ارتفاع أسعار المواد الغذائية يعصف بالمواكب الحسينية

لم تعد كميات الطعام التي توزعها المواكب الحسينية في شهر محرم عموما وفي ليلة عاشوراء…

لم تعد كميات الطعام التي توزعها المواكب الحسينية في شهر محرم عموما وفي ليلة عاشوراء على وجه الخصوص كما كانت سابقا، فقد انخفضت بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بعد الحرب الروسية- الأوكرانية، كما يفيد أصحاب مواكب حسينية وبائعو أغذية.

 

ويقول مهدي كريم، صاحب محل مواد غذائية، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تجار الجملة يقدمون في كل محرم من كل عام على رفع سعر المواد الغذائية بمبلغ 2000 أو 3000 دينار (1.4 الى 2 دولارين)، بسبب ازدياد الطلب من قبل أصحاب المواكب”.

ويحيي المسلمون الشيعة في العراق والعالم، يوم العاشر من محرم، مع توافد مئات الآلاف من الزوار القادمين من داخل البلاد وخارجها إلى مدينة كربلاء حيث مرقد الإمام الحسين حفيد النبي محمد، والتي تحمل زيارتها رمزية كبرى في هذه الذكرى، التي تجسد مقتله في العاشر من شهر محرّم العام 680 للهجرة، على يد جنود الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، خلال معركة في كربلاء.

ويوضح كريم، أن “تجار اللحوم بمختلف أنواعها يعملون أيضا على رفع الأسعار في مثل هكذا مناسبات، مستغلين إقبال المواطنين على بضاعتهم لحاجتهم الماسة إليها”، مشيرا إلى أنه “في الوقت الذي كانت فيه أسعار المواد الغذائية واللحوم مناسبة ويستطيع الفرد شراءها، كانت كمية الطلب على المواد من قبل أصحاب المواكب أكبر بضعفين من الآن”.

 

ويتابع أن “التجار اتخذوا من الحرب بين روسيا وأوكرانيا ذريعة لرفع الأسعار تحت مبرر صعوبة نقلها واستيرادها”، لافتا إلى أن “ارتفاع سعر صرف الدولار تسبب أيضا في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فصار صاحب الموكب الذي كان يشتري كمية معينة بمبلغ معين لا يستطيع شراء نصفها الآن بالمبلغ ذاته”.

 

ويبين كريم، أن “سعر كيس الرز لم يكن يتجاوز 55 ألف دينار، بينما سعره الآن يصل إلى 64 ألف دينار، وكذلك وصل سعر عبوة زيت الطعام إلى أكثر من 3500 دينار بعد أن كان لا يتجاوز 1500 دينار، وهذه كلها أسباب تجعل أصحاب المواكب يقللون الكميات الموزعة أو المطبوخة في هذا الشهر”.

 

وشهد العام الحالي، ارتفاعا كبيرا بأسعار بعض السلع والمواد الغذائية بشكل عالمي، نتيجة للحرب الروسية- الأوكرانية، التي أدت إلى توقف إمدادات الكثير من المواد الأولية للعالم.

 

وقد ارتفعت أسعار الزيت النباتي بنسبة كبيرة، وصلت إلى 100 بالمئة في بعض البلدان، وفي العراق ارتفع سعر اللتر الواحد من 2750 دينارا إلى 4 آلاف دينار، وفي تركيا ارتفع السعر من 8 دولارات ونصف دولار إلى 18 دولارا لكل 5 لترات، فيما ارتفع في أستراليا من 17 إلى 35 دولارا أستراليا.

 

وبين مدة وأخرى، تشهد السوق العراقية أزمة تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، كانت أبرزها مطلع العام الماضي بعد تغيير سعر صرف الدولار، وقبلها وقعت أزمة أيضا خلال تفشي فيروس كورونا، حيث ارتفعت أسعار المستلزمات الطبية سواء المواد المعقمة أو الأقنعة الواقية وبعض الأدوية لمستويات كبيرة جدا.

 

يشار إلى أن دول جوار العراق، تشهد تحديد أسعار المواد الغذائية، سواء المستوردة أو المحلية، من قبل الدولة، فيما يخضع القطاع الخاص إلى عقوبات صارمة وغرامات كبيرة جدا في حال أقدمت أي سلسلة متاجر على رفع الأسعار، حيث تخضع جميعها لضوابط أجهزة رسمية متخصصة ولا يمكن حدوث تلاعب بالأسعار، إلا في حالات الانهيار الاقتصادي أو حدوث اختلاف كبير بسعر صرف العملات مقابل الدولار.

