ما سر تحركات داعش بديالى.. وهل ستؤثر ملاحقته عسكريا على انسيابية زائري “الأربعينية”؟

منذ أكثر من شهر، تشهد محافظة ديالى عمليات عسكرية وأمنية لملاحقة تنظيم داعش، حيث تؤكد…

منذ أكثر من شهر، تشهد محافظة ديالى عمليات عسكرية وأمنية لملاحقة تنظيم داعش، حيث تؤكد القوات الأمنية تكللها بالنجاح، وفيما يحدد خبير أمني أسباب إصرار التنظيم على التواجد في ديالى، يرى محلل سياسي أن أزمات السياسة تلقي بظلالها مباشرة على أمن البلاد، في ظل تأكيد مسؤول محلي على عدم تأثير تلك العمليات على انسيابية حركة الزائرين في أربعينية الإمام الحسين، خصوصا القادمين من إيران عبر منفذ زرباطية.

ويقول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “نجاحا كبيرا يتحقق في الخطط الأمنية والعسكرية في محافظة ديالى، من خلال العمليات النوعية باستهداف قيادات مهمة في تنظيم داعش الإرهابي، بالإضافة إلى تدمير مضافات سرية لهم كانت تستخدم لشن العمليات الإرهابية”.

ويبين الخفاجي، أن “عملية ملاحقة خلايا داعش ما زالت مستمرة ولن تتوقف إلا بعد تحقيق كامل الأهداف لها وفق الخطط العسكرية المرسومة، كما أن خلايا التنظيم أصبحت محاصرة تماما ولا تستطيع التحرك بحرية، وأي تحرك لها يعني قتلها أو اعتقالها وفق ما نملك من معلومات استخباراتية دقيقة عن كافة تفاصيل تلك الخلايا”.

ويشير إلى أن “تنظيم داعش الإرهابي فقد السيطرة تماما في محافظة ديالى، وهو لا يستطيع القيام بعمليات إرهابية كما يحصل في السابق بسبب استمرار العمليات النوعية ضد قيادات وخلايا هذا التنظيم”.

وكانت خلية الإعلام الأمني أعلنت، أمس السبت، مقتل 3 إرهابيين على ضفاف بحيرة حمرين في ديالى بضربة من طيران القوة الجوية استهدفت وكرا لهم، فضلا عن قتل إرهابي رابع بعد الاشتباك معه وتدمير 3 دراجات نارية وعدد من العبوات الناسفة وبراميل تحتوي على مواد متفجرة، إضافة إلى وكرين للإرهابيين.

وفي وقت لاحق، أعلنت الاستخبارات أن أحد الإرهابيين الأربعة المقتولين على ضفاف بحيرة حمرين هو وسام علي حمد الذي ذبح العقيد ياسر الجوراني مدير أحوال الأعظمية، الذي اختطفه تنظيم داعش في 13 كانون الأول ديسمبر 2021 عند تواجده في البحيرة في رحلة صيد، ثم أعلن عن نحره في 29 من الشهر ذاته.

وأعلن قائد عمليات قاطع ديالى للحشد الشعبي طالب الموسوي، في 8 أيلول سبتمبر 2022، أن قوات الحشد الشعبي وبمشاركة الجيش شرعت من أربعة محاور بعملية تفتيش واسعة لتأمين المنطقة المحصورة بين الباشي وبني ويس والمنطقة المحصورة بين نفط خانة في قضاء خانقين بديالى والتي تسمى بمنطقة وادي الثلاب لملاحقة فلول داعش وتدمير مخابئه، مبينا أن العملية تأتي ضمن سلسلة العمليات الاستباقية التي تهدف لتأمين قاطع المسؤولية وعدم إعطاء أي فرصة للإرهابيين لاستهداف زوار أربعينية الإمام الحسين.

من جهته، يفيد الخبير الأمني أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “تنظيم داعش يولي اهتماما كبيرا لما يسمى بولاية ديالى، لموقع هذه المحافظة الجغرافي والذي يربطها بالعاصمة بغداد إضافة إلى صلاح الدين ومدن إقليم كردستان، ولهذا نرى هناك اهتماما كبيرا للتنظيم بالبقاء بقوة في هذه المحافظة”.

