بعد عامين على اغتياله.. دماء هشام الهاشمي في مهب التأجيل والغموض

تمر غدا الذكرى الثانية لاغتيال الباحث الاستراتيجي هشام الهاشمي، من دون محاسبة قتلته ومن يقف…

تمر غدا الأربعاء، الذكرى الثانية لاغتيال الباحث الاستراتيجي هشام الهاشمي، من دون محاسبة قتلته ومن يقف وراءهم، بل أن المتهم الذي تم الإعلان عنه وبثت اعترافاته على أنه هو من نفذ الاغتيال بشكل مباشر، يجري الحديث عن “تهريبه” بواسطة “متنفذين” بعد أن تم تأجيل محاكمته مرارا وتكرارا دون إيضاح الأسباب، وسط وعود نيابية بمتابعة الملف وعدم السماح بمروره بشكل عابر. 

وبشأن كواليس المشهد السياسي والقضائي المتعلق بملف اغتيال الباحث الستراتيجي هشام الهاشمي، يقول مصدر أمني مطلع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المتهم بقتله، أنكر التهم المنسوبة إليه أمام القاضي بعد بث اعترافاته في التلفاز، مدعيا أن الاعترافات انتزعت منه بالقوة أثناء التحقيق، الأمر الذي دعا القاضي المختص للمطالبة بأدلة ملموسة، وإلا فإنه لن يتمكن من إدانته، بل والحكم ببراءته”.

ويضيف المصدر طالبا عدم الكشف عن اسمه، أن “ضغوطا سياسية مورست ضد القضاء للقبول بتأجيل المحاكمة مرارا وتكرارا لحين تسويف القضية، لأن خروج المتهم سيشكل حرجا لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، الذي حاول تسويق إلقاء القبض على المتهم الرئيس كإنجاز”.

ويلفت، إلى أن “إحدى الجهات المتنفذة هرّبت المتهم بعد ذلك إلى مكان غير معلوم، وهو غير محتجز لدى أي جهة أمنية في الوقت الحالي”، مشيرا إلى أن “هذا السبب في تأجيل محاكمته أكثر من مرة بداعي عدم حضور المتهم”.

وقبل عامين، وفي مساء 6 تموز يوليو 2020، وعند عودته من ممارسة نشاطه اليومي المعتاد، حيث كان الهاشمي ضيفا في إحدى القنوات الفضائية، أنهت رصاصات عدة حياته أمام باب منزله وتحت أنظار ذويه وعائلته.

وكانت “العالم الجديد” قد كشفت عن معلومات تخص قضية التحقيق، ومنها أن عجلة رباعية الدفع تعقبت الهاشمي منذ خروجه من استوديو إحدى القنوات الفضائية في شارع النضال وسط بغداد، وصولا إلى منزله في زيونة شرقي العاصمة، بالإضافة إلى دخول المسلحين بعجلة أخرى إلى المنطقة خلال حظر التجوال، مبرزين بطاقات تعريف رسمية.

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي أعلن، في 16 تموز يوليو 2021، إلقاء القبض على قاتل الهاشمي، عبر تغريدة على حسابه بموقع تويتر قال فيها “وعدنا بالقبض على قتلة هشام الهاشمي وأوفينا الوعد.. قبل ذلك وضعنا فرق الموت وقتلة أحمد عبد الصمد أمام العدالة، وقبضت قواتنا على المئات من المجرمين المتورطين بدم الأبرياء”.

والمتهم الذي ألقي القبض عليه أحمد حمداوي واسمه الكامل أحمد حمداوي عويد معارج الكناني، الذي يحمل رتبة ملازم أول في وزارة الداخلية، وقد ألقي القبض عليه بقضية أخرى بعيدة عن اغتيال الهاشمي، لكنه خلال إحالة سلاحه الشخصي الى الأدلة الجنائية، تم الكشف عن علاقته بجريمة اغتيال الهاشمي، حيث تطابق سلاحه الشخصي مع أغلفة الرصاصات المستخدمة بحادثة الاغتيال، والموجودة في قاعدة بيانات الأدلة الجنائية، وفقا لمصادر تحدثت سابقا لـ”العالم الجديد”.

