وسط صراع “التيار” و”الإطار”.. هل كشفت “ساحة النسور” انقسام “التشرينيين”؟

في خضم الصراع الدائر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، تكشف تظاهرات “ساحة النسور” في بغداد،…

في خضم الصراع الدائر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، تكشف تظاهرات “ساحة النسور” في بغداد، انقسام “متظاهري تشرين” حيال المشاركة في تظاهرات الصدريين القائمة داخل “المنطقة الخضراء”، ففيما رأى بعضهم أن تلك التظاهرات لا تحظى بدعم كامل من “التشرينيين”، أكد آخرون على عدم إمكانية تصنيفها لدعم أي من طرفي النزاع، لأنها مستقلة.

ويقول الناشط بشير الحجيمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تظاهرة ساحة النسور لم تحظ بإجماع كامل من كل أبناء تشرين، لأنها جاءت في توقيت قد يجعلها محسوبة على أحد الأطراف المتصارعة حاليا”، لافتا إلى أن “موقف تشرين حاليا هو النأي بالنفس عن الصراع الدائر، وهو ما أثبتته بيانات الحبوبي وواسط وبغداد والبصرة وبابل“.

وشهدت ساحة النسور غربي بغداد، أمس الجمعة، تجمعا لمئات من المتظاهرين، الذين طالبوا بإزاحة الطبقة السياسية الحالية وتغيير نظام الحكم إلى رئاسي أو شبه رئاسي.

ويوضح الحجيمي، أن “المتظاهرين في ساحة النسور هم تشرينيون، ولكن كان لديهم اجتهاد خاص بالخروج في تظاهرات، لأن معظم أبناء تشرين الآخرين في المحافظات لم يؤيدوا هذا الاجتهاد“.

وتأتي هذه الحركة الاحتجاجية في ظل تظاهرات قائمة للتيار الصدري، للمطالبة بحل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة، وهو ما جوبه سابقا بتظاهرات للإطار التنسيقي.

ومن وجهة نظر مختلفة، يرى الناشط محمد الياسري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “تظاهرة ساحة النسور تمثل التشرينيين بكل تأكيد، وهناك إجماع عليها، والحديث عن أنها ممكن أن تحسب على طرف سياسي من الأطراف المتصارعة الآن غير صحيح، لأن المطالب الحالية هي نفسها التي طالبنا بها سابقا“.

ويشير الياسري إلى أن “من يرفع مطلبا معينا حاليا فهو من يحسب على تشرين، وليس نحن من نحسب عليه، وتظاهرتنا أمس، كانت عبارة عن وقفة وانتهت“.

وكشفت “العالم الجديد” في أيار مايو الماضي، عن التحضير لحراك كبير يجري بين قادة التظاهرات لتوحيد الصفوف من أجل الخروج بتظاهرات جديدة، نظرا لعدم تحقق أي من المطالب الخاصة بالمتظاهرين، إلى جانب عدم إيفاء رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بما قطعه من وعود، وخاصة ملف الكشف عن قتلة المتظاهرين.

وظهر تباين واضح بين أوساط المتظاهرين “التشرينيين” حيال دعوة التيار الصدري للمشاركة الجماهيرية في التظاهرات التي نظمها أتباعه داخل المنطقة الخضراء ومجلس النواب، حيث يظهر البعض حماسة للمشاركة لاقتناص هذه الفرصة، والبعض الآخر يرفض المشاركة بالمطلق، فيما تذهب شريحة ثالثة إلى المشاركة المشروطة.

وكان الأمين العام لـ”جبهة تشرين”، الراحل صبري العقيلي، أكد في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، أن “قوة كقوة تشرين لا يمكن أن تتمحور بمحاور السلطة، سواء مع التيار أو الإطار، حيث أن الصراع الحالي هو صراع مصالح، وليس من أجل بناء دولة أو إعادة إنتاجها وفق رؤية وطنية يحكمها القانون ومبدأ المواطنة والعدالة“.

وعقد ممثلون لساحات التظاهر، يوم الثلاثاء الماضي، اجتماعا موسعا في ناحية الدبوني بمحافظة واسط، وأصدروا بياناً موحداً بخصوص الأوضاع على الساحة العراقية، أكدوا مشاركتهم بتظاهرات التيار الصدري وعزمهم دخول المنطقة الخضراء، مطالبين بتطمينات من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر للاستمرار في الاحتجاج بسبب انعدام الثقة بالتيار الصدري، كونه “جزءا من منظومة الحكومات الفاسدة المتعاقبة، فضلاً عن الانسحاب المخيب للآمال لاحتجاجات 2016 والتي شارك بها الشعب ثقة بالتيار الصدري للخلاص من المنظومة السياسية الفاسدة، يتبعها عدة مواقف تحوم خلالها شبهات القتل والقمع حول التيار الصدري، فضلاً عن تذبذب القرارات القيادية للتيار وعدم وجود خارطة طريق واضحة للاحتجاجات الحالية” على حد تعبيرهم.