ويتابع الشريفي، أن “تنظيم داعش لا يستطيع تكرار عملية السيطرة واحتلال المدن، مهما كانت قوته وتواجده في محافظة ديالى أو غيرها من المدن الأخرى، فهو يعمل حاليا فقط على عمليات المهاجمة وفق المفارز الجوالة ذات الأعداد القليلة، ثم الانسحاب، فقضية السيطرة على الأرض انتهت لدى هذا التنظيم بسبب الضربات التي يتلقاها بشكل شبه يومي”.

ويلفت إلى أن “تنظيم داعش ما زال يحشد قواته في ديالى وبعض المناطق الأخرى في صلاح الدين والأنبار، بهدف إدامة زخم عملياته لإرباك العمليات العسكرية التي تطلقها القوات العراقية لملاحقة خلاياه، خصوصا أن هناك مناطق ما زالت القوات الأمنية لم تصل إليها على الرغم من كل العمليات الأمنية التي انطلقت خلال الفترة الماضية، ولهذا فإن القوات مستمرة بالعمليات للوصول لتلك المناطق للقضاء على ما تبقى من خلايا داعشية”.

يشار إلى أن هيئة الحشد الشعبي أعلنت، في 5 أيلول سبتمبر 2022، تنفيذ قوة من الجيش واللواء 62 في الحشد الشعبي، عملية أمنية واسعة في ناحية العظيم بمحافظة ديالى للقضاء على فلول داعش وتأمين وتفتيش المناطق الواقعة ضمن قاطع المسؤولية وتطهيرها لمنع تسلل المجاميع الإرهابية.

وذكرت خلية الإعلام الأمني، في 3 أيلول سبتمبر 2022، طيران القوة الجوية قصف وكرا للإرهابيين في سلسلة جبال حمرين، بعد الحصول على معلومات دقيقة بشأنه من جهاز المخابرات.

وكانت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية أفادت، في 1 أيلول سبتمبر 2022، بأن قوة تابعة لها شرعت، بالاشتراك مع فرقة الرد السريع، بعملية بحث وتفتيش في ناحية أبي صيدا التابعة لديالى، لتعزيز الأمن والاستقرار وملاحقة فلول الإرهاب، مشيرة إلى أن القوة وفي سلسلة عمليات متفرقة شهدتها مناطق الناحية، تمكنت من ضبط 8 أوكار للإرهابيين و5 صواريخ و3 قنابر هجومية و23 بندقية ومسدسا، فضلا عن كميات من مادة C4 والبارود وهواتف نقالة وعتاد مختلف الأنواع.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “بكل تأكيد عدم الاستقرار السياسي له تأثير مباشر على الملف الأمني، خصوصا أن التنظيمات الإرهابية دائما ما تستغل أي خلاف أو صراع سياسي للتحرك لتنفيذ بعض العمليات الإرهابية، وهذا الأمر كان في زمن تنظيم القاعدة الإرهابي أو تنظيم داعش الإرهابي حاليا”.

ويضيف جودة أن “الاستقرار السياسي له علاقة مباشرة بالاستقرار الأمني، ولهذا فإن جميع الكتل والأحزاب مطالبة بتهدئة الأوضاع السياسية حتى لا تكون لها نتائج سلبية وعكسية على الملف الأمني، خصوصا مع انطلاق العمليات الأمنية والعسكرية في المحافظات التي ما زالت فيها خلايا تنظيم داعش”.

ويحذر من أن “استمرار الخلاف والصراع السياسي، وتطوره إلى الصدام المسلح، سيعطي مساحة كبيرة لخلايا الإرهاب للتحرك لشن هجمات سواء ضد القوات الأمنية أو المواطنين، فالصراع السياسي كما قلت له علاقة بالملف الأمني وله تأثير سلبي على هذا الملف بشكل خطير في بعض الأحيان”.

