تسجيلاته على طاولة التحقيق.. هل ينقذ القضاء المالكي؟

شكل إعلان القضاء العراقي التحقيق بقضية التسجيلات الصوتية المسربة، والمنسوبة لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري…

شكل إعلان القضاء العراقي التحقيق بقضية التسجيلات الصوتية المسربة، والمنسوبة لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، تطورا في قضية التسريبات، ووفقا لخبراء في القانون فأن القضاء لا يرد دعوى تصله بل ينظر فيها مهما كان مضمونها، وأوضحوا تفاصيل الحكم الذي سيصدر في كلا الحالتين، سواء ثبت أن التسجيلات مفبركة أو حقيقية، وسط ترجيحات قياديين ومحللين سياسيين أن ترد المحكمة الدعوى وتؤكد أن التسجيلات مفبركة.

ويقول الخبير القانوني عدنان الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “النظر في قضية التسجيلات الصوتية من دون موافقة قضائية مسبقة يعتمد على قناعة المحكمة، خصوصا أن هذه التسجيلات لا تعتبر دليلا كاملا لإدانة أي شخصية”.

ويبين الشريفي أن “المحكمة سوف تستعين بخبراء فنيين لتدقيق صحة التسجيل الصوتي المنسوب للمالكي، وإذا ثبتت صحة التسجيل، فممكن للشخص الذي تعرض للتهديد خلال الصوت إقامة دعوى ضد المالكي، وإذا كان في التسجيل تحريض على العنف وغير ذلك فهنا الادعاء العام يحرك شكوى ويمثل صاحب التسجيل الصوتي أمام القضاء وفق التهم الموجهة له”.

ويضيف الشريفي أنه “في حال أثبت التحقيق القضائي أن التسجيل الصوتي غير صحيح ومفبرك، سيتعرض مسرب هذه التسجيلات للمحاكمة والمحاسبة بالتهم ذاتها التي كان من الممكن توجيهها إلى صحاب التسجيل الصوتي، ويبقى هذا الأمر متعلقا بقناعة المحكمة وبحسب التقرير الذي سيصدر عن الخبراء الذين ستستعين المحكمة بهم للتحقيق في التسجيل الصوتي”.

وأعلن مجلس القضاء الاعلى، يوم أمس، أن محكمة تحقيق الكرخ تلقت طلبا مقدما إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات القانونية بخصوص التسريبات الصوتية المنسوبة للمالكي، وتجري حاليا التحقيق الأصولي بخصوصها وفق القانون، بحسب نص البيان.

ويوم أمس نشر الجزء الخامس من التسريبات، التي أثارت لغطا كبيرا، وتضمن حديث المالكي عن تسليحه “كتائب أئمة البقيع” (وهي إحدى فصائل الحشد الشعبي)، استعدادا لحرب أهلية قد تنشب.

وفي الجزء السابق، قلل المالكي، بحسب التسجيلات المنسوبة له، من أهمية القوات الأمنية والحشد الشعبي، وشدد على التوجه لتسليح جهات أخرى، مع تأكيده على ضرورة حدوث قتال أهلي.

وقد نفت “كتائب أئمة البقيع”، أمس، في بيان لها ما ورد في التسجيلات، وأكدت أن علاقتها جيدة مع التيار الصدري.

وكان الجزء الأول من التسريب، قد تضمن هجوم المالكي على  زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني.

من جانبه، يوضح الخبير القانوني علي التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “من حق أي شخص سواء كان مواطنا عاديا أو محاميا، أن يبلغ الادعاء العام بوجود جريمة، فيقوم الادعاء بفتح تحقيق ويحيله إلى محكمة التحقيق، وأول خطوة تتخذها الأخيرة الاستماع إلى إفادة المخبر وتدوينها قضائيا”.

ويشير التميمي إلى أنه “بعد تلك الخطوة تقوم المحكمة بإرسال التسجيلات الصوتية إلى الأدلة الجنائية لغرض فحصها والتأكد من صحتها، وإذا اتضح، بعد وصول تقرير الأدلة الجنائية إلى المحكمة، أن التسجيل الصوتي غير صحيح يغلق الملف بشكل كامل، ويتم اتخاذ إجراء ضد الشخص الذي نشر التسجيلات الصوتية”.

ويتابع التميمي “لو أثبتت التحقيقات أن التسجيلات الصوتية صحيحة، سوف تتخذ الإجراءات بحق كل شخص ذكر اسمه وعرف من خلال صوته في التسجيل، وهنا سوف يصدر أمر قبض بحق كل من حرض على العنف والقتل والطائفية”.

ويختم الخبير القانوني كلامه بأنه “وفق المادة 40 من الدستور، ووفق قانون الأصول الجزائية، كل تسجيل صوتي يجب أن ينشر بقرار قضائي، لكن التسجيلات الصوتية نشرت وأصبحت أمرا واقعا، وبالتالي القول الفصل سيكون لمحكمة التحقيق”.

