خبراء بالجماعات المتشددة يكشفون دورا للمخابرات العراقية باعتقال الصميدعي.. ويشككون بنفيه لزعامة “داعش”

أفاد خبراء عراقيون وعرب في الجماعات المتشددة، بأن اعتقال القيادي البارز في تنظيم داعش بشار…

أفاد خبراء عراقيون وعرب في الجماعات المتشددة، بأن اعتقال القيادي البارز في تنظيم داعش بشار الصميدعي في تركيا، سيربك خلايا التنظيم في كل مكان، وفيما أكدوا أن الاعتقال تم في تموز يوليو الماضي وليس في الساعات الأخيرة، شككوا بصحة اعترافاته التي تنفي أنه زعيم التنظيم أبوالحسن الهاشمي، لافتين إلى أن اعتقاله تم بالتعاون مع المخابرات العراقية، في ظل عدم قيام الحكومة العراقية حتى الآن، بإرسال وفد أمني للمشاركة في التحقيق مع المعتقل، والحصول على معلومات قد تساعد في محاربة التنظيم داخل العراق.

ويقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “اعتقال الصميدعي، سيؤدي إلى حدوث تغيير واضح في تنظيم داعش باعتباره كان يشرف على القضاء والهيئات الشرعية في التنظيم، وينشط في سوريا، وقد كان يلقب بالحاج زيد، ويحمل عدة كنى من بينها أبو خطاب العراقي وأبو إسحاق”.

ويبين أبو رغيف “كانت هناك مؤشرات تدل على أنه أحد المرشحين للخلافة في التنظيم بعد مقتل عبد الله قرداش، لأنه ينحدر من سلالة ترتبط بعدنان، بمعنى أنه هاشمي قرشي، وهو يتعكز على هذا اللقب كثيرا، ليثبت أنه عربي أصيل وليس تركمانيا، وكان يرى أن كل هذه العناصر تصب في مصلحته”.

ويضيف أن “بشار الصميدعي انتمى لداعش في 2013، قادما من القاعدة، وبذلك يسبق انتماء عبد الله قرداش للتنظيم، وذلك بحكم الصداقة الوطيدة التي كانت تربطه بأبي بكر البغدادي، كما كان مسؤولا عن التنظيم في سوريا، وكان من أقدم المحاربين الذين أتوا من أفغانستان في العام 2001، كما حارب الكرد لفترات طويلة، حتى أنه حارب نظام صدام حسين، ولديه أيضا تاريخ وسجل جهادي يرتبط بحقب زمنية بعيدة”.

ويشير إلى أن “إلقاء القبض عليه واعتقاله من قبل المخابرات التركية بتعاونها مع المخابرات العراقية سيعطي زخما للأجهزة الأمنية، ويتسبب بإرباك خلايا التنظيم في كل مكان”، لافتا إلى أن “التنظيم مع كل هذا لا يعتمد على الأفراد، وإنما يعتمد على روح الجماعة، فهو تنظيم عقائدي أيديولوجي إقليمي فكري متشدد”.

وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن، أمس الجمعة، اعتقال القيادي البارز في تنظيم داعش بشار الصميدعي، مبينا أنه “منذ زمن طويل جرت متابعة ارتباطاته في سوريا وإسطنبول، وتم الوصول إلى معلومات استخباراتية حول نيته دخول تركيا بطرق غير شرعية، وبفضل عملية ناجحة للأمن والاستخبارات تم إلقاء القبض عليه، حيث أوضح للأمن في إسطنبول أنه يحمل بطاقة شخصية مزورة، وأجرى تغييرات على شكله”.

وذكر موقع التلفزيون الحكومي الرسمي “TRT”، يوم الجمعة، أن “الصميدعي مكث في تركيا لمدة 6-7 أشهر بمفرده، وفي منزل في حي أيازاغا بمنطقة ساريير في إسطنبول”.

ونقل الموقع عن مصادر أمنية أن “حجي زيد أو الأستاذ زيد (من أسمائه الحركية) كان يوجه جميع الأعمال المتعلقة بالقضايا الدينية في تنظيم داعش، بينما كان مدرسا للزعيم الأول أبو بكر البغدادي”.

من جهته، يوضح الكاتب الأردني المتخصص بشؤون الجماعات الجهادية حسن أبو هنية، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “بشار الصميدعي من القيادات الكبرى في تنظيم داعش وتولى مناصب قيادية رفيعة، حيث كان عضوا في اللجنة المفوضة وتسنم ديوان البحوث ومراتب قيادية في القضاء وغيرها من المهام”.

ويتابع أبو هنية أنه “بعد مقتل عبد الله قرداش كانت هناك ترجيحات كثيرة بأن أبا الحسن الهاشمي الذي تولى قيادة التنظيم هو نفسه بشار الصميدعي، لكن الصميدعي بعد اعتقاله واستجوابه أفاد بأنه ليس أبا الحسن الهاشمي، ولا نعلم إن كان يقول الحقيقة أم أنه يريد التمويه على الأمن التركي، ولكن الأكيد أنه قيادي كبير في التنظيم”.

