ارتفاع واردات تركيا.. ما تأثيره على الصناعة العراقية؟

جاء ارتفاع نسبة الصادرات التركية إلى العراق، ليعيد الحديث مجددا عن آثاره السلبية على الاقتصاد…

جاء ارتفاع نسبة الصادرات التركية إلى العراق، ليعيد الحديث مجددا عن آثاره السلبية على الاقتصاد العراقي، وفيما عزا متخصصون هذا الارتفاع إلى فتح العراق حدوده والاستيراد خلال الأشهر الماضية، أشاروا إلى نقطة أخرى تتمثل بارتفاع أجور الأيدي المحلية العاملة، وهو ما يعيق تطوير صناعته.

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “سبب ارتفاع نسبة الاستيراد من تركيا هو قيام الحكومة العراقية بفتح أبواب الاستيراد على مصاريعها لتجنب خطر أزمة الغذاء العالمية الناتجة عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا”.

ويوضح المشهداني، أن “الحكومة قررت فتح الاستيراد والإعفاء الجمركي لمدة 3 أشهر ثم مددت المدة لـ3 أشهر أخرى، وبالتالي ارتفعت نسبة الاستيراد من تركيا باعتبارها شريكا تجاريا أساسيا للعراق في توفير المواد الأساسية إلى جانب إيران”.

ويبين أن “السبب الآخر لارتفاع حجم الاستيراد من تركيا هو أن الجانب التركي مصدر رئيس لمعظم مفردات السلة الغذائية”، لافتا إلى أنه “وفقا للمؤشرات الاقتصادية المعتمدة فأن علاقة العراق التجارية بتركيا ضمن المعدل الطبيعي”.

وبشأن الأصوات المنادية بقطع العلاقات التجارية مع تركيا ردا على “انتهاكاتها” العسكرية والمائية، يشير المشهداني إلى أن “هذه الدعوات لا تعدو كونها إعلامية، لأن قطع العلاقات التجارية مع تركيا ليس بالأمر السهل”.

ويضيف أن “بالإمكان اللجوء إلى دولة بديلة عن تركيا لاستيراد ما يحتاجه العراق منها، ولكن هذا التحول يستغرق وقتا لا يقل عن سنة، ثم أن غالبية من يستوردون من تركيا هم التجار وليس الحكومة، وهؤلاء لا يمكن منعهم من التواصل التجاري مع الجانب التركي إلا بزيادة التعرفة الجمركية على البضائع التركية وإخضاعها لضوابط المواصفات، ولكن هنا تبرز مشكلة كردستان”.

ويتابع المشهداني أن “منافذ إقليم كردستان ليست تحت سيطرة الحكومة الاتحادية، وبالتالي ستبقى هذه المنافذ معبرا واسعا للبضائع التركية مهما اتخذت بغداد من إجراءات، ومن هذه المعابر تنتقل البضائع إلى مختلف المدن العراقية”.

وكانت تركيا أعلنت قبل أيام، أن حجم الاستيرادات العراقية للنصف الأول من السنة الحالية بلغ 5.4 مليار دولار بارتفاع بلغت نسبته 24 بالمئة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.

وحققت استيرادات المواد الغذائية والمشروبات النسبة الأكبر بنسبة بلغت 27 بالمئة من مجمل الاستيرادات، وبقيمة بلغت 1.38 مليار دولار، تليها مواد الأثاث والتي بلغت نسبتها 20 بالمئة من مجمل الاستيرادات وبقيمة بلغت مليار دولار، ثم استيراد المعادن الأساسية والتي بلغت 7 بالمئة من مجمل الاستيرادات وبقيمة 374 مليون دولار أمريكي.

كما حقق استيراد البضائع من تركيا رقما قياسيا في شهر حزيران يونيو الماضي، ليتجاوز حاجز المليار دولار مرتفعا بنسبة 20 بالمئة مقارنة مع استيرادات العراق في شهر أيار مايو الذي سبقه، ومرتفعا بنسبة 22 بالمائة مقارنة مع شهر حزيران من سنة 2021.

يشار إلى أن قيمة صادرات العراق إلى تركيا، خلال النصف الأول من السنة الحالية، بلغت 492 مليون دولار فقط، وكانت معظمها منتجات نفطية مكررة.