وأجمل بيان المتظاهرين، تلك التطمينات بنقاط أبرزها “محاسبة فاسدي التيار، وتعهد الصدر بتحقيق جزءٍ من المطالب الشعبية الملحة، كحل أزمة الماء أو توزيع البطاقة التموينية.. وتقديم خارطة طريق واضحة المعالم للخطوات والبدائل القادمة”، معلنا تأييدهم لـ”مطالب تغيير شكل النظام وإعادة كتابة الدستور ومحاسبة الفاسدين”.

في حين، رفض متظاهرون في ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية (جنوبي البلاد)، وهي إحدى إيقونات تظاهرات تشرين، في بيان لهم يوم الأربعاء الماضي، أية مشاركة في التظاهرات الحالية، لأنها عبارة عن “صراع من أجل المناصب والمكاسب في حكومة الأحزاب والطبقة السياسية الفاسدة.. وليست للشعب فيها مصلحة او فائدة..”، على حد تعبير اليان الذي أشار أيضا إلى أن “ثوار ساحة الحبوبي لن يكونواً جزءا من هذا الصراع ولن يكونوا حطبا في محرقة الأحزاب التي عاثت في بلدنا الخراب والفساد على مدى 19 سنة..”، منوها إلى أن “تشرين هي الصادقة بإسقاط النظام وهي الصادقة بالتغيير الجذري ولا ننتظر من جهة أو حزب أن يتبنى هذه المطالب وهو جزء من هذا النظام الفاسد”. في إشارة إلى تظاهرات الصدريين”.

إلى ذلك، يشير رئيس منظمة تشرين لحقوق الإنسان علي الدهامات خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “كل التظاهرات من 2011 ولغاية الآن متصلة بسلسلة واحدة تتضمن رفض النظام المحاصصاتي، ولكن المطالب الآن زادت برفض النظام البرلماني الذي حولوه إلى نظام محاصصة، وباتت تنادي بنظام رئاسي أو شبه رئاسي“.

ويظهر الدهامات نزعة ثورية، بالتعبير عن رغبة المتظاهرين في “اقتلاع الطبقة السياسية الحالية وتغيير النظام الفاسد، خاصة وأن تشرين أصبحت ذات تمثيل سياسي وبرلماني”، لافتا إلى أن “هناك وقفات وتظاهرات أخرى ستخرج لاحقا للمطالبة بتحقيق تلك الشعارات.

وينوه إلى “عودة التظاهرات لمطالبها التي انبثقت في الأول من تشرين الأول (أكتوبر) 2019، والمتضمنة إسقاط النظام”، موضحا أنه “شعار كان حاضرا في ساحة النسور مع المطالبة بإسقاط الحكومة الحالية“.

جدير بالذكر، أن تشرين الأول أكتوبر 2019، شهد أكبر حراك احتجاجي، عبر تظاهرات أطلق عليها “ثورة تشرين”، لكن سرعان ما واجهتها الأجهزة الأمنية بالعنف، ما أدى إلى مقتل أكثر من 600 متظاهر وإصابة نحو 26 ألفا آخرين، كما أسفرت عن استقالة رئيس الحكومة في حينها عادل عبد المهدي، حتى تم التصويت على حكومة مصطفى الكاظمي في أيار مايو 2020.

وأجريت الانتخابات المبكرة في تشرين الأول أكتوبر الماضي، بناء على تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019 التي طالبت بتعديل مسار العملية السياسية وإبعاد المحاصصة وإجراء انتخابات مبكرة، وعلى هذا الأساس قدم رئيس الحكومة في حينها عادل عبد المهدي استقالته، وجرى تكليف مصطفى الكاظمي في أيار مايو 2020 بهدف التهيئة لإجراء الانتخابات المبكرة.

وكان محللون، قد رجحوا في أيار مايو الماضي، عودة التظاهرات إلى الواجهة، احتجاجا على تردي الخدمات وخاصة الكهرباء، إلى جانب تأكيدهم في تقارير سابقة لـ”العالم الجديد”، على أن التظاهرات مقبلة بكل الأحوال، سواء شعبية أو سياسية، في حال استمر الانسداد السياسي في البلد دون حل سريع.

وتعاني البلاد من أزمات عديدة على مستوى تردي الخدمات، بدءا من الماء الصالح للشرب والطرق والجسور وتراكم النفايات، وهذا يضاف إلى السبب الرئيس وهو تردي تجهيز الكهرباء، وهذه الأزمة قائمة منذ سنوات طويلة ولم تحل لغاية الآن، خاصة وأن وزارة الكهرباء أكدت لـ”العالم الجديد” قبل أيام، أن الحل مرهون بتوريد إيران للغاز، ومن دونه سيقع البلد في “مشكلة” على مستوى تجهيز الكهرباء.

وتتفاقم الأزمة السياسية الحادة منذ إجراء الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر الماضي، حيث دخل التيار الصدري والإطار التنسيقي، صراعا حول شكل الحكومة، انتهى بانسحاب الكتلة الصدرية من البرلمان والتوجه للتظاهرات.

إقرأ أيضا