الموقف الدولي من أزمة العراق.. مساع للتهدئة وقلق من هجرة جديدة

في ظل تسارع الأحداث السياسية داخل العراق، وبلوغها مراحل متقدمة عبر الاعتصام والتظاهرات بين طرفي…

في ظل تسارع الأحداث السياسية داخل العراق، وبلوغها مراحل متقدمة عبر الاعتصام والتظاهرات بين طرفي النزاع، يبرز للواجهة تساؤل حول الموقف الدولي مما يجري، وفيما أكد خبراء أن موقف أوروبا والولايات المتحدة سيكون داعما للتهدئة واستقرار البلد، أشاروا إلى وجود دعم دولي للحراك الشعبي على أن لا يصل لمرحلة العنف، تحسبا من موجة هجرة جديدة كما جرى في عام 2015.

ويقول الكاتب والصحفي العراقي المقيم في فيينا زياد السنجري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الأزمة الأوكرانية ومشاكل الطاقة في العالم وتراجع الاقتصاد والانكماش الذي حصل في العالم بصورة عامة وأوروبا بشكل خاص، كل ذلك أدى إلى تقليص الدور الأوروبي في أغلب دول العالم، وتحديدا في منطقة الشرق الأوسط، لكن أوروبا تراقب ما يحدث الآن في العراق لأنها معنية به بطريقة أو بأخرى، فهي تعرف أن أية أزمة في العراق ستنعكس سلبا على أوروبا، من قبيل حصول موجة نزوح جديدة على غرار موجة 2014 و2015”.

ويوضح السنجري، أن “البعثات الدبلوماسية الأوروبية اتخذت أعلى التدابير الأمنية داخل العراق، خصوصا بعد القصف الصاروخي الذي تعرضت له المنطقة الخضراء ومطار بغداد الدولي خلال الفترات الماضية، وهذه الأيام ارتفعت التدابير بعد الأحداث الأخيرة في المنطقة الخضراء”.

ويضيف أن “بعض المكاتب الدبلوماسية والاقتصادية للسفارات والبعثات الدولية، ربما سوف تغلق بشكل مؤقت، لحين حسم الأزمة السياسية الحاصلة في العراق حاليا”، مشيرا إلى أن “الموقف الأوروبي تجاه الأزمة الحالية هو موقف ثابت ويدعو إلى التهدئة والحوار والتفاهم، وهو غير منفصل عن موقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في رفض استخدام العنف من قبل أي طرف ضد أي طرف آخر، كما أن الاتحاد الأوروبي لن يستطيع إلا أن يحترم إرادة الشعب العراقي وما سينتج عن الحراك الشعبي حاليا داخل العراق”.

ويشهد البلد تصاعدا بحدة الخلاف السياسي، حيث أقدم أنصار التيار الصدري يوم السبت الماضي، على اقتحام مجلس النواب والاعتصام فيه، وسط ردود متباينة من قبل قادة الإطار التنسيقي، الذين دعوا بداية الأمر إلى المواجهة، وسرعان ما تراجعوا واتجهوا نحو التهدئة.

لكن تهدئة الإطار رافقها إخراج تظاهرات مضادة للتيار الصدري، عند أسوار المنطقة الخضراء، وهذه التظاهرات لم تستمر سوى ساعتين، حيث صدر قرار بانسحاب المتظاهرين.

جدير بالذكر، أن الدول الأوروبية استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين خلال عامي 2014 و2015 بالتزامن مع اجتياح تنظيم داعش لبعض محافظات البلد، ما دفع السكان إلى الخروج من العراق إلى بلدان اللجوء الأوروبي عبر تركيا التي فتحت حدودها البرية، ما أدى إلى نزوح موجات بشرية قدرت بنحو مليوني شخص، من كافة الجنسيات.

يشار إلى أن السفيرة الأمريكية لدى بغداد آلينا رومانوسكي، التقت يوم أمس رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وأكدت على احترام إكمال الاستحقاقات الدستورية وعلى سلمية حق التظاهر والتعبير عن الرأي وحماية الممتلكات العامة والخاصة.

وكانت السفارة الأمريكية أعلنت، قبل يومين، عن تأييدها لمبادرة رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، لحل الأزمة السياسية، وهذا إلى جانب تأييد المبادرة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

في الأثناء، يبين رئيس مؤسسة المستقبل في واشنطن انتفاض قنبر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العراق هي دعم الاستقرار على مختلف الأصعدة ودعم سيادة العراق وقواته الأمنية ودعم الاقتصاد ومكافحة الفساد ومنع التدخل الإيراني”.

