وسط تفشي الحمى النزفية.. الجهات المعنية تتقاذف “المسؤولية”

نأت وزارة الزراعة بنفسها عن استمرار تفشي مرضى الحمى النزفية، وأكدت أنها وفرت الخدمة البيطرية…

نأت وزارة الزراعة بنفسها عن استمرار تفشي مرضى الحمى النزفية، وأكدت أنها وفرت الخدمة البيطرية بشكل مستمر، كما اتخذت الإجراءات الكفيلة بالحد من انتشاره، وذلك ردا على تحميلها المسؤولية من قبل وزارة الصحة في تصريح سابق، لكن وسط تبادل الاتهامات بين الوزارتين، أكد طبيب استشاري أن الأمر يقع على عاتق الجميع ولا داعي لتبادل الاتهامات، بل هو بحاجة لحملات توعية وجهد مالي وبشري كبير.

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة هادي هاشم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مرض الحمى النزفية انتقالي مشترك بين الحيوان والإنسان، وظهور الإصابات مقترن ببعض المسببات، منها عدم تتظيف حظائر المواشي وعدم مراجعة المستوصفات البيطرية الموجودة في المحافظات وانخفاض الوعي بالنسبة لمربي الثروة الحيوانية في ما يخص المرض وطريقة انتقاله”.

ويبين هاشم أن “وزارة الزراعة وفرت الخدمة البيطرية على مدار الساعة وطوال أيام السنة وهي متاحة مجانا لمربي الماشية في المستشفيات البيطرية، كما يتم توزيع المبيدات ورشها في الحظائر للقضاء على الوسط الناقل للفايروس في المكان”.

ويلفت إلى أن “وزارة الزراعة وجهت قسم الإرشاد والتدريب الزراعي بالحد من انتشار المرض وكذلك التعامل مع الحيوانات المصابة، وهناك إجراءات قامت بها الوزارة للحد من نقل الحيوانات بين المحافظات إلا بإشراف بيطري وزراعي، وكذلك هناك جهود مشتركة بين وزارتي الزراعة والصحة والجهات الأمنية والبلديات ومديريات البلديات للحد من الذبح العشوائي المسبب الرئيس لانتشار الفيروس”، مؤكدا أن “مستويات الإصابة بدأت تنخفض وأحكمت السيطرة على رقعة انتشار الفيروس”.

وكان مدير الصحة العامة في وزارة الصحة رياض الحلفي، أكد في وقت سابق أن السيطرة على مرض الحمى النزفية “بحاجة إلى مكافحة حشرة القراد من قبل وزارة الزراعة، فهي المسؤولة عن الأمر، وإذا لم تسيطر عليها، فلا يمكن السيطرة على تفشي المرض”، معربا عن أسفه لـ”عدم بذل الوزارات الأخرى أي مجهود بهذا الصدد”.

وكانت إحصائية صادرة عن وزارة الصحة، أظهرت أن عدد الإصابات التراكمي في البلد بمرض الحمى النزفية قد بلغ 289 إصابة.

وحاولت “العالم الجديد” التواصل مع وزارة الصحة، للحصول على تصريح حول هذا الأمر، لكن لم يرد المسؤولون في الوزارة على الاتصالات.

من جهته، يوضح الطبيب الاختصاصي عباس الحسيني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحمى النزفية تعد من الأمراض المتوطنة في العراق التي تظهر كل عام، ولكن هناك عوامل مساعدة تتسبب بارتفاع الإصابات بالمرض وهي عدم وجود نظافة ومتابعة للأبقار والخراف التي تعيش على جلودها حشرة القراد التي تلسع الإنسان وتنقل المرض إليه”.

ويضيف الحسيني أن “حضانة المرض تستمر من 5 أيام إلى أسبوع وتبدأ بأعراض بسيطة عبارة عن حمى وغثيان وصداع وألم في البطن”، مشيرا إلى أن “المرض بحاجة إلى حملة وعي يتناولها الجانب البيطري ووزارة الزراعة والمنظمات ووزارة الصحة، ولا ترمى الكرة فقط في ملعب وزارة الزراعة، فالجانب التوعوي يقع على عاتق الجميع”.

ويتابع الحسيني أن “التصحر وقلة المياه ونفوق الحيوانات وعدم دفنها بصورة صحيحة، كل ذلك يسبب نمو هذه الحشرة على الحيوانات”، مبينا أن “المرض يفتك بالأقراص الدموية للإنسان، ما يؤدي إلى خروج دمه من فتحات عدة في الجسم”.

ويشدد على ضرورة أن يكون شعار مكافحة المرض “الوقاية خير من العلاج”، موضحا أن “القضاء على الفيروس يحتاج إلى جهد كبير يتمثل بالسيارات والأموال، فضلا عن إنهاء ظاهرة انتشار الحيوانات بشكل عشوائي ورعيها في أماكن غير نظيفة”.

ومنذ شهر أيار مايو الماضي، انتشر مرض الحمى النزفية، وسجلت مئات الإصابات وعشرات الوفيات بسببه، ووصل انتشاره إلى أغلب المحافظات، بعد أن ظهر بداية في ذي قار.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن انتقال حمى القرم-الكونغو النزفية إلى البشر يحدث “إما عن طريق لدغات القراد أو بملامسة دم أو أنسجة الحيوانات المصابة خلال الذبح أو بعده مباشرة”.

وكانت وزارة الداخلية أطلقت حملات لإزالة حظائر تربية الحيوانات داخل الأحياء السكنية ببغداد، كونها تشكل خطرا بيئيا وصحيا في ظل وجود فيروس الحمى النزفية.

وفي هذا الصدد، يفيد مرتضى محمد، صاحب مشتل في بغداد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “حشرة القراد تستعمل ضدها مبيدات حشرية مثل اللانيت والسوبر أو الفريمتنك”.

ويوضح محمد أن “اللانيت هو الأكثر استعمالا لمكافحة القراد لأنه قوي جدا ويقتل جميع الديدان والحشرات، ويستخدم 3 مرات في الشهر”.

يذكر أن مسؤولا في محافظة بغداد كشف سابقا لـ”العالم الجديد” أن “المجازر المعروفة في العاصمة هي 3 في مناطق الدورة والشعلة والكرخ، وهي صغيرة جدا وتحتاج إلى إعادة تأهيل، وعمليا لا توجد مجزرة نظامية لغرض دفع الجزارين إليها ومنعهم من الجزر العشوائي”.

يذكر أن حسين رياض، مدير قسم الصحة العامة في محافظة ذي قار، التي تعد بؤرة لتفشي المرض وصاحبة أعلى معدل إصابات، كشف سابقا لـ”العالم الجديد”، عن تلكؤ في بعض الدوائر المعنية بمتابعة هذه القضية، فيما أكد أن الحمى النزفية لن تتحول إلى وباء مثل كورونا، لأن الانتشار بكورونا كان عبر الهواء، بينما الحمى النزفية تكون بمخالطة سوائل المصابين.

إقرأ أيضا