تلميحات بأنها “متعمدة”.. ما علاقة السياسة بقطع الكهرباء عن الجنوب؟

ألمح مسؤولون في الكهرباء والمحافظات الجنوبية، إلى أن الحرائق التي طالت محطات توليد الكهرباء “متعمدة”،…

ألمح مسؤولون في الكهرباء والمحافظات الجنوبية، إلى أن الحرائق التي طالت محطات توليد الكهرباء “متعمدة”، وسط تأكيدهم على فتح تحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية، فيما عدها الإطار التنسيقي “لعبة سياسية” قامت بها الحكومة لإدامة زخم التظاهرات، كاشفا عن وجود طلب نيابي لعقد جلسة طارئة لمناقشة واقع الكهرباء في جنوب البلد.

ويقول النائب الأول لمحافظ البصرة محمد طاهر التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التحقيقات ما زالت مستمرة من قبل جهات متخصصة في الحكومة المحلية والحكومة الاتحادية للوصول إلى السبب الحقيقي وراء احتراق الوحدة الخامسة في محطة كهرباء خور الزبير، والتي أدت إلى قطع الكهرباء عن أغلب مناطق المحافظة”.

ويبين التميمي، أن “هناك إجراءات صارمة صدرت لمنع تكرار هكذا حوادث تؤدي إلى خروج المحطات عن الخدمة بسبب الحرائق أو الأعطال الفنية، خصوصا وأن أغلب تلك الحوادث تكون من خلال تحميل المحطات فوق طاقتها”.

وبشأن صدور قرار بتخفيض حصة البصرة من وزارة الكهرباء، أكد التميمي، أنه “لا يوجد أي قرار بهذا الصدد، وفي حال صدر هكذا قرار فهو مرفوض والمحافظة سوف ترفض تطبيقه، خصوصا مع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وإنتاج محطات البصرة يصل إلى 5500 ميغاواط، وهو أصلا بحاجة إلى رفعه وليس تخفيضه”.

يشار إلى أن الشبكة الكهربائية في محافظات البصرة وميسان وذي قار شهدت ليلة أمس، وللمرة الثالثة على التوالي خلال أيام، انطفاء تاما بسبب انفجار الوحدة التوليدية الخامسة في محطة خور الزبير بمحافظة البصرة.

وكان العشرات من المتظاهرين في البصرة قطعوا يوم أمس طرقا مهمة وتقاطعات بينها الكزيزة والزبير وبغداد والتنانير بالإطارات المشتعلة، احتجاجا على تردي الكهرباء.

وشهدت ذي قار أيضا تظاهرات قطع فيها تقاطع الزيتون في الناصرية بالإطارات المشتعلة احتجاجا على تردي الكهرباء.

وكان المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، أعلن في 6 آب أغسطس الحالي، أن ما تم تداوله حول احتراق المحطة الغازية للطاقة الكهربائية في البصرة وخروجها عن الخدمة هي أنباء غير صحيحة، وأن العارض فني تمثل بانفجار في أحد قواطع الدورة ومحول التيار من جهة خط الخور بسبب درجات الحرارة العالية وزيادة الأحمال.

وجاء تصريح موسى في حينها، بعد تداول أنباء عن احتراق المحطة الغازية للطاقة الكهربائية في البصرة وخروجها عن الخدمة من دون معرفة الأسباب.

إلى ذلك، يبين مصدر مسؤول في الشركة العامة لإنتاج كهرباء الجنوب خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحريق الذي اندلع في محطة كهرباء خور الزبير بالوحدة الخامسة، أثيرت حوله شكوك كثيرة واعتراه الغموض، وهناك احتمالية أن يكون بفعل فاعل، من خلال تحميل هذه المحطة فوق طاقتها أو من خلال طريقة أخرى”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “التحقيقات مستمرة من قبل الجهات المتخصصة لمعرفة سبب هذا الحريق ومحاسبة أي مقصر فيه سواء كان بقصد أو من غير قصد، فهذا الحريق سبب كارثة حقيقية للطاقة الكهربائية في البصرة”.

ويشير إلى أن “الطاقة الكهربائية في البصرة عادت للعمل بنسبة أكثر من 90 بالمئة، والعمل مستمر على إعادة المنظومة الوطنية في البصرة بنسبة 100 بالمئة خلال الساعات المقبلة، بعد تعويض الوحدة الخامسة التي احترقت في محطة كهرباء خور الزبير، لأسباب ما زالت مجهولة”.

ويتابع المصدر أن “الحريق ربما يكون بفعل فاعل ووفق أجندات، وهذا الشيء متوقع، والتحقيق مستمر وتم حجز عدد من الأشخاص في مبنى الشركة لحين الانتهاء من التحقيق ولمنع هروب أي شخص قد يكون متورطا بهذه العملية بشكل متعمد أو نتيجة للإهمال”.

وكانت محافظات واسط والبصرة وميسان وذي قار، تعرضت يوم أمس إلى إطفاء تام للطاقة الكهربائية، وبحسب مديرية توزيع كهرباء واسط، فأن الإطفاء ناجم عن توقف محطة إنتاج الزبيدية بالكامل جراء عارض فني، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن محافظات الجنوب بالكامل.

وكان العام الماضي شهد، وللمرة الثالثة منذ العام 1990، انطفاء المنظومة الكهربائية في العراق انطفاء شاملا، لكنه الأول من نوعه من دون حروب، وقد عزي في حينها إلى توقف خط 400 المسيب عن العمل.

إلى ذلك، يؤكد النائب عن محافظة البصرة رفيق الصالحي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يحصل من ترد لواقع الطاقة في البصرة ومحافظات الجنوب بصورة عامة، هو أمر متعمد من قبل بعض الجهات، وتحديدا من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال، فهم يريدون تأجيج الشارع بالتظاهرات من جديد في جنوب العراق”.

ويشير الصالحي، وهو نائب عن الإطار التنسيقي، إلى “جمع أكثر من 130 توقيعا نيابيا بهدف عقد مجلس النواب جلسة طارئة في أي مكان تحدده رئاسة المجلس لمناقشة تردي الطاقة الكهرباء في الجنوب ولمنع خروج الأوضاع عن السيطرة في هذه المدن بسبب موجة الغضب الشعبي ومع الارتفاع الكبير في درجات الحرارة”.

ويلفت إلى “انتظار نتائج التحقيقات في حريق الوحدة الخامسة في محطة كهرباء خور الزبير، فهناك شكوك بأن يكون الحريق بشكل متعمد، وهذا ما يدفع الناس إلى التظاهر، وفعلا شهدت البصرة بعد ذلك تظاهرات غاضبة وقطع عدد من الطرق الرئيسة، ولهذا يجب الحذر من هكذا مخططات يريد البعض استغلالها في الصراع السياسي”.

ومنذ العام 2003 ولغاية اليوم، لم تشهد الطاقة الكهربائية في العراق أي تحسن ملحوظ، وفي كل صيف تتجدد التظاهرات في مدن الوسط والجنوب، احتجاجا على تردي تجهيز الطاقة.

كما أن ملف الكهرباء أثار الجدل خلال إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2021، حيث تضمنت تخصيصات “كبيرة” لصيانة المحطات، وبحسب أحد النواب، فقد تم رصد “هدر كبير” بأموال الصيانة منذ عام 2005 ولغاية العام الماضي.

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قد شارك في قمة جدة بالسعودية، في 16 تموز يوليو الحالي، وعقد اجتماعات ثنائية مع أغلب قادة دول القمة، وعقب اجتماعه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أعلن الأخير في مؤتمر صحفي عن الاتفاق على ربط شبكة كهرباء العراق بشبكة مجلس التعاون الخليجي عبر السعودية والكويت، وبعد المؤتمر وقع العراق والسعودية اتفاقية الربط.

وتعاني أغلب المحطات الكهربائية في العراق من التقادم، ولجأ العراق إلى استيراد الطاقة الكهربائية من إيران، ويحصل بصورة دورية على استثناء من العقوبات الأمريكية المفروضة عليها لاستمرار الاستيراد، ودفع في العام 2020 مبلغ 400 مليون دولار لإيران، وهو ما يمثل نصف مستحقاتها عن تصديرها الكهرباء له.

إقرأ أيضا