حلحلة أم تصعيد.. المحكمة الاتحادية تعيد كرة الأزمة لملعب السياسيين فماذا بعد؟

كرة الأزمة العراقية وحلولها عادت إلى ملعب القوى السياسية مرة أخرى، بعد أن رفعت المحكمة…

كرة الأزمة العراقية وحلولها عادت إلى ملعب القوى السياسية مرة أخرى، بعد أن رفعت المحكمة الاتحادية يدها عن مسألة حل البرلمان بداعي عدم تخصصها، لكن أطراف الخصومة تبدو مصرة على مواقفها السابقة، فالإطار التنسيقي الذي يضم خطاً مرناً في صفوفه، يحاول ترطيب الأجواء مع التيار الصدري، يتطلع بشكل عام إلى عودة انعقاد جلسات البرلمان والمضي بتشكيل الحكومة، الأمر الذي ينوي التيار مواجهته بضغط الشارع مجددا.

ويقول النائب عن الإطار التنسيقي، وبالتحديد كتلة بدر البرلمانية كريم عليوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار المحكمة الاتحادية أكد ضرورة حل البرلمان وفق الإجراءات الدستورية ووفق الاتفاق والتوافق السياسي، ولهذا الجميع مطالب بالجلوس على طاولة الحوار، وخصوصا التيار الصدري، للوصول إلى تفاهمات بشان ذلك”.

ويبين عليوي أن “حل البرلمان يجب أن يكون وفق الإجراءات الدستورية، بعد الاتفاق السياسي على ذلك، وتشكيل الحكومة الجديدة أمر لا بد منه حتى وإن اتفق الجميع على حل مجلس النواب”.

ويتابع أن “إعادة عقد جلسات البرلمان أمر لا بد منه، فلا يوجد أي مبرر لبقاء البرلمان معطلا وبلا أي دور ومهام رقابية وتشريعية، فالجلسات يجب أن تعود قريبا، حتى وإن كانت خالية في الوقت الحاضر من ملف تشكيل الحكومة الجديدة”.

وكانت المحكمة الاتحادية أصدرت، أمس الأربعاء، بيانا بشأن الدعوى المعروضة أمامها لحل البرلمان قالت فيه إن “أعضاء مجلس النواب بعد انتخابهم لا يمثلون أنفسهم ولا كتلهم السياسية وإنما يمثلون الشعب، ولذا كان من المقتضى عليهم العمل على تحقيق ما تم انتخابهم لأجله وهي مصلحة الشعب لا أن يكونوا سببا في تعطيل مصالحه وتهديد سلامته وسلامة الشعب بالكامل”.

وأضافت المحكمة في بيانها أن “استقرار العملية السياسية في العراق يفرض على الجميع الالتزام بأحكام الدستور وعدم تجاوزه ولا يجوز لأي سلطة الاستمرار في تجاوز المدد الدستورية إلى ما لا نهاية، لأن في ذلك مخالفة للدستور وهدما للعملية السياسية بالكامل وتهديدا لأمن البلد والمواطنين”، موضحة أن “الجزاء الذي يفرض على مجلس النواب لعدم قيامه بواجباته الدستورية هو حل المجلس عند وجود مبرراته”.

وبينت أن “دستور جمهورية العراق لعام 2005 قد رسم الآلية الدستورية لحل مجلس النواب وفقا لأحكام المادة 64/أولا منه”، لافتة إلى أن “اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا محددة بموجب المادة 93 من الدستور والمادة 4 من قانون المحكمة الاتحادية العليا وليست من ضمنها حل البرلمان”، ومضيفة أن “دستور جمهورية العراق لعام 2005 لم يغفل عن تنظيم أحكام حل البرلمان ولذلك فلا مجال لتطبيق نظرية الإغفال الدستوري”.

وحسمت المحكمة هذه الدعاوى التي وحّدتها في دعوى واحدة، بعد رفع عدة دعاوى من قبل التيار الصدري وحركات سياسية أخرى لذات الغرض، بعد تأجيل النظر فيها أربع مرات.

وكان المحامون المترافعون في الدعاوى يأملون أن تتدخل المحكمة الاتحادية في حل البرلمان استنادا إلى مادة قانونية تتيح لها حل الشخصية المعنوية إذا عجزت عن أداء واجباتها، واعتبار البرلمان شخصية معنوية غير قادرة على أداء المهام الموكلة إليها ما يستدعي حلها، لكن المحكمة كان لها رأي آخر.

من جهته، يشير القيادي في ائتلاف دولة القانون فاضل موات، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “قوى الإطار التنسيقي عازمة وماضية بمشروع تشكيل الحكومة الجديدة، وحسم هذا الملف سيكون بعد انتهاء زيارة الأربعين، خصوصا أن هناك دعما سياسيا لحسم هذا الأمر”.

ويوضح موات، أن “حل مجلس النواب يكون من خلال الأطر الدستورية، وهذا الموضوع يجب أن تتم مناقشته داخل البرلمان ومن قبل اللجان البرلمانية المتخصصة، ثم اتخاذ موقف سياسي بالإجماع بهذا الخصوص، فلا يمكن فرض هذا الأمر من خلال التهديد والوعيد بورقة الشارع”.

ويلفت إلى أن “عقد جلسات البرلمان لا يحتاج إعطاء أي ضمانات لأي طرف سياسي، فهذا واجب دستوري وقانوني، ورئيس البرلمان مطالب وبشكل عاجل بإصدار أمر بعودة الجلسات، كما أصدر أمرا بتعليقها بسبب التخادم السياسي مع التيار الصدري”.

وما زال البرلمان معطلا على الرغم من أن جمهور التيار الصدري انسحب من الاعتصامات أمامه بعد يوم عصيب تطور فيه الصراع السياسي إلى اشتباكات مسلحة الأسبوع الماضي، إذ لم تتحدث رئاسة البرلمان في أي مناسبة عن موضوع العودة إلى عقد الجلسات.

وفي السياق ذاته، يفيد قيادي بارز في التيار الصدري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “قرار المحكمة الاتحادية بشأن حل مجلس النواب كان معروفا لدينا منذ البداية ولم يشكل لنا أي صدمة أو مفاجأة، فهذا القرار اتخذته المحكمة بسبب الضغوطات عليها من قبل أطراف سياسية متنفذة كانت قد ضغطت في السابق لإصدار قرارات المحكمة الاتحادية المتعلقة بالثلث المعطل”.

ويضيف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “قرار المحكمة الاتحادية يهدف إلى دفع التيار الصدري للجلوس إلى طاولة حوار مع الإطار التنسيقي للاتفاق على حل البرلمان وتشكيل الحكومة الجديدة، وهذا الأمر لن يحصل، فلا حوار مع قوى الإطار وهذا القرار لا تراجع عنه، حتى لو حل البرلمان نفسه”.

ويتابع أن “التيار الصدري سيعود إلى استخدام الضغط الشعبي من أجل دفع القوى السياسية إلى حل البرلمان من خلال تصويت النواب على ذلك، وهناك تصعيد سيكون بعد انتهاء زيارة الأربعين، ولن نسمح بعقد البرلمان أي جلسة غير جلسة التصويت على حله”.

وكان القيادي في التيار الصدري صباح الساعدي ذكر، أمس الأربعاء، أن المحكمة أدانت البرلمان في بيانها، ما يوقع على عاتق رئيسي الجمهورية والحكومة التحرك لحله وفقا لأحكام الدستور التي تحدد أحد خياري حل البرلمان بطلب من رئيس الوزراء يوافق عليه رئيس الجمهورية وتصوت عليه الأغلبية المطلقة لعدد النواب.

ويعود أصل الخلاف بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري إلى لحظة إعلان نتائج انتخابات 10-10-2022، حيث فازت الكتلة الصدرية بأكبر عدد من المقاعد النيابية بواقع 73 مقعدا، ثم تحالفت مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة لتشكيل حكومة أغلبية، لكن الإطار قدم طلب تفسير إلى المحكمة الاتحادية بشأن نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فجاء رد المحكمة بأنه يقتضي حضور ثلثي أعضاء البرلمان، ما منح الإطار القدرة على تعطيل جلسات انتخاب الرئيس بـ”الثلث المعطل” الذي شكله مع الاتحاد الوطني الكردستاني وقوى سياسية أخرى بينها قوى سنية.

وبحسب الدستور العراقي، لا يمكن تشكيل الحكومة قبل انتخاب رئيس للجمهورية، فالأخير هو من يكلف مرشح الكتلة الأكثر عددا بتشكيل الحكومة، وبذلك أجهض مشروع “الأغلبية الوطنية” الذي تبناه الصدر وتمسك به بقوة.

وردا على تحركات الإطار، قرر الصدر سحب كتلته من البرلمان، فأوعز إلى أعضائها بالاستقالة، ولكن عندما بدأ الإطار حراك تشكيل الحكومة ورشح محمد شياع السوداني لرئاستها، باغته الصدر بإدخال أنصاره إلى مبنى البرلمان ومن ثم الاعتصام حوله، ما أدى إلى تعطيله، واستمر التوتر إلى أن انتهى باشتباكات مسلحة أخمدت سريعا، لكن الانغلاق السياسي ما زال قائما.

إقرأ أيضا