 

من جهته، يؤكد علي العبادي، صاحب موكب حسيني في بغداد لتقديم الخدمة للزائرين المتجهين إلى كربلاء، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “شراء المواد الغذائية قل نسبيا تزامنا مع ارتفاع أسعارها، حيث ارتفعت إلى ضعف ما كانت عليه السنوات السابقة”، مبينا أن “في الأعوام السابقة كنا نطبخ 10 أكياس رز في ليلة عاشوراء، أما السنة الحالية فسنطبخ 7 أكياس فقط بسبب ارتفاع الأسعار”.

 

وبشأن مصادر تمويل المواكب، يوضح العبادي، أن “لدينا صندوق تبرعات نضع فيه نحن القائمون خمسة آلاف دينار شهريا من كل فرد، إضافة إلى ما يضعه فيه المتبرعون الآخرون”، لافتا إلى أن “شراء الأغذية الخاصة بالموكب يتم بالأموال التي تجمع في الصندوق على مدار عام كامل”.

 

وتبدأ المواكب الحسينية بالانتشار في المناطق ذات الكثافة الشيعية، سواء في بغداد أو محافظات الوسط والجنوب، مع اقتراب اليوم العاشر من شهر محرم “عاشوراء”، وهو اليوم الذي شهد استشهاد الإمام الحسين وأخيه العباس وأهل بيته وصحبه، وتم فيه سبي نسائه وبناته في كربلاء على يد قوات الخليفة الأموي يزيد بن معاوية.

 

وتقوم المواكب الحسينية بنصب طاولات وقدور كبيرة، وتعمد إلى تقديم أنواع المأكولات والمشروبات لزائري كربلاء، فضلا عن القيام بعمل “التشابيه” وهي مشاهد تمثيلية تجسد واقعة الطف، فضلا عن شعيرة “الزنجيل”، وهي خروج مجموعة من الرجال يضربون أجسادهم بسلاسل حديدية صغيرة ومتوسطة الحجم، للتعبير عن حزنهم بواقعة الطف، ويرافقهم قرع طبول.

 

إلى ذلك، يفيد سلام كريم، أحد أصحاب المواكب الحسينية في بغداد، بأن “المواكب صارت تقلل من شراء المواد الغذائية بعد ارتفاع أسعارها”، مشيرا إلى أن “الغاية من الطبخ في الخدمة الحسينية هي إطعام العديد من الفقراء الذين لا يملكون قوت يومهم ويجدون في شهر محرم الحرام فرصة لتناول الطعام اللذيذ الغني باللحوم المحرومين منها في أغلب الأوقات”.

 

ويضيف كريم أن “الطلب على المواد الغذائية في السنوات الماضية، عندما كانت أسعارها مناسبة، كان كبيرا، ما يجعل الكميات الموزعة على الفقراء تغطي احتياجهم، على الأقل في هذا الشهر الفضيل، ولكن بعد ارتفاعها أصبح الشح ملحوظا في العديد من الأحياء السكنية، لأن أغلب الذين يتكفلون بالتوزيع من أصحاب الإمكانيات المادية المحدودة”.

 

وتشهد كربلاء وكافة مدن الوسط والجنوب، خلال هذه الأيام، أعدادا كبيرة من المواكب، فضلا عن توجه الزائرين لضريح الإمام الحسين وأخيه العباس، وتمتد هذه الشعائر حتى يوم الـ40 الذي يصادف بعد انتهاء شهر محرم بعشرة أيام، وفيه تكون “الزيارة المليونية” لكربلاء، حيث يتوجه ملايين الزائرين، مشيا على الأقدام لكربلاء.

وكان رئيس مجلس الوزراء، مصطفى الكاظمي، وجه كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية بتقديم كل الدعم والإسناد لمحافظة كربلاء ورصد كافة الإمكانيات في سبيل تقديم الخدمات الى زوار عاشوراء في كربلاء المقدسة”، بحسب وكالة الأنباء العراقية (واع).

في الأثناء، أعلنت الأجهزة الأمنية عن “تعزيز التواجد في المحافظة والطرق المؤدية لها، حيث أسهمت التشكيلات الأمنية المختلفة في فرض عملية تأمين مراسم الزيارة وفرض أطواق حماية”، وفق بيان صادر عن خلية الإعلام الأمني نقلته وكالة الأنباء العراقية.

في حين، أعلنت هيئة الصحة والتعليم الطبي في العتبة الحسينية، الثلاثاء، عن تجهيز ستة مستشفيات لخدمة الزائرين وتوزيع ألف طبيب وممرض في الميدان داخل العتبتين المقدستين وفي محيطهما، وفقا للوكالة العراقية.

إقرأ أيضا