ويشير قنبر، إلى أن “الولايات المتحدة تدعم أي جهد عراقي ضد التدخل الإيراني وهي تؤيده بقوة ولا تمانع أي تحرك شعبي ضد إيران وحلفائها في العراق، بل هي تشجع أي تحرك تجاه هذا الأمر”.

ويلفت إلى أن “الصراع السياسي الحالي في العراق، لن يؤثر على دعم الولايات المتحدة له على مختلف الأصعدة، بل أن الدعم سوف يستمر وبقوة، وهناك إجماع على هذا الأمر من قبل الإدارة الأمريكية، وهذا الموقف نفسه هو موقف غالبية دول الاتحاد الأوروبي”.

يذكر أن “العالم الجديد” تناولت في تقرير سابق، مدى مقبولية حكومة يشكلها الإطار التنسيقي من قبل دول العالم، وفيما بين صحفي عراقي معتمد لدى حلف الناتو أن أوروبا لن تتعامل مع هذه الحكومة، وستكون معزولة، قلل الإطار التنسيقي من هذا الطرح وأكد أنه ليس بحاجة لاعتراف كل الدول بالحكومة التي يشكلها.

جدير بالذكر، أن رئيس تحالف العزم مثنى السامرائي، بحث يوم أمس مع السفير البريطاني في بغداد مارك برايسون، الأوضاع السياسية في البلاد والمرحلة الحرجة التي يمر بها العراق.

يشار إلى أن السفير البريطاني سبق وأن أكد خلال اعتصام أنصار التيار الصدري في البرلمان، الحق في الاحتجاج السلمي واحترام مؤسسات الدولة وممتلكاتها، كونه جزءا مهما من الديمقراطية، مرحبا بالاستجابة الأمنية المحسوبة للاحتجاجات، لكنه عبر عن القلق من تصاعد التوترات، وشجع جميع الأطراف على ممارسة ضبط النفس والتهدئة.

من جهته، يوضح الخبير في العلاقات الدولية خالد عبد الإله خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المجتمع الدولي بصورة عامة سوف يدعم النظام السياسي في العراق، خصوصا أن هناك دعوة صريحة بهذا الشأن أعلنت خلال مؤتمر جدة الأخير في السعودية، ودليل ذلك استمرار عمل البعثات الدبلوماسية بقوة في العاصمة بغداد”.

ويضيف عبد الإله، أن “أي خلاف وصراع سياسي في العراق لن يؤثر على الدعم الدولي له على كافة الأصعدة، خصوصا أن المجتمع الدولي يراقب جيدا ما يجري على الساحة العراقية وهو مع التهدئة وإيجاد الحلول، وكل المواقف التي صدرت بعد التظاهرات تؤكد دعم العراق واستمرار هذا الدعم”.

ويلفت إلى أن “هناك من يروج بأن المجتمع الدولي سيسحب الدعم وينهي تواجده في العراق بسبب التطورات السياسية الأخيرة، وهذا غير صحيح، خصوصا أن المجتمع الدولي تلقى رسائل من أطراف عدة بمنع أي تدخل خارجي بالشأن السياسي العراقي، ولهذا فإنه سيكون حذرا في التعاطي مع الأزمة العراقية، لكنه سيكون داعما للعراق”.

ويردف أن “قضية سحب الدعم أو خفض التواجد الدولي في العراق بسبب تطورات المشهد السياسي، أمر غير مطروح من كافة الدول، بل أن المجتمع الدولي سيكون داعما للعراق للوصول إلى حلول، وبهذا يؤكد المجتمع الدولي ضرورة وجود عراق قوي موحد قادر على لعب دور محوري في منطقة الشرق الأوسط، كما أن الدول تريد للعراق أن يكون أرضا للاستثمار الخارجي، ولهذا فإن الدعم سيبقى مستمرا ولا يتراجع”.

وكانت “العالم الجديد” ناقشت في تقرير سابق مسألة اهتمام الدول الأوروبية بالعراق، وخاصة فرنسا، ووفقا لمتخصصين بالعلاقات الدولية، فإن أوروبا تسعى لاستقرار العراق والتواجد فيه، وتسعى لتهدئة الأوضاع فيه، لأن أي خلل أمني أو سياسي فيه، سيؤدي إلى انعكاسات أمنية على وضع أوروبا، وسيؤثر أيضا على دول الجوار.

إقرأ أيضا