ساعات حاسمة.. هل ينحو الصدر لـ”التهدئة”؟

تنتظر الأزمة السياسية ساعات قلقة، ربما تحمل العديد من المتغيرات الجذرية، إذ جاء تأجيل التيار…

تنتظر الأزمة السياسية ساعات قلقة، ربما تحمل العديد من المتغيرات الجذرية، إذ جاء تأجيل التيار الصدري لتظاهرته “المليونية” المقررة يوم السبت المقبل، ليكشف عن مخاوف جدية من حصول احتكاك دموي مع أنصار الإطار التنسيقي، ورغبة بالتهدئة في الوقت ذاته، ولمنح المحكمة الاتحادية الوقت للنظر بالدعوى المقامة ضد البرلمان، في ظل حديث حول إبداء زعيم التيار مقتدى الصدر، موافقة مبدئية على مبادرة القيادي البارز في الإطار هادي العامري، التي ربما تنجح بعقد لقاء قريب بين الطرفين، وفقا لقيادي في التيار، الأمر الذي قد يشهد تراجع الإطار عن ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة الحكومة المقبلة، على الرغم من النفي الرسمي للأمر.
 

ويقول قيادي بارز في التيار الصدري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تأجيل تظاهرة يوم السبت المقبل المليونية لم يكن بسبب أي تهديد للصدر، بل جاء بعد وردود معلومات تؤكد أن بعض أطراف الإطار التنسيقي تريد التصعيد وجر الصدريين إلى الاقتتال والصدام من أجل إفشال مشروع حل البرلمان والانتخابات المبكرة”.

ويضيف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “التظاهرة أجلت ولم تلغ بشكل نهائي، ومن الممكن الدعوة إليها مجددا في أية لحظة من قبل الصدر، كما أن هذا التأجيل جاء من أجل معرفة القرار المرتقب صدوره من قبل المحكمة الاتحادية، اليوم الأربعاء، بشأن دعوى حل مجلس النواب”.

ومن المقرر أن يصدر، اليوم الأربعاء، قرار المحكمة الاتحادية بشأن الدعوى المرفوعة أمامها لحل البرلمان، وهذا بعد أن أعلن مجلس القضاء الأعلى قبل أيام، أن مسألة حل البرلمان لا دخل للقضاء فيها، وفقا لما نص عليه الدستور.

ويلفت إلى أن “الهدف من التظاهرة المليونية التصعيد في الاحتجاج للضغط نحو حل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات المبكرة، وفي حال رفضت المحكمة الاتحادية دعوى حل المجلس، فالتصعيد الشعبي سيكون حاضرا وبقوة خلال الساعات المقبلة، فلا تراجع عن قرار حل البرلمان”.

ويتابع أن “هناك مساعي لتهدئة الأوضاع عبر مبادرة العامري، وهناك محاولات لعقد لقاء يجمع العامري مع الصدر خلال الساعات المقبلة، وهناك تدخل ووساطة من قبل مبعوثة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت”.

وكان الصدر، أعلن يوم أمس في بيان له تأجيل تظاهرات يوم السبت، قائلا “إن كنتم تراهنون على (حرب أهلية) فأنا أراهن على الحفاظ على (السلم الأهلي) وإن الدم العراقي غال بل أغلى من كل شيء، لكنني حبا بالعراق وعشقا لشعبه ومقدساته، أعلن تأجيل موعد تظاهرة يوم السبت إلى إشعار آخر، لكي أفشل مخططاتكم الخبيثة ولكي لا أغذي فسادكم بدماء العراقيين الذين راح الكثير منهم ضحية لفسادكم وشهواتكم ولكي تبقى قيادات الفساد تعيث في الأرض فسادا”.