وكان الصدر نشر تغريدة يوم أمس الأول قال فيها “في موتي شفوة وفرحا لإسرائيل وأمريكا والإرهابيين والفاسدين، لكن العجب كل العجب أن يأتي التهديد من (حزب الدعوة) المحسوب على آل الصدر ومن كبيرهم المالكي، ومن جهة شيعية تدعي طلبها لقوة المذهب”.

وطالب الصدر، بحسب التغريدة، بـ”إطفاء الفتنة من خلال استنكار مشترك من قبل قيادات الكتل المتحالفة معه من جهة، ومن قبل كبار عشيرته من جهة أخرى، وأن لا يقتصر الاستنكار على اتهامي بالعمالة لإسرائيل أو لاتهامي بقتل العراقيين، بل الأهم من ذلك، هو تعديه على قوات الأمن العراقية واتهام الحشد الشعبي بالجبن وتحريضه على الفتنة والاقتتال (الشيعي-الشيعي)”.

ونصح زعيم التيار الصدري، المالكي بـ”إعلان الاعتكاف واعتزال العمل السياسي واللجوء إلى الاستغفار، أو تسليم نفسه ومن يلوذ به من الفاسدين إلى الجهات القضائية، لعلها تكون بمثابة توبة له أمام الله وأمام الشعب العراقي”.

وبعد تغريدة الصدر، نشر صالح محمد العراقي، الشخصية الافتراضية الناطقة باسم الصدر، تغريدة قال فيها “شكرا لكم.. لا داعي للمظاهرات بخصوص التسريبات.. اكرر: شكرا لكم”.

وجاءت التغريدة بعد خروج تظاهرات لأنصار الصدر في ذي قار، منددة بالتسريبات الصوتية المنسوبة للمالكي.

في المقابل، يرى المحلل السياسي غالب الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القضاء العراقي لم يتدخل ويحقق في قضية تسريبات المالكي، وإنما هناك محاميان قدما دعويين، الأولى ضد المدون علي فاضل والأخرى للتحقيق بشكل عام في التسجيل الصوتي، ووفق قانون المحاكم الجنائية لا ترد المحكمة أي شكوى أو دعوى تقدم إليها، بل تقبلها وتحقق فيها ثم تصدر حكمها”.

ويلفت الدعمي إلى أنه “وفق المتعارف عليه لا يؤخذ بكل القضايا في التسجيلات الصوتية”، مبينا أن “هذه التسجيلات ذات تأثير معنوي سلبي على المالكي ومجمل العملية السياسية في العراق، فقد أضعفت موقف المالكي كثيرا في خضم طموحه لتولي رئاسة الوزراء خلال الفترة المقبلة”.

ويرجح الدعمي أن “ترد المحكمة الدعوى بعد التحقيق فيها خلال الأيام المقبلة، لأنه بحسب ما جرت العادة لا يؤخذ بالتسجيلات الصوتية من قبل القضاء العراقي ولا يعترف بها”.

إلى ذلك، يعرب القيادي في ائتلاف دولة القانون فاضل موات خلال حديث لـ”العالم الجديد”، عن “اطمئنان الائتلاف وثقته بأن القضاء العراقي سوف يثبت أن تسريبات المالكي مفبركة وغير صحيحة”، مشيرا إلى أن “القضاء العراقي مطالب بتحرك عاجل ضد الشخص والجهة التي تقف خلف هذه التسريبات بهدف إشعال الفتنة والفوضى في العراق”.

ويتابع موات “ائتلاف دولة القانون سيتجه إلى القضاء لإقامة شكاوى ضد عدد من الشخصيات المتورطة بهذا الملف”، لافتا إلى أن “الهدف من التسجيلات المسربة إشعال حرب أهلية واقتتال شيعي-شيعي وفق أجندات خارجية”.

وبعد تغريدة الصدر، أصدر الشيخ العام لعشيرة بني مالك، عبد السلام محسن العرمش، بيانا شدد فيه على “ضرورة عدم إدخال العشائر في السجالات السياسية بصورة تتعدى دورها وخلال تاريخها الطويل”، لافتا إلى أن “محاولات من يسعون إلى زرع الفتنة وخلط الأوراق ما هي إلا حلقة من حلقات التآمر على العراق بعد أن فشلوا في مرات عديدة سابقة بفضل حكمة رجال البلد المخلصين الحريصين على الدم العراقي، ويبدو أن ذلك أزعج البعض ولن يكون في مصلحة مشاريعه الخبيثة فحاول استغلال ظروف البلد السياسية والتنافس والاختلاف بين الفرقاء السياسيين والاختلافات في الرأي والذي لم يصل إلى مرحلة إفساد الود”.

كما أصدر حزب الدعوة بيانا بعد تغريدة الصدر، أكد فيه أن “هناك من يذكي نار الفتنة بيننا نحن أبناء الصدرين، والذين عبرنا عنهما عند دخولنا العراق بالرمز والهوية وعملنا سياسيا مع جميع إخواننا الإسلاميين وغيرهم، ولم نستأثر بسلطة، وإنما كان التصدي وفق المعطيات والسياقات التي أقرها الدستور”.

إقرأ أيضا