تفعيل الدعوى العراقية ضد تركيا.. قانوني يشرحها وسياسي يفسر توقيتها

أعيد تفعيل دعوى دولية رفعها العراق ضد تركيا تخص شراء النفط من إقليم كردستان إبان…

أعيد تفعيل دعوى دولية رفعها العراق ضد تركيا تخص شراء النفط من إقليم كردستان إبان حكومة حيدر العبادي بعدما تم تعليق إجراءاتها من قبل حكومة عادل عبد المهدي، الأمر الذي عده أحد المحللين السياسيين وسيلة من وسائل الضغط على الإقليم عموما والحزب الديمقراطي الكردستاني بشكل خاص لتقديم تنازلات في مسار تشكيل الحكومة، بينما شرح خبير قانوني تفاصيل الدعوى.

ويقول الخبير القانوني جميل الضامن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك عدة طرق لحل النزاعات القانونية في قضايا النفط والشركات، حيث يتم اللجوء إلى التحكيم وليس إلى القضاء،  كما أن التحكيم وسيلة من وسائل فض النزاعات، وهي وسيلة محترمة وقراراتها تشبه القرارات القضائية، أي واجبة التنفيذ”.

ويبين الضامن أن “غالبية الشركات لا تقبل اللجوء إلى القضاء في حل النزاعات بسبب تأخر الإجراءات القضائية، فتلجأ إلى وسيلة التحكيم”، لافتا إلى أنه “في العقود المبرمة مع أغلب الدول يتم اللجوء إلى التحكيم، على اعتبار أنه وسيلة حل النزاعات الدولية، فعلى سبيل المثال عندما ينشب نزاع بين العراق وتركيا لا يمكن الاحتكام إلى القضاء العراقي أو التركي، وإنما إلى وسيلة التحكيم”.

ويشير إلى أن “الغرض من التحكيم هو حل النزاعات في أقصر وقت ممكن، وهناك عدة مراكز للتحكيم مثل غرفة باريس وغرفة جنيف وغرفة أبو ظبي ومركز القاهرة الدولي للتحكيم”، موضحا “أننا في نزاعنا مع تركيا بشأن النفط لجأنا إلى غرفة باريس، وهي إحدى المؤسسات المحترمة على الصعيد الدولي في مجال التحكيم”.

ويتابع الضامن “بكل تأكيد تحتاج الإجراءات ما تحتاجه المداولات القضائية من تقديم الأساليب والدفوعات للمحكم الذي يتم اختياره، والطرف الآخر يختار محكمين، والمحكم المرجح هو من يفض النزاع”، مضيفا أن “دولتنا للأسف الشديد تهمل دائما الكفاءات الوطنية، وتستعين بشركات محاماة دولية تدفع لها أموالا طائلة للقيام بأعمال يستطيع رجال القانون العراقيون القيام بها”.

وكانت وزارة النفط أعلنت الأسبوع الماضي، أن محكمة غرفة التجارة الدولية تنظر في دعوى التحكيم المرفوعة من قبل جمهورية العراق ضد الجمهورية التركية لمخالفتها أحكام اتفاقية خط الأنابيب العراقية التركية الموقعة في عام 1973 التي تنص على وجوب امتثال الحكومة التركية لتعليمات الجانب العراقي في ما يتعلق بحركة النفط الخام، الآتي من العراق في جميع مراكز التخزين والتصريف والمحطة النهائية.

يشار إلى أن هذه الدعوى، رفعها رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، في المحكمة الدولية ضد تركيا، تطالبها بدفع تعويض مالي قدره 26 مليار دولار، بسبب شرائها النفط من إقليم كردستان من دون إذن من الحكومة الاتحادية، ووصلت الدعوى لمراحلها الأخيرة، لكن بعد تولي عادل عبد المهدي رئاسة الحكومة وبتدخل من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، تم تأجيل الدعوى لمدة 5 سنوات بناء على طلب الحكومة العراقية.

ويعد ملف تصدير الإقليم للنفط، من الملفات الجدلية وغير المحسومة، على الرغم من دخول بغداد وأربيل في مفاوضات عديدة طيلة السنوات الماضية، لكن جلها تركز حول نسبة الإقليم في الموازنة الاتحادية مقابل ما يسلمه لبغداد من إيرادات النفط الذي يصدره.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا، أصدرت في شباط فبراير الماضي، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، وأن يكون التصدير عن طريق بغداد، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية.

