لجنة قصف دهوك البرلمانية.. بين التسويف والمتابعة

أدلى القادة العسكريون الذين استضافهم مجلس النواب في جلسته الطارئة أمس السبت، بمعلومات أكدت وقوف تركيا وراء قصف…

أدلى القادة العسكريون الذين استضافهم مجلس النواب في جلسته الطارئة أمس السبت، بمعلومات أكدت وقوف تركيا وراء قصف مصيف برخ في محافظة دهوك، رغم إنكارها لذلك، فيما شكلت رئاسة المجلس لجنة تحقيقية شدد أحد أعضائها على أنها لن تكون “تسويفية” كسابقاتها من اللجان التي تشكل عادة في الأزمات والكوارث، وسط انتقاد لغياب القائد العام للقوات المسلحة عن الجلسة.

ويقول النائب محمد البلداوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “البرلمان عقد جلسته الخاصة لمناقشة الاعتداء التركي على العراق بحضور كل من وزيري الخارجية والدفاع ورئيس أركان الجيش ونائب قائد العمليات المشتركة، وتم خلال الجلسة كشف التقرير الحكومي بشأن القصف التركي، والذي أثبت تورط أنقرة بهذا العدوان من خلال استخدام مدفعية ثقيلة (155 ملم) وتم إطلاق القذائف من داخل الأراضي التركية، وهذا كله وفقا لخبراء الأدلة الجنائية والخبراء العسكريين”.

ويبين البلداوي، أنه “تم خلال الجلسة الكشف عن تسجيل أكثر من 22 ألفا و700 انتهاك تركي منذ 2018 ضد سيادة العراق وتسجيل أكثر من 296 مذكرة احتجاج على التدخلات التركية وتم إدراجها مؤخرا مع الشكوى المقدمة إلى مجلس الأمن من قبل وزارة الخارجية العراقية”.

ويشير إلى أن “مجلس الأمن الدولي سوف يعقد جلسته الخاصة لمناقشة شكوى العراق يوم الثلاثاء المقبل وفق إحاطة وزير الخارجية في البرلمان، فيما قدم وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش ونائب رئيس العمليات المشتركة شرحا عن التجاوزات التركية، إضافة إلى إيضاحات تخص المناطق الوعرة التي يتواجد فيها عناصر حزب العمال الكردستاني داخل العراق، مع تقديم شرح كامل عن التقرير الأمني الخاص بالتحقيق في حادثة القصف التركي، والذي يؤكد أن القصف تركي 100 بالمئة وليس هناك أية جهة أخرى ربما تكون متهمة بهذا العمل”.

وعقد مجلس النواب، يوم أمس، جلسته الأولى من الفصل التشريعي الثاني بحضور 242 نائبا لمناقشة القصف التركي على مصيف برخ، في زاخو بحضور وزيري الخارجية والدفاع وقادة بالجيش.

وكان مصيف سياحي في قرية برخ التابعة لقضاء زاخو بمحافظة دهوك، تعرض إلى قصف مدفعي في 20 تموز يوليو الحالي، أصاب وأودى بحياة 31 مدنيا أغلبهم من النساء والأطفال، وسط تأكيدات شهود عيان في المنطقة بأن هذا المصيف يقع عند حدود زاخو وتحيط به نقاط القوات التركية، ولا يشهد أي نشاط إرهابي من قبل أي جماعة.

وأكد وزير الخارجية فؤاد حسين، خلال كلمته في الجلسة أنه “لسنا بصدد تصعيد سياسي أو أمني أو عسكري مع الجانب التركي ويجب فتح باب المفاوضات مع الأتراك”، مبينا أن مجلس الأمن سيعقد يوم الثلاثاء المقبل جلسة طارئة لمناقشة الاعتداءات التركية ضد العراق.

كما أشار حسين في كلمته، إلى وجود محضر رسمي موقع من قبل وزير الخارجية العراقي في النظام السابق طارق عزيز مع نظيره التركي عام 1984 ولمدة سنة واحدة فقط يقضي بالسماح لدخول القوات التركية داخل الأراضي العراقية مسافة 5 كم، منوها إلى تسجيل أكثر من 22 ألفا و700 انتهاك تركي منذ 2018 ضد سيادة العراق.

وأكد حسين أن وزارة الخارجية العراقية قدمت 296 مذكرة احتجاج على التدخلات التركية وتم إدراجها مؤخرا مع الشكوى المقدمة إلى مجلس الأمن الدولي تجاه تركيا.

ومن ضمن مجريات الجلسة، أكدت النائبة عن الإطار التنسيقي ابتسام الهلالي، أن وزيري الدفاع والخارجية والقادة العسكريين أبلغوا مجلس النواب بأن العراق لا يمتلك الطائرات الحربية والمعدات العسكرية الكافية التي تمكن القوات المسلحة العراقية للرد العسكري على تركيا.

