إصرار الإطار وتحدي التيار.. تكرار لسيناريو الأزمة

عادت الأزمة السياسية إلى نقطة التوتر، في ظل إصرار الإطار التنسيقي على المضي بتشكيل الحكومة…

عادت الأزمة السياسية إلى نقطة التوتر، في ظل إصرار الإطار التنسيقي على المضي بتشكيل الحكومة الجديدة، وتلويح التيار الصدري بالنزول مجددا إلى الشارع ودخول المنطقة الخضراء، في حال مضى الإطار بتشكيل الحكومة، وسط توقعات بتكرار سيناريو اقتحام البرلمان وغلقه.

ويقول قيادي بارز في التيار الصدري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “عودة الصدريين إلى الشارع من جديد ودخول المنطقة الخضراء ومنع عقد جلسة البرلمان مرتبط بقضية مضي الإطار التنسيقي بتشكيل حكومة توافقية يرأسها محمد شياع السوداني أو أي شخصية حزبية من قوى الإطار”.

ويضيف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “التيار الصدري ما زال مصرا وعازما على تحقيق مطالبه بحل مجلس النواب والذهاب نحو انتخابات مبكرة، ولا تراجع عن هذا الخيار والقرار، والضغط لتحقيق هذا الأمر سيكون موجودا وبقوة خلال المرحلة المقبلة، خصوصا مع إصرار الإطار على تشكيل حكومة التوافق”.

ويشير إلى أن “إعلان الصدر اعتزال العمل السياسي لا يعني ترك العمل الشعبي وعمل المعارضة الشعبية لرفض المحاصصة والفساد، فهذا العمل لا اعتزال فيه إطلاقا، والصدريون سيكونون قريبا في الشارع من جديد وداخل المنطقة الخضراء لمنع تشكيل أي حكومة إطارية تؤسس وفق المحاصصة”.

يشار إلى أن القيادي في التيار الصدري عصام حسين، نشر تغريدة يوم أمس الأربعاء، قال فيها “الاستعداد للنزول إلى الشارع مرة أخرى”.

وكان صالح محمد العراقي، الشخصية الافتراضية الناطقة باسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نشر تغريدة أمس الأربعاء، هاجم فيها الإطار التنسيقي، ووصفه بـ”الوقح”، على خلفية إعلانه المضي بتشكيل الحكومة، التي سماها “حكومتهم الوقحة”، عادا الخطوة تحديا للشعب ومرجعيته.

كما وجه العراقي رسالة لإيران في تغريدته قائلا “هذا ندائي للجارة إيران أن تكبح جماح بعيرها في العراق وإلا فلات حين مندم”.

من جهته، يفيد القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “هناك إجماعا سياسيا على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، والإطار التنسيقي ماض بهذه المهمة باعتباره الكتلة الأكبر في البرلمان ولا تراجع عن هذه الخطوة الدستورية والقانونية مهما كان التهديد”.

ويبين الفتلاوي أن “الجميع أدرك أن خيار الشارع لا يحل الأزمة بل يعمقها ويزيد الصراع والخلاف، ولا حل إلا من خلال الحوار، ولهذا الكل يعمل على الحوار في الأيام المقبلة، وهناك مساع من أجل إشراك التيار الصدري في الحوار ليكون جزءا رئيسا من الحل والتفاهم”.

ويلفت إلى أن “رئاسة مجلس النواب مطالبة بإعادة جلسات البرلمان من أجل إكمال الاستحقاقات الدستورية والقانونية وعدم التسويف والمماطلة بعقد الجلسات، خصوصا أن هناك طلبات رسمية من نواب من كتل مختلفة لإعادة عقد الجلسات، فلا مبرر لتعطيل العمل التشريعي والرقابي، ولاسيما بعد انسحاب أنصار التيار الصدري من المنطقة الخضراء”.

