامر تصدر إليهم”.

وكان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد وجه نواب الكتلة الصدرية بالاستقالة من البرلمان الشهر الماضي، ومضت استقالتهم رسميا وادى النواب البدلاء عنهم اليمين الدستورية، وذلك احتجاجا على عدم دعم مشروع الصدر وهو “حكومة اغلبية”، والإصرار على حكومة “توافقية” من قبل الإطار التنسيقي.

ومنذ استقالة الكتلة الصدرية، بدأ الإطار التنسيقي مشواره لتشكيل الحكومة الجديدة، وعقد العديد من الاجتماعات مع القوى السياسية الأخرى، بهدف التوصل لحل وضمان حق كل كتلة، للمضي بالاستحقاقات الدستورية مع بداية الفصل التشريعي الثاني للبرلمان منتصف الشهر الحالي.

وكان صالح محمد العراقي، وهو شخصية افتراضية مقربة من الصدر ويطلق على نفسه “وزير القائد”، قد نشر أمس السبت، منشورا قال فيه إن “بين قائدنا وبين الله عهدا، وإن العهد كان مسؤولاً- أن لا يضع يديه بيد أي فاسد ولن يرجع العراق للتوافق مهما كانت النتائج”، واصفا انسحاب الصدر بـ”انسحاب المنتصر”.

ونشر “وزير القائد” وهو لقب لشخصية مجهولة تعبر دائما عن مواقف الصدر، منشورا أمس الأول، قال فيه إن “البعض يتوهم أن قرار انسحابه هو تسليم العراق للفاسدين والتوافقيين، كلا، بل هو تسليم لإرادة الشعب ولقراره، وإن غداً لناظره قريب”.

وحول هذا الأمر، يرى المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التيار الصدري يحاول الخروج عن صمته بين الحين والآخر عن طريق طرح بعض المواقف السياسية ليؤكد للجميع أنه ما زال حاضرا في المشهد السياسي العراقي، وأن لديه الإمكانية لقلب الموازين، وأنه يجب أن يحظى بقبول واحترام من الكثير من الأطراف السياسية”.

ويلفت البيدر إلى أن “التيار الصدري يمتلك جمهورا متيما بمواقف الصدر وقادرا على التضحية وتحقيق ما يريده زعيمهم الديني، وكل ذلك يحاول من خلاله الصدر أن يبرز نشاطه السياسي ويلفت الأنظار إليه”، مبينا أن “حلفاء الصدر السابقين بدأوا يلجأون إلى خيارات أخرى تتلاءم مع توجهاتهم الحزبية والسياسية بعيدا عن مواقف الصدر السابقة وخطواته السياسية الساعية إلى حكومة الأغلبية، وهم متأهبون على ما يبدو للتوافق مع خصومه”.

يشار إلى أن التوقعات بتوجه الصدر، إلى تحريك تظاهرات جماهيرية، باتت هي الأقرب للواقع، وقد أكدها العديد من المحللين السياسيين في تقارير سابقة لـ”العالم الجديد”، حيث رجحوا انتقال المواجهة إلى الشارع، وسط تحذيرهم من صدام مسلح.

إقرأ أيضا