أموال النفقات الأساسية متوفرة.. ما سر مطالبة الكاظمي بموازنة 2022؟

أبدى متخصصون استغرابهم من إصرار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي على تشريع قانون الموازنة للعام الحالي،…

أبدى متخصصون استغرابهم من إصرار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي على تشريع قانون الموازنة للعام الحالي، على الرغم من إقرار قانون الأمن الغذائي ووجود نظام 1 على 12 الذي يسير البلد عليه في حال عدم تشريع الموازنة، مؤكدين أن قانون الأمن الغذائي وجد أصلا لسد الحاجة مع غياب الموازنة، وسط إشارة إلى أن هذه القوانين ليست اقتصادية بحتة، بل تتضمن جانبا سياسيا.

ويقول المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “لا بديل عن قانون الموازنة، فهذا القانون له أهمية كبيرة جدا بالجانب المالي والاقتصادي، وقانون الدعم الطارئ لا يسد أهمية الموازنة بكل تأكيد”.

ويبين صالح أن “عدم وجود الموازنة لا يعني إيقاف صرف رواتب موظفي الدولة، كما يريد البعض الترويج لذلك، فصرف الرواتب يتم وفق قاعدة صرف 1 على 12شهريا، وهذا النظام المالي معمول فيه، كما هو يشمل الصرفيات الأخرى غير الرواتب من صرفيات الوزارات وباقي المؤسسات الدولة، ويكون الصرف مثل صرف السنة الماضية”.

ويتابع صالح أن “موازنة سنة 2022 فقدت أهميتها بعد الوصول إلى الشهر السابع من السنة والموازنة لم تقر، ولا تستطيع الحكومة الحالية إرسالها للبرلمان لغرض تشريعها، وتمريرها متوقف على تشكيل الحكومة الجديدة، ولهذا جاء قانون الدعم الطارئ لتمشيه أمور الدولة المهمة من المشاريع وغيرها، لكن هذا القانون لا يسد صرفيات الموازنة بكل الجوانب”.

ويضيف “نتوقع أن موازنة 2022 لن ترى النور، فتشكيل الحكومة الجديدة سيستغرق مزيدا من الوقت، وبعد تشكيل الحكومة يتم إرسال القانون، وبعدها يحتاج إلى مناقشات من قبل البرلمان، ولهذا فأن تشريع القانون سيكون نهاية السنة، ولذلك فقد القانون أهميته، لكن ربما العمل سيكون على الإعداد لموازنة سنة 2023، لغرض الإسراع في تمريرها”.

وكان الكاظمي قال قبل أيام خلال زيارته محافظة ميسان، إن من غير المعقول أن تبقى الحكومة مكتفة وغير قادرة على الإنجاز بسبب عدم وجود موازنة، مؤكدا أن كل سنة تتأخر فيها الموازنة تؤدي إلى تأخير ما بين 5 إلى 10 سنوات في تقديم الخدمات.  

وكان مجلس النواب مرر قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، في جلسته الـ11 يوم 8 حزيران يونيو الحالي، التي حضرها 273 نائبا. 

وشهد القانون، جملة تعديلات في بنوده، ومن أبرزها التعاقد مع حملة شهادات البكالوريوس والدبلوم ولكافة الاختصاصات للعمل في الدوائر والإدارات المحلية للمحافظات غير المنتظمة في إقليم بواقع 1000 متعاقد لكل محافظة، وبراتب شهري قدره 300 ألف دينار (200 دولار) شهريا للمتعاقد الواحد لمدة ثلاث سنوات لأغراض التدريب والتطوير، إضافة إلى تحويل المحاضرين وقراء المقاييس والإداريين والعقود والأجراء اليوميين إلى قرار 315 وتعيين الأوائل وحملة الشهادات العليا.

يشار إلى أن هذا القانون قدم من قبل اللجنة المالية النيابية، بعد أن أصدرت المحكمة الاتحادية قرارها بإيقاف تمريره بعد وصوله من الحكومة، لأنه ليس من صلاحيات الأخيرة، كونها حكومة تصريف أعمال.

يذكر أن مظهر محمد صالح، مستشار رئيس الحكومة الاقتصادي، أكد في يوم إقرار قانون الأمن الغذائي، أن القانون يغطي فقرات مهمة ويمنح المالية العامة مرونة للصرف، وأن البلاد بحاجة لنهضة زراعية حديثة تعتمد على منح التراخيص الزراعية، مؤكدا عدم وجود بديل عن الموازنة العامة.