إلى ذلك، يفيد الخبير النفطي حمزة الجواهري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “هذه الدعوى تم تفعيلها بالأساس لأنني شخصيا قمت بفضحها من خلال أحد اللقاءات وتكلمت عن توقيفها من قبل رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، والذي رفع دعوى ضدي، ولكنني أرسلت له تقرير المؤسسة الأمريكية وبعدها سحب الدعوى وأدرك أن معلوماتي صحيحة”.

ويضيف الجواهري أنه “بعد طرح الدعوى أصبحت محط اهتمام من الطبقات الواعية وتحولت إلى قضية رأي عام بعد أن كانت سرية بين الحكومة العراقية وبين محكمة غرفة تجارة باريس للتحكيم”، مشيرا إلى أنه “لا نعلم ما هي علاقة وزارة الخارجية الأمريكية بهذه القضية”.

يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن مطلع شباط فبراير، أي قبل صدور قرار المحكمة الاتحادية، عن نية بلاده استيراد الغاز من العراق، وبعد أيام فقط، نشرت وسائل إعلام تركية نقلا عن رئيس لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في برلمان إقليم كردستان علي حمه صالح، أن حكومة الإقليم ستبدأ عملية بيع الغاز الطبيعي إلى تركيا في عام 2025، وأشار إلى أنه من المخطط أن يتم مد خط أنابيب للغاز الطبيعي إلى تركيا، وقد بدأت المرحلتان الأولى والثانية من إنشاء خطوط أنابيب الغاز المذكورة.

وكان القيادي في تحالف الفتح محمد البياتي، أكد سابقا لـ”العالم الجديد”، أنه “في فترة حكومة العبادي، كان عادل عبد المهدي وزيرا للنفط، وأبرم اتفاقا مع الإقليم يقضي بأن يصدر النفط من كركوك عبر تركيا، لكنه لم ينص على أن تكون الإيرادات للإقليم، بل جرى اجتهاد منه وأخذ الإيرادات، لكن لا توجد لدينا تفاصيل بشأن إسقاط الدعوى، فهذا حق الدولة”.

يشار إلى أن العبادي، وبعد الاتفاق الذي أبرم مع أربيل ولم تلتزم به، قد أوقف صرف رواتب الموظفين في إقليم كردستان، واستمر الإيقاف طيلة فترة حكمه، حتى أعيد صرفها بعد وصول عبد المهدي لرئاسة الحكومة حيث أطلق رواتب الموظفين، وذلك على الرغم من عدم تسديد الإقليم ما بذمته من أموال لبغداد، ووفقا لتصريحات سابقة لنواب كرد في اللجنة المالية النيابية خلال حديثهم لـ”العالم الجديد” فإن مسألة الأموال تم تأجيلها إلى إشعار آخر.

من جانبه، يرى المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تفعيل هذه الدعوى جزء من الضغط المباشر على إقليم كردستان لدواع سياسية، كما أن هناك من يحاول جعل الحزب الديمقراطي الكردستاني يقدم تنازلات أكثر في ملف ترشيح رئيس الجمهورية واختيار رئيس الوزراء والكابينة الوزارية”.

ويتوقع البيدر “صدور قرارات كثيرة متعلقة بالضغط على كردستان، سواء في ما يخص ملف  تصدير النفط أو قضايا أخرى تتعلق بالمناطق ذات الإدارة المشتركة أو رواتب الموظفين وغيرها من التفاصيل التي ما تزال قائمة كأزمة بين المركز والإقليم”.

يشار الى أن معاون مدير شركة سومو، علي نزار، أعلن في تموز يوليو 2021، أن عدم التزام كردستان باتفاق “أوبك بلس” ساهم في تراكم تعويضات على العراق، فيما بين أن البرلمان منح الشرعية بعدم التزام الإقليم بالاتفاق، حيث أصبح البلد مطالبا بخفض 6 ملايين برميل شهريا بسبب عدم التزام الإقليم، وهذا إلى جانب تأكيد الشركة على أن الإقليم لم يسلم الحكومة الاتحادية أية إيرادات من تصديره النفط.

إقرأ أيضا