بعد هدوء الخضراء.. هل يجدد بارزاني طرح مبادرته؟

وسط ارتفاع أصوات الرصاص في “المنطقة الخضراء” الأسبوع الماضي، اختفى الحديث تماما عن مبادرة للحل…

وسط ارتفاع أصوات الرصاص في “المنطقة الخضراء” الأسبوع الماضي، اختفى الحديث تماما عن مبادرة للحل طرحها رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، حتى صارت بحكم الملغاة، لكن قياديا في حزب بارزاني، أكد أنها ما زالت قائمة، وأن طرحها سيتم في الوقت المناسب، في ظل رفض “صدري” جازم لأية مبادرة تهدف للحوار مع قوى الإطار التنسيقي.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مبادرة بارزاني لحل الأزمة السياسية في العراق ما زالت قائمة ولم تلغ، لكن بسبب الأحداث الأخيرة في المنطقة الخضراء تم تأجيل طرحها، وخصوصا أنه كان من المفترض أن يتوجه وفد إلى بغداد ثم الحنانة لطرح هذه المبادرة، لكن الأحداث حالت دون ذلك”.

ويبين سلام، أن “هناك دعما وترحيبا كبيرا من القوى السياسية بمبادرة بارزاني، خصوصا أن الأخير يرتبط بعلاقات طيبة وجيدة مع كافة الأطراف العراقية، وهذا ما يمكنه من النجاح في تقريب وجهات النظر، خصوصا بين التيار الصدري والإطار التنسيقي”.

ويشير إلى أنه “برأيي الشخصي هناك سرية في عدم كشف بنود هذه المبادرة في الوقت الحاضر لحين طرحها بشكل رسمي على القوى السياسية خلال الفترة المقبلة، فالحزب لا يريد إفشالها من خلال طرحها في الإعلام وليس على القوى السياسية، وتحديدا التيار الصدري والإطار التنسيقي، ولهذا خلال الفترة المقبلة سوف تبصر هذه المبادرة النور بشكل رسمي”.

وكان القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني النائب محما خليل أعلن، في 31 تموز يوليو 2022، أن بارزاني يعتزم طرح مبادرة لحل الخلاف بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري.

وتحدثت تقارير صحفية، في 28 آب أغسطس 2022، عن عزم رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني التوجه إلى بغداد والنجف في ذلك الأسبوع حاملا مبادرة مسعود بارزاني، ولكن اندلاع اشتباكات المنطقة الخضراء، تسبب بإيقاف كل ذلك.

وشهدت المنطقة الخضراء غربي بغداد، في 29 آب أغسطس 2022، اشتباكات مسلحة كان أنصار التيار الصدري أحد أطرافها، بعد تصعيد احتجاجهم داخل المنطقة واقتحامهم قصر رئيس الجمهورية والقصر الحكومي، ومقتل عدد منهم بنيران اختلفت الروايات بشأن مصدرها، ما دفع مئات المسلحين من عناصر التيار إلى اقتحام المنطقة والاشتباك مع القوات الموجودة بداخلها حتى صباح اليوم التالي، حيث أوعز زعيم التيار مقتدى الصدر إلى أتباعه بالانسحاب في غضون 60 دقيقة، وهو ما قاد إلى إنهاء الاشتباكات وعودة الهدوء إلى العاصمة.

من جهته، يرى المحلل السياسي الكردي محمد زنكنة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحوار والتفاوض يجب أن يكون موجودا بين كل القوى السياسية العراقية، في ظل كل الظروف والأحداث، ومبادرة بارزاني تهدف إلى هذا الأمر أولا، وهذه المبادرة ما زالت قائمة حتى الآن”.

ويضيف زنكنة، أن “الظروف الأخيرة والتصعيد حال دون إكمال طرح المبادرة، خصوصا مع استمرار قرارات المحكمة الاتحادية التي تصب في صالح الإطار التنسيقي بسبب الضغوطات من قبل قوى الإطار عليها، لكن المبادرة قائمة وموجودة وستطرح قريبا على القوى السياسية”.

ويلفت إلى أن “المبادرة تهدف في الدرجة الأولى إلى تقريب وجهات النظر بين التيار الصدري والإطار التنسيقي والاتفاق على سقوف زمنية لتنفيذ الاستحقاقات الدستورية، بالإضافة إلى إمكانية إشراك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في العملية السياسية، وهناك إمكانية لنجاح هذه المبادرة عند طرحها خلال المرحلة المقبلة”.

وهذه ليست المبادرة الأولى لبارزاني، فقد سبق أن أوفد رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني إلى الحنانة، حيث مقر إقامة الصدر في النجف، في 31 كانون الثاني يناير 2022، للقاء زعيم التيار الصدري بحضور رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، وقال زعيم الحزب الديمقراطي في حينها إنه صاحب مبادرة اللقاء، معربا عن أمله بأن يخرج بنتائج إيجابية.

جدير بالذكر أن أغلب القوى السياسية زارت بارزاني في أربيل عقب إعلان نتائج الانتخابات، بما فيها الشيعية والسنية، وعلى مستوى قادة الصف الأول، ومنهم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي بالإضافة الى الحلبوسي والخنجر والعامري، ووفد من التيار الصدري.

إلى ذلك، يفيد مسؤول في الهيئة السياسية للتيار الصدري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “مبادرة بارزاني لم تصل إلينا بشكل رسمي حتى الآن، وإنما سمعنا بها من خلال وسائل الإعلام، لكن التواصل مستمر وقائم ما بين أطراف تحالف إنقاذ وطن حتى اللحظة”.

ويتابع المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “طرح المبادرة على التيار الصدري لا يعني نجاحها بالضرورة كون بارزاني حليفا لنا، فهناك ثوابت وشروط للتيار لا يمكن التنازل عنها والحزب الديمقراطي يعلمها جيدا، وهو داعم لأغلبها”.

ويشدد على أن “التيار الصدري رافض لأي حوار يجمعه مع الإطار التنسيقي، وإذا كانت مبادرة بارزاني تهدف للحوار مع الإطار فسيتم رفضها وعدم القبول بها، كما أننا نعتقد أن جميع المبادرات سوف تفشل ما لم يتم تحقيق مطالب الصدريين، وعلى رأسها حل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات المبكرة”.

وكان الصدر نشر تغريدة، في 20 آب أغسطس 2022، قال “قدمنا مقترحا للأمم المتحدة (لجلسة حوار) بل (مناظرة) علنية وببث مباشر مع الفرقاء السياسيين أجمع، فلم نر تجاوبا ملموسا منهم (…) فلا يتوقعوا منا حوارا سريا جديدا بعد ذلك، فأنا لا أخفي على شعبي شيئا ولن أجالس الفاسدين ومن يريد قتلي”.

ويعود أصل الخلاف بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري إلى لحظة إعلان نتائج انتخابات 10-10-2022، حيث فازت الكتلة الصدرية بأكبر عدد من المقاعد النيابية بواقع 73 مقعدا، ثم تحالفت مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة لتشكيل حكومة أغلبية، لكن الإطار قدم طلب تفسير إلى المحكمة الاتحادية بشأن نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فجاء رد المحكمة بأنه يقتضي حضور ثلثي أعضاء البرلمان، ما منح الإطار القدرة على تعطيل جلسات انتخاب الرئيس بـ”الثلث المعطل” الذي شكله مع الاتحاد الوطني الكردستاني وقوى سياسية أخرى بينها قوى سنية.

وبحسب الدستور العراقي، لا يمكن تشكيل الحكومة قبل انتخاب رئيس للجمهورية، فالأخير هو من يكلف مرشح الكتلة الأكثر عددا بتشكيل الحكومة، وبذلك أجهض مشروع “الأغلبية الوطنية” الذي تبناه الصدر وتمسك به بقوة.

وردا على تحركات الإطار، قرر الصدر سحب كتلته من البرلمان، فأوعز إلى أعضائها بالاستقالة، ولكن عندما بدأ الإطار حراك تشكيل الحكومة ورشح محمد شياع السوداني لرئاستها، باغته الصدر بإدخال أنصاره إلى مبنى البرلمان ومن ثم الاعتصام حوله، ما أدى إلى تعطيله، واستمر التوتر إلى أن انتهى باشتباكات مسلحة أخمدت سريعا، لكن الانغلاق السياسي ما زال قائما.

إقرأ أيضا