قانون الإبادة الجماعية مجددا.. ماذا لو تمكن العراق من إدانة دول بـ”دعم داعش”؟

عاد مشروع قانون “تجريم الإبادة الجماعية” للواجهة مجددا على الرغم من تعطل عمل مجلس النواب،…

عاد مشروع قانون “تجريم الإبادة الجماعية” للواجهة مجددا، على الرغم من تعطل عمل مجلس النواب، وفيما أشارت مؤسسة الشهداء إلى أن تمرير القانون تعرض للعرقلة سابقا بسبب عدم رغبة السلطات العراقية بالدخول في خلافات مع العديد من الدول، في وقت تسعى فيه إلى تقوية العلاقات الخارجية، توقعت أنه لن يقر مستقبلا، أكد خبراء بالأمن والقانون أن إدانة أية دولة لن تتم ما لم يتوفر دليل دامغ ضدها، مشيرين إلى أن هذه الأدلة يمكن أن تستحصل من قادة تنظيم داعش المعتقلين.

ويقول مصدر مسؤول في مؤسسة الشهداء خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العمل على تشريع قانون لطلب تعويض من الدول الداعمة لتنظيم داعش الإرهابي من قبل العراق جرى منذ أكثر من ثلاث سنوات، لكن هذا التشريع كان متوقفا”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “هذا التشريع تعرض للإيقاف من قبل الحكومة ورئاسة مجلس النواب، لأنه من الممكن أن يدخل العراق في خلافات جديدة مع بعض الدول التي يمكن للعراق أن يطالبها بتعويضات، خصوصا السعودية والإمارات وسوريا وتركيا أيضا”.

ويشير إلى أن “هذا القانون لن يرى النور حتى في المرحلة المقبلة، وسيبقى يطرح في وسائل الإعلام فقط، خصوصا أن الحكومة العراقية تعمل وتسعى إلى تقوية العلاقات مع كافة دول المنطقة والعالم، وهذا القانون يؤدي إلى تردي تلك العلاقات، بل ربما تصل الأمور إلى القطيعة”.

وكان مدير عام دائرة المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء ضياء الساعدي، صرح أمس الأول لصحيفة الصباح الرسمية، أن المؤسسة تنتظر إقرار قانون تجريم الإبادة الجماعية من قبل البرلمان، لغرض المضي بإجراءاته التي تسمح بطلب تعويضات من الدول الداعمة لتنظيم داعش.

يشار إلى أن معهد الاقتصاد والسلام الدولي، أكد في وقت سابق، أن صعود تنظيم داعش في العراق، وانطلاق الحرب ضده، أثر بشكل كبير على الاقتصاد بـ185 بالمئة بين 2009 و2015، فقد تضررت موارد الدولة وبناها التحتية وزادت نفقاتها العسكرية.

وكان رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، أعلن في عام 2018، أن العراق تكبد خسائر تفوق 100 مليار دولار بسبب داعش خلال ثلاث سنوات.

وكان تنظيم داعش، قد فرض سيطرته عام 2014، على محافظات عدة في العراق، وارتكب مجازر عديدة، منها الإبادة الجماعية بحق المكون الإيزيدي في نينوى، حيث عمد إلى قتل الرجال ودفنهم بمقابر جماعية وخطف النساء، بالإضافة إلى ارتكابه مجزرة سبايكر ومجزرة سجن بادوش.

من جانبه، يفيد الخبير في الشأن السياسي العراقي فاضل أبو رغيف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “العراق ينوي تشكيل فريق خاص لتقديم شكاوى رسمية لدى محاكم العدل الدولية ومجلس الأمن الدولي، وهذه الشكاوى إذا عززت بما يؤكدها ستكون هناك تعويضات”.

ويضيف أن “أغلب الإرهاب الذي ضرب العراق نفذه مواطنو دول مختلفة، لكن لا أعتقد أن هذه الدول هي من أشرفت بنفسها على تصدير الإرهابيين بشكل رسمي، ولهذا فإن هناك صعوبة في إثبات تورط تلك الدول بإرسال الإرهابيين بشكل مباشر من حكوماتها إلى العراق”.

ويتابع أبو رغيف أن “دفع التعويضات للعراق من قبل الدول الداعمة للإرهاب، يكون من خلال إثبات تورطها رسميا في ذلك، وبعدم وجود أي أدلة واقعية وملموسة، يصعب الحصول على أي تعويضات من أي دولة كانت”.

يذكر أن العراق اعتقل المئات من عناصر تنظيم داعش خلال السنوات الماضية، وأغلبهم كانوا من دول مختلفة، منها عربية أو غربية، وقد حاكم العديد منهم، بينما ما يزال آخرون في السجون، بانتظار حسم ملفاتهم مع دولهم.

