سكان “الجدعة”.. هل تصنع الحكومة منهم “قنبلة موقوتة”؟

كشفت وزارة الهجرة والمهجرين أن أعداد العائلات العراقية في مخيم الهول السوري كبيرة جدا، لكن…

كشفت وزارة الهجرة والمهجرين أن أعداد العائلات العراقية في مخيم الهول السوري كبيرة جدا، لكن القرار صدر بإعادة 500 عائلة خلال العام الحالي، فيما أكدت أن هدف نقلهم لمخيم الجدعة في نينوى هو إعادة تأهيلهم والتأكد من تخلصهم من فكر داعش حتى تجري إعادتهم لمدنهم، وهو ما عده نائب “قنبلة موقوتة” قد تتسبب بحالة اقتتال في المناطق المحررة بسبب عمليات الثأر، لكن باحثا اجتماعيا رهن هذه الخطة بوجود خطط معالجة نفسية، وإلا فإن تجميعهم في مكان واحد سيشكل “خطرا” كبيرا.

ويقول المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين علي عباس خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مخيم الجدعة مخصص للتأهيل النفسي والمجتمعي وينفذ برامج للعوائل التي يتم نقلها من مخيم الهول والذي يضم نساء وأطفالا وشيوخا، وتتم متابعة أوضاعهم من خلال فريق عمل متخصص من مستشارية الأمن القومي وجهات وجامعات ووزارة الصحة وغيرها الكثير من القطاعات التي تعمل على هذا الموضوع”.

ويتابع عباس أنه “بعد تقييم وضعهم النفسي والسلوكي، تتم تهيئة الأرضية المناسبة في مناطق سكناهم من خلال اللقاء مع زعماء ووجهاء وشيوخ القوم والسلطات المحلية في تلك المناطق، ومعرفة مدى إمكانية استيعابهم واستقبالهم، وفي حال وجود أي رفض تتم معالجة هذا الموقف”.

ويوضح أنه “تم نقل 394 عائلة من الوجبات السابقة، ولم يسجل لدينا لحد الآن أي عملية رفض لتلك العوائل لأنها كانت عملية انسيابية وبتنسيق عال مع الجهات المعنية”، مشيرا إلى أن “عدد العوائل في مخيم الهول كبير، ولكن الحكومة قررت نقل ٥٠٠ منها إلى العراق هذا العام”.

ويبين أنه “تم نقل نحو 154 عائلة، وفي الأيام المقبلة سيتم نقل عوائل بحدود هذا الرقم، ليتبقى هناك نحو 200 عائلة ليتم نقلها في حال كانت الظروف طبيعية ولم تكن هناك أي معوقات”.

وكانت وزارة الهجرة والمهجرين أعلنت يوم أمس، أن من المقرر نقل 500 عائلة من مخيم الهول هذا العام على شكل وجبات، بالتعاون مع مستشارية الأمن القومي والأجهزة الأمنية كافة، وأن الجدول الزمني لنقل نازحي مخيم الهول إلى مخيم الجدعة في نينوى يعتمد على الكثير من الأمور منها وضع الجانب السوري، إضافة إلى استعدادات الجانب العراقي، مؤكدة أن نازحي مخيم الهول هم من المحافظات المحررة وهي الأنبار وصلاح الدين ونينوى، وبعد تأهيلهم سيوزعون بين محافظاتهم.

يشار إلى أن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، كان من أبرز الشخصيات الساعية لغلق مخيم الهول السوري، وقد التقى خلال الأشهر الماضية مرات عديدة السفير الأمريكي السابق في العراق لبحث هذا الملف، كما دعا خلال لقائه وفدا من البرلمان الأوروبي، في شهر أيار مايو الماضي، المجتمع الدولي إلى إلغاء مخيم الهول في سوريا وسحب الدول لرعاياها من المخيم.

يذكر أن آلاف العراقيين ما يزالون في سوريا، وتدور حولهم العديد من الاتهامات، بأنهم من عوائل تنظيم داعش وهربوا إلى المناطق الحدودية مع بدء عمليات التحرير، وأبرز مواقعم هو مخيم “الهول”، الذي يضم عوائل التنظيم، وقد بدأت الحكومة العراقية بإعادتهم إلى مخيم الجدعة في نينوى منذ أيار مايو 2021.

من جانبها، تعتبر النائب زينب الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة الحالية منتهية الصلاحية تقوم بوضع قنابل موقوتة داخل المجتمع العراقي من خلال إعادة عائلات إرهابيي داعش إلى العراق من مجمع الهول السوري”.

وتضيف الموسوي أن “هذه الخطوة يمكن أن تساهم في إعادة هيكلة تنظيم داعش الإرهابي مرة ثانية، وهذا خطر كبير على العراق، خصوصا بعد ما قدم الشهداء والمال لتحرير المدن من العصابات الإرهابية، وأجزم أن هذه العودة تشكل تهديدا أمنيا كبيرا جديدا على العراق”.