ويمر العراق بأزمة سياسية خانقة بسبب صراع التيار الصدري والإطار التنسيقي على تشكيل الحكومة، ما أدى إلى تعطيل البرلمان وتوقف جميع الحوارات والإجراءات الخاصة بمراحل تكوين الكابينة الوزارية بدءا من انتخاب رئيس الجمهورية.

جدير بالذكر أن خلية الإعلام الأمني أعلنت، في 20 آب أغسطس 2022، أن مفارز وكالة الاستخبارات والتحقيقات في وزارة الداخلية وبالتنسيق والتعاون مع خلية الاستهداف التابعة لقيادة العمليات المشتركة وجهاز مكافحة الإرهاب رصدت تحركات للعناصر الإرهابية في سلسلة جبال حمرين، موضحة أن الوكالة وخلية الاستهداف زودت طائرات القوة الجوية العراقية بمعلومات استخبارية دقيقة عن تواجد قيادات مهمة لتنظيم داعش في هذا المكان، فنفذت ضربة جوية ناجحة ضدهم.

كما أعلنت الخلية، في 18 آب أغسطس 2022، انطلاق المرحلة الخامسة لعملية “الإرادة الصلبة” بمشاركة قيادة عمليات ديالى والمقر المسيطر لعمليات طوزخورماتو وقيادة محاور (الأول والثاني والثالث) قوات البيشمركة، بإسناد جوي من قبل طيران القوة الجوية وطيران الجيش، بهدف تفتيش منطقة العمليات المشتركة ما بين قطعات القوات الاتحادية وإقليم كردستان ضمن قاطع قيادة عمليات ديالى والمقر المسيطر لعمليات طوزخورماتو، فضلا عن تفتيش وتطهير المناطق غير المشغولة والقرى والحدود الفاصلة في مناطق الاهتمام المشترك، لملاحقة بقايا العناصر الإرهابية والمطلوبين قضائيا وتجفيف مصادر الإرهاب.

وبشأن تأثر دخول زوار أربعينية الإمام الحسين عبر منافذ ديالى بالعمليات، يوضح قائممقام قضاء بعقوبة عبد الله الحيالي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العمليات العسكرية والأمنية ليس لها أي تأثير على انسيابية دخول زوار الأربعينية من إيران عبر منافذ المحافظة، فالعمليات تجري في مناطق بعيدة عن مناطق دخول الزوار وهذه المناطق مؤمنة بشكل جيد”.

ويشير الحيالي، إلى أن “هناك خطة أمنية محكمة وضعتها الجهات المتخصصة لتأمين دخول وخروج الزوار عبر منافذ ديالى الحدودية مع إيران، والوضع الأمني مسيطر عليه ولا مخاوف من أي خروق أمنية قد تحصل في مناطق سير الزوار”.

ويبين أن “العمليات العسكرية مستمرة في ملاحقة خلايا تنظيم داعش، وهذه العمليات لن تتأثر بقضية دخول وخروج الزوار الإيرانيين، فالعمليات تجري في مناطق بعيدة عن المدن التي هي مسار للزائرين، كما أن العمليات العسكرية مهمة في هذا التوقيت للضغط على خلايا داعش لمنعها من أي تحرك قد يربك الوضع الأمني”.

وأدى الزخم الكبير على المنافذ الحدودية في البصرة وميسان وواسط إلى توجه عدد من الزوار القادمين من إيران نحو منافذ ديالى والسليمانية.

يذكر أن خبراء في الشأن الأمني كانوا قد عزوا خلال أحاديث لـ”العالم الجديد” في وقت سابق، استمرار بقاء تنظيم داعش في العراق إلى مواصلته كسب عناصر جديدة بما يملك من مغريات عديدة، يستهدف من خلالها شباب المناطق “المهمشة والمظلومة”، وبالتالي فلا تزال الحواضن موجودة، وتفرز خلايا جديدة، والقضاء عليها بحاجة لوقت طويل.

إقرأ أيضا