يذكر أن كتائب حزب الله، أصدرت بيانا أشارت فيه إلى أنه “لمقتضيات المصلحة العامة وحتى لا تنزلق الأمور إلى ما يريده العدو وعملاؤه، ولوأد الفتنة التي قد تعصف بالعراق وأهله، وتحرق الأخضر واليابس، ومن منطلق النصوص، وسيرة المعصومين عليهم السلام، وفتاوى علمائنا الأعلام، التي أكدت وأوجبت قطع الطرق على البغاة أيا كان ما يدعون ، وإلى أي فريق ينتمون، فإننا في كتائب حزب الله سنتخذ قرارات ميدانية تهدف إلى حماية السلم المجتمعي، عملا بالتكليف لدفع الشر عن شعبنا العزيز”.

وكانت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جنين بلاسخارت، قد التقت الأسبوع الماضي، زعيم التيار مقتدى الصدر في منزله بالحنانة في محافظة النجف، حيث أكدت خلال مؤتمر صحفي بعد اللقاء، أنها بحثت مع الصدر أهمية إيجاد حل للأزمة السياسية الراهنة، مؤكدة أن “الصدر سيقول ما في جعبته لاحقا”.

وشهد يوم أمس تطورات سياسية في المشهد الحكومي، فبعد بيان الصدر، قدم وزير المالية علي علاوي استقالته من منصبه، ووافق عليها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بشكل سريع، ليتبع ذلك علاوي بنشر خطاب مكتوب، تطرق فيه لأسباب الاستقالة وانتقد تدخلات العديد من السياسيين في الشؤون المالية للدولة.

المبادرة

وبشأن المبادرة التي يقودها زعيم منظمة بدر، ورئيس تحالف الفتح، أحد أكبر مكونات الإطار التنسيقي، هادي العامري، يوضح مصدر من داخل الإطار، أن “المبادرة تتمثل بالموافقة على مطالب الصدر بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة جديدة، لكنها لا تتضمن الموافقة بالإبقاء على الحكومة الحالية، بل تحت خيمة حكومة جديدة برئاسة شخصية غير جدلية يوافق عليها الصدر، مع احتفاظ الكتل السياسية بوزاراتها التي من حصتها لحين إجراء الانتخابات المقبلة”.

ويؤكد المصدر الذي رفض الكشف عن هويته في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الصدر وافق مبدئيا على المبادرة بشرط عدم التغيير الجوهري في قانون الانتخابات الأخير”، لافتا إلى أن “ذلك يعني بشكل كبير تراجع الإطار التنسيقي عن ترشيح محمد شياع السوداني”.

وهذا ما ينفيه الإطار التنسيقي رسميا، إذ يقول القيادي في الإطار فاضل موات خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قوى الإطار التنسيقي ما زالت مصرة على تشكيل الحكومة الجديدة، وما زال السوداني مرشح هذه القوى لرئاسة الوزراء، ولم تتم مناقشة أي فكرة لتغييره بأي مرشح آخر”.

ويبين موات أن “أنصار الإطار التنسيقي سيبقون في الاعتصام المفتوح لحين تحقيق المطالب التي اعتصموا من أجلها، وأن التحشيد للتظاهرة المليونية ما زال قائما، وهو غير مرتبط بتأجيل تظاهرة التيار الصدري”.

ويشدد على أنه “لا خيار أمام التيار الصدري إلا الحوار والتفاوض من أجل الاتفاق على المرحلة المقبلة وآلية حل مجلس النواب والذهاب نحو الانتخابات وفق الأطر الدستورية التي تؤكد وجوب تعديل قانون الانتخابات وتشكيل حكومة جديدة”.

وخلال جلسة مجلس الوزراء دعا الكاظمي، قادة القوى السياسية إلى اجتماع وطني في قصر الحكومة اليوم الأربعاء، لعقد حوار وطني لحل الأزمة الراهنة، فيما شدد على ضرورة “إيقاف التصعيد الشعبي والإعلامي”.

وكان العامري وبلاسخارت، بحثا يوم أمس “المستجدات السياسية، وسبل معالجة الأزمة الراهنة واستمرار دعم الجهود الوطنية المبذولة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء لمعالجة الانسداد السياسي القائم منذ عدة شهور”، بحسب بيان لمكتب العامري.