لكن رئيس مجلس النواب، وخلال الجلسة، أعلن عن نفي هذه المعلومات، وأكد أن وزير الدفاع لم يقل أن الجيش العراقي غير قادر على الرد العسكري على تركيا.

من جهته، يقر عضو لجنة التحقيق البرلمانية-الحكومية بشأن القصف التركي، مهدي تقي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “من المعروف في العراق أن تشكيل أي لجنة في أي حادث يعني تسويف التحقيق وعدم كشف أي نتائج له للرأي العام أو اتخاذ قرارات حقيقية بشأنه، لكن هذه اللجنة سوف تختلف عن باقي اللجان من جميع النواحي”.

ويضيف تقي أن “اللجنة التحقيقية سوف تصدر قرارات بعد انتهاء عملها، وهذه القرارات ستكون ملزمة التطبيق للجهات الحكومية التنفيذية المتخصصة، ونحن في مجلس النواب سوف نراقب ونتابع تطبيق هذه التوصيات والقرارات ولن نقبل بأي مماطلة أو تسويف كما يحصل مع نتائج اللجان التي شكلت سابقا بحوادث مختلفة”.

وينوه إلى أن “هذه القضية تمس سيادة العراق وأمنه القومي، ولهذا لا يمكن القبول بأي مماطلة وتسويف، والقرارات والتوصيات التي سوف تصدر عن لجنتنا ستكون شجاعة وحازمة، وستكون فعلا رادعه للعدوان والاحتلال التركي، وسيكون أبرزها إخراج كامل القوات التركية من كافة الأراضي العراقية”.

وكان البرلمان، وفي ختام جلسة يوم أمس، قد شكل لجنة مكونة من أعضاء في لجنتي الأمن والدفاع والعلاقات الخارجية لمواكبة الجهد الحكومي تجاه هذه الأزمة ومتابعة إجراءات الحكومة مع الجهات الدولية لمعالجة المشكلة، على أن تقدم اللجنة النيابية تقريرها إلى مجلس النواب يوم الثلاثاء المقبل.

وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أعلن منتصف نيسان أبريل الماضي، عن بدء عملية عسكرية جوية لملاحقة مسلحي حزب العمال الكردستاني PKK في العراق، حملت اسم “القفل-المخلب”، واستهدفت مناطق متين وزاب وأفشين- باسيان، التي من المفترض أن تضم مواقع لحزب العمال الكردستاني ومخازن أسلحة وعتاد تابعة له.

يذكر أن البرلمان التركي صوت في 26 تشرين الأول أكتوبر الماضي، على تمديد وجود القوات العسكرية التركية لعامين آخرين في العراق وسوريا، وفوض الحكومة إرسال المزيد من القوات.

إلى ذلك، يبدي النائب المستقل أمير المعموري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، عدم رضاه عن غياب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي عن الجلسة، لافتا إلى أن الكاظمي “المسؤول الأول في الدولة العراقية عن حفظ أمن العراق وسيادته، ولا يوجد أي مبرر لعدم حضوره”.

ويتابع المعموري، أنه “خلال الأيام المقبلة سوف نعمل على طلب استضافة الكاظمي لمناقشة ما هي الخطوات التي سوف تتخذها الحكومة العراقية للرد على العدوان التركي، خصوصا بعد انتهاء التحقيق من قبل اللجنة البرلمانية- الحكومية، والتي سوف تصدر قرارات وتوصيات للرد عل العدوان وقرارات لمنع أي عدوان جديد تركي على العراق”.

ويشدد على أن “مجلس النواب من خلال لجانه وأعضائه من مختلف القوى السياسية، لن يقبل بأن يكون هناك أي تسويف ومماطلة بالقرارات والتوصيات التي سوف تصدر من قبل اللجنة البرلمانية- الحكومية، ولاسيما أن كل خيارات الرد ستكون مفتوحة ومتاحة للعراق، فهو قادر على الرد بأية طريقة يريدها”.

ومنذ مطلع العام الماضي، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة إلى الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

وكشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق، عن منح الكاظمي الضوء الأخضر لإردوغان خلال لقائهما في أنقرة في 17 كانون الأول ديسمبر الماضي، بالدخول إلى سنجار، بسبب عجزه عن تنفيذ اتفاق بغداد-أربيل للسيطرة على القضاء وطرد عناصر حزب العمال الكردستاني منها، بحسب مصادر حضرت اللقاء.

يذكر أن رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدرم، أقر في العام 2018، بوجود 11 قاعدة عسكرية تركية داخل العراق، قائلا “قمنا بإنشاء 11 قاعدة عسكرية وضاعفنا عدد جنودنا وقواتنا في تلك القواعد لمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني قبل التوغل إلى حدودنا”.

وتنتشر القواعد التركية في مناطق بامرني وشيلادزي وباتوفان وكاني ماسي وكيريبز وسنكي وسيري وكوبكي وكومري وكوخي سبي وسري زير ووادي زاخو والعمادية.

إقرأ أيضا