من جهته، يعزو الخبير الاقتصادي ملاذ الأمين خلال حديث لـ”العالم الجديد”، ارتفاع الصادرات التركية للعراق إلى أن “تركيا دولة حدودية مع العراق، إضافة إلى انخفاض أسعار بضائعها، كما أن العراق يشهد غياب التصنيع، وبالتالي فأن أرخص وأقرب شيء له هي المنتجات التركية”.

وإزاء قطع العلاقات التجارية مع تركيا ردا على قصفها مصيف دهوك وأعمالها الأخرى التي توصف بـ”العدوانية”، يؤكد الأمين أن “قطع هذه العلاقات سهل جدا ما دام العراق يمتلك الأموال، ويستطيع الاستيراد من دول عدة سواء القريبة أو عن طريق البحار”.

ويلفت إلى أن “للبضائع التركية آثار سلبية كبيرة على الصناعات العراقية، وقد تتسبب بعدم نمو وتطور الصناعات المحلية، حيث أن تركيا متقدمة صناعيا ومنتجاتها رخيصة”، موضحا أن “المشكلة الأساسية في العراق هو ارتفاع أجور اليد العاملة باعتبار أن المستوى المعيشي في العراق أكثر رفاهية من دول الجوار، وهو ما يعيق الاستثمارات الصناعية فيه”.

يذكر أن جهاز الإحصاء التركي، نشر قبل أيام تقريرا كشف فيه عن ارتفاع قيمة استيرادات العراق من تركيا للربع الأول من السنة الحالية بنسبة 27 بالمئة مقارنة مع الربع الأول من 2021، لتصل قيمة المواد المستوردة إلى 2.7 مليار دولار، فيما ارتفعت قيمة الأغذية المستوردة بنسبة 63 بالمئة، بينما ارتفعت قيمة المشروبات والتبوغ بنسبة 101 بالمئة، فيما مثلت استيرادات العراق من الأغذية والحيوانات ما نسبته 32 بالمئة من مجمل الاستيرادات.

يشار إلى أن العراق يتصدر بصورة مستمرة، قائمة المستوردين لأغلب السلع التركية، وغالبا ما تصدر بيانات تركية تفيد بحلول العراق في مراتب متقدمة، إذ يأتي عادة كثاني أو ثالث المستوردين لمختلف أنواع السلع، ومنها المواد الغذائية والمنتجات الزراعية والأخشاب، وحتى المكسرات.

يذكر أن تركيا أعلنت، في نيسان أبريل من العام الماضي، عن تصدر العراق قائمة المستوردين لمعجون الطماطم بقيمة 25 مليون دولار لثلاثة أشهر فقط، وهو ما أكده خبراء، وأشاروا إلى أن قيمة الاستيرادات الكلية من هذه المادة تبلغ نحو 100 مليون دولار سنويا، مرجحين وجود شبهات فساد، لأن هذا المعجون يذهب لتجهيز مفردات البطاقة التموينية، في ظل توقف المصنعين الوحيدين في كربلاء وواسط وعدم تأهيلهما لإنتاج معجون طماطم عراقي.

جدير بالذكر أن مجلس الوزراء قرر مطلع العام الحالي فتح الاستيراد للمواد الغذائية، بعد أن كان قد منعها لدعم المنتج المحلي، لكن جاء القرار في خطوة لتخفيض أسعار المنتجات المحلية بعد أن ارتفعت بشكل كبير، وما زال القرار ساريا لغاية الآن.

وكان اتحاد مصدري منطقة البحر المتوسط في تركيا، أعلن العام الماضي أن العراق جاء ثانيا كأكبر مستورد لليمون من تركيا، خلال الفترة بين كانون الثاني يناير-تموز يوليو 2021، حيث كانت روسيا أكثر البلدان استيرادا لليمون التركي، وحل العراق في المركز الثاني، تلته رومانيا وأوكرانيا وصربيا.

وأعلنت هيئة الإحصاء التركية، في تشرين الأول أكتوبر 2021، عن حلول العراق بالمرتبة الرابعة على قائمة الدول التي يتم تصدير السلع التركية إليها في شهر آب أغسطس الماضي، بقيمة 939 مليون دولار، كما أن العراق حل خامسا في صادرات تركيا في الفترة من كانون الثاني يناير الماضي، ولغاية شهر آب أغسطس الماضي، بقيمة مالية بلغت ستة مليارات و599 مليون دولار.

إقرأ أيضا