انتقادات ووعود بالمحاسبة.. بغداد تجدد منح “الفيول” لبيروت دون استحصال المستحقات

أثار قرار مجلس الوزراء تمديد عقد تزويد لبنان بمادة زيت الوقود “الفيول”، لغطا كبيرا، ولاسيما…

أثار قرار مجلس الوزراء تمديد عقد تزويد لبنان بمادة زيت الوقود “الفيول”، لغطا كبيرا، ولاسيما أن الحكومة اللبنانية لم تسدد ما بذمتها عن العقد السابق لغاية الآن، وفيما كشف مصدر في شركة “سومو”، أن البدء بتزويد لبنان سيجري خلال يومين، وجه نواب وخبراء اقتصاديون انتقادا حادا للحكومة، وأكدوا أن هذا الملف “سياسي” وليس اقتصاديا، وأن الحكومة استغلت الأزمة السياسية لتمريره، وسط وعود بمتابعة الملف بعد عودة البرلمان للانعقاد.

ويقول مصدر مسؤول في شركة تسويق النفط العراقية “سومو” خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مجلس الوزراء العراقي قرر تمديد تقديم المساعدة إلى الشعب اللبناني عن طريق بيع مليون طن سنويا من منتوج زيت الوقود بموجب عقد مدته سنة واحدة من جديد، وهذا التمديد جاء بعد جولة مفاوضات وحوارات أجريت خلال الأيام الماضية في بغداد بعد زيارة عدد من المسؤولين اللبنانيين”.

وكان مجلس الوزراء قرر في جلسته الاعتيادية، أمس الأول، تجديد اتفاقية مد لبنان بمادة “الفيول” المخصص للكهرباء.

ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “العراق حتى الآن لم يتسلم أية أموال عن العقد السابق، وهناك توجه بدفع تلك الأموال التي في ذمة لبنان من خلال خدمات طبية وعلاجية وتقديم تسهيلات اقتصادية أخرى تتعلق بالاستيراد”.

ويشير إلى أن “العقد الجديد مع لبنان هو نفس العقد السابق، ولم يتم إجراء أي تعديل عليه، ومن خلال ذات الشركة الإماراتية التي تقوم بتصفية زيت الوقود، حيث تمنح المنتوج الأخير لبيروت فيما تحتفظ بباقي المشتقات النفطية، كثمن لعملية النقل والتحويل، من دون أي مقابل مالي من العراق أو لبنان”.

ويردف المصدر “خلال اليومين المقبلين سوف تبدأ عملية إرسال منتوج زيت الوقود إلى لبنان من قبل العراق، بعد إكمال كافة الإجراءات القانونية التي تخص تجديد العقد، وكمية الزيت المرسل محددة بمليون طن خلال سنة أي خلال مدة العقد، وهي الكمية ذاتها في العقد السابق”.

وكان وزير الطاقة اللبناني وليد فياض، زار بغداد في تموز يوليو الماضي، والتقى مسؤولين عراقيين، بهدف تجديد عقد تزويد العراق لبنان بمادة “الفيول” لتشغيل محطات الكهرباء فيه، لكن تم إبلاغه من قبل المسؤولين العراقيين بأن الصيغة الحالية للعقد لم تعد مناسبة وتحتاج إلى تعديل، وفقا لما نشرته وسائل إعلام لبنانية.

وكانت “العالم الجديد” كشفت في تقرير سابق، عن كواليس الاجتماع الذي جمع فياض بوزير لمالية علي عبدالأمير علاوي داخل مكتب الأخير في بغداد، وفيه طالب الوزير اللبناني بتجديد العقد لمدة عام آخر، مع زيادة بكمية النفط عن العقد السابق، لكن علاوي رد عليه بأن عليه تسليم المستحقات المالية أولا، مع معرفة أوليات الشركة التي يتم تكرير النفط فيها لئلا تكون تحت طائلة العقوبات الأمريكية، ما قد يعرض العراق تبعا لذلك إلى عقوبات هو في غنى عنها.

وكان ميقاتي زار بغداد في تشرين الأول أكتوبر 2021 والتقى الكاظمي، ووفقا لمصادر تحدثت في حينها لـ”العالم الجديد” فإن ميقاتي طلب زيادة كميات النفط العراقي الواصلة للبنان، وقد وعد الكاظمي بالاستجابة للطلب في حينها.

من جهته، يوضح عضو لجنة النفط والغاز البرلمانية علي شداد الجوراني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اللجنة لا تعرف كيف تم تجديد عقد إرسال منتوج زيت الوقود إلى لبنان من دون دفع ما بذمتها من أموال من العقد السابق، فهذا الأمر فيه ضرر اقتصادي على العراق من دون أي منفعة”.

ويبين الجوراني أن “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يستغل تعطيل أعمال مجلس النواب بسبب التظاهرات والخلافات السياسية ويتصرف كما يشاء من توقيع العقود والصفقات الدولية، على الرغم من أن حكومته هي حكومة تصريف أعمال يومية ناقصة الصلاحيات”.

ويلفت إلى أن “لجنة النفط والغاز البرلمانية وعموم مجلس النواب سيكون له موقف بشأن هكذا صفقات تجريها حكومة الكاظمي من دون أي منفعة اقتصادية وبشكل غير قانوني كونها حكومة بلا صلاحيات، وعند عودة عمل البرلمان سوف نتخذ قرارات كثيرة بشأن الكثير من القرارات التي اتخذها الكاظمي، مستغلا غياب الدور الرقابي البرلماني”.

يشار إلى أن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، أعلن في تموز يوليو 2021، عن توقيع اتفاق بين العراق ولبنان، لبيع مليون طن من مادة زيت الوقود الثقيل بالسعر العالمي، على أن يكون السداد بالخدمات والسلع.

في الأثناء، تفيد الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “أساس هذا الاتفاق هو سياسي وليس اقتصاديا، وتجديده أمر طبيعي من الناحية السياسية، حيث هناك أطراف فاعلة في العراق تدفع باتجاه دعم النظام في لبنان”.

وتضيف سميسم، أن “تجديد هذا العقد من الجانب اللبناني من دون تسديد أموال العقد السابق، يثير الكثير من الملاحظات والشبهات، ولهذا على الجهات المتخصصة التدقيق في ذلك جيدا، فلا يمكن تجديد أي عقد من دون تسديد أموال العقود السابقة، وهذا الأمر متعارف عليه في جميع العقود والصفقات الاقتصادية والتجارية”.

يشار إلى أن مدير الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم أعلن في 11 حزيران يونيو الماضي، أن “لبنان لن يدخل العتمة بفضل النفط العراقي”، مبينا أنه قام بزيارات عدة للعراق، وتحديدا للكاظمي، الذي ‏سأله عما يحتاجه لبنان لتجاوز الأزمة الراهنة، وكان الجواب حاجة لبنان إلى النفط العراقي ‏الأسود.

يذكر أن العراق وافق في شباط فبراير الماضي، على دعم نفطي للبنان بقيمة 500 ألف طن من النفط، وفي نيسان أبريل الماضي، زار وفد عراقي برئاسة وزير الصحة السابق حسن التميمي العاصمة بيروت، وأبرم اتفاقا ينص على تقديم لبنان الخدمات الطبية للعراق مقابل النفط، وفي وسط الشهر ذاته، كان من المفترض أن يزور رئيس الحكومة اللبنانية السابق حسان دياب بغداد، لكن الزيارة ألغيت لأسباب بروتوكولية، حسب ما أعلن عنه في حينها.

إقرأ أيضا