“تدمير للتعليم”.. تربويون يهاجمون قرارات التربية بشأن مدارس المتميزين وإعادة الامتحانات

هاجم متخصصون في المجال التربوي، قرارات وزارة التربية “المتساهلة” مع المعدلات في مدارس المتميزين وإعادة…

هاجم متخصصون في المجال التربوي، قرارات وزارة التربية “المتساهلة” مع المعدلات في مدارس المتميزين وإعادة امتحانات الدور الثاني لبعض الطلبة، واعتبروها خطوات لتدمير التعليم وفقدان الطالب “جديته” بالدراسة، فيما بررت الوزارة قراراتها الأخيرة بأنها تأتي تقديرا للظروف الصعبة للطلبة.

ويقول علي جاسم، وهو مدرس في إحدى ثانويات العاصمة بغداد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التأثير الأكبر لقرارات وزارة التربية على الطالب هو جعله يتعامل بعدم جدية وعدم اهتمام مع الامتحانات أو النجاح والرسوب”.

ويناشد جاسم، وزارة التربية بـ”دراسة الزخم الذي قد يولده رسوب الطلبة، عند اتخاذ هكذا قرارات، خاصة وأننا نفقتر إلى مدارس إضافية لتقليل الكثافة الحاصلة بأعداد الطلبة، حيث يصل عددهم إلى 40 أو 50 طالبا في الصف الواحد في بعض الأحيان، وعندما يرسب طلبة سيبقون في صفوفهم ويلتحق بهم الناجحون من الصف السابق، ما يفاقم الاكتظاظ”.

وكانت وزارة التربية، أعلنت يوم أمس الإثنين، استثناء طلبة مدارس المتميزين وثانويات كلية بغداد من شرط معدل البقاء المحدد للعام الدراسي المقبل، والبالغ 70 بالمئة، كما قررت قبول الطلبة “المسرّعين” في المرحلة الابتدائية بمدارس المتميزين وثانويات كلية بغداد، بمعدل لا يقل عن 75 بالمئة في الامتحانات الوزارية للمرحلة الابتدائية (الدور الثاني) بعد أن كان لا يقل عن 90، وذلك استثناء من الطاقة الاستيعابية ومن الخضوع للاختبارات.

ومن ضمن قرارات الوزارة خلال اليومين الماضيين، هو السماح لجميع تلاميذ وطلبة المراحل غير المنتهية الذين لم يتمكنوا من الحضور إلى امتحانات الدور الثاني، بأداء الامتحانات بعد آخر يوم من المواعيد المحددة للدور الثاني.

ويردف جاسم، أن “هذه القرارات تنطوي على إجحاف كبير بحق الطلبة المتفوقين والمتميزين، وبالتالي فإن الوزارة عملت على مساواتهم مع المستويات الدنيا، وهذا يكون له مردود سلبي على نفسية الطلبة”.

يشار إلى أن أعدادا كبيرة من الطلبة المكملين، والذين من المفترض أن يؤدوا امتحانات الدور الثاني المنطلقة حاليا، قد ذهبوا لتأدية مراسم زيارة أربعينية الإمام الحسين، ولم يذهبوا للامتحانات التي تزامنت مع مراسم الزيارة.

وردا على هذا الأمر، يبين مدير إعلام وزارة التربية أحمد العبيدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الاستثناءات التي أعلنت عنها الوزارة تأتي من باب الإنسانية، سواء المتعلقة بامتحانات الدور الثاني أو التسهيلات الخاصة بإلغاء معدل استمرار طلبة مدارس المتميزين”.

ويضيف العبيدي، أن “هذه الإجراءات تعبر عن تقدير للظروف الصعبة للطلبة وتسهيل لهم في بعض المراحل والمحطات الدراسية”.

ويعاني العراق من أزمة في الأبنية المدرسية، وقد قدرت وزارة التربية في العام 2018 حاجة التعليم إلى أكثر من 20 ألف مدرسة في عموم البلاد، وسط انتشار صور نظام التعليم الثنائي والثلاثي وحتى الرباعي في المدرسة الواحدة، ومدارس الطين التي بلغت بحسب إحصائية سابقة لوزارة التخطيط ما يقرب من 11 ألف مدرسة، الأمر الذي يظهر حجم المأساة والفساد الذي تسبب بأمية تجاوزت 20 بالمئة، ونحو 3 ملايين طفل متسرب من المدارس.

يذكر أن مشاريع بناء المدارس في العراق تضمنت هدرا ماليا كبيرا، إذ كشف تحقيق استقصائي نشرته “العالم الجديد” في العام 2018 عن هدر ما يقرب من مليار دولار على بناء مدارس وهمية بسبب فساد مشاريع الأبنية المدرسية في العراق، فيما كشفت لجنة النزاهة بمجلس النواب في 16 آب أغسطس الماضي، عن وجود تزوير وشبهات فساد في العقد المبرم منذ سنة 2017 لبناء 89 مدرسة في الأهوار بالمحافظات الجنوبية.

يذكر أن مشروع بناء المدارس الحديدية، من أبرز المشاريع التي انطوت على شبهات فساد كبيرة، حيث أطلق وزير التربية الأسبق خضير الخزاعي، مشروع بناء المدارس الحديدية في العام 2008، وخصص 282 مليار دينار (نحو 239 مليون دولار حسب سعر الصرف السابق) لبناء 200 مدرسة سريعة، بموجب عقدين منفصلين، يعرفان باسم “دولية1″ و”دولية2″.

إلى ذلك، يؤكد المشرف التربوي عودة العبودي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قيمة التعليم في العراق انخفضت منذ استحداث الدور الثالث قبل سنوات، ولهذا نرى أن الجيل الحالي غير مهتم كليا بالدراسة، ولم نعد نرى مشاهد جميلة كانت ترافق طلابنا سابقا، كأن نرى طالبا يقرأ تحت ظل شجرة أو يجهد نفسه بالسفر للبحث عن كتاب أو معلومة معينة”.

ويبين العبودي أن “هذه القرارات تضعف الشعور بالمسؤولية لدى الطالب إزاء الامتحان، وبذلك انتهى التعليم في العراق بلا عودة”، لافتا إلى أن “الأمية انتشرت بشكل كبير والتعليم من سيء إلى أسوأ، خلافا لما كان عليه سابقا، حيث كان التعليم في العراق معروف بتميزه، وهنا ننوه إلى أن هذه التسهيلات والمرونة تسببت أيضا بخفض معدلات النجاح، ولم يعد الطموح كما كان”.

وكان البنك الدولي، أعلن في أيار مايو الماضي، عن عجز أكثر من 90 بالمئة من الطلاب عن فهم ما يقومون بقراءته، مشيرا إلى مشروع جديد بقيمة 10 ملايين دولار لدعم الابتكارات التي تهدف لتطوير التعليم في ثلاث محافظات عراقية، كما أشار في بيانه إلى أن سنوات الصراع وأوجه القصور الهيكلية قادت إلى نظام تعليمي يعجز عن تقديم المهارات الأساسية للطلاب، مبينا أنه وفقا لأحدث تقييم لمهارات القراءة والرياضيات للصفوف الأولى تبين أنه بحلول الصف الثالث لم تكن الغالبية العظمى من الطلاب العراقيين الذين تم تقييمهم قد اكتسبوا بعض المهارات الأساسية الكافية.

إقرأ أيضا