المياه الجوفية.. خزين مجهول وتحذير من غياب خطط الطوارئ لمواجهة الجفاف

في ظل موجة الجفاف التي تعصف بالعراق وعدم التوصل إلى حل مع دول الجوار بشأن…

في ظل موجة الجفاف التي تعصف بالعراق وعدم التوصل إلى حل مع دول الجوار بشأن الإطلاقات المائية، برزت مسألة المياه الجوفية للواجهة، وفيما امتنعت الجهة المعنية بها عن الكشف عن رقم محدد للخزين الاستراتيجي من هذه المياه، وأكدت ما يستخدم منها هو 10 بالمئة فقط، وجه خبير مائي انتقادا حادا لوزارة الموارد المائية، وأشار إلى أنها لا تملك رقما محددا لخزين المياه الجوفية لذا تمتنع عن الإعلان، منتقدا غياب أي خطة طوارئ لتأمين المياه، وخاصة في للعاصمة بغداد ذات أعلى كثافة سكانية.

ويقول مدير الهيأة العامة للمياه الجوفية باسم خلف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المياه الجوفية لا تحدد برقم معين، كما أنه لا يتم استخدام كل المياه الجوفية حتى إذا تم الإعلان عن رقم”، مؤكدا أن “ليس كل المياه الجوفية صالحة للاستخدام، فهناك مياه جوفية مالحة وأخرى صالحة للزراعة فقط، وبالتالي فإن عشر المياه الجوفية تتم الاستفادة منه فقط”.

ويضيف خلف أن “الجفاف في البلاد يقلل الكميات الآتية من المصدر المغذي، فيزداد استخدام المياه الجوفية، ولهذا فإن الهيأة تستمر بالتنبيه إلى ضرورة استخدام التقنيات الحديثة في الري لتقليل نسبة استخدام المياه الجوفية”، مبينا أنه “لا توجد مياه جوفية للطوارئ”.

وكانت “العالم الجديد” كشفت مطلع حزيران يونيو، عن توجه المزارعين في قضاء الحمدانية (قرقوش) في جنوب شرق الموصل، ونتيجة لشح المياه والأمطار إلى حفر الآبار بشكل مخالف للضوابط، ما تسبب باستنزاف المياه الجوفية هناك، خاصة وأن المسافة بين بئر وآخر بلغت 150 مترا، فيما يجب أن تبلغ ما لا يقل عن 500 متر.

وكانت بحيرة ساوة في محافظة المثنى، من أبرز شواهد الجفاف، حيث جفت بالكامل قبل أشهر عدة، الأمر الذي أُثار فزع الرأي العام في العراق، وأكد مدير بيئة المحافظة مثنى سوادي في حينها أن هناك 3 عوامل رئيسة وراء الجفاف الذي أصاب البحيرة، منها التغير المناخي الذي أصاب العالم، والعراق من أكثر البلدان تأثرا به، وتغير الصفائح الزلزالية التي غيرت المجرى الطبيعي لها تحت الأرض، فضلا عن قيام العشرات من الفلاحين وأصحاب المصانع والمعامل بإنشاء الآبار الارتوازية التي أسرفت في استخدام المياه الجوفية، ما أسهم في انخفاض الكميات الواصلة إليها بشكل كبير جدا.

يشار إلى أن المياه بدأت بالعودة إلى بحيرة ساوة بشكل تدريجي، بعد أن تم إيقاف عمل الآبار التي حفرت قربها، وامتناع المزارعين عن استخدامها، حتى تذهب المياه للبحيرة مجددا.

من جهته، يبين الخبير في شؤون المياه نجم الغزي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “معرفة احتياطي المياه الجوفية أمر صعب لأنها متحركة وتختلف بحسب أدوات القياس، كما أن السحب المستمر يجعل من حسابها أمرا ليس بالسهل، وهي تختلف عن احتياطي النفط”.

ويلفت الغزي إلى أن “وزارة الموارد المائية تعتبر المياه الجوفية من الأسرار التي لا يعلن عنها من دون كتب رسمية، والسبب الحقيقي ربما لعدم معرفة الوزارة بالموضوع وعدم امتلاكها معلومات بشأنه”، مبينا أن “قلة المياه والأمطار والتوسع السكاني وضعف الدولة وحفر الآبار من دون موافقات، كل ذلك زاد من قلة المياه الجوفية”.

ويشدد على ضرورة “وجود مجلس أعلى للمياه يرسم السياسات ويدير المفاوضات، بينما تكون وزارة الموارد المائية جهة تنفيذية فقط”، معربا عن أسفه لعدم تسليط الضوء على موضوع الخطط البديلة وخطط الطوارئ المائية.

ويتابع الغزي “لنفترض حصول شح مياه في بغداد التي يسكنها 8 ملايين نسمة، ففي المقابل لا تمتلك الوزارة خطط طوارئ”، لافتا إلى أن “المشكلة في حفر الآبار هي البدء باستخدام مضخات كبيرة تسحب كميات من المياه الجوفية لا يمكن تعويضها في ظل وجود أطراف سياسية وحزبية وعشائرية متنفذة تسمح بذلك”.

ومنذ أشهر عدة، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى النصف في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.

يذكر أن إيران قطعت المياه المتدفقة إلى سد دربندخان بالكامل، مطلع أيار مايو الماضي، ما أدى لأزمة كبيرة في حوض نهر ديالى الذي انخفضت مناسيبه بنسبة 75 بالمئة، وذلك بحسب تصريحات مسؤولين في المحافظة.

كما أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، من خلال سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل، عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.

وتعد المياه الجوفية، واحدة من أبرز المشاكل التي رافقت مسألة استثمار السعودية لبادية العراق، الممتدة من محافظة الأنبار إلى المثنى، حيث أكد متخصصون في حينها أن ما ستزرعه السعودية من أعلاف سيكون سببا باستنزاف المياه الجوفية في العراق.

إقرأ أيضا