ويوضح الخبير الاقتصادي عبد الرحمن نجم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قانون الدعم الطارئ جاء كبديل عن قانون موازنة سنة 2022، وبعد إقرار هذا القانون ليس هناك أي حاجة لتشريع الموازنة، خصوصا ونحن في الأشهر الأخيرة من السنة الحالية”.

ويشير نجم إلى أن “قانون الدعم الطارئ سد حاجات الموازنة من الصرفيات بمختلف الجوانب الاقتصادية وغيرها بنسبة 100 بالمئة، ولهذا ليس هناك أي حاجة لتشريع الموازنة، خصوصا أن قانون الدعم الطارئ أقر بمبلغ يكفي لتغطية النفقات الأساسية للدولة إلى حين إقرار موازنة العام المقبل”.

ويؤكد نجم أن “الحكومة العراقية لا تملك القدرة المالية الكافية لصرف المبلغ المخصص ضمن قانون الدعم الطارئ أو حتى قانون الموازنة، فالصرف سيكون بأقصى حد 100 ترليون دينار عراقي فقط، وهذا الرقم سيكون بعد ارتفاع سعر صرف الدولار، وقبل هذا الخطوة الصرف كان يصل إلى ما يقارب 80 ترليون دينار”.

ونصت المادة الرابعة في القسم السابع من قانون الإدارة المالية للبلد، المقر من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة عام 2003، على أنه “إذا لم تصادق الجهة ذات السلطة التشريعية الوطنية على الميزانية الفدرالية حتى 31 من شهر كانون الأول ديسمبر، فلوزير المالية أن يصادق، وفقا لأساس المصادقة الشهرية، على أموال وحدات الإنفاق ولغاية نسبة 1 على 12 من المخصصات الفعلية للسنة المالية السابقة إلى حين المصادقة على الميزانية، وتلك الأموال يمكن أن تستخدم فقط لسداد الالتزامات والمرتبات والتقاعد ونفقات الأمن الاجتماعي وخدمات الديون.

يشار إلى أن العراق حققا فائضا ماليا كبيرا منذ مطلع العام الحالي، نتيجة لارتفاع أسعار النفط العالمية إلى حدود 130 دولارا للبرميل واستقرارها عند حاجز الـ110 دولارات، فضلا عن سداد ديون الكويت، حيث كانت تستقطع ما قيمته 5-7 ملايين دولار يوميا لسداد التعويضات، وذلك إلى جانب قرار منظمة أوبك برفع سقف تصدير البلد من النفط بأكثر من 400 ألف برميل يوميا، ما يضاف إلى الإيرادات الكلية.

ويرى المحلل السياسي أحمد الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قانون الموازنة في العراق ليس بقانون مالي واقتصادي فقط، بل ينطوي على جنبة سياسية كبيرة، ولهذا نجد الخلافات السياسية عليه أكثر من أي قانون آخر، بسبب وجود صرفيات مالية كبيرة جدا، وكل جهة تريد تخصيصات مالية لمؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرتها”.

ويلفت الشريفي إلى أن “قانون الدعم الطارئ لم يكن خاليا هو الآخر من الجنبة السياسية، ولهذا كانت هناك خلافات سياسية عليه استمرت أكثر من شهرين، لكن بعد حصول الاتفاق والتوافق السياسي تم تمرير القانون بالأغلبية تحت قبة البرلمان، وهذا ما يؤكد أن القانون سياسي أكثر مما هو مالي واقتصادي”.

ويعتبر الشريفي أن “نظام المحاصصة وتقاسم المغانم بين بعض الجهات المتنفذة، هو الذي جعل هكذا قوانين مالية واقتصادية ذات توجه سياسي ولا تمرر إلا من خلال الاتفاقات السياسية والصفقات بين تلك الجهات”.

وتشهد الموازنة العامة للبلد، خلافات حادة بين القوى السياسية في كل عام عند إقرارها، ما يؤدي إلى تأخرها لأشهر عدة في أروقة مجلس النواب، وتعد مسألة حصة إقليم كردستان في الموازنة من أبرز النقاط الخلافية التي تتجدد في كل عام، إلى جانب حصص المحافظات الجنوبية والمشاريع فيها. 

وكان الإطار التنسيقي من أبرز الجهات المعارضة لتمرير هذا قانون الدعم الطارئ، إلى جانب القوى الكردية التي أعلنت أنها رافضة لتمريره لأنه لم يتضمن تخصيصات لإقليم كردستان، لكن تطورات سريعة جرت عشية التصويت تمثلت بعقد اجتماع بين الكتلة الصدرية (قبل انسحابها من البرلمان) والإطار التنسيقي وتم الاتفاق على تمريره.

إقرأ أيضا