وبشأن قرار المحكمة الاتحادية إزاء دعوى حل مجلس النواب، يوضح الفتلاوي أن “أي قرار يصدر عن القضاء محترم وملزم لنا، لكن نعتقد أن الدعوى سوف ترد لأنها ليست من اختصاص وصلاحيات المحكمة، وننتظر القول الفصل من المحكمة نفسها خلال الساعات المقبلة”.

وتأتي هذه التطورات، بعد أن أصدر الإطار التنسيقي بيانا يوم أمس الأول الثلاثاء، دعا فيه إلى المضي بتشكيل الحكومة وعودة البرلمان لعقد جلساته، وهذا بعد أن أمر الصدر بانسحاب أنصاره المعتصمين من أمام البرلمان وإنهاء الاشتباكات المسلحة التي جرت داخل المنطقة الخضراء يوم 29 من آب أغسطس المنصرم.

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، ظهر بكلمة متلفزة أمس الأول الثلاثاء، وقال “أنا كنت وما زلت مع مبدأ التداول السلمي للسلطة، وإذا أرادوا الاستمرار في إثارة الفوضى والصراع سأقوم بخطوتي الأخلاقية والوطنية بإعلان خلو المنصب وفقا للمادة 81 من الدستور”.

وكان الإطار التنسيقي، قد رشح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، بعد سحب الصدر كتلته النيابية وأمره نوابها بتقديم استقالاتهم في حزيران يونيو الماضي، وهذا الترشيح كان السبب الرئيس بتوجه التيار الصدري للتظاهرات، واتخاذ خطوات تصعيدية لاحقا.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “التيار الصدري لا يمكنه الاستغناء عن ورقة الضغط من خلال الشارع، لما يملك من قاعدة شعبية، وهذه الورقة ممكن استخدامها من جديد، لمنع تشكيل أي حكومة من قبل الإطار التنسيقي لا تتوافق مع توجهات الصدر”.

ويتابع جودة “نتوقع أن يدخل التيار الصدري مجددا إلى مبنى مجلس النواب في حال تم تحديد أي جلسة برلمانية تتعلق بتشكيل الحكومة، ولذا على الإطار التنسيقي تهدئة المواقف السياسية مع التيار لحين إقناعه والوصول إلى تفاهمات مشتركة”.

ويحذر جودة من أن “التصعيد الإعلامي بين التيار والاطار، ربما تكون له تبعات خطيرة على الأرض، خصوصا بعد التوتر الأخير في المنطقة الخضراء، ولهذا الجميع مطالب بالتهدئة لمنع أي صدام أو احتكاك في الشارع”.

ويتوقع جودة أن “يأتي قرار المحكمة الاتحادية رافضا لدعوى حل البرلمان لأنها ليست من اختصاصها، لكن في الوقت ذاته سوف تؤشر المحكمة بعض الأخطاء الدستورية والقانونية، وربما تفرض بعض القرارات والإجراءات من دون حل البرلمان بشكل مباشر من قبلها”.

يشار إلى أن الكاظمي، كان قد تلقى يوم أمس الأربعاء اتصالا هاتفيا من الرئيس الأمريكي جو بايدن، أكد فيه الأخير دعم الولايات المتحدة لعراق مستقل وذي سيادة، داعيا جميع القادة العراقيين إلى الانخراط في حوار وطني.

وكان بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، أكد يوم أمس، أن “الحوار والأخوة هما الدرب الواجب اتباعهما لمواجهة الصعوبات بالعراق”.

ونشبت هذه الأزمة السياسية، منذ إجراء الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر الماضي، ما حال دون تشكيل حكومة جديدة، إذ تمسك الصدر في حينها، إلى جانب تحالفي السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، بموقفه حول تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، فيما أصر الإطار التنسيقي إلى جانب الاتحاد الوطني الكردستاني على تمرير حكومة “توافقية”، وذلك إلى جانب الخلافات والصراعات بين كتل كل طرف من هذه الأطراف، ورفض التحالف فيما بينهما للخروج برؤية موحدة تسمح باستكمال تمرير رئاستي الجمهورية والوزراء.

إقرأ أيضا