مراقبون: دعوات التهدئة ترحيل للأزمة.. والصدام المسلح سيتجدد

عد مراقبون دعوات قادة في الإطار التنسيقي إلى التهدئة وتشارك “المواكب الحسينية” مع أبناء التيار…

عد مراقبون دعوات قادة في الإطار التنسيقي إلى التهدئة وتشارك “المواكب الحسينية” مع أبناء التيار الصدري بمناسبة حلول “الزيارة الأربعينية” التي يجتمع حولها الشيعة، بأنها ترحيل للأزمة وليست حلا، وسط توقعات بتجدد الصدام المسلح في أي وقت، الأمر الذي يسعى “الإطاريون” لدرئه عبر وساطة.

ويقول المحلل السياسي إحسان الشمري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هذه اللحظة هي لحظة هروب إلى الأمام، هروب من الأزمة ومن لحظة صدام ممكن أن تحدث ثانية”.

ويضيف الشمري، أن “ما جرى من صدام مسلح وخطابات متبادلة واتهامات كانت تشكل لحظة خطر كبير، ولذلك يبدو أن ترحيل أو تأجيل المفاوضات السياسية إلى ما بعد الزيارة الأربعينية يمثل تأجيلا لصراع سياسي ولحظة صدام جديدة”.

ولا يتوقع “حدوث انفراجة”، إذ يؤكد أن “10 أشهر مرت ولم يحسم الصراع، ولم يكن هناك قرار بعقد جلسة برلمانية واختيار رئيس للجمهورية، ومن ثم تشكيل حكومة، لذا لا يوجد جديد بعد الزيارة الأربعينية، إلا في حالة الاتفاق على الذهاب نحو انتخابات مبكرة من دون عقد جلسة برلمانية وتشكيل حكومة، وعندئذ يمكن أن نقول أننا أمام مشهد سياسي جديد”، لافتا إلى أنه “بخلاف ذلك، سيكون الصراع السياسي في أعلى مستوياته، ولحظات الصدام يمكن أن تكون حاضرة”.

يأتي ذلك، في ظل ما تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي للقطات مصورة توثق لحظة اندلاع اشتباكات عنيفة بين عناصر سرايا السلام التابعة للتيار الصدري، وعصائب أهل الحق المنشقة عن التيار في مدينة البصرة جنوبي البلاد أسفرت عن سقوط قتلى ومصابين.

وكان الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، دعا عبر بيان له يوم أمس الأربعاء، قادة القوى السياسية إلى إعلان الصمت السياسي، بمناسبة اقتراب أربعينية الإمام الحسين، وأن “يعتمدوا خطابا معتدلا يجمع ولا يشتت ويوثق ولا يفرق، وأن يكفوا عن التصريحات التي تبعث على الحقد والكراهية والضغينة”.

وجاء هذا البيان بعد أن نشر صالح محمد العراقي، الشخصية الافتراضية الناطقة باسم الصدر، تغريدة قال فيها “لم أستغرب ولا طرفة عين من مواقف (الإطار التنسيقي الوقح) ولا من (مليشياته الوقحة) حينما يعلنون وبكل وقاحة متحدين الشعب برمته وبمرجعيته وطوائفه بأنهم ماضون بعقد البرلمان لتشكيل (حكومتهم الوقحة) وما زال دم (المعدومين) غدرا من المتظاهرين السلميين وبطلقات مليشياتهم القذرة لم يجف وكأن المقتول إرهابي أو صهيوني ولا يمت إلى (المذهب) أو إلى (الوطن) بصلة”.

وتابع “أنهم لا يعشقون الفساد فحسب بل أنهم يبغضون الإصلاح والمصلحين ويرقصون على (شهدائهم) مرة وعلى (انسحابهم) من البرلمان مرة ومن المظاهرات مرة أخرى وكأن الشهداء والمنسحبين من جنسية ليست عراقية ومن أقلية لا تملك الملايين من المحبين والمنتمين في هذا الوطن.. من هنا إذا لم يعلنوا الحداد فليعتبروني والتيار من اليوم عدوهم الأول بكل السبل المتاحة وبعيدا عن العنف والاغتيالات التي قرر الفاسدون أن يصفوا خصومهم بها”.

من جهته، يعتبر المحلل السياسي أحمد العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، خطاب زعيم تحالف الفتح هادي العامري “مجرد دعوة فردية، ولم يكن هناك اتفاق بشأنها، وتهدف إلى ترحيل الأزمة لما بعد الزيارة الأربعينية، وتمضية أيام ما قبل الزياة بأجواء هادئة”.