وقد ذاع صيت بعض النساء الأجنبيات المنتميات لداعش، ومنهن بريطانيات وفرنسيات، حيث التحقن بالتنظيم في العراق ومن ثم انتقلن إلى سوريا بعد تحرير الأراضي العراقية من سيطرة التنظيم، وما يزال ملفهن غير محسوم لغاية الآن، ولم يستطعن العودة لبلدانهن.

وكانت ألمانيا واحدة من الدول التي أجريت فيها محاكمات عديدة لعناصر من تنظيم داعش بتهمة خطف النساء الإيزيديات، وأصدرت محاكمها العديد من الأحكام المشددة بحقهم، بعد تقديم شكاوى من ناجيات إيزيديات تعرفن على عناصر داعش هناك، حيث وصلوا إلى أوروبا بطرق غير شرعية.

وعلى الصعيد ذاته، يوضح الخبير القانوني علي التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “يحق للعراق قانونيا تقديم شكاوى ضد أي دولة يعتقد أنها دعمت الإرهاب والإرهابيين ضده، ويمكن من خلال هذه الشكاوى الحصول على تعويضات مالية من تلك الدولة، إذا ما أثبت العراق وجود دعم منها للإرهاب”.

ويلفت التميمي إلى أن “إثبات تورط دولة ما بدعم الإرهاب يكون من خلال التحقيقات مع قادة تنظيم داعش الإرهابي أو من خلال الوثائق الرسمية التي تثبت وجود دعم ومراسلات مع جهات دولية رسمية، وهذه الأدلة كافية لإدانة أي دولة”.

ويضيف التميمي أنه “بعد إثبات دعم أي دولة للإرهاب والإرهابيين في العراق، سيصدر قرار دولي يلزم هذه الدولة بدفع تعويضات مالية للعراق، كما أنها قد تتعرض لعقوبات دولية”، مبينا أن “تحديد مبلغ التعويضات يتم من خلال لجنة دولية تحدد خسائر العراق بسبب الإرهاب”.

يشار إلى أن التصريحات الرسمية العراقية، تفيد بأن الخسائر البشرية في العراق منذ 2003 وحتى عام 2019، جراء الإرهاب تقدر بـ539 ألف و550 قتيلا وجريحا، منهم أكثر من 395 ألف مدني.

يذكر أن هناك تقديرات صدرت بعد إعلان النصر على داعش عام 2017، بشأن الخسائر التي تكبدها العراق جراء دخول تنظيم داعش، ومنها أن الخسائر الحكومية من مبان وخزائن البنك المركزي والأسلحة التي تركتها القوات العراقية في تلك المحافظات تقدر بـ36 مليار دولار، إلى جانب إعلان وزارة الكهرباء أن قطاع الكهرباء خسر 12 مليار دولار، بسبب تدمير البنى التحتية من محطات إنتاج وشبكات نقل على يد داعش.

من جهته، يبين النائب عن تحالف الفتح حسن سالم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “خلال الدورة البرلمانية السابقة عملنا على تشريع قانون لطلب تعويض من الدول الداعمة لتنظيم داعش الإرهابي وكذلك اتخاذ قرارات دولية ضدها، لكن جهات وأطرافا سياسية وحكومية عملت على تعطيل هذا القانون، بسبب العلاقات بينها وبين تلك الدول الداعمة للإرهاب”.

ويشير سالم إلى أن “لدى العراق أدلة كافية لإدانة الدول الداعمة للإرهاب والإرهابيين، من خلال تحقيقات أجريت مع قادة بارزين في تنظيم داعش تؤكد تورط السعودية والإمارات وتركيا ودول خليجية أخرى بعمليات دعم الإرهاب من خلال توفير الأموال أو إرسال الإرهابيين إلى العراق”.

ويؤكد “سنعمل خلال الدورة البرلمانية الحالية على تشريع قانون لطلب تعويض من الدول الداعمة لتنظيم داعش الإرهابي، وسنعمل على تمرير القانون حتى لو كانت هناك ضغوطات لمنع تمريره من قبل أي طرف سياسي أو حكومي، فهذا القانون يحقق العدالة وواجبنا كنواب للشعب تشريعه”.

جدير بالذكر، أن مجلس النواب في هذه الدورة النيابية، شهد أزمات متعددة، ولم يمارس عمله بشكل طبيعي، منذ الجلسة الأولى له في كانون الثاني يناير الماضي ولغاية الآن، حيث تعطل دوره سابقا بسبب الدعاوى التي رفعت أمام المحكمة الاتحادية بشأن انتخاب رئيسه محمد الحلبوسي وقضية انتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثم تعطل مؤخرا بسبب اعتصام أنصار التيار الصدري فيه منذ الشهر الماضي.

إقرأ أيضا