وأطلق العامري مبادرة لحل الأزمة قبل أيام، التقى خلالها القوى السنية، ومن ثم توجه إلى أربيل والسليمانية، والتقى أغلب الأحزاب الكردية، ومن ثم عاد إلى بغداد واجتمع مع الإطار التنسيقي، لبحث نتائج جولته ولقاءاته.

الانصياع للحوار

إلى ذلك، يرى الباحث في الشأن السياسي العراقي فلاح المشعل خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تأجيل تظاهرة يوم السبت المقبل من قبل الصدر، يهدف إلى التهدئة ومنع أي تصعيد على مستوى الشارع العراقي، ويدل على وجود تخوف من حصول صدام ما بين جمهوري الإطار التنسيقي والتيار”.

ويرى المشعل، أن “سبب تأجيل هذه التظاهرة، بكل تأكيد، يعود إلى علاقته بجلسة المحكمة الاتحادية، اليوم الأربعاء، والخاصة بالنظر في دعوى حل مجلس النواب”، متوقعا أن “يشهد الشارع تصعيدا من قبل التيار الصدري في حال رفضت المحكمة تلك الدعوى”.

ويشير إلى أن “تأجيل التظاهرة من قبل الصدر، يأتي لإعطاء فرصة للمبادرات التي أطلقت لحل الأزمة السياسية ومساعي زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في التوسط لحل الأزمة ما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي”.

ويرجح المشعل “نجاح هذه المبادرات بشرط حصول الصدر على ضمانات من قبل أطراف إقليمية وداخلية فاعلة على تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، خاصة مع العامري، وفتح حوار مع كافة القوى السياسية”، لافتا إلى أن “استقالة علاوي من منصبه ليس لها علاقة مباشرة بالخلاف السياسي بين التيار والإطار، ولكن بالتأكيد لها علاقة بما يمر به العراق من تطورات في المشهد على مختلف المستويات السياسية وغيرها”.

وكانت مصادر صحفية، كشفت يوم أمس، أن الإطار التنسيقي سيرسل وفدا لزيارة السعودية، وسيكون برئاسة رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، ومن المفترض أن تكون الزيارة يوم الخميس المقبل، بهدف كسب تأييد بعض الدول التي لها تأثير في العملية السياسية في العراق.

وفي السياق ذاته، يتفق المحلل السياسي محمد نعناع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، مع المشعل، على أن “تأجيل تظاهرة التيار الصدري المليونية له علاقة بجلسة المحكمة الاتحادية اليوم الأربعاء، حول دعوى حل البرلمان”، لكنه يعزو الدافع الأكبر وراء قرار التأجيل إلى “المبادرات التي أطلقت لحل الأزمة بين الطرفين، وخاصة مبادرة العامري”.

ويلفت نعناع إلى أن “المبادرات تهدف إلى التهدئة وحل الأزمة السياسية، وأن تأجيل التيار الصدري لتظاهراته يؤكد وجود رغبة صدرية للتهدئة وحل الأزمة وفتح قنوات حوار، لكن لا يمكن القول بأن هذه المبادرة سوف تحل الأزمة، بل ربما تفشل كالمبادرات السابقة”.

ويوضح أن “التيار الصدري حاليا لا يملك غير الشارع من أجل تحقيق مطالبه بحل البرلمان والذهاب نحو انتخابات مبكرة، ولذا فإن أي قرار من المحكمة الاتحادية يصدر مخالفا لما يريده الصدريون سوف يدفع إلى التصعيد الشعبي، وخلال الساعات المقبلة سوف تتضح الصورة بشكل أكبر بعد جلسة المحكمة الاتحادية”.

يشار إلى أن الإطار التنسيقي، دعا أمس الأول الإثنين، إلى تظاهرة حاشدة أيضا، وشدد على الجهوزية لها، لكن لم يحدد زمانها وموقعها بعد، وذلك بعد تحديد الصدر يوم السبت المقبل، موعدا للتظاهرة المليونية، قبل أن يؤجلها يوم أمس.  

إقرأ أيضا