ويتابع العبادي، أن “رد وزير الصدر على تلك الدعوة جاء رافضا لها، ما يعني عدم وجود اتفاق على هذه الدعوة، وحتى إذا تمت الموافقة عليها فإن ذلك سيكون مجرد ترحيل للمشكلة وليس حلها”، مبينا أن “استثناء الصدر للعامري من رفض التصالح يعني استثناء منظمة بدر وليس تحالف الفتح، وهذه مشكلة أيضا لأن العامري سبق أن تلقى أكثر من دعوة من التيار الصدري ولم ينسلخ لا عن الإطار ولا عن الفتح”.

ويشير إلى أن “أمريكا وأوروبا تواجه أزمة في إمدادات الطاقة حاليا، والعراق من الدول الرئيسة المصدرة للنفط، ما يعني أن أمريكا لن تسمح بتدهور الأوضاع فيه وتوقف صادراته النفطية، لذا أتوقع تدخلها مع المجتمع الدولي لحل الأزمة العراقية”.

وبعد بيان العامري، قال الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، عبر تغريدة له إنه “إيمانا منا بضرورة تحقيق السلم الأهلي، وإعادة روح الأخوة والمحبة والعيش المشترك وتقبل الآخر، وبسبب مـا حصل ويحصل مـن تصريحات متشنجة ومواقف متشددة بين أبناء البلد الواحد بل أبناء المذهب الواحد، ندعو لإقامة المواكب المشتركة والتوجه إلى خدمة زوار الحسين (عليه السلام) مشتركين كحسينيين فقط”.

لكن سرعان ما رد صالح العراقي، على هذه الدعوات بتغريدة تحت عنوان “وخزة”، سرد فيها بعض الحوادث السابقة، التي عدها ضد الإطار التنسيقي، وأكد “كيف تريدنا يا شيخ الإطار (هادي العامري) أن يجمعنا الحسين وهو سلام الله عليه لم يرض بالاجتماع مع يزيد؟! فمن الآن لن يجمعنا أي شيء، لكننا حبا بالوطن لا نريد أن يتزعزع سلم الوطن الأهلي.. ثم أدعوك يا (شيخ الإطار) أن يجمعنا و (إياك) فقط حب الحسين”.

وبالمقابل، فإن المسؤول العام لسرايا السلام، تحسين الحميداوي، قال في تغريدة له ومن ثم حذفها من حسابه “حكومة توافقية وبذوق خارجي لن تتشكل”.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي جاسم الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “دعوتي العامري والخزعلي ليستا ترحيلا للأزمة وإنما تهدفان إلى إيقاف العنف، ولكن بعض القوى تعتقد بأن هناك نوايا ما زالت موجودة لتصعيد الأزمة بعد زيارة الأربعين، لذلك نرى البعض يذهب نحو الوساطة لدى التيار الصدري”.

ويضيف الموسوي، أن “الأزمة السياسية طالما جنحت إلى العنف فلا أعتقد أن بقية الخيارات ستكون أقسى مما شهدته الأيام الماضية”، لافتا إلى أن “كل التوقيتات لا قيمة لها أمام التفكير في كيفية استخدام السلاح وأيضا التراجع الذي حصل بعد 24 ساعة، فهذا يدل على أن السلام لم يجد طريقا للحل، وكذلك العنف لم يجد طريقا للحل”.

ويوضح أن “رفض الصدر المواكب المشتركة مع الإطار وقبوله بالعامري فقط، رد فعل من ردوده المعروفة، لكنه لا يعني وضع علامة (أكس) على الخزعلي”.

وبعد تغريدة العراقي، أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، الحداد 3 أيام على أرواح من سقطوا في المواجهات المسلحة يوم 29 آب أغسطس، ودعا رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى إعلان الحداد في العراق.

ومن ثم أعلن الإطار التنسيقي، عن إقامته مجلس عزاء اليوم الخميس، وهذا إلى جانب هيئة الحشد الشعبي، التي أعلنت عن إقامتها مجلس عزاء أيضا.

يشار إلى أن الكاظمي، كان قد تلقى يوم أمس الأربعاء اتصالا هاتفيا من الرئيس الأمريكي جو بايدن، أكد فيه الأخير دعم الولايات المتحدة لعراق مستقل وذي سيادة، داعيا جميع القادة العراقيين إلى الانخراط في حوار وطني.

وصدرت ردود أفعال دولية عديدة بهذا الشأن، كان من بينها دعوة بابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، يوم أمس، جميع الأطراف إلى “الحوار والأخوة فهما الدرب الواجب اتباعهما لمواجهة الصعوبات بالعراق”.

إقرأ أيضا