وتشير إلى أن “عودة أرامل داعش، وهن عراقيات طبعا، إلى المحافظات المحررة من الإرهاب تعني انتقالهن إلى المنزل المجاور للأشخاص الذين كانوا ضحايا نفس المجموعة التي ينتمي إليها أزواجهن أو أبناؤهن، وهنا سيولد نزاع مناطقي من جديد يصل إلى الاقتتال”.

وقد دخلت البلاد أول قافلة من مخيم الهول، في منتصف العام الماضي، وعلى متنها 94 عائلة عراقية، برفقة حراسة مشددة، حيث استقر بها الحال في مخيم الجدعة جنوبي نينوى، وبحسب مصادر فإن هذه القافلة هي جزء من 500 عائلة سيتم نقلها إلى العراق، بناء على اتفاق مع إدارة مخيم الهول.

وأثارت عودة هذه العوائل حفيظة الكثير من الجهات، حيث اعتبرتهم منتمين لتنظيم داعش، وأن إعادتهم تشكل خطرا كبيرا على العراق، وقال النائب محمد كريم في وقت سابق لـ”العالم الجديد”، إن “هذه القرارات التي تتخذ هي بتأثيرات خارجية لإعادة تدوير هذه القنابل القاتلة إلى داخل البلد، وهم يعلمون أن هؤلاء رضعوا الإجرام مع أمهاتهم وآبائهم الدواعش”.

وكانت وزارة الهجرة قد أكدت لـ”العالم الجديد” العام الماضي، أن “العوائل العائدة من مخيم الهول لم تصنف لغاية الآن باتجاه آخر، على اعتبار أن الأجهزة الأمنية هي من تحدد ذلك، وهي لم تحدد لنا هذا الموضوع”، واصفة إياهم بأنهم “ضحية داعش في مرحلة الاحتلال، وهربوا لمناطق يعتبرونها آمنة، وفي فترة من الزمن تمت إعادة الكثير منهم ودمجهم بالمجتمع، وبقي بعضهم بسبب جائحة كورونا والتأثيرات الأخيرة في سوريا”.

وبحسب الوزارة، فإن مخيم الجدعة لا يمكن لأي شخص الدخول إليه لكثرة الخطوط الأمنية المراقبة له، إضافة إلى وجود سياج من خطين.

إلى ذلك، يفيد الباحث الاجتماعي محمد المولى خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “موضوع مخيم الهول ليس بالأمر الجديد، فهو اتفاقية لإيواء عوائل عراقية أو أحد الأطراف من العراقيين وضمن حصة العراق، ولكن من ناحية أخرى ظل هؤلاء مشبعين بفكر داعش لسنوات عديدة، فهل سيستطيع العراق أن لا يكونوا قنابل موقوتة ضمن البرنامج التأهيلي؟”.

وفي ما يخص مخيم الجدعة، يشير المولى إلى أنه “موجود في شمال العراق وتنتشر حوله قوات أمنية، ولكن لو أتينا إلى الواقع فهو عبارة عن مركز إيواء من دون متخصصين نفسيين وجهود من جهات راعية لهذه الأمور ومن دون برامج محددة للتأهيل”، معتبرا أن “العوائل الموجودة في الجدعة عبارة عن قنابل موقوتة، لأن الدولة العراقية لا تملك خططا لتغيير أفكار أفرادها”.

ويشدد المولى على أن “هؤلاء يحتاجون إلى معالجين نفسيين ومتخصصين في علم النفس، وأيضا يجب أن يكون هناك برنامج تأهيلي يشبه برامج إعادة برمجة أسرى الحرب، فهؤلاء تعايشوا مع داعش بكل صفاتهم القاسية من قتل وخطف وسلب، فقد تعودوا على هذا المناخ، ويجب أن تتابع تأهيلهم جهات عليا”.

يذكر أنه بعد إعلان النصر على داعش في العام 2017، بدأت حركة النزوح نحو مخيم الهول السوري، حيث فرت أغلب العوائل المرتبطة بالتنظيم إليه، وبين فترة وأخرى تعود بعضها وتخضع للإجراءات الأمنية من قبل العراق.

ويعود تاريخ إنشاء مخيم الهول، إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث أسس من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على مشارف بلدة الهول بالتنسيق مع الحكومة السورية، ونزح إليه ما يزيد عن 15 ألف لاجئ عراقي وفلسطيني، هاجر الكثيرون منهم إلى مختلف أرجاء العالم بمساعدة الأمم المتحدة، خاصة بعد أحداث عام 1991 عندما استباح النظام العراقي السابق دولة الكويت، وقادت ضده الولايات المتحدة حربا عبر تحالف دولي.

إقرأ أيضا