يشار إلى أن قناة “العراقية” الرسمية بثت اعترافات مقتضبة وممنتجة لحمداوي، وبحسب الاعترافات فإن المجموعة التي نفذت عملية الاغتيال تتكون من أربعة أشخاص كانوا يستقلون دراجتين ناريتين وسيارة مدنية.

وخلال الفترة الماضية، تم تحديد 3 مواعيد لمحاكمة حمداوي، ولكن تغيب المتهم عن الحضور دفع القاضي إلى تأجيل المرافعات الثلاث.

إلى ذلك، يشدد النائب المستقل محمد الزيادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، على أن “الدم البريء لن يذهب سدى، وأن المتسبب بإراقته لن يبقى هاربا من العدالة مهما طال الزمن”.

ويشير الزيادي، إلى أن “العدالة ستطال المجرم يوما ما، ونحن كنواب ندعم أي مؤسسة أو شخص من أجل إظهار الحق وإحقاقه، وأن ينال القاتل حسابه”، مؤكدا أن “موضوع هروب المتهم بقتل الهاشمي سيحظى بمتابعة برلمانية، وهذا وعد منا بأن لا نسمح بمرور القضية مرور الكرام”.

ومن الاعترافات المقتضبة لحمداوي، أن المجموعة التي نفذت العملية متواجدة في منطقة البوعيثة جنوبي بغداد، وبعد انتقالها إلى مكان تنفيذ الجريمة في زيونة، انسحبت باتجاه مدينة الصدر مرورا بشارع فلسطين، ثم انتقلت إلى منطقة الحميدية مرورا بمنطقة كسرة وعطش شمالي بغداد.

ونقلت “العالم الجديد” في تقرير سابق لها عن ضابط من زملاء حمداوي، قوله إن المتهم كان هادئا جدا، وانطوائيا لا يختلط بأقرانه من المنتسبين، وانتسب لسلك الشرطة كمفوض في 2007، وبعدها التحق بدورة إعداد الضباط، وتخرج برتبة ملازم أول عام 2019، وقد شمل بالترقيات العسكرية الأخيرة.

وبشأن تأجيل المحاكمات أكثر من مرة، يوضح الخبير القانوني عدنان الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القانون لم يضع مدة محددة لإنجاز التحقيق في قضية ما، لأن كل قضية لها خصوصيتها وتشعباتها، وفي بعض الأحيان تشترك في القضية أطراف من خارج البلاد، ما يضطر الحكومة من خلال وزارة الخارجية إلى المخاطبة والتواصل، وهذا يحتاج إلى وقت”.

ويوضح الشريفي، أن “المتهمين يزعمون في بعض الأحيان تعرضهم لتعذيب، فيعاد التحقيق إذا استحصلوا قرارا من لجنة طبية”، لافتا إلى أن “شرط التأخير في الدعاوى القضائية وجود إجراءات تتسبب به، ومن غير القانوني إهمال الدعوى من دون سبب وجيه، وهنا يشرف القضاء على القضية ويحدد ما إذا كانت متأخرة بسبب إجراءات أم إهمال”.  

وفي أول ليلة من الاغتيال، أمر الكاظمي بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة، بإقالة قائد الفرقة الأولى في الشرطة الاتحادية العميد الركن محمد قاسم، وهو مسؤول عن قاطع الرصافة بالكامل، حيث منزل الهاشمي.

وبحسب مصدر تحدث في وقتها لـ”العالم الجديد”، فإن “الكاظمي وبخ قاسم عقب الاغتيال، وأمر بإقالته”، لكن رئيس الوزراء لم يستمر طويلا، وتراجع عن قراره بعد شهر واحد فقط، حيث تمت إعادة الضابط إلى منصبه ذاته، عقب تسويف التحقيق.

يذكر أن الهاشمي كان واحدا من أبرز كتاب “العالم الجديد”، وأحد أهم مصادرها في الحصول على المعلومات والتحليلات الأمنية والسياسية.

إقرأ أيضا