وبشأن تزامن اعتقال الصميدعي مع مقتل قيادي بارز بالتنظيم في سوريا، يلفت أبو هنية إلى أن “الصميدعي اعتقل قبل نحو شهرين وليس الآن، وعندما تم اعتقاله أذاعت السلطات التركية في حينها خبرا عن اعتقال زعيم التنظيم من دون أن تذكر اسمه أو تفاصيل عنه، لكنها أمس صرحت باسمه وبتفاصيل اعتقاله على أنه قيادي في التنظيم وليس زعيمه، وبالتالي لا توجد أي علاقة بين اعتقال الصميدعي ومقتل قيادي بارز بداعش في ليبيا”.

وكان عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري أعلن، في 7 أيلول سبتمبر 2022، مقتل الإرهابي المهدي دنقو قائد المجموعة الإرهابية التي قتلت 22 مصريا من الأقباط، مبينا أن القوات المسلحة الليبية تمكنت من قتله مع آخرين.

وبعد مقتل الزعيم السابق لداعش عبد الله قرداش “أبو إبراهيم القرشي” بعملية نفذتها الولايات المتحدة الأميركية في شمال غربي سوريا، أحيطت شخصية الزعيم الجديد للتنظيم بغموض شديد.

وأعلن داعش بعد قرابة شهر من مقتل قرداش اسم زعيمه الجديد، مكتفيا بالقول إنه “أبو الحسن الهاشمي القرشي”، ولم ينشر أي صورة له.

ووسط استمرار غموض هوية “الخليفة الجديد”، نشرت وكالة “رويترز” تقريرا، في 11 آذار مارس 2022، نقلت فيه عن مسؤولين أمنيين عراقيين أن الزعيم الجديد هو “جمعة البدري” الشقيق الأكبر لـ”البغدادي”، إلا أن خبراء في شؤون الجماعات المتشددة رجحوا، في ذلك الوقت، أن بشار الصميدعي هو الاسم الأكثر احتمالا لخلافة قرداش.

وكان موقع إخباري تركي ووكالة “بلومبيرغ” قد كشفا، في نهاية أيار مايو الماضي، أن السلطات التركية اعتقلت “أمير تنظيم داعش أبو الحسن الهاشمي القرشي دون تسميته بالاسم”، فيما نُشرت أيضا صورة معروفة بأنها صورة “الصميدعي”.

ولم تعلن تركيا حينذاك رسميا عن أي تفاصيل، إلى أن جاء الإعلان من جانب إردوغان، بعد ثلاثة أشهر ونصف من التسريبات الأولى.

إلى ذلك، يفيد الخبير الأمني عماد علو، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “هناك تنسيقا بين أجهزة المخابرات والاستخبارات في العراق وتركيا، وتبادلا للمعلومات لغرض ملاحقة عناصر داعش الإرهابي، وهو ما أدى إلى القبض على بعض القيادات سابقا ومنهم عبد الناصر قرداش وأيضا بشار الصميدعي وآخرون”.

ويشدد علو على ضرورة “عقد جميع الدول اتفاقات لمكافحة الإرهاب في إطار الأمم المتحدة والتحالف الدولي لتجفيف منابعه ومنع عناصره ومجنديه الجدد من العبور نحو العراق وسوريا، ولذلك تأتي هذه العملية الأخيرة في هذا الإطار من التعاون”.

ويضيف علو أن “ليس من المؤكد بعد إذا كانت الحكومة العراقية سترسل وفدا أمنيا إلى تركيا للحصول على معلومات من الصميدعي”، مشيرا إلى أن “هذا القيادي يمتلك بالتأكيد معلومات مهمة تساعد في متابعة ومراقبة خلايا داعش وأنشطته في الساحة العراقية”.

وينحدر بشار الصميدعي من مدينة الموصل، وهو من مواليد 1975، وكان قد غادر العراق إلى سوريا عام 2016، قبل معارك تحرير الموصل، ليستقر حسب ما ورد مؤخرا عنه في مدينة الرقة.

ويعد الصميدعي من المقربين لأمير التنظيم المقتول أبي إبراهيم الهاشمي القرشي، الذي سعى للإفراج عنه بعد اعتقاله في عهد أبي بكر البغدادي لعدة أشهر في مدينة الرقة، وكان قد شغل منصب “أمير ديوان القضاء والمظالم”، وعضو في اللجنة المفوضة في التنظيم بين عامي 2014 و2016.

وقد أسندت إلى الصميدعي أدوار حيوية داخل داعش بعد انضمامه إليه مباشرة، و”هذا يدل على الثقة الراسخة التي سبقت عضويته”، حسب تقرير نشرته مجلة “نيولاينز”، في 16 شباط فبراير 2022.

وجاء في التقرير، أن الصميدعي كان له دور طويل كمنظر جهادي في الموصل، على مقربة من معقل البغدادي في ذلك الوقت، بالإضافة إلى بعض الاتصالات القديمة التي حافظ عليها، حيث كان “يخطب في مركز ديني في باب الجديد يدعى إمام المتقين، وتخرج منه عدد كبير من دعاة وقضاة تنظيم الدولة”.

إقرأ أيضا