الصدر والإطار.. من يظفر بالبرلمان؟

الدعوة التي أطلقها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلى القضاء العراقي لحل مجلس النواب وفق…

الدعوة التي أطلقها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلى القضاء العراقي لحل مجلس النواب وفق مهلة أقصاها نهاية الأسبوع المقبل، جاءت بالتزامن مع موعد نطق المحكمة الاتحادية بقرار في هذا الشأن بناء على دعوى سابقة تقدم بها بها قانونيون، ووفقا لأحد أطراف هذه الدعوى، لكن خبيرا قانونيا آخر، فنّد ما ورد في هذا الطرح، وأكد أن القضاء لا يملك صلاحية حل البرلمان وكل المبررات التي وردت “غير قانونية”، وسط مساع للتيار الصدري بخطوات تصعيدية في حال لم يحل البرلمان، قد تشمل القضاء ورئاسة الجمهورية، الأمر الذي رفضه الإطار التنسيقي جملة وتفصيلا.

ويقول الخبير القانوني جمال الأسدي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المحكمة الاتحادية العليا هي المعنية بالنظر في القضايا الدستورية، أما بشأن دعوة الصدر، فبكل تأكيد لها أبعاد كثيرة سياسية وقانونية وشعبية، وهو يعلم جيدا أن هناك دعوى مقامة أمام المحكمة الاتحادية من قبل سبعة أشخاص أنا أحدهم”.

ويبين الأسدي، أن “الدعوى مقامة ضد مجلس النواب وضد رئيس الجمهورية وضد رئيس مجلس الوزراء، وموعد حسم هذه الدعوى هو يوم 17 آب الحالي، أي الأسبوع المقبل، والصدر يعلم جيدا أن المحكمة الاتحادية لن تبت بهذه الدعوى”.

ويشير إلى أن “الدعوى المقامة ذهبت في اتجاهين، الأول إخفاق مجلس النواب في انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس لمجلس الوزراء، وهذا إخفاق في عمله يوجب حله، والاتجاه الثاني والذي تم الاعتماد عليه بشكل كبير هو أن عمل وانتخاب مجلس النواب الحالي إنما هو استكمال لمجلس النواب السابق باعتباره جاء عن طريق انتخابات مبكرة وأن البرلمان السابق لم يكمل دورته، وكان يفترض أن تجري الانتخابات في 20/7/2022، أي أن ذلك يستوجب إنهاء أعمال المجلس الحالي يوم 30/9/2022 باعتبار أن الدورة البرلمانية هي أربع سنوات، وهذه السنوات الأربع تنتهي بعد شهر من الآن تقريبا”.

ويلفت إلى أنه “من الممكن جدا أن تذهب المحكمة الاتحادية العليا باتجاه أن مجلس النواب الحالي هو مكمل للمجلس السابق، كما أن دعوة الصدر لأنصاره من الجمهور أو الكتلة الصدرية لإقامة دعاوى لحل مجلس النواب هي ضمن الخطوات الدستورية والقانونية، حيث من حق أي شخص أن يقدم هكذا دعاوى”.

وكان الصدر طالب، أمس الأربعاء، القضاء بحل مجلس النواب خلال مدة أقصاها نهاية الأسبوع المقبل، حاثا في الوقت ذاته، رئيس الجمهورية برهم صالح على تحديد موعد إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في البلاد، مؤكدا في الوقت ذاته استمرار الاعتصامات.

وبعد بيان الصدر، نشرت الشخصية الافتراضية الناطقة باسمه صالح محمد العراقي، استمارة ودعا أنصار الصدر إلى ملئها، لإقامة دعوى ضد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، تطالب بحل البرلمان أمام المحكمة الاتحادية.

وعقب بيان الصدر، عقد الإطار التنسيقي اجتماعا، وأصدر بعده بيانا أكد فيه ضرورة الإسراع بحسم مرشح رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة خدمية تعالج المشاكل الخدمية والأمنية التي يعاني منها المواطن، مجددا موقفه بضرورة احترام المؤسسات وفي مقدمتها السلطة القضائية والتشريعية ورفض كل أشكال التجاوز عليها وعدم تعطيلها عن أداء مهامها الدستورية.

وردا على ما طرح في الدعوى المقامة من التيار الصدري والخبير القانوني جمال الأسدي، يوضح الخبير القانوني أمير الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “إخفاق مجلس النواب في تشكيل الحكومة طيلة الأشهر الماضية ليس مبررا لحله من قبل المحكمة الاتحادية العليا، فهذا المبرر لا يعطي هكذا صلاحية للمحكمة ولا لأي جهة قضائية أخرى”.

ويتابع الدعمي “ليس من صلاحية مجلس القضاء ولا حتى المحكمة الاتحادية حل البرلمان، فهو لا يحل إلا ذاتيا، وعملية الحل تتم من خلال طلب ثلث أعضائه وموافقة أغلبيته المطلقة، ومن دون ذلك لن يحل المجلس إطلاقا”، مؤكدا أن “الحديث عن امتلاك أي سلطة غير سلطة البرلمان حل المجلس غير صحيح، وإعطاء هكذا صلاحيات للقضاء أو المحكمة الاتحادية أو الرئاسات الأخرى يحتاج إلى تعديل على الدستور العراقي”.

وفي ساعة متأخرة من ليلة أمس، دعت لجنة الإطار التنسيقي، جماهير الإطار إلى الخروج بتظاهرات تحت عنوان “الشعب يحمي الدولة”، وحددت موقعها عند أسوار المنطقة الخضراء، ومن المفترض أن تنطلق يوم غد الجمعة في الساعة الخامسة عصرا.

وكان الخبير القانوني جمال الأسدي، أعلن في أيار مايو الماضي، عن رفعه دعوى أمام المحكمة الاتحادية للمطالبة بحل مجلس النواب نتيجة إخلاله بالتزاماته الدستورية، وأكد في تغريدة له أن “أحد الطلبات هو إلزام رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بتحديد موعد لانتخابات مجلس النواب الدورة الخامسة وإصدار المرسوم الجمهوري بذلك خلال سنة 2022”.

تصعيد وحوار

إلى ذلك، يفيد قيادي بارز في التيار الصدري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “الصدر يدرك جيدا أن هناك ضغوطات سياسية كبيرة تفرض على الجهات القضائية من أجل إصدار قرارات تصب في صالح قوى الإطار التنسيقي، ولهذا جاء بيانه لرفع هذا الضغط عن القضاء من خلال وجود الجمهور الصدري المعتصم داخل المنطقة الخضراء وقرب مبنى القضاء”.

ويضيف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “قيادة التيار الصدري استفسرت من خبراء قانون كثيرين بشأن إمكانية حل مجلس النواب من قبل الجهات القضائية، وهؤلاء الخبراء أكدوا وجود إمكانية لهذا الخيار، ولهذا توجه الصدر نحو القضاء لحسم هذا الأمر، بسبب رفض الحل من قبل قوى الإطار والقوى المتحالفة معها”.

ويلفت إلى أن “عدم حل مجلس النواب من قبل الجهات القضائية، سوف يدفع التيار الصدري إلى تصعيد الاحتجاج الشعبي داخل المنطقة الخضراء وربما يشمل مجلس القضاء وحتى رئاسة الجمهورية، بل أن الأمر ربما يصل إلى العصيان المدني، إذا استمر تسويف مطالب الصدر المعلنة، وهذا الأمر ربما يشمل المحافظات وليس بغداد فقط”.

يذكر أن مجلس القضاء الأعلى، أصدر في آذار مارس الماضي، وخلال ذروة الخلافات حول انتخاب رئيس الجمهورية، بيانا أوضح فيه أن معالجة الإشكاليات السياسية تتم على وفق الأحكام الدستورية فقط، ولا يجوز لأي جهة سواء كانت قضائية أو غيرها، أن تفرض حلا لحالة الانسداد السياسي، إلا وفق أحكام الدستور، كما أن آليات حل مجلس النواب مقيدة بنص المادة 64 من الدستور، وملخصها أن المجلس يحل بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه بخيارين لا ثالث لهما، الأول بناء على طلب من ثلث أعضائه والثاني بطلب من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية.

وعلى صعيد متصل، يذكر النائب عن الإطار التنسيقي عارف الحمامي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدستور واضح بطريقة حل مجلس النواب، فهذا الحل يكون من خلال تصويت الأغلبية المطلقة للنواب، لكنه اشترطها بتقديم طلب للحل من قبل ثلث أعضاء مجلس النواب أو من خلال تقديم طلب من قبل رئيس مجلس الوزراء، واشترطها بموافقة رئيس الجمهورية، والشرط الآخر هو أن لا يكون حينها رئيس مجلس الوزراء تحت الاستجواب من قبل المجلس”.

ويتابع الحمامي أن “الجهات القضائية ليس لها أي صلاحية في حل مجلس النواب، وهذا الأمر أعلنه بشكل صريح رئيس مجلس القضاء الأعلى في وقت سابق، ولهذا يكون حل البرلمان بطريقتين لا ثالثة لهما”.

ويشير إلى أن “حل مجلس النواب يتطلب حوارا موسعا بين كل القوى السياسية العراقية الشيعية والسنية والكردية، وبعد الحوار والاتفاق على هذا الخيار يجب تعديل قانون الانتخابات وإجراء تغييرات في المفوضية وتشكيل حكومة جديدة لها صلاحيات كاملة للإشراف على العملية الانتخابية، ومن دون تحقيق هذه المطالب صعب جدا حل مجلس النواب”.

وكان الخبير القانوني علي التميمي، نشر بيانا أكد فيه أنه لا يمكن للمحكمة الاتحادية حل البرلمان، لعدم وجود آلية للحل القضائي في الدستور العراقي، وإنما حل البرلمان يكون ذاتيا، أي أن البرلمان يحل نفسه بنفسه بالتصويت بالأغلبية المطلقة لعدد الأعضاء (نصف العدد الكلي زائد واحد)، أو بطلب مشترك من رئيس مجلس الوزراء والجمهورية، وفق المادة 64 من الدستور العراقي.

ثورة شعبية

في المقابل، يخبر النائب المستقل سجاد سالم، “العالم الجديد”، بأنه “إذا كان هناك اتفاق على حل مجلس النواب ما بين الكتل السياسية، لمعالجة الأزمة السياسية فعلا، فنحن مع الذهاب نحو حله، وهذا رأي غالبية النواب المستقلين”.

ويشدد سالم على “ضرورة إعادة النظر في المؤسسات القضائية ومفوضية الانتخابات وقانون الانتخابات، والأهم هو تفعيل قانون الأحزاب، ومن دون ذلك فالمشكلة سوف تتكرر ما بعد الانتخابات الجديدة وتعاد نفس التوازنات السياسية وتعاد نفس الأزمة”.

وينوه إلى أن “البلد حاليا في حالة احتقان ربما يصل إلى انفجار شعبي نتيجة تراكم الأوضاع، ونحن أمام ثورات شعبية قادمة ضد النظام السياسي الحالي، فإذا لم تدرك القوى السياسية التقليدية أنه يجب التغيير الجذري العاجل فهذا قد يكون نهاية النظام السياسي الحالي من خلال الثورات الشعبية”.

يذكر أن العديد من الدعوات صدرت لتعديل الدستور، ومنها دعوة رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، الذي طالب بتعديل المادة 64 من الدستور الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، وذلك بعد تعثر عقد جلسة انتخابه وفشلها لثلاث مرات متتالية، بسبب عدم تحقق النصاب القانوني.

إقرأ أيضا