أربيل ترفع شعار النفط مقابل الموازنة.. و”سومو” تواجهها بدعوى دولية جديدة

مع تأكيد حكومة إقليم كردستان عدم ممانعتها تصدير نفط الإقليم عن طريق الحكومة الاتحادية شريطة…

مع تأكيد حكومة إقليم كردستان عدم ممانعتها تصدير نفط الإقليم عن طريق الحكومة الاتحادية شريطة تسليمها مستحقاته من الموازنات الكاملة، تسود حالة من عدم الثقة بين بغداد وأربيل تجعل اتفاقات الطرفين “هشة” ولا تصمد طويلا، في ظل تأكيد شركة تسويق النفط العراقية “سومو” على أن الإقليم ما زال يبيع نفطه من دون أي صعوبات على الرغم من تحركات بغداد لتضييق الخناق عليه، كاشفة عن جولة جديدة من الدعاوى لدى المحاكم الدولية ضد البلدان المساهمة بشراء ونقل النفط من الإقليم.

ويقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التصريح الحكومي الأخير مطروح في أوقات سابقة منذ بداية الخلاف النفطي، حيث أعلن الإقليم استعداده لإعطاء النفط مقابل أن يتسلم جميع مستحقاته من بغداد وموازنة كاملة، ونتمنى تطبيق هذا الاتفاق مستقبلا”.

وكان نائب رئيس وزراء إقليم كردستان قوباد طالباني أكد، أمس الأربعاء، خلال استقباله مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف، أن “نقطة الخلاف النفطي مع بغداد لا تكمن في الجهة التي تتولى عملية تصدير النفط وبيعه، إنما في تأمين ميزانية ومستحقات وحقوق إقليم كردستان الدستورية”.

ويبين عبد الكريم، أن “المستحقات هي الموازنة المخصصة للإقليم وأن تصل كاملة كما هو حال بقية المحافظات، لأن كردستان لم يتسلم أي موازنة كاملة، والسبب هو السياسات الخاطئة وإعطاء الوعود والإخلال بها من الطرفين”.

وكانت شركة تسويق النفط العراقية “سومو” هددت، في 25 آب أغسطس 2022، بإجراءات قانونية جديدة ضد مشتري النفط الخام من إقليم كردستان، من أجل منع تحميل تلك الشحنات غير المشروعة القادمة من العراق، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر الشحنات القادمة من إقليم كردستان.

وأضافت سومو في بيان أن وزارة النفط الاتحادية العراقية وسومو كشركة تابعة لها، تحتفظ بالحق في اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد أي تاجر أو مشتر للنفط الخام المهرب يثبت أنه قام بتحميل النفط العراقي من مرفأ جيهان النفطي التركي، على وجه التحديد، دون تأييد صريح من بغداد.

وردت وزارة الثروات الطبيعية بإقليم كردستان، على بيان سومو، ببيان مطول، أكدت فيه أن الخطوات الأخيرة للشركة ستؤثر سلبا على الحوار بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، مؤكدة أن حكومة الإقليم ستواصل إنتاج وتصدير النفط.

كما عدت بيان سومو، بأنه “قطرة أخرى في بحر المعلومات الخاطئة التي تنشرها كجزء من لعبة سياسية، ومعركة تستخدمها بعض الأحزاب السياسية في بغداد لضرب الدستور الاتحادي للعراق”.

من جهته، يشير المحلل السياسي الكردي كوران قادر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “مسألة النفط والغاز من أهم المسائل العالقة بين بغداد وأربيل، والإقليم جزء من العراق ويتبع الدولة العراقية، وبالنسبة للمسائل العالقة فإن الحكومة الاتحادية لم تقم بأداء وظيفتها في هذا المجال، كما أنه لا يوجد قانون ينظم شؤون الطاقة في العراق ما عدا الدستور ببعض مواده”.

ويتابع قادر، أن هذه النقاط والبنود الدستورية هي محل النقاش والمجادلة المستمرة بين بغداد وأربيل، ولدى الطرفين تفسيرات خاصة، ولذا فإن دعوة طالباني جادة، وهي من النقاط التي ينبغي الوقوف عندها لأن كل المشاكل العالقة يجب حلها بالحوار الجاد”.

ويلفت إلى أن “الخلل في تطبيق الاتفاقات يكمن في أن الطرفين لا يتوصلان إلى حل جذري ونهائي لموضوع النفط والغاز، وإنما حلول هشة لا تصمد أكثر من عام أو عامين”.

وكانت المحكمة الاتحادية، أصدرت منتصف شباط فبراير الماضي، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، على أن يكون التصدير عن طريق بغداد حصرا، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية.

ومن ضمن قرارات المحكمة الاتحادية، هو استقطاع مبالغ تصدير النفط من نسبته بالموازنة في حال عدم التزام إقليم كردستان بتطبيق القرار.

وكانت الرئاسات الأربع في كردستان، المتمثلة برئاسة الإقليم والبرلمان والحكومة والقضاء، أعلنت في آذار مارس الماضي، في بيان مشترك، أن قرار المحكمة الاتحادية العليا غير مقبول، وأن إقليم كردستان سيواصل ممارسة حقوقه الدستورية ولن يتخلى بأي شكل عنها، كما سيسلك كل السبل القانونية والدستورية لحمايتها، وعدت القرار مخالفا لنص وروح ومبادئ النظام الاتحادي الحقيقية، وانتهاكا صريحا ومعلنا للحقوق والصلاحيات الدستورية لإقليم كردستان.

وبشأن تفاصيل تصدير النفط من كردستان، يفيد مصدر مسؤول في شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “إقليم كردستان يبيع نفطه عبر طريقتين، الأولى عبر أنابيب رسمية (أنبوب جيهان)، والطريقة الأخرى عبر الصهاريج، والحكومة العراقية لا تعرف الكميات المباعة بالطريقة الثانية”، مبينا أن “بعض هذا النفط يخرج من حقول في محافظة كركوك”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “الحكومة الاتحادية تعمل حاليا على إدارة الملف النفطي في إقليم كردستان بشكل كامل، ومنع بيع أي شيء خارج علمها وموافقتها، وستكون بغداد ملزمة هنا بدفع مستحقات الإقليم المالية، لكن الإقليم يرفض ذلك حتى الآن ويصر على إدارة الملف النفطي بنفسه وبشكل يثير الشكوك والشبهات”.

ويوضح أن “حكومة إقليم كردستان حتى الآن لا تواجه أي صعوبة في بيع النفط، على الرغم من قرار المحكمة الاتحادية وقرارات وزارة النفط العراقية، وحتى الشركات التي أعلنت انسحابها ما زالت تعمل هناك، وهي تقود وساطات مع بغداد لاستمرار عملها في الإقليم، وحتى بعضها عمل على تغيير الأسماء واستبدالها بأسماء وهمية”.

ويتابع المصدر أن “وزارة النفط العراقية شكلت فريق محاماة كبيرا من أجل رفع دعاوى لدى المحاكم الدولية ضد كل من يشتري النفط من إقليم كردستان وضد كل من ينقل هذا النفط، من أجل محاصرة الإقليم وإجباره على العودة إلى بغداد لإدارة الملف النفطي”.

وكانت “العالم الجديد” قد سلطت الضوء على قرار المحكمة الاتحادية في تقرير سابق، وبحسب متخصصين، فإن سيطرة الحكومة الاتحادية على تصدير نفط الإقليم سيرفد العراق بمنفذ جديد ويعظم إيراداته بدلا من ذهاب الأموال لصالح حكومة إقليم كردستان العاجزة عن تأمين الرواتب، وبالمقابل فإن بغداد ستكون قادرة على توفير حصة الإقليم من الموازنة بما فيها رواتب موظفيه.

وما تزال العديد من الشركات النفطية تعمل في إقليم كردستان، من أبرزها شيفرون وأكسون موبيل، فضلا عن استمرار تصدير الإقليم للنفط عبر تركيا، إلى جانب عمل شركة دانة غاز في حقول الغاز بمحافظة السليمانية، والتي تعرضت مؤخرا إلى سلسلة استهدافات صاروخية.

إقرأ أيضا