إيقاف رواتب وتخريب للمياه والكهرباء.. من يسعى لإثارة غضب الجنوب؟

سلسلة أحداث متسارعة حدثت في الجنوب، بدءا من إيقاف رواتب المحاضرين المجانيين في خمس محافظات،…

سلسلة أحداث متسارعة حدثت في الجنوب، بدءا من إيقاف رواتب المحاضرين المجانيين في خمس محافظات، وحتى محاولة تخريب قناة البدعة المائية في البصرة، مرورا بسلسلة حرائق غامضة، وهو ما يراه مسؤولون أحداثا “مفتعلة”، ما أدى إلى تبادل الاتهامات بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، فكل منهما اتهم الآخر بافتعال هذه الأزمات لتحريك الشارع، وسط تأكيد محلل سياسي على أن الأطراف السياسية تستخدم “أقذر وأبشع” الطرق للحفاظ على نفوذها.

ويقول المحلل السياسي القريب من الإطار التنسيقي حسين الهاشمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “لطالما استخدمت الكثير من الأوراق للضغط السياسي، بينها الكهرباء والمحاضرون بالمجان، كما أن الكثير من الجهات المتنفذة متوغلة في الدوائر الحكومية، وما زال الكثيرون يعملون في الدولة العميقة والتأثير على القضايا الأساسية في الشارع العراقي”.

ويضيف الهاشمي “لا نستغرب قيام أي جهة أو أفراد، بالاستفادة من السلطة، والإقدام على مثل هكذا أعمال تخريبية وعرقلة بعض القرارات”، مشيرا إلى أن “لدى التيار الصدري جمهورا نشيطا ويمكن أن يشكل ضغطا على الكثير من الفرقاء السياسيين”.

ويشير إلى أن “هناك عملية تحشيد واستنفار وإثارة للشارع للاستفادة منه في الكثير من القضايا من قبل التيار، ونحن نشهد الآن تحريكا كبيرا ضد الإطار التنسيقي، ولكن الكل يعلم أن الحكومة اليوم بيد التيار الصدري، وحكومة الكاظمي هي المستفيدة، ويمكن أن يوجه لها الاتهام في استخدام ورقة سوء الخدمات والكهرباء وبقاء الوضع على ما هو عليه”.

وكانت خلية الإعلام الحكومي أعلنت، أمس الثلاثاء، تعرض قناة البدعة (القناة الناقلة للمياه إلى محافظة البصرة) للتخريب من قبل مجموعة من المتجاوزين على القانون، عبر إقدامهم على كسر أكتاف القناة ضمن “كم ٩”، مؤكدة أن الهدف من العملية التخريبية حرمان أهالي البصرة من المياه.

يشار إلى أن البصرة تعرضت خلال الأيام القليلة الماضية إلى حرائق متتالية في محطات الطاقة الكهربائية، فيما رجح مسؤولون في المحافظة أن تكون هذه الحرائق مفتعلة، وذلك خلال حديث سابق لـ”العالم الجديد” في تقرير لها يوم أمس.

يذكر أن تنسيقيات المحاضرين والإداريين بالمجان، في محافظات كربلاء وواسط والديوانية وذي قار والمثنى، وعددعم 32 ألف شخص، كشفوا أمس الأول الإثنين، عدم شمولهم بالتمويل، أسوة بباقي المحافظات.

وهددت التنسيقيات بالتظاهر والاعتصام أمام وزارة المالية، مؤكدين أنه ليس من العدل والإنصاف أن يتم تمويل محافظة دون أخرى بحجة عدم وجود الأموال الكافية.

من جانبه، يفيد القيادي في التيار الصدري عصام حسين خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “التيار لم يتلاعب في تاريخه بخدمة الكهرباء أو أي خدمات أخرى، فلا يمكن أن نكون طرفا في إيذاء المواطن من أجل هدف سياسي”.

ويتابع حسين “لاحظنا العام الماضي، أن هناك حرقا للمستشفيات، ومع عمليات الحرق كان هناك تهيؤ إعلامي لتسقيط التيار الصدري، وهذا نضع تحته أكثر من عشرة خطوط”، مشددا على أن “التيار لا يستخدم الأزمات لأغراض سياسية”.

ويواصل حسين، أن “هذا الأسلوب هو أسلوب الإطار وليس التيار، وعليه فنحن نتهمه بافتعال أزمة الجنوب من خلال الكهرباء”، لافتا بالقول “بعد ردود الأفعال الغاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، ضد الأيدي الحزبية في هذا الموضوع، توقفت هذه الأعمال التخريبية واستقرت الكهرباء في الوسط والجنوب، لذا فنحن نشكك بنوايا الآخرين، وبأنهم يستخدمون قضايا المواطنين لأغراض سياسية”.

وتأتي هذه الأحداث في ظل أزمة سياسية كبيرة تعصف بالبلاد، وتتمثل باعتصام أنصار التيار الصدري قرب مبنى البرلمان، ودعوات زعيم التيار مقتدى الصدر لكافة فئات الشعب للالتحاق بالتظاهرات المطالبة بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

في مقابل ذلك، قام الإطار التنسيقي من جانبه، بإخراج تظاهرات بالضد من تظاهرات التيار الصدري، وحشد لها كافة فئات الشعب أيضا.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه المشاكل موجودة قبل أن تكون هناك أزمة سياسية، فقد كانت هناك مشاكل جذرية، سببها الفساد وسوء الإدارة ووجود مواقف حزبية وسياسية من تنفيذ المشاريع الخدمية”.

ويضيف البيدر “ربما الصراع السياسي استخدم هذه المشاكل في تأجيج الشارع لطرف معين، لكنها قائمة بحد ذاتها، كما أنها موجودة في المناطق السنية بشكل مقارب إلى حد كبير، إلا أن جرأة الشارع الشيعي وعدم مهابته السلطة خلافا للشارع السني، تجعله يبدي رد فعل على أي مشكلة خدمية”.

ويلفت إلى أن “هكذا أزمات أو عمليات فرض إرادة، من الممكن أن تنعكس سلبا على الشارع، وقد يستخدمها أحد الأطراف لأن نتائجها أو مخرجاتها تضر بالطرف الآخر، وهذا وارد في العملية السياسية، فالمنظومة السياسية تستخدم أقذر وأبشع وأفظع ردود الأفعال التي يمكن أن تستخدمها عصابات الجريمة المنظمة عندما يتعلق الأمر بالنفوذ”.

يذكر أن ناشطين اتهموا القوى السياسية بالسعي لصناعة الكثير من التظاهرات التي تشهدها البلاد، ومن ثم تستغلها لصالحها، وذلك حسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”.

فيما ظهر تباين واضح بين أوساط المتظاهرين “التشرينيين” حيال دعوة التيار الصدري للمشاركة الجماهيرية في التظاهرات التي نظمها أتباعه داخل المنطقة الخضراء ومجلس النواب، حيث يظهر البعض حماسة للمشاركة لاقتناص هذه الفرصة، والبعض الآخر يرفض المشاركة بالمطلق، فيما تذهب شريحة ثالثة إلى المشاركة المشروطة.

وكان الأمين العام لـ”جبهة تشرين”، الراحل صبري العقيلي، أكد في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، أن “قوة كقوة تشرين لا يمكن أن تتمحور بمحاور السلطة، سواء مع التيار أو الإطار، حيث أن الصراع الحالي هو صراع مصالح، وليس من أجل بناء دولة أو إعادة إنتاجها وفق رؤية وطنية يحكمها القانون ومبدأ المواطنة والعدالة”